احتضنت جامعة نزوى في قاعة الفراهيدي ضمن فعالياتها في معرض مسقط الدولي للكتاب 2025، جلسةً حوارية فكرية بعنوان "التجديد في الفكر العربي.. سؤال الموازنة"، ناقشت فيها قضايا التجديد، والتراث، والتبعية، والإبداع، والمقدّس في السياق العربي الإسلامي.

وشارك في الجلسة كل من أمينة البلوشية، وسالم الصريدي، وعبدالله الدرعي، وبدر الشعيلي، وأدارتها الدكتورة شفيقة وعيل.

وفي ورقتها، أشارت أمينة البلوشية إلى أن الحديث عن التجديد يستلزم بالضرورة الحديث عن المقدّس، إذ لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر. وبيّنت أن التجديد لا ينبغي أن يكون مجرّد تقليد للغرب أو تفكّكٍ من كل القيم، بل هو مشروع يبدأ من الداخل، من مساءلة الذات وقراءة الواقع بوعي نقدي. وأوضحت، أن حالة التبعية، سواء في الفلسفة أو الأدب أو الفكر، هي نتيجة غياب مشروع فكري جماعي يعيد تشكيل علاقتنا بالتراث والحداثة على حدّ سواء.

وأضافت "البلوشية": إن المجتمعات العربية تحتاج إلى "أنسنة الفكر"، أي تحريره من التصورات الجامدة التي تعيق حركته، مشددةً على ضرورة أن يُبنى هذا المشروع من خلال تكامل جماعي لا جهد فردي.

وتابعت أن الخوف من الاقتراب من المقدّسات يمنع التطور، مؤكدةً على ضرورة احترام المقدس دون منعه من أن يكون موضوعًا للنقد والفهم والتفكيك. ودعت إلى تجاوز التبعية والانطلاق من حيث توقف الآخرون لصياغة مشروع نهضوي حقيقي.

أما بدر الشعيلي فقد ناقش في ورقته العلاقة بين السلطة والنصّ، معتبرًا أن كثيرًا من إشكالات الفكر العربي نشأت من تداخل النصوص المقدّسة مع النصوص السلطوية التي أُسبغ عليها قداسة زائفة. وأشار إلى أن السلطة الدينية والسياسية كثيرًا ما وُظفت لحماية مواقف أيديولوجية معينة على حساب حرية التفكير.

وأوضح "الشعيلي" أن الخروج من مأزق الجمود يتطلب قراءة جديدة للنصوص، لا تقتصر على التفسير التقليدي، بل تنفتح على الواقع واحتياجات العصر. وأضاف: إن الفجوة بين الإبداع والفكر لا تزال قائمة، إذ يُنظر إلى المبدعين أحيانًا بريبة إذا ما اقتربوا من قضايا تمسّ التراث أو العقيدة.

وتابع أن المشروع الفكري العربي بحاجة إلى مصالحة بين الفكر والإبداع، حيث لا يمكن لأي نهضة أن تقوم دون احتضان متبادل بينهما. وختم بتأكيده على أن التجديد لا يكون بتبديل العبارات، بل بتفكيك الأسئلة العميقة وطرح أسئلة جديدة تعيد التفكير في مصادر المعرفة وسُبل تلقيها.

وفي ورقته، تناول سالم الصريدي قضية التجديد من زاوية تكامل العلوم، لافتًا إلى أن المفكر العربي في العصور الأولى كان موسوعيًا يجمع بين الفلسفة واللغة والرياضيات وغيرها.

وأشار إلى أن الانفصال بين العلوم أدى إلى تخمة في التفاصيل، بينما التجديد اليوم يقتضي العودة إلى رؤية شاملة تجمع بين العلوم الطبيعية والإنسانية.

وأوضح أن الفكر التجديدي لا يكتمل دون مقاربة الإنسان في أبعاده المختلفة، النفسية والاجتماعية والمكانية، مضيفًا أن المعرفة لا يمكن أن تنمو داخل المختبرات فقط، بل في التفاعل مع الإنسان ومحيطه. وتابع أن المطلوب هو بناء "هارمونية معرفية" تمكّننا من تجاوز التشتت واستعادة المعنى الشامل للمعرفة. مؤكدا على أن النهضة تتطلب عقلًا جامعًا، لا عقلاً مُجزّأً، وأن هذا يستدعي إعادة النظر في طرائق التعليم والتفكير والبحث.

من جانبه، تطرق عبدالله الدرعي في ورقته إلى مفهوم الحرية الفكرية وأهميتها في مسار النهضة والتجديد، مبينًا أن الحرية لا تعني الانفلات من القيم، بل تنطلق من وعي نقدي مسؤول يعيد قراءة التراث والواقع بروح عقلانية. وأشار إلى أن الفكر العربي كثيرًا ما وقع أسير الثنائيات المتضادة، مثل الأصالة والمعاصرة، والمقدس والمدنس، مما أعاق قدرته على إنتاج معرفة متحررة من التبعية الثقافية.

وأوضح أن الحاجة اليوم ليست إلى إعادة إنتاج النصوص، بل إلى تجديد أدوات الفهم والتأويل، معتبرًا أن الخوف من المساس بالموروث يمنع تحرك العقل نحو تأسيس رؤى جديدة أكثر ملاءمة لعصرنا. وأضاف أن تجاوز هذا الخوف يبدأ بإعادة النظر في ما نعدّه "ثوابت"، وتحرير المقدس من التوظيفات الأيديولوجية التي تُعطل التفكير بدعوى الحماية أو التقديس.

