شهد ملف الإيجار القديم في مصر تطورًا ملحوظًا بعد سنوات من الجمود، حيث أكد الدكتور حماد عبدالله حماد، عضو المجلس الأعلى لنقابة المهندسين وعميد كلية الفنون التطبيقية الأسبق، أن الإرادة السياسية تدخلت مؤخرًا بشكل واضح لوضع حد لأزمة قانون الإيجار القديم التي ظلت قائمة منذ عقود دون حسم.

وأوضح الدكتور حماد، خلال لقائه مع الإعلامية لميس الحديدي في برنامج «كلمة أخيرة» المذاع على قناة «ON»، أن تدخل الدولة في هذا الملف يعد خطوة شجاعة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية، معتبرًا أنه "كان من العار أن يظل القانون بهذا الشكل دون تعديل حتى اليوم".

إبراهيم عيسى: كل طرف في قضية الإيجار القديم يظن أنه المظلوم الوحيد عمرو أديب عن قانون الإيجار القديم: "في طرف هيتظلم.. توخوا الحذر" مشروع قانون معطل منذ 2008

وأشار عضو المجلس الأعلى للمهندسين إلى أنه منذ عام 2008، كان هناك مشروع قانون مطروح لمعالجة أزمة الإيجار القديم، إلا أنه لم يُفعّل لغياب الإرادة السياسية في ذلك الوقت. 

وأضاف: "اليوم نرى تغيّرًا جذريًا في التوجه، فالرئيس عبد الفتاح السيسي تحدث في أكثر من مناسبة علنًا عن وجود مظالم يجب معالجتها في هذا الملف".

ظلم واقع وسوق عقاري غير عادل

لفت الدكتور حماد إلى أن بقاء القانون بشكله الحالي كان يُكرّس لظلم واضح في العلاقة بين المالك والمستأجر، متسائلًا عن مدى منطقية أن يستمر الورثة في الاستفادة من شقة إيجار قديم لسنوات طويلة بأجر زهيد، بينما يواجه المالك تحديات اقتصادية صعبة.

وأضاف في حديثه: "من غير المقبول أن يستمر الوضع على ما هو عليه، فأصبحنا نرى كيلو الليمون يباع بـ100 جنيه، وهذا يساوي إيجار بعض الشقق في ظل القانون القديم.. اللمونة بقت إيجار شقة!".

حلول مطروحة: رفع القيمة الإيجارية وتحديد فترة انتقالية

أكد عضو «الأعلى للمهندسين» أن معالجة هذه الأزمة يتطلب التعامل مع شقين رئيسيين، هما:

رفع القيمة الإيجارية تدريجيًا لتتوافق مع الواقع الاقتصادي الحالي.تحديد مدة انتقالية واضحة لتحرير العلاقة بين المالك والمستأجر، تتيح التكيف دون الإضرار بأي من الطرفين.وشدد على أن الهدف من أي تعديل لا يتمثل في الإضرار بالمستأجر، بل هو إعادة ضبط المنظومة بشكل عادل يراعي الطرفين، ويضمن استدامة السوق العقاري.توجه الدولة نحو تشريع عادل ومتوازن

واختتم الدكتور حماد حديثه بالإشارة إلى أن معالجة ملف الإيجارات القديمة أصبح ضرورة وطنية، لا تحتمل التأجيل، خاصة في ظل المتغيرات الاقتصادية التي تشهدها البلاد. 

وأضاف أن الدولة اليوم تتعامل مع الملف بمنظور توافقي وتدريجي، يضمن العدالة دون التسبب في اضطرابات اجتماعية، وهو ما ظهر جليًا في مناقشات البرلمان والجلسات المجتمعية التي تبحث سبل التعديل المناسب.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: قانون الإيجار القديم تعديل قانون الإيجارات ورثة الإيجار القديم الإيجار القديم في مصر حقوق الملاك والمستأجرين الإیجار القدیم الدکتور حماد

إقرأ أيضاً:

حين تتكلم الحوائط.. حكايات المستأجرين بين أطلال «قانون الإيجار القديم»

بين جدرانٍ تشهد على عقودٍ من الذكريات، وفي شققٍ أكل الزمان من جدرانها ولم يأكل من قلوب ساكنيها، ينبض قانون الإيجار القديم كقلبٍ لا يزال يصارع للبقاء. هو ليس مجرد نص قانوني، هو حكاية عن أمل الطبقات البسيطة في مواجهة موجة ارتفاع الأسعار وجشع السوق.

