جبريل إبراهيم، حين ينقلب المنطق على عقبيه وتعمى البصيرة
تاريخ النشر: 3rd, May 2025 GMT
محمد هاشم محمد الحسن
2 مايو 2025.
في تصريحات مستفزة للذاكرة الجمعية ومهينة لتضحيات شعب بأكمله، يطل علينا الدكتور جبريل إبراهيم ليقدم قراءة مشوهة للتاريخ السياسي السوداني، قراءة تنضح بانتقائية مقيتة وتحاول عبثًا طمس الحقائق الناصعة. فبينما يرفض بإصرار وصف الإطاحة بالحكومة الانتقالية في الخامس والعشرين من أكتوبر عام ألفين وواحد وعشرين بالانقلاب العسكري الصريح، متذرعًا بكونها حكومة "غير منتخبة"، فإنه لا يجد غضاضة في وسم إسقاط نظام الإنقاذ البغيض بثورة ديسمبر المجيدة بـ "الانقلاب"!
يا له من منطق أعوج! ويا لها من معايير مزدوجة تكشف عن هوى دفين وتحيز سافر.
أما وصف ثورة ديسمبر، تلك الانتفاضة الشعبية العظيمة التي اقتلعت نظامًا جاثمًا على صدر البلاد لثلاثة عقود من الظلم والقهر، نظامًا تلطخت أيامه بدماء الأبرياء وملأت سجونه أصوات المعذبين، بأنها "انقلاب"، فهو قمة الجحود وإنكار الحقائق، وإهانة لتلك التضحيات الجسام التي بذلها شباب ونساء ورجال هذا الوطن الأبي. لقد خرج الشعب السوداني بجميع أطيافه، ملأ الشوارع والساحات، متحديًا الرصاص والقمع، مطالبًا برحيل نظام سقطت شرعيته منذ زمن بعيد. بيان الجيش في الحادي عشر من أبريل عام ألفين وتسعة عشر لم يكن إلا استجابة متأخرة لهذا الزلزال الشعبي، لهذا الإعصار الجارف الذي لم يكن لأي قوة أن تقف في وجهه.
فكيف يليق بمن شهد تلك الهبة الجماهيرية العظيمة، بمن كان بالأمس القريب جزءًا من قوى التغيير التي ناضلت ضد نظام الإنقاذ، أن ينقلب على مبادئه وقيمه، وأن يصف فعل الشعب الجبار بـ "الانقلاب"؟ أين ذهبت تلك الأصوات التي كانت تدين نظام الإنقاذ وتصف انتخاباته بالمهزلة؟ ألم يكن الدكتور جبريل نفسه شريكًا في هذا الإدانة؟ فهل هو منطق المصالح الذي يغير الحقائق ويبدل المفاهيم؟ أم هو محاولة لتجميل صورة الماضي من أجل تحالفات الحاضر؟
إن هذا التناقض الصارخ، هذا الانقلاب المفاهيمي المريع، يذكرنا بالقول المأثور:
"رَأَى الْحَقَّ بَاطِلاً وَرَأَى الْبَاطِلَ حَقًّا، فَتِلْكَ الْبَلِيَّةُ لاَ شَيْءَ يُعَادِلُهَا."
فكيف لمن كان بالأمس بصيراً بحقيقة نظام الإنقاذ وزيف شرعيته، أن يعمى اليوم عن حقيقة الانقلاب الغاشم على إرادة الشعب؟ وكيف له أن يقلب الحقائق رأسًا على عقب، فيرى الظلام نورًا، والانقلاب استجابة، والثورة جريمة؟ إن تزييف الماضي بهذا الشكل لا يخدم إلا قوى الانتكاس يعيق بناء مستقبل سودان ديمقراطي ومستقر، سودانٍ يستند إلى الحقائق التاريخية لا إلى الأهواء والمصالح الضيقة.
إن هذا التلاعب بالألفاظ، وهذا التحريف المتعمد للتاريخ، ليس إلا محاولة بائسة لتبرير مواقف سياسية آنية، محاولة تستخف بعقول الناس وتستهين بذاكرتهم. ولكن هيهات، فالحقائق أشد سطوعًا من أن تحجبها مثل هذه المغالطات، وإرادة الشعب أقوى من أن تكسرها مثل هذه الانقلابات اللغوية. وسيظل التاريخ شاهدًا على من خان الأمانة وانقلب على مبادئه، ومن استمسك بالحق ودافع عن إرادة شعبه.
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: نظام الإنقاذ نظام ا
إقرأ أيضاً:
محام: عقوبات تصل إلى 6 سنوات سجن تنتظر المتورطين في جناية قتل خطأ الطفل يوسف
أكد المستشار كريم أبو اليزيد، المتخصص في قضايا المحكمة الاقتصادية، أن أهالي الطفل يوسف ضحية حادث الغرق في حمام السباحة بأحد الأندية الشهيرة يمكنهم رفع دعوى قضائية ضد جميع الأطراف المتورطة، بما في ذلك المدرب، والطاقم الإداري، والطواقم الطبية، وكذلك رئيس النادي.
وأوضح "أبو اليزيد"، خلال لقائه مع الإعلامية مايا الشربيني، ببرنامج "م الآخر"، المذاع على قناة "TeN"، أنه في هذه الحالات يكون المسؤولية جماعية، حيث أن غياب الرقابة من المدرب، وغياب الاهتمام بالطفل، وكذلك فشل فريق الإنقاذ في تفعيل خطة الإنقاذ، كلها تؤدي إلى نتيجة مأساوية.
وتابع: "هذا النوع من الحوادث يُمثل جناية قتل خطأ، والعقوبة تتراوح من 3 إلى 6 سنوات من السجن، ومع وجود الطفل الضحية في هذه القضية يُعتبر الأمر أكثر خطورة، ويجب أن تكون العقوبات مشددة.
ودعا العديد من الخبراء إلى ضرورة وجود ضوابط أشد صرامة فيما يخص التدريب والإشراف في المنشآت الرياضية لضمان سلامة الأطفال والرياضيين بشكل عام.