محمد هاشم محمد الحسن

2 مايو 2025.

في تصريحات مستفزة للذاكرة الجمعية ومهينة لتضحيات شعب بأكمله، يطل علينا الدكتور جبريل إبراهيم ليقدم قراءة مشوهة للتاريخ السياسي السوداني، قراءة تنضح بانتقائية مقيتة وتحاول عبثًا طمس الحقائق الناصعة. فبينما يرفض بإصرار وصف الإطاحة بالحكومة الانتقالية في الخامس والعشرين من أكتوبر عام ألفين وواحد وعشرين بالانقلاب العسكري الصريح، متذرعًا بكونها حكومة "غير منتخبة"، فإنه لا يجد غضاضة في وسم إسقاط نظام الإنقاذ البغيض بثورة ديسمبر المجيدة بـ "الانقلاب"!
يا له من منطق أعوج! ويا لها من معايير مزدوجة تكشف عن هوى دفين وتحيز سافر.

فالحكومة الانتقالية التي تشكلت بإرادة الثورة، وبشرعية الدماء الزكية التي سالت في سبيل الحرية والعدالة ضد نظامٍ استبداديٍّ اغتصب السلطة بانقلابٍ عسكريٍّ في غياهب الماضي، نظامٍ حكم البلاد بالحديد والنار وقمع الحريات وسفك الدماء لثلاثة عقودٍ عجاف، حكومة توافقية انبثقت من رحم انتصار شعبي مدوٍ. كانت تلك الحكومة هي الضمانة لمرحلة انتقالية تقود البلاد نحو انتخابات حرة ونزيهة، نحو فجر جديد طال انتظاره. وما حدث في ذلك اليوم المشؤوم من أكتوبر لم يكن سوى غدر عسكري مكتمل الأركان، سطو مسلح على إرادة الشعب، وانقضاض على آماله وتطلعاته. وقد شهد على ذلك الرفض الجماهيري العارم الذي هز أركان الانقلابيين، مقاومة باسلة سُطرت بدماء الشهداء والجرحى والمعتقلين، وأدت الانقلاب في مهده ،فلا شرعية حصل عليها ولا حكومة شكلها حتى يومنا هذا.
أما وصف ثورة ديسمبر، تلك الانتفاضة الشعبية العظيمة التي اقتلعت نظامًا جاثمًا على صدر البلاد لثلاثة عقود من الظلم والقهر، نظامًا تلطخت أيامه بدماء الأبرياء وملأت سجونه أصوات المعذبين، بأنها "انقلاب"، فهو قمة الجحود وإنكار الحقائق، وإهانة لتلك التضحيات الجسام التي بذلها شباب ونساء ورجال هذا الوطن الأبي. لقد خرج الشعب السوداني بجميع أطيافه، ملأ الشوارع والساحات، متحديًا الرصاص والقمع، مطالبًا برحيل نظام سقطت شرعيته منذ زمن بعيد. بيان الجيش في الحادي عشر من أبريل عام ألفين وتسعة عشر لم يكن إلا استجابة متأخرة لهذا الزلزال الشعبي، لهذا الإعصار الجارف الذي لم يكن لأي قوة أن تقف في وجهه.
فكيف يليق بمن شهد تلك الهبة الجماهيرية العظيمة، بمن كان بالأمس القريب جزءًا من قوى التغيير التي ناضلت ضد نظام الإنقاذ، أن ينقلب على مبادئه وقيمه، وأن يصف فعل الشعب الجبار بـ "الانقلاب"؟ أين ذهبت تلك الأصوات التي كانت تدين نظام الإنقاذ وتصف انتخاباته بالمهزلة؟ ألم يكن الدكتور جبريل نفسه شريكًا في هذا الإدانة؟ فهل هو منطق المصالح الذي يغير الحقائق ويبدل المفاهيم؟ أم هو محاولة لتجميل صورة الماضي من أجل تحالفات الحاضر؟
إن هذا التناقض الصارخ، هذا الانقلاب المفاهيمي المريع، يذكرنا بالقول المأثور:
"رَأَى الْحَقَّ بَاطِلاً وَرَأَى الْبَاطِلَ حَقًّا، فَتِلْكَ الْبَلِيَّةُ لاَ شَيْءَ يُعَادِلُهَا."
فكيف لمن كان بالأمس بصيراً بحقيقة نظام الإنقاذ وزيف شرعيته، أن يعمى اليوم عن حقيقة الانقلاب الغاشم على إرادة الشعب؟ وكيف له أن يقلب الحقائق رأسًا على عقب، فيرى الظلام نورًا، والانقلاب استجابة، والثورة جريمة؟ إن تزييف الماضي بهذا الشكل لا يخدم إلا قوى الانتكاس يعيق بناء مستقبل سودان ديمقراطي ومستقر، سودانٍ يستند إلى الحقائق التاريخية لا إلى الأهواء والمصالح الضيقة.
إن هذا التلاعب بالألفاظ، وهذا التحريف المتعمد للتاريخ، ليس إلا محاولة بائسة لتبرير مواقف سياسية آنية، محاولة تستخف بعقول الناس وتستهين بذاكرتهم. ولكن هيهات، فالحقائق أشد سطوعًا من أن تحجبها مثل هذه المغالطات، وإرادة الشعب أقوى من أن تكسرها مثل هذه الانقلابات اللغوية. وسيظل التاريخ شاهدًا على من خان الأمانة وانقلب على مبادئه، ومن استمسك بالحق ودافع عن إرادة شعبه.

