المسارعة إلى الخيرات من أعظم العبادات
تاريخ النشر: 30th, April 2025 GMT
إن المسارعة إلى الخيرات من أخلاق سيد الخلق سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصحابته الأبرار، وربما يأتيك الخير لأنك تمنيته للغير، وإن إطعام الطعام من أعظم أبواب الخير، ومن الأقوال الشائعة: "لقمة في فم جائع خير من بناء جامع"، وخاصة في وقت الأزمات الاقتصادية وصعوبة المعيشة على الفقراء.
ونحن عندما تطرق أسماعنا كلمة "عبادة" فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا الصلاة والصيام والزكاة، وغيرها من العبادات، ورغم عظم شأن هذه العبادات وكبير فضلها إلا أن هناك عبادات أصبحت خفية ـ ربما لغفلة الناس عنها - وأجر هذه العبادات في وقتها المناسب يفوق كثيراً من أجور العبادات والطاعات، ومن هذه العبادات عبادة "جبر الخواطر".
إن جبر الخواطر خلق إسلامي عظيم يدل على سمو نفس، وعظمة قلب، وسلامة صدر، ورجاحة عقل، يجبر المسلم فيه نفوساً كسرت وقلوباً فطرت وأجساماً أرهقت وأشخاصا أرواح أحبابهم أزهقت، فما أجمل هذه العبادة وما أعظم أثرها، لذا يقول الإمام سفيان الثوري: "ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلي ربه مثل جبر خاطر أخيه المسلم".
ومما يعطي هذا العبادة جمالاً أن الجبر كلمة مأخوذة من أسماء الله الحسنى وهو اسم الله "الجبار" وهذا الاسم بمعناه الرائع يطمئن القلب ويريح النفس فهو سبحانه الذِي يجبر الفقر بالغنى، والمرض بالصحة، والخوف والحزن بالأمن والاطمئنان، فهو جبار متصف بكثرة جبره حوائج الخلائق. وطلب الجبر من الله كان من دعاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ كان يقول بين السجدتين: "اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني". (سنن الترمذي).
وجبر الخواطر هى عبادة يسيرة، ليس شرطا أن تبذل فيها مالا، أو جهدا، فيمكن أن تتحقق بابتسامة، بمسحة على رأس يتيم، بتواضع مع الغير ورفع الحرج عنهم،.. وهكذا "جبر الخواطر" من أعظم العبادات، لذا كان من ثواب فاعلها أن يكافئه الله عز وجل بجبر خاطره، ويكفيه شر المخاطر.
وقد حثنا الإسلام على التنافسِ في الخيرات والتسابق إلى فعلِ الطاعات والقربات، وقد تضافرت نصوص كثيرة مِن القرآن والسنة في هذ الشأن، قال تعالي: "وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ" (آل عمران: 133)، وقالَ سبحانَهُ: " سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ" (الحديد: 21)، ومدحَ الله تعالى أنبياءه بهذه الصفة الحميدة فقالَ: "إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ" (الأنبياء:90) وقال بعد ما مدح المتصفين بالأعمال الصالحة مِن عباده الصالحين: "أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ" (المؤمنون: 61)، وأمرنا بذلك فقال: "فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ" (البقرة 148)، وقال: "وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ" (المطففين: 26). وقال: "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ* فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ" (الواقعة: 10 - 12).
قال ابن القيمِ - رحمه الله -: السَّابِقُونَ في الدُّنْيا إلى الخَيْراتِ هُمْ السَّابِقُونَ يومَ القَيامةِ إلى الجنَّاتِ"، فسارع أخى الكريم إلى الخيرات وبادر إلى الطاعات: "وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" (المزمل: 20).
والنبي صل الله عليه وسلم ربى أصحابه على المنافسة والمسابقة إلى الخيرات، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا".
أسألك سبحانك أن تجعلنا من المسارعين إلى الخيرات فى الدنيا ومن السابقين إلى الجنات فى الآخرة.. اللهم آمين.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: أسماء الله الحسنى أعظم العبادات إبراهيم نصر الأزمات الاقتصادية القرآن والسنة المسارعة إلى الخيرات الله علیه وسلم إلى الخیرات جبر الخواطر اب ق ون
إقرأ أيضاً:
دعاء يوم عرفة للمريض.. إحرص عليه حتى غروب الشمس
في يوم عرفة، تتعلّق القلوب بالسماء وتُرفع الأكف بالدعاء رجاءً في رحمة الله وشفائه، خاصةً لمن أرهقه المرض وأثقل كاهله الألم.
يومٌ تُفتح فيه أبواب الرحمة، وتُقبل فيه الدعوات، كما قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير».
ويُعد هذا اليوم من أعظم أيام الله، وأكثرها عتقًا من النار، ومن أحب الأوقات للدعاء بالشفاء لكل مريض.
دعاء يوم عرفة للمريضمن الأدعية النبوية المأثورة التي يُستحب الدعاء بها للمريض في يوم عرفة ما يلي:
«بسم الله» ثلاثًا، ثم قول: «أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر» سبع مرات.«اللهم أذهب الباس، رب الناس، واشفِ أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقمًا».«بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم» تُقال ثلاث مرات.«اللهم في يوم عرفة عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري».وفي هذا اليوم الجليل، يمكن للمريض أن يدعو بنفسه أو يُدعى له بهذه الأدعية المباركة:
«اللهم في يوم عرفة أسألك من عظيم لطفك وكرمك وسترك الجميل أن تشفيه، وتمده بالصحة والعافية».
«اللهم في يوم عرفة، نسألك بأسمائك الحسنى، وصفاتك العُلى، وبرحمتك التي وسعت كل شيء، أن تمنّ علينا بالشفاء العاجل، وألا تدع فينا جرحًا إلا داويته، ولا ألمًا إلا سكنته، ولا مرضًا إلا شفيته، وألبسنا ثوب الصحة والعافية عاجلًا غير آجل، وشافِنا، وعافِنا، واعفُ عنّا، واشملنا بعطفك ومغفرتك، وتولّنا برحمتك يا أرحم الراحمين».
«إلهي أذهب البأس، ربّ الناس، اشفِ وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقمًا، بيدك الشفاء، لا كاشف له إلا أنت، يا رب العالمين، أسألك من عظيم لطفك، وكرمك، وسترك الجميل أن تشفيه وتمده بالصحة والعافية، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، إنك على كل شيء قدير.
أسأل الله العظيم، رب العرش العظيم، أن يشفيك».