متابعة دقيقة وتنسيق مستمر.. أمانة الجامعة العربية ترسم طريق بغداد نحو «قمة تاريخية»
تاريخ النشر: 5th, May 2025 GMT
تتجه الأنظار إلى العاصمة العراقية بغداد، التي تستعد لاستضافة القمة العربية الرابعة والثلاثين في 17 مايو الجاري، وسط دعم لافت ومتابعة مكثفة من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، حيث تُعد هذه القمة فرصة تاريخية للعراق لتأكيد دوره المحوري في تعزيز التضامن العربي، بينما تقود الجامعة العربية جهوداً دقيقة لضمان نجاح الحدث في سياق إقليمي معقد.
ومنذ إعلان استضافة العراق للقمة في مايو 2024، بعد تنازل سوريا عن رئاسة الدورة، تولت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية مهمة دعم التحضيرات من خلال تنسيق مستمر وزيارات ميدانية، يهدف هذا الدعم إلى ضمان جاهزية بغداد لاستقبال قادة الدول العربية وإنجاح مناقشات القمة التي ستتناول قضايا حيوية، مثل القضية الفلسطينية، والأزمات الإقليمية، والتكامل الاقتصادي.
رعاية وتنسيق من الجامعة العربية
وتضمنت متابعة الأمانة العامة للجامعة العربية عدد من الزيارات الرسمية، في مقدمتها زيارة في نهاية شهر يناير الماضي، ترأس فيها السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، وفداً رفيع المستوى إلى بغداد، التقى فيها الوفد بوزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، وتفقد القاعات والفنادق المخصصة للقمة، وأعرب زكي عن ارتياحه للتقدم المحرز، مؤكداً التزام الجامعة بتوفير كل الدعم الفني واللوجستي.
كما شملت المتابعة الدقيقة للأمانة العامة للجامعة العربية زيارة ثانية قام وفد من الأمانة العامة برئاسة السفير حسام زكي، في مطلع شهر مايو الجاري إلى العاصمة العراقية بغداد، لتقييم الاستعدادات، والتقى الوفد فيها بوزير الداخلية العراقي، وأشاد بالخطة الأمنية الشاملة، مؤكدا على ثقته بقدرة العراق على استضافة قمة ناجحة.
وعلى صعيد التنسيق الفني والإعداد لأجندة «القمة العربية 34» و «القمة العربية التنمية.. الاقتصادية والاجتماعية» تعمل الأمانة العامة على إعداد أجندة القمة من خلال اجتماعات تحضيرية مكثفة، تضمن تنظيم النقاشات حول قضايا الأمن القومي العربي، التنمية المستدامة، والأزمات في دول مثل سوريا واليمن، وهو ما أشار إليه السفير «زكي» من أن هذه الاجتماعات تهدف إلى صياغة قرارات عملية تخدم الأهداف العربية المشتركة.
تعاون وثيق مع العراق
يعكس التنسيق بين الأمانة العامة والحكومة العراقية مستوى عالياً من الشراكة، فقد أشادت الجامعة بالجهود العراقية في تجهيز المرافق ووضع خطط أمنية متقنة، بينما يؤكد المسؤولون العراقيون أن دعم الجامعة يعزز ثقتهم بإنجاح القمة، وفي تصريح لوزير الخارجية فؤاد حسين خلال الاجتماع التحضيري في مارس 2025، قال: «تعاوننا مع جامعة الدول العربية يضمن تقديم قمة تعكس طموحات شعوبنا».
أهمية القمة في سياق إقليمي دقيق
تأتي القمة العربية الـ34 في ظل تحديات سياسية واقتصادية كبيرة، مما يجعل دور الجامعة العربية في رعاية التحضيرات أكثر أهمية، حيث ستكون القضية الفلسطينية في صدارة النقاشات، مع دعوات لدعم حل الدولتين وإعادة إعمار غزة، إلى جانب معالجة الأزمات في لبنان والسودان وتعزيز الأمن الغذائي. وتسعى الجامعة من خلال هذه القمة إلى توحيد المواقف العربية وتعزيز الاستقرار الإقليمي.
تحديات وتطلعات
يرى مراقبون أن الدعم المستمر من الأمانة العامة للجامعة العربية إلى جانب حرص العراق على تقديم نموذج استضافة متميز، يبعث على التفاؤل، وسط التحديات التي تواجهها المنطقة العربية، في الوقت الذي يعول فيه كثيرون على أن تشكل القمة العربية نقطة تحول لتعزيز التعاون العربي، خاصة مع استضافة بغداد التي تؤكد تعافيها واستقرارها.
تؤكد رعاية جامعة الدول العربية لاستعدادات بغداد للقمة العربية الـ34 على التزام «بيت العرب» بتعزيز العمل العربي المشترك، من خلال متابعة دقيقة وتنسيق مستمر، حيث تساهم الأمانة العامة في تهيئة الظروف لقمة تاريخية قد تُحدث فارقاً في مواجهة التحديات العربية، وبينما تستعد بغداد لاستقبال قادة العرب، تبقى الآمال معقودة على أن تكون هذه القمة خطوة نحو وحدة عربية أقوى ومستقبل أكثر استقراراً.
صدى البلد
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الجامعة العربیة الأمانة العامة القمة العربیة الدول العربیة من خلال
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شقلاوي يكتب: إلتقينا في طريق الجامعة
تستعيد اليوم الجامعات السودانية دورها الطليعي في الاستنارة والوعي وإعادة بناء المشروع الوطني. مستلهمة أبيات عبد المجيد حاج الأمين، التي غناها عبد الكريم الكابلي، “هبت الخرطوم في جنح الدجى ضمدت بالعزم هاتيك الجراح … والتقينا في “طريق الجامعة”، هذه المعاني تظل رمزًا حيًا للنضال الوطني والنهضة المجتمعية التي تقودها الجامعات في بناء المستقبل وشهادة التاريخ .
