توركسات 6 إيه أول قمر اتصالات محلي كيف يغيّر حضور تركيا بالفضاء؟
تاريخ النشر: 1st, May 2025 GMT
تركيا- في خطوة وصفت بأنها "تحول نوعي في مسار تركيا الفضائي" أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان، في 21 أبريل/نيسان الجاري، دخول قمر الاتصالات المحلي "توركسات 6 إيه" الخدمة رسميا، خلال حفل أقيم في مقر شركة توركسات الحكومية بالعاصمة أنقرة.
ويعد "6 إيه" أول قمر صناعي للاتصالات تنتجه تركيا بقدرات وطنية خالصة، بنسبة تصنيع محلي تجاوزت 80%، مما يضع البلاد ضمن قائمة محدودة تضم 11 دولة فقط حول العالم تملك القدرة على تصميم وتصنيع أقمار اتصالاتها دون الاعتماد على الخارج.
وأكد أردوغان أن القمر الجديد "يمثل إنجازا تاريخيا يعزز السيادة التكنولوجية لتركيا" ويعد خطوة رئيسية في مشروع أوسع لبناء بنية تحتية فضائية وطنية تشمل الاتصالات والاستطلاع والبحث العلمي، مشيرا إلى أن "تركيا باتت قادرة على التحدث بلغة الفضاء، بصناعتها وخبراتها، وليس فقط ببيانات مستوردة".
وتقول قالت بشرى دينيز الباحثة في شؤون الاتصالات الفضائية -في تصريح للجزيرة نت- إن القمر الصناعي "توركسات 6 إيه" يعد خطوة مهمة في تعزيز البنية التحتية الرقمية لتركيا، لا سيما المناطق النائية التي تعاني ضعفا بالاتصال.
وأضافت أن القمر "سيسهم في توسيع نطاق خدمات الإنترنت، وتحسين جاهزية شبكات الطوارئ، وضمان استمرارية البث في حال حدوث أعطال بالشبكات الأرضية".
أُطلق "توركسات 6 إيه" في التاسع من يوليو/تموز 2024 على متن صاروخ "فالكون 9" التابع لشركة "سبيس إكس" من قاعدة "كيب كانافيرال" بولاية فلوريدا الأميركية، وبعد وصوله المدار الانتقالي انتقل ذاتيا لموقعه النهائي في المدار الجغرافي الثابت عند خط طول 42 درجة شرقًا، وهو الموقع المخصص لتغطية تركيا والدول المجاورة.
إعلانواستغرقت المناورات المدارية نحو 5 أشهر حتى استقر القمر في موقعه النهائي أواخر ديسمبر/كانون الأول 2024، تلتها مراحل اختبار تقنية مكثفة لأنظمة الاتصالات والبث والطاقة والتحكم، مما أسفر عن إجراء أول بث تجريبي ناجح في فبراير/شباط الماضي، قبل أن يعلن دخوله الخدمة رسميا مطلع أبريل/نيسان الجاري.
وبفضل تصميمه المداري الثابت، يغطي "توركسات 6 إيه" مناطق واسعة تمتد من تركيا إلى أوروبا والشرق الأوسط، وأجزاء من أفريقيا وآسيا الوسطى، وصولا إلى جنوب شرق آسيا، بما يشمل دولا لم تكن مشمولة في تغطية الأقمار التركية سابقا، لتغطي الأقمار التركية بذلك ما يقارب 5 مليارات نسمة، أي أكثر من 60% من سكان العالم، بعدما كانت تغطي نحو 3.5 مليارات نسمة فقط، وفق بيانات رسمية.
وقد خضع القمر لسلسلة طويلة من اختبارات الأداء والجاهزية، شملت اختبارات الفراغ الحراري، والاهتزازات الديناميكية، والمجالات الكهرومغناطيسية، بالإضافة إلى اختبار أنظمة الدفع، والتحكم في الاتجاه، والتوازن الحراري.
كما طورت أنظمة القمر بالكامل في تركيا من قبل اتحاد يضم عددا من المؤسسات الكبرى، على رأسها شركة الصناعات الجوية والفضائية التركية "توساش" وهيئة الأبحاث التقنية "توبيكات أوزاي" وشركة أسيلسان المتخصصة في الصناعات الإلكترونية والدفاعية.
وبلغ عدد المكونات محلية الصنع المستخدمة في القمر أكثر من 80 مكونا فرعيا، تشمل نظام التحكم الكهربائي، ووحدة توزيع الطاقة، ونظام الملاحة بالنجوم، إضافة إلى نظام الدفع الكهربائي القائم على محركات أيونية تعمل بغاز الزينون، والمصمم للحفاظ على استقرار المدار وتصحيح المسار عند الحاجة.
وأشارت الباحثة في شؤون الاتصالات الفضائية -في حديثها للجزيرة نت- إلى أن تشغيل القمر ينطوي على تحديات تقنية، منها الحفاظ على استقرار الإشارة وجودتها، والتعامل مع التأخير الزمني في الاتصالات الفضائية، بالإضافة إلى ضرورة تكامل المحطات الأرضية مع خدماته.