هنا، حيث يتعالى صوت المستأجرين الذين يرون في هذا القانون قارب النجاة الأخير، سنذهب معهم إلى رحلة في دهاليز مدينة تتغير، لكنها تُقاوم أن تفقد روحها، رحلة نبحث فيها عن الحقيقة بين الأطلال، لنعرف إلى أين تتجه بوصلة العدالة؟ وهل من الممكن الوصول إلى معادلة تضمن الحقوق لجميع الأطراف؟ دعونا نغوص معًا في تفاصيل المشهد، ونستمع إلى الأصوات القادمة من خلف الأبواب القديمة.

“من رحم المعاناة… مطالب المستأجرين تخرج للنور”

قال أحمد حمدي، أحد المستأجرين بمنطقة بولاق الدكرور، «بدأ تطبيق قانون الإيجار القديم بعد قوانين يوليو الاشتراكية، في ذلك التوقيت كان الكثيرون يلجئون لبناء العمارات لتوفير دخل شهري، وكانت الدولة تمدهم بالأسمنت وحديد التسليح كدعم، فيبني الفرد العمارة ثم يأخذ «خلو رجل» أو مقدمًا لـ 6 شهور، أو ما شابه ذلك، بثمن الشقة، ويتقاضى غير مكتوب ويسلم المستأجر مفتاح الشقة على أن يتقاضى منه شهريا مبلغ 8 جنيهات».

ويرى «حمدي» أنه يمكن حل المشكلة القائمة من خلال القانون، فالعقد شريعة المتعاقدين، كما يجب الوضع في الاعتبار أن هناك الكثير من المستأجرين لا مأوى لهم، فكيف يمكن إخلاؤهم من منازلهم التي عاشوا فيها طيلة عمرهم، لذا لابد من التوصل إلى أمر وسط لحل تلك المعضلة وبشكل يرضي الطرفين، خاصة أن غالبية المستأجرين من فئة كبار السن أصحاب المعاشات، فأين سيذهبون بقيمة المعاش التي بالكاد تكفي قوت اليوم أو المصاريف العلاجية».

“بيوت من ورق أم قلاع صامدة؟ حكاية الإيجار القديم”

من جانبها، كشفت «فريدة عماد»، صاحبة الـ 73 عاما وإحدى المستأجرات في شقة سكنية بمنطقة وسط البلد، عن رفضها بشدة تطبيق القانون الجديد، مشيرة إلى أن الظروف المعيشية أصبحت صعبة للغاية، وأضافت: «المعاش اللي بصرفه مش بيكفي إلا لتغطية تكاليف الحياة الأساسية والعلاج، فكل السلع ارتفعت أسعارها الضعف، ومعظم المواطنين أصبحوا غير قادرين على مواجهة الزيادة المستمرة في الأسعار، لذا فوضعي الاجتماعي لا يسمح لي بزيادة الإيجار، خاصة أنني لا أستطيع تحمل تكاليف إضافية»، مضيفة: «في الوقت الحالي أدفع 500 جنيها كإيجار شهري شامل الكهرباء والخدمات، وإذا كان لابد من زيادة، فأنا أوافق على زيادة بسيطة، لكن بنسبة لا تتجاوز 50% فقط، مراعاة للظروف المعيشية وباقي المتطلبات»، وأكدت: «أنا دفعت خلو رجل 400 جنيه في سنة 1968، وكان هذا المبلغ يمثل قيمة كبيرة وقتها، فما السبب في أن أضطر الآن لتحمل زيادة كبيرة في الإيجار؟»، وتابعت:« نحن لا نمتلك القدرة على مواجهة التكاليف الزائدة، وكل ما نطلبه هو العيش في سكن ميسر ومستقر دون تحميلنا أعباء إضافية، فلابد من مراعاة السن فأنا مع هذا السن كيف سأبذل جهدا أو أخرج للعمل من أجل سداد تكاليف الإيجار والأدوية التي تتزايد مع التقدم في العمر، لذا يجب أن يتم مراعاة الظروف المعيشية للمستأجرين، خاصة من هم في مثل حالتي.»