وتابع أن كثيرًا من التجارب الفكرية العالمية انطلقت من مساءلة الذات أولًا، مشيرًا إلى أهمية أن ننطلق نحن أيضًا من موقع الوعي الذاتي النقدي، لا من استيراد نماذج جاهزة من الغرب أو غيره. ودعا الدرعي إلى إحياء مشروع فكري عربي إسلامي، يتأسس على الحوار والتكامل، لا على الإقصاء والانغلاق، مشددًا على أن التجديد لا يكون بجهد فردي معزول، بل بمبادرات جماعية تعيد وصل الحاضر بالماضي دون أن تكون رهينة له.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الفکر العربی إلى أن کثیر ا

إقرأ أيضاً:

النواب يستكمل مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة 2025 - 2026

بدأت الجلسة العامة لمجلس النواب برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، لاستكمال مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة للعام المالي 2025-2026 وكذلك خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومشروعات موازنات الهيئات العامة الاقتصادية، موازنة الهيئة القومية للإنتاج الحربي للسنة المالية 2025-2026، والتصويت عليها.

كما تناقش تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ومكتب لجنة الزراعة والري والأمن الغذائي والثروة الحيوانية، عن مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الموارد المائية والري الصادر بالقانون رقم 147 لسنة2021.

ويهدف مشروع القانون إلى تشديد عقوبة حفر الآبار للمياه الجوفية بدون ترخيص من وزارة الري، للحفاظ على موارد الدولة الطبيعية والحد من حفر الآبار العشوائية.

جاء مشروع القانون المعروض نتيجةً لما أظهره الواقع العملي للقانون القائم من عدم كفاية العقوبات الواردة، مما أوجب تغليظ العقوبات التي تقع على المخالفين لأحكامه، من أجل الحفاظ على موارد الدولة الطبيعية ومنها المياه، والحد من حفر الآبار العشوائية التي زادت في تلك الفترة دون اتباع الاشتراطات اللازمة الواردة بالمادة (70) من القانون المشار إليه، وقد أثر ذلك سلبًا على الأراضي الزراعية، وأدى إلى تدهور التربة بسبب ارتفاع منسوب الماء الأرضي وتملح التربة.

ومن هنا، كان لزامًا على الدولة أن تسارع لتشديد العقوبات المقررة بموجب هذا القانون، من أجل تحقيق فكرة الردع بصورتيه العام والخاص، لكي تتناسب العقوبة مع حجم الجرم المرتكب.

الملامح الأساسية لمشروع القانون

انتظم مشروع القانون المعروض في مادة واحدة بخلاف مادة النشر، على النحو التالي:

(المادة الأولى)

تضمنت استبدال نص المادة (107) بنص جديد، تضمن تشديد الغرامة المقررة على كل من يخالف أي من أحكام الفقرتين الأولى والثانية من المادة (70)، وإضافة عقوبة الحبس التي لا تقل عن شهر، وجعلها عقوبة تخييرية.

كما نصت على المصادرة الوجوبية للآلات والمهمات المستخدمة في ارتكاب الجريمة، في حالة الحكم بالإدانة.

وقد حظرت المادة (70) من قانون الموارد المائية والري الصادر بالقانون رقم (147) لسنة2021، حفر أي آبار للمياه الجوفية داخل الجمهورية إلا بترخيص من الوزارة، وطبقًا للشروط التي تحددها.

(المادة الثانية)

وهي المادة الخاصة بنشر القانون في الجريدة الرسمية، والعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره.

وأكدت اللجنة أن مشروع القانون متسق مع أحكام الدستور، خاصة المادتين (29) و(32) منه، واللتين نصتا على أن الزراعة مقوم أساسي للاقتصاد الوطني، مع التزام الدولة بحماية الرقعة الزراعية وزيادتها، وكذا التزام الدولة بالحفاظ على مواردها الطبيعية وحسن استغلالها، وعدم استنزافها، ومراعاة حقوق الأجيال القادمة منها، كونها ملكًا للشعب.

كما أن المشروع جاء استجابةً لما أفرزه الواقع العملي من عدم كفاية العقوبات الواردة في القانون القائم في تحقيق الردع بصورتيه العام والخاص، وهو ما ظهر جليًا من الحفر العشوائي لتلك الآبار دون الحصول على التراخيص اللازمة.

اقرأ أيضاً«مصطفى بكري» أمام مجلس النواب: ازرعوا الأمل يا حكومة.. فيديو

اللجنة العامة تستعرض نشاط مجلس النواب خلال الفصل التشريعي الثاني

مقالات مشابهة

  • رفع الجلسة العامة لمجلس النواب إلى يوم الأحد 29 يونيو
  • وزير المالية: زيادة استثنائية في معدل نمو الإيرادات الضريبية تقترب من 35%
  • مجلس النواب يوافق نهائيا على مشروع قانون الموازنة العامة الجديدة
  • مجلس النواب يوافق على مشروع الموازنة الجديدة
  • مجلس النواب يوافق على مشروع الموازنة العامة للدولة
  • النواب يستكمل مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة 2025 - 2026
  • هل أنقذت إيران العرب أم دمرتهم؟ مواجهة فكرية في باب حوار
  • طريقة عمل الغريبة المغربية.. حلوى الأصالة والبساطة في كل لقمة
  • تحفظات برلمانية على الموازنة: 65% من الاستخدامات لخدمة الدين
  • مجلس النواب يرفع جلسته العامة إلى غدا الإثنين