إعلان عقدان من التراكم الفضائييشكّل القمر الصناعي "توركسات 6 إيه" تتويجا لمسيرة فضائية امتدت لأكثر من عقدين، بدأت مع إطلاق "توركسات 1 بي" في تسعينيات القرن الماضي، بدعم من شركاء دوليين، لتدشن أنقرة أولى خطواتها في عالم الأقمار الصناعية.
ومنذ ذلك التاريخ، راكمت تركيا خبرات تقنية وهندسية متصاعدة، انعكست في إطلاق أقمار لاحقة مثل "توركسات 3 إيه" و"4 إيه" و"4 بي" قبل أن تنتقل إلى مرحلة أكثر تقدما بإطلاق الجيل الحديث من الأقمار "5 إيه" و"5 بي" عام 2021 عبر صواريخ "فالكون 9" مما أسهم في توسيع نطاق التغطية وتعزيز قدرات الاتصال والبث الرقمي في الداخل التركي وخارجه.
ومع دخول "توركسات 6 إيه" الخدمة، ارتفع عدد أقمار الاتصالات التركية العاملة إلى ستة، جميعها في مدارات جغرافية ثابتة تُدار من قبل شركة "توركسات" التي تشرف أيضًا على المحطات الأرضية وشبكات الألياف الضوئية.
وبموازاة تطوير أقمار الاتصالات، بنت تركيا منظومة فضائية متكاملة لأغراض المراقبة والاستشعار عن بعد، تمزج بين الاستخدامات العسكرية والمدنية، ومنها قمر"غوكتورك-2″ الذي أُطلق عام 2012 كأول قمر استطلاع عالي الدقة بإمكانات تركية، ثم "غوكتورك-1" عام 2016 والذي زود بكاميرا تصوير فائقة الدقة تستخدم في مهام أمنية ورقابية تتطلب صورا تصل دقتها إلى أقل من متر واحد.
وعام 2023، انضمت إلى المنظومة وحدة جديدة هي القمر "إيمجه" بوصفه أول قمر استطلاع تركي الصنع بكاميرا محلية بالكامل، والذي يمثل قفزة نوعية في قدرات التصوير الفضائي التركي، ويكمل هذه السلسلة القمر "راسات" الذي أطلق عام 2011، كأول قمر تصوير واستشعار عن بعد من تطوير تركي خالص.
رؤية وطنيةومع دخول القمر الصناعي "توركسات 6 إيه" حيز الخدمة، يرتفع عدد الأقمار الصناعية التركية العاملة في الفضاء إلى عشرة، موزعة بين أقمار الاتصالات والبث من جهة، وأقمار الرصد والاستشعار عن بعد من جهة أخرى.
إعلانويأتي هذا التطور في إطار "برنامج الفضاء الوطني" الذي أطلقته أنقرة عام 2021، بوصفه خارطة طريق طموحة تهدف إلى إرسال مركبة غير مأهولة إلى سطح القمر، وتطوير أقمار صغيرة لأغراض متعددة، وتدريب أول رائد فضاء تركي بحلول عام 2030.
ومن جانبه، يرى المحلل السياسي مراد تورال أن امتلاك تركيا بنية تحتية فضائية وطنية متكاملة سيمنحها في المستقبل أوراقا تفاوضية أقوى داخل التحالفات الكبرى وعلى رأسها حلف الناتو، مشيرا إلى أن هذه القدرات ترسخ استقلالية تركيا التقنية وتتيح لها الإسهام الفعال في شبكات الاتصالات والاستخبارات الجماعية، مما يعزز ثقلها الإستراتيجي ويمنحها صوتا أكثر تأثيرا في رسم السياسات الأمنية داخل الحلف.
وأضاف تورال -في حديثه للجزيرة نت- أن هذا التطور يعيد تموضع تركيا إقليميا كقوة تكنولوجية صاعدة في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، ويهيئ لها فرصا جديدة لتوسيع شراكاتها الفضائية مع دول الجوار والعمق الآسيوي، بما يعزز من حضورها السياسي والتقني على المدى البعيد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات القمر الصناعی أول قمر
إقرأ أيضاً:
بدر حزيران يسطع في حدث سماوي نادر فوق سماء الأردن والعالم
#سواليف
تشهد سماء الأردن مساء الأربعاء، 11 #حزيران، #ظاهرة_فلكية “نادرة لا تتكرر” إلا كل 18.6 سنة، تُعرف علميًا بـ” #الانقلاب_القمري_الرئيسي” (Lunistice)، بحسب رئيس الجمعية الفلكية الأردنية #عمار_السكجي.
وقال السكجي إنه “في هذا اليوم، يكتمل القمر في تمام الساعة 10:45 صباحًا بتوقيت الأردن، لكنه يكون تحت الأفق، فيما يظهر لاحقًا عند شروقه مساءً من الجهة الجنوبية الشرقية، وتحديدًا في الساعة 8:14 مساءً بزاوية سمتية تبلغ 114 درجة”.