على صعيد آخر، أضافت «أمل سالم»، صاحبة الـ 55 عاما وإحدى المستأجرات بمنطقة طلعت حرب، «القانون القديم قدم لنا ضمانات سكنية استمرت لسنوات طويلة، لكن مع مرور الوقت أصبح من الصعب تحمل استمرار الإيجارات الثابتة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية»، وأكملت"« لا يمكننا إنكار أن قيمة الإيجار حاليا لا تتناسب مع القيمة التسويقية بالتماشي مع ارتفاع أسعار العملات وفي ظل حالة التضخم التي نشهدها، ولكن لا بد من مراعاة أحوالنا المعيشية عند زيادة الإيجار، فيجب الأخذ في الاعتبار الالتزامات المعيشية الأخرى من مأكل وملبس ودواء»، وتابعت:« أنا لست ضد زيادة الإيجار ولكن بنسبة بسيطة وبخاصة مع كبار السن وأصحاب المعاشات يمكن أن تضع لهم الدولة استثناءات مرضية تضامنًا مع أحوالهم».

قانون الإيجار القديم 2025

«شقتي ورثتها عن والدي»، هكذا عبر جمال فوزي، أحد مستأجري عقارات مصر القديمة، موضحًا أن شقته قد توارثها عن والده الذي اقتناها منذ عام 1980، وأن قيمة الإيجار التي يدفعها حاليًا هي خمسة جنيهات فقط، مؤكدًا أن وضعه المادي لا يتحمل أي زيادة كبيرة في قيمة الإيجار، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وأكد أن هذا الوضع، وإن كان غير عادل للملاك، إلا أنه واقع معيشي لا يمكن تجاهله، خاصة وأن الكثير من المستأجرين، وخاصة كبار السن، غير قادرين على تحمل أعباء مالية إضافية.

ومن ناحية أخرى، أعرب شعبان مصطفى، أحد ساكني عقارات منطقة بولاق الدكرور، عن رفضه القاطع لأي تعديل على عقود الإيجار القديمة. وأكد أن بنود العقد الذي وقع عليه ثابتة ولا يجوز المساس بها، مشيراً إلى أنه لا يقبل بأي تغيير في الشروط المتفق عليها مسبقاً، موضحا أن استقراره في الشقة وتأسيس أسرته بها يجعل من الصعب عليه تركها، حتى لو تطلب الأمر زيادة في قيمة الإيجار، مضيفًا:« إذا كان هناك زيادات فنتمنى أن تكون زيادة عادلة، فعلى سبيل المثال يجب ألا يتساوى مستأجر الشقة للعيش بها بمستأجر الجراج أو المحلات التي يتقاضوا من ورائها مبالغ طائلة».

“حين يصبح البيت قضية: صراع المستأجر والمالك!”

وسط هذا التوتر، عقدت رابطة المستأجرين بالتعاون مع الجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية وعدد من الأحزاب والنواب البرلمانيين، مؤتمرًا موسعًا مساء الثلاثاء الماضي، لمناقشة أبعاد تعديلات قانون الإيجار القديم المقدم من الحكومة إلى مجلس النواب، عاطف مغاوري، هيثم الحريري، وسناء السعيد كانوا من بين الحضور الذين عبروا عن رفضهم الكامل للقانون المقترح، الذي وصفوه بأنه يميل بشكل صارخ لصالح الملاك على حساب حقوق أكثر من 3 ملايين مستأجر سكني وتجاري يمثلون ما لا يقل عن 15 مليون مواطن.