بالأمس اصدر رئيس الوزراء ، كامل الطيب إدريس، توجيهات لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بعودة الجامعات إلى العاصمة الخرطوم. بعد توقف قسري دام عامين بسبب الحرب التي اندلعت في أبريل 2023 إثر الانقلاب الفاشل لمليشيا الدعم السريع وداعميها المحليين والإقليميين، لحظة فارقة تعكس تقاطع التحولات السياسية والاجتماعية والتعليمية في السودان.
ولا يمكن فصل هذا القرار عن السياق الأشمل لمحاولات إعادة بناء الدولة، في ظل واقع يتسم بالهشاشة والتعقيد وتعدد التحديات. لكنه يُعبّر في الوقت ذاته عن سعي حثيث لاستعادة رمزية العاصمة كمركز للسيادة والمعرفة والاستقرار، وتعزيز شرعية الدولة ومؤسساتها الأكاديمية.
ومن المهم أن يُنظر إلى هذه العودة ليس فقط كقرار إداري، بل كجزء من مشروع سياسي يسعى لإحياء الدولة من خلال ما تحمله الجامعات من رمزية وطنية ومكانة معرفية في الوجدان الجمعي السوداني. فالجامعات، بما تمثله من فضاءات للنقاش والتفكير والحراك الطلابي، تظل من أبرز المؤسسات القادرة على إعادة تشكيل المزاج الوطني وصياغة رؤى جديدة للمستقبل، في لحظة يتداخل فيها السياسي بالمجتمعي، والرمزي بالواقعي. ومن هنا، تُناط بها مسؤولية التقدم في ركب الاستقرار وإرساء دعائم الأمن والسلام.
ويكتسب هذا القرار أهميته من تزامنه مع مؤشرات أوسع على نية الحكومة الانتقال تدريجيًا من العاصمة البديلة بورتسودان إلى الخرطوم، في مسعى لاستعادة مركزية العاصمة القومية كموقع لصناعة القرار الوطني، وكمركز للحياة المدنية. وتأتي عودة الجامعات في هذا الإطار كمحاولة لإعادة رسم حدود جديدة تعبّر عن انسجام ممكن بين المكونين المدني والعسكري في الوعي العام، بعد أن كانت تلك العلاقة محل تجاذب واستقطاب واسع.
غير أن هذا الطموح، رغم وجاهته، يصطدم بواقع قاسٍ، يتمثل في هشاشة البنية التحتية للجامعات، والمخاوف الأمنية التي تحتاج الي ترسيخ ، وغياب خطة شاملة تضمن عودة آمنة ومستدامة للعملية التعليمية. وقد أدى هذا الواقع إلى انقسام داخل المجتمع الأكاديمي، عبّر عدد من الأساتذة والطلاب عن تحفظاتهم، للعودة بلا ضمانات حيث جاء الرد من وزارة التعليم العالي التي بدأت مجتهده ومهتمة بهذه العودة. .
كما تثير العودة تساؤلات جادة حول مدى استعداد الدولة لتحمل مسؤولياتها تجاه الجامعات وطلابها، من حيث إعادة تأهيل القاعات والمعامل، وتوفير بيئة تعليمية آمنة، وتخفيف الأعباء المالية عن كاهل الطلاب. ويُفاقم من هذا التحدي استمرار نزيف الكفاءات الأكاديمية إلى الخارج، في ظاهرة تهدد بانهيار منظومة التعليم العالي، وتُقوّض فرص إعادة بناء الشبكة المعرفية والمؤسسية للدولة، ما لم يتم تبنّي مقاربة إصلاحية حقيقية تنهض بها النخب وتتوافق بموجبها على مشروع وطني جامع لإعادة بناء العملية التعليمية.
من هنا، تبرز الحاجة إلى تحالفات استراتيجية مع القطاع الخاص والمجتمع المدني والشركاء الدوليين، لتوفير الموارد المالية والتقنية اللازمة لإعادة الإعمار. فالجامعات ليست كيانات منعزلة، بل هي مفاصل حيوية في جسد الدولة، تحتاج إلى بيئة حاضنة تضمن استدامتها وتعزيز دورها في مسار إعادة البناء الوطني.
إن عودة الجامعات إلى الخرطوم ليست مجرد استئناف للنشاط الأكاديمي، بل هي اختبار حقيقي لقدرة الدولة على تفعيل الاستجابات العملية، وبناء الثقة المفقودة مع المجتمعات، خاصة فئة الشباب، التي كانت ولا تزال الأكثر تضررًا من الحرب، والأكثر توقًا إلى أفق وطني جامع يعيد دمجهم في مشروع نهضوي يعبر عن تطلعاتهم.
هذا وبحسب مائراه من #وجه_ الحقيقة فإن هذه العودة محطة مفصلية في مسار إعادة البناء . لكنها تحتاج إلى ما هو أبعد من الشعارات والتصريحات، إلى رؤية سياسية متماسكة، وشراكة مجتمعية واعية، واستثمار جاد في التعليم بوصفه أداة للتحول الاجتماعي والمصالحة الوطنية. ذلك وحده هو الكفيل بإعادة الجامعات إلى سيرتها الأولى، كمنارات للمعرفة، ومراكز للإشعاع الفكري والنهضة المجتمعية.
دمتم بخير وعافية.
إبراهيم شقلاوي
الأربعاء 17 يونيو 2025 Shglawi55@gmail.com