وأشار إلى أن اللافت في هذا الحدث ليس فقط #اكتمال_البدر، بل موقع شروقه المتجه نحو الجنوب مبتعدا عن زوايا الشروق المعتادة للبدور محطما الرقم القياسي والمنخفض جدًا على الأفق، في ظاهرة فلكية استثنائية تنتج عن التفاعل بين جاذبية الأرض والشمس والقمر، إلى جانب ميلان مدار القمر عن مستوى مدار الأرض، وميل محور دوران الأرض نفسه.
مقالات ذات صلةوأوضح السكجي أن هذه العوامل مجتمعة تُحدث دورة فلكية طويلة تؤدي إلى انحراف القمر إلى أقصى الشمال أو الجنوب على مدار سنوات، ليصل خلال هذه الظاهرة إلى انحراف زاوي يبلغ ±28.5 درجة عن خط الاستواء السماوي.
وبحسب الجمعية الفلكية الأردنية، “تُعد سنة 2025 ذروة هذه الدورة النادرة، وهي الأولى منذ عام 2006، ولن تتكرر إلا بعد عقدين من الزمن، وخلال هذه المرحلة، يظهر القمر من نقاط على الأفق لا يصل إليها إلا في هذه الدورة، ما يمنح شروقه مظهرًا غير مألوف ومنخفضًا جدًا في السماء”.
وبين السكجي أنه “في تلك الليلة، التي تسبق الانقلاب الصيفي بعشرة أيام، يظهر القمر المكتمل المعروف في بعض الثقافات باسم “قمر الفراولة”، منخفضًا على نحو غير معتاد في السماء باتجاه الجنوب، بارتفاع يقل عن أدنى ارتفاع تبلغه الشمس في الشتاء بحوالي خمس درجات – وهو مشهد نادر جدًا في سماء الأردن”.
وأوضح أنه وبفضل موقع الأردن المتوسط على خطوط العرض، يُعد من أفضل الأماكن لمشاهدة هذه الظاهرة، من أسطح المنازل في عمّان، إلى جبال البتراء الوردية، وصحارى وادي رم، والمواقع الأثرية المنتشرة، وسيتمكن المواطنون والزوار من الاستمتاع بمشهد البدر وهو يشرق وكأنه يلامس الأفق الجنوبي، مكوِّنًا لوحة سماوية فريدة.
“مع انخفاض القمر قرب الأفق، يمر ضوؤه عبر طبقات كثيفة من الغلاف الجوي، ما يؤدي إلى تشتته وظهوره بألوان دافئة تتدرج من البرتقالي إلى الأحمر، في مشهد ساحر يجذب هواة التصوير وعشاق الفلك، وفق السكجي، مشيرا إلى أن الاهتمام بحركات القمر ومواقعه القصوى ليس حديث العهد؛ فقد شيّدت حضارات قديمة مثل الأسكتلندية والأميركية الأصلية معالم فلكية لمحاكاة هذه المواقع. وفي المنطقة العربية، كان للقمر دور مهم في الزراعة والتقاويم، وربما أيضًا في توجيه بعض المواقع الأثرية ذات الصلة بالسماء.
ومن المقرر أن تنظم الجمعية الفلكية الأردنية فعاليات مفتوحة في مواقع أثرية وسياحية مختارة، لتشجيع التصوير الفلكي ودعم السياحة الفلكية، في إطار جهودها لربط العلوم بالتراث والثقافة.
ودعت الجمعية الفلكية المصورين وهواة الرصد الفلكي للتخطيط المبكر، حيث يكون القمر عند الأفق أكثر تأثيرًا بصريًا وإبداعيًا، كما توفر هذه الظاهرة محتوى تعليميًا ثريًا يمكن استثماره في المدارس والجامعات.
وبين السكجي أنه “في الوقت الذي يلمع فيه البدر منخفضًا فوق الأردن، سيرتفع عاليًا في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، من جنوب أفريقيا إلى نيوزيلندا، مضيئًا ليالي الشتاء. أما في أقصى الشمال، كآيسلندا وألاسكا، فلن يظهر القمر إطلاقًا هذه الليلة لبقائه تحت الأفق”.
وأشار إلى أن مراصد عالمية مثل مرصد غريفيث في لوس أنجلوس بدأت بالإعداد لفعاليات خاصة بهذه الليلة الفريدة، لما تحمله من أهمية علمية وثقافية وفنية على حد سواء.
وأكد أنه “نظرًا لاتساع مسار القمر خلال هذا العام، فمن المتوقع أن يعبر كوكبات نجمية خارجة عن دائرة البروج، حيث يعبر في هذا اليوم كوكبتي الحواء والقوس، وقد يُشاهد في 18 كوكبة مختلفة، تشمل الأبراج الـ13، إضافة إلى كوكبات مثل السدس، الجبار، ممسك الأعنة، الباطية، والغراب”.
وقال السكجي إنها فرصة نادرة لمراقبة قمر لا يُشبه ما نراه كل شهر، وفرصة ذهبية لتأمل العلاقة العميقة بين السماء والأرض، وبين الإنسان والكون.