[email protected]

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: نظام الإنقاذ نظام ا

إقرأ أيضاً:

متى ينتهي فصل الصيف وتتراجع درجات الحرارة؟

يترقب الكثير موعد انتهاء فصل الصيف رسميًا في مصر، حيث تفصلنا حوالي شهرين فقط عن نهاية هذا الفصل الذي بدأ يوم السبت الموافق 21 يونيو 2025، وفقًا للحسابات الفلكية الدقيقة، ويستمر لمدة 92 يومًا و39 ساعة و37 دقيقة.

موعد انتهاء فصل الصيف 2025

و يبدأ فصل الخريف يوم الإثنين الموافق 22 سبتمبر 2025، ليستمر لمدة 89 يومًا و20 ساعة و44 دقيقة، وهو ما يعني بداية مرحلة انتقالية تتسم بانخفاض تدريجي في درجات الحرارة، ووداع الموجات الحارة التي سيطرت على الأجواء خلال فصل الصيف.

بداية الشتاء

ومع نهاية فصل الخريف، يبدأ فصل الشتاء رسميًا يوم الأحد الموافق 21 ديسمبر 2025، ويستمر لمدة 88 يومًا و23 ساعة و41 دقيقة، لتبدأ الأجواء الباردة في السيطرة تدريجيًا، ويشعر المواطنون بتغير واضح في درجات الحرارة بين الليل والنهار.

بشري لعشاق الشتاء.. متى ينتهي الصيف ويبدأ الخريف في مصر؟خبيرة تغذية: نوعية الفطار تؤثر على يومك.. والسهر في الصيف يُربك الجسمخريطة الأمطار تُفاجئ المصريين في عز الصيف اليوم.. محافظتك منها ولا لأ؟7 خطوات ذكية لتنظيم استخدام الأطفال للموبايل والتابلت في الصيفأكل الصيف بين العطش والتسمم.. 6 أخطاء شائعة نرتكبها يوميًا دون أن ندري! موعد بدء التوقيت الشتوي 2025

 موعد بدء التوقيت الشتوي 2025  يهتم به الكثير ، حيث يتم تأخير الساعة 60 دقيقة لتصبح الحادية عشرة بدلا من الثانية عشرة ، إذ جرى تقديم الساعة 60 دقيقة يوم 25 أبريل الماضي الجمعة الأخيرة من الشهر ، ويكون موعد انتهاء التوقيت الصيفي ووقف العمل به في الخميس الأخير من أكتوبر المقبل الموافق 30 من الشهر  ، ليبدأ التوقيت الشتوي مع اول ثانية في يوم الجمعة التالي له الموافق 31 أكتوبر، حيث تعود الساعة من الثانية عشرة منتصف الليل إلى الساعة الحادية عشرة مساءً الخميس 31 أكتوبر.

ماذا يحدث في الانقلاب الصيفي؟

الانقلاب الصيفي هو ظاهرة فلكية تحدث عندما تصل الشمس ظاهريًا إلى أقصى نقطة شمال السماء، تزامنًا مع وجود الكرة الأرضية في نقطة معينة بمدارها، حيث يميل القطب الشمالي نحو الشمس بمقدار حوالي 23.5 درجة، مما ينتج عنه أطول نهار وأقصر ليل في العام في نصف الكرة الشمالي.

