قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، إن العالم الإسلامي قد ابتلي في الآونة الأخيرة بفتن كقطع الليل المظلم‏،‏ كان سبب غالبها الغلو والتفسير الناقص للنصوص،‏ فاستسهل بعض الناس قذف المسلمين بالبدعة والكفر والشرك والجهل في أمور خلافية قال بها أئمة المسلمين وعلماؤهم‏، ولم يعلم هؤلاء أن سر خلود الإسلام هو الاختلاف المحمود الذي دعا إليه الإسلام وتحلى به علماء الأمة منذ نشأة الحضارة الإسلامية.

وأكد علي جمعة، في منشور له، إن الداء الأكبر الذي غذي به أصحاب هذه الفتن هو غياب آداب الحوار والاختلاف وضوابطهما التي تعصم من تصدر في دين الله من الغلو والقدح في الآخرين إن كان الحق هو المطلوب من خلافه وليس الانتصار لتعصب أعمى أو هوى بغيض, قال تعالى: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ) [القصص:50].

ويقول ابن القيم: إذا لم يكن في المسألة سنة ولا إجماع وللاجتهاد فيها مساغ لم تنكر على من عمل بها مجتهدا أو مقلدا, [إعلام الموقعين 3/288].

وتابع: لقد كانت سنة الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء الإسلام في الحوار بينهم استعمال العبارات اللطيفة والكلمات العذبة, لمعرفتهم أن ذلك يلين القلوب القاسية ويقرب الخصم المعاند, كما يقول سبحانه: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [فصلت:34], كما أمر بالقول الحسن بل الأحسن الذي يسد مداخل الشيطان الذي يغري بالعداوة والبغضاء والجفوة عن طريق الكلمة الخشنة والرد السيئ فقال تعالى: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا) [الإسراء:53]. وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن سبابا ولا فاحشا ولا لعانا.

واتبع علماء الأمة هذا الهدي النبوي في خلافهم فنرى الإمام الذهبي يثني ثناء عطرا على تقي الدين السبكي مع أنه شيخ الأشاعرة الذي كان بينه وبين شيخه الشيخ تقي الدين ابن تيمية من الخلاف ما هو معروف.

ولم يتبع علماء الأمة الظنون والأوهام في تخطئة الناس أو رميهم بالجهل والخيانة, بل نصوا على أن الأصل في عموم المسلمين الصدق والعدالة وحسن الظن بهم، وأن المسلم إذا قال شيئا فإنما يحمل على أحسن محاملة إن وجد إلى ذلك سبيل هذا في عموم الناس, فما بال علمائهم وعقلائهم إن قالوا شيئا, فالاحتياط في الاتهام هنا أولى, والتمهل للفهم أجدى, لأن هؤلاء إنما يتكلمون بمستند شرعي حتى ولو لم ينصوا عليه في كتبهم, وهذا هو الأصل وما عليه العمل في كتب الفقهاء عندما يذكرون المسائل الفقهية خالية من النصوص الدالة عليها.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: علي جمعة هيئة كبار العلماء الازهر الشريف العالم الإسلامي المسلمين الكفر الإسلام

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: أثنى الله تعالى على النبي ﷺ ومدح ما يتعلق به

النبي.. قال الدكتور علي جمعة مفتى الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن الله تعالى أثنى على النبي ﷺ، فامتدح كل مواطن المدح والشرف المتعلقة به، فأثنى على نسبه، وأعظم قدر نسائه رضي الله عنهن، وحفظ المكان الذي يقيم فيه وأعلى شأنه وأقسم به.

النبي صلى الله عليه وآله وسلم:

ومن مدحه لنسبه الشريف قال تعالى: {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ}، قال ابن عباس رضي الله عنه في تفسير تلك الآية: "أي في أصلاب الآباء آدم ونوح وإبراهيم حتى أخرجه نبيًا" [تفسير القرطبي، وأخرجه البزار والطبراني].

وأوضح جمعة أن النبي أنسب الناس على الإطلاق، كما أخبر ﷺ بنفسه عن ذلك، فعن هذا فعن واثلة بن الأسقع أن النبي ﷺ قال: (إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشًا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم) [مسند أحمد، ورواه الترمذي والبيهقي].

وعن عمه العباس رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: (إن الله خلق الخلق فجعلني من خيرهم، من خير قرنهم، ثمّ تخيَّر القبائل فجعلني من خير قبيلة، ثم تخير البيوت فجعلني من خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفسًا وخيرهم بيتًا) [رواه الترمذي].
وأثنى ربنا سبحانه وتعالى على نسائه رضي الله عنهن، وما بلغن هذا المبلغ إلا لتعلقهن بجنابه ﷺ، فقال سبحانه وتعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ } [الأحزاب : 32]، وقال سبحانه في نفس هذا المعنى: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب : 6].

النبي محمد صلوات الله وسلامه عليه:

ولما تعلق الزمان بالنبي ﷺ مدحه، بل عظمه، إذ أقسم بعمره ﷺ فقال تعالى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر : 72]، ولم يقسم الله بعمر أحد من خلقه قط إلا بعمر نبيه المصطفى وحبيبه المجتبى ﷺ.

وجعل ربنا خير الأزمان زمن بعثته، فقد صح عن النبي ﷺ أنه قال: (خير القرون قرني) [متفق عليه]، وكما مر قوله ﷺ: (إن الله خلق الخلق فجعلني من خيرهم، من خير قرنهم) [رواه الترمذي]. فشرف الزمان الذي بعثه فيه، وعظم الزمان الذي أبقاه فيه في هذه الدنيا، ولولا تعلق هذين الزمنين بجنانه العظيم ﷺ ما حظيا بهذا التكريم.

وشرف الله المكان الذي تعلق بجانبه العظيم ﷺ؛ حيث أقسم بمكة ما دام النبي ﷺ يقيم فيها، فقال تعالى: {لا أُقْسِمُ بِهَذَا البَلَدِ * وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا البَلَدِ} [البلد : 1 ، 2].

النبي ﷺ:

كما شرف الله المدينة وجعلها حرمًا آخر، لا لشيء إلا لتعلقها بجنابه الأعظم ﷺ، وجعل الله ثواب الصلاة في المسجد الذي نسبه النبي ﷺ إلى نفسه مضاعفة ألف مرة من أي مكان آخر عدا المسجد الحرام.

 

مقالات مشابهة

  • نهال طايل: ولاد الأصول بين الناس زي النور في عتمة الليل
  • أستاذ بجامعة الأزهر: الاحتفال باليوم العالمي لغسل اليدين يؤكد عظمة السنة النبوية
  • علي جمعة: أثنى الله تعالى على النبي ﷺ ومدح ما يتعلق به
  • علي جمعة: أمرنا رسول الله ﷺ بحب آل بيته والتمسك بهم
  • دعاء الصباح وسؤال دخول الجنة.. علي جمعة يكشف
  • ربنا يكفينا شره.. خالد الجندي: احذروا من الجاهل الذي لا يعلم أنه جاهل
  • الشيخ خالد الجندي: التعالم آفة العصر.. واحذروا من الجاهل الذي لا يعلم أنه جاهل
  • رحلة العقل والروح.. المفكر الذي تحدى الظنون واكتشف الإسلام (2 من 3)
  • تقرير عالمي يكشف ما الذي يسيطر على مشاعر الأردنيين
  • علي جمعة يكشف عن أثر العفو فى الدنيا والآخرة