جاء في بيان المؤتمر أن القانون الجديد يتجاهل البعد الاجتماعي والإنساني للأزمة، فالمقترح الحكومي يتضمن إنهاء العقود الحالية بعد فترة انتقالية مدتها خمس سنوات، وهو ما يعني فعليًا «الطرد المؤجل»، على حد تعبير البيان. وأوضح الحاضرون أن ما تقدمه الحكومة في مشروع قانون الإيجار القديم من حلول بديلة غير واقعية، كأن تُنقل الأسر إلى مناطق جديدة بمقدمات وأقساط لا يستطيعون دفعها.

وكانت المحكمة الدستورية العليا قد أصدرت في وقت سابق أحكامًا أكدت على دستورية امتداد عقود الإيجار لورثة المستأجر الأصلي من الجيل الأول، وهو ما لم يراعَه مشروع القانون المقترح، وتضيف الرابطة أن الكثير من المستأجرين دفعوا «خلوات» كبيرة عند بداية العلاقة الإيجارية، وبعضهم دفع ما يعادل نصف أو أكثر من قيمة الوحدة حينها، كما أن الملاك استفادوا من دعم الدولة لمواد البناء، وهو ما يوجب، حسب المشاركين في المؤتمر، رد الحقوق قبل المطالبة بالإخلاء.

وأشارت الرابطة إلى أن، أكثر ما أثار الاستياء هو أن الحكومة تقترح زيادات جائرة في الإيجار تصل إلى 20 ضعفًا للسكني وخمسة أضعاف للتجاري، مع حد أدنى لا يقل عن ألف جنيه شهريًا. هذه الزيادات وصفت بأنها تعسفية، خاصة في ظل تدني الرواتب والمعاشات، وأوضحت الرابطة أن الحكومة أدمجت الإيجار التجاري مع السكني في مشروع القانون بشكل غير قانوني، حيث لم يرد ذلك في أحكام المحكمة الدستورية.

من جانبها، أوضحت الدكتورة منال عوض إن وزارة التنمية المحلية سوف تقوم بإعداد دراسة لبيان الآثر الاجتماعي المترتب علي إخلاء المساكن طبقاً لنص المادة الخامسة من مشروع القانون وذلك بعد الاستماع إلى كل الآراء والأرقام والدراسات التي يتم طرحها في جلسات الاستماع سواء من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء والمركز القومي للبحوث الاجتماعي والجنائية والمجلس القومي لحقوق الإنسان وغيرها من المؤسسات والجهات المعنية بالدولة حتي يكون تحت نظر مجلس النواب خلال مناقشة مواد مشروع القانون.

اقرأ أيضاًمطالب بتأجيل إصدار قانون الايجار القديم.. و«إسكان النواب» يحذف التهجير القسري من المضبطة

«مصطفى بكري»: رئيس مجلس النواب طمأن ملايين المصريين بشأن قانون الإيجار القديم

بدء اجتماع لجنة الإسكان لاستكمال مناقشة مشروع قانون الإيجار القديم

مقالات مشابهة

  • برلماني: مصر تمتلك الإرادة السياسية والكوادر القادرة على تجاوز الأزمات
  • برلماني: يجب صياغة قانون جديد للإيجار القديم
  • حدث في 8ساعات| مطالب بمراعاة الأبعاد الاجتماعية بقانون الإيجار القديم.. و30 فرصة عمل في السعودية
  • السجيني: الدولة تتعامل مع الإيجار القديم بـ«ميزان العدالة».. و25 ألف عقار في الإسكندرية آيل للسقوط
  • حين تتكلم الحوائط.. حكايات المستأجرين بين أطلال «قانون الإيجار القديم»
  • ممثل للمستأجرين يُطالب بتحريك قيمة الإيجار مع مراعاة الأبعاد الاجتماعية
  • لا لطرد المستأجر.. أزمة الإيجار القديم تطال الصيدليات.. وتدخل عاجل من البرلمان
  • رابطة مستأجري الإيجار القديم: نحترم أحكام القضاء ونرفض المساس بقيم إيجار التجاري
  • ننشر بيان رئيس النواب بشأن تحركات المجلس في ملف "الإيجار القديم"
  • وزيرة التضامن: تكافل وكرامة حظي بدعم ترجمته الإرادة السياسية.. والبرنامج يعد نموذجا ناجحا للتحول الاستراتيجي في سياسات الحماية الاجتماعية