في هذا الوقت، يتلقى نصف الأرض الشمالي ضوء الشمس بأعلى زاوية مباشرة خلال السنة، ليصبح طول النهار أطول من 12 ساعة شمال خط الاستواء، في حين يشهد النصف الجنوبي من الأرض العكس تمامًا، حيث يكون النهار أقصر من 12 ساعة.

لماذا يتغير موعد الانقلاب كل عام؟

رغم ارتباط الانقلاب الصيفي بموعد ثابت نسبيًا، إلا أن تاريخه لا يحدث في نفس اليوم كل عام، إذ يتراوح بين 20 و22 يونيو في النصف الشمالي من الأرض، وهذا يعود لعدة عوامل:

الفرق بين نظام التقويم الميلادي (365 يومًا) والسنة المدارية (حوالي 365.242199 يومًا)

الحاجة إلى إضافة يوم كبيس كل أربع سنوات لتعويض الفرق

تأثير قوى الجاذبية للقمر والكواكب

التذبذب الطفيف في دوران الأرض

هذه العوامل تجعل تاريخ بداية فصل الصيف يتغير قليلًا من عام لآخر.

هل نشهد تحسنًا في درجات الحرارة قريبًا؟

مع اقتراب الخريف، من المتوقع أن تبدأ درجات الحرارة في الانخفاض التدريجي خلال أغسطس وبداية سبتمبر، خصوصًا في ساعات الليل. إلا أن موجات الحر قد تستمر متقطعة، لكن حدتها تكون أقل من ذروة الصيف التي نشهدها في يوليو وأوائل أغسطس.

وفي السياق ذاته، تشير بيانات الأرصاد إلى بداية تحسن نسبي في الطقس مع بداية النصف الثاني من أغسطس، حيث يتراجع تأثير المنخفض الهندي الموسمي تدريجيًا، مما يسمح بعودة الرياح الشمالية المعتدلة إلى السيطرة على الأجواء.

توقعات بانفراجة حرارية تدريجية

توقعت هيئة الأرصاد الجوية أن يسود طقس أقل حرارة نسبيًا في المناطق الساحلية مع تحسن الرطوبة في بعض الأوقات، بينما تبقى المحافظات الداخلية والصعيد في مواجهة مستمرة مع درجات حرارة مرتفعة حتى نهاية أغسطس، على أن يشهد سبتمبر تحسنًا ملحوظًا وعودة الطقس المعتدل تدريجيًا.

فيما يقترب الصيف من نهايته الرسمية، تلوح في الأفق بشائر الخريف، مع وعود بانخفاض تدريجي في درجات الحرارة وتحسن في الأحوال الجوية. ويبقى على المواطنين الاستمرار في الاحتياطات اللازمة خلال الطقس الحار، خاصة كبار السن والأطفال، إلى أن نصل إلى الاعتدال الذي يجلبه الخريف في أواخر سبتمبر

طباعة شارك موعد انتهاء فصل الصيف فصل الصيف فصل الخريف ماذا يحدث في الانقلاب الصيفي لماذا يتغير موعد الانقلاب كل عام

مقالات مشابهة

  • البلخي لـ سانا: إنجاز نظام انتخابات مجلس الشعب وتشكيل اللجان فور المصادقة عليه
  • «نور محمد» ابنة البحيرة من ذوي البصيرة ثاني الجمهورية بالثانوية الازهرية: حلمى كلية علوم القرآن
  • أسماء أوائل الشهادة الثانوية الأزهرية من ذوي البصيرة لعام 2025م – 1446هـ
  • بالأسماء.. وكيل الأزهر يعلن أوائل الشهادة الثانوية الأزهرية 2025 «ذوو البصيرة»
  • المشيشي يشن هجوما لاذعا على سعيد ويدعو إلى مقاومة الانقلاب
  • جرائم إسرائيل بعيدا عن الإعلام!
  • ما هي الغيبة المحرمة شرعا؟.. دار الإفتاء توضح الحقائق
  • نائب: بيان الخارجية في توقيته.. ومحاولات تشويه موقف مصر تسقط أمام الحقائق
  • متى ينتهي فصل الصيف وتتراجع درجات الحرارة؟
  • حقن الفيلر في الطب التجميلي..أهم الحقائق وتصحيح المفاهيم الخاطئة