من الأحق بحضانة الطفل المكفول بعد الطلاق؟.. مفتي الجمهورية يجيب
تاريخ النشر: 8th, May 2025 GMT
تلقى الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية، سؤالا تقول صاحبته: تزوَّجَت صديقتي منذ فترة ولم ترزق بأولاد، فكفلت هي وزوجها طفلًا، سنه الآن خمس سنوات، ثم حدث طلاق بينهما، وسؤالي لمن تكون حضانة الطفل المكفول؟ هل يكون معها؟ أم مع مطلقها؟ أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرًا.
وأجاب مفتى الجمهورية عبر الموقع الرسمي لدار الإفتاء المصرية عن السؤال قائلا: إن الولاية على الطفل المكفول بعد طلاق الكافلين ثابتة لولي الأمر المتمثل في اللجنة العليا للأسر البديلة بوزارة التضامن الاجتماعي أو من تفوِّضه.
وتابع: إذا رأت بقاء المكفول مع أحد الكافلَين الرجل أو المرأة، بعد طلاقهما فلا حرج في ذلك شرعًا، مع مراعاة الضوابط الشرعيَّة للخلوة بين الكافل والمكفول إذا شارف البلوغ إن كانا من جنسين مختلفين.
وبين أنه تجوز شرعًا الخلوة بينهما إذا كان قد تمَّ إرضاع الطفل المكفول من قِبَل الكافلة أو أمها في مُدَّتِهِ الشرعية، وهي سَنَتَانِ قَمَرِيَّتَانِ مِن تاريخ الوِلَادة، قليلًا كان مقدار الرضاع أو كثيرًا، أو كان المكفول أو الكافل في حالة لا تتأتى معها الرغبة في الآخر؛ كالمرض مثلًا، أو وُجد معهما ثالثٌ ثقةٌ يحتشمهما حال عدم وجود رضاع بينهما.
أما إن لم يحصل رضاع محرِّم وكان الكافل والمكفول في حالة لم تنقطع معها الرغبة في الآخر، ولم يوجد ثالثٌ ثقةٌ يحتشمهما: حرمت الخلوة حينئذ.
أحكام كفالة الطفل في الإسلام
أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن كفالةُ الطفلِ الذي لا عائِلَ لَهُ مِنْ أجلِّ القُرُبات التي يفعلُها المُسلم؛ فقد حثَّت النصوصُ الشرعيةُ على الإحسانِ إلى الأطفال الذين فقدوا العائل والمعين؛ فعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّهُ سَمِعَ سيدنا رسول الله ﷺ يَقُولُ: «مَنْ ضَمَّ يَتِيمًا بَيْنَ أَبَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ إِلَى طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْهُ، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ الْبَتَّةَ...». [أخرجه أحمد].
وأضاف، مركز الأزهر، أن الكفالةُ قد تكون ليتيمٍ ذي قرابة، أو لأجنبيٍ عن أسرةِ الكفيل، وللكفالة في الحالين ثواب عظيم؛ قَالَ سيِّدنا رَسُولُ اللهِﷺ: «كَافِلُ الْيَتِيمِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ» وَأَشَارَ مَالِكٌ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى. [أخرجه مُسلم]. (له): أي قريبٍ له، و(لغيره): أي أجنبيًّا عنه.
وأشار إلى أن الكفالة تكونُ بالمال من خلال تحمل نفقات الطفل المكفول في كل ما يحتاج إليه من مأكلٍ أو مشربٍ أو مَلْبسٍ أو تعليمٍ وغيره مع كونه يسكنُ في المؤسَّسةِ الراعيةِ له، وتكونُ -كذلك- عن طريق استضافة الطفل في منزلِ الكفيل وضمِّه لأسرته ومعاملته كالابن أو البنت من حيثُ الرعايةِ لا من حيثُ النَسَب؛ فعَنْ سيدنا رسول اللهﷺ أنه قَالَ: «خَيْرُ بَيْتٍ فِي الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُحْسَنُ إِلَيْهِ، وَشَرُّ بَيْتٍ فِي الْمُسْلِمِينَ بَيْتٌ فِيهِ يَتِيمٌ يُسَاءُ إِلَيْهِ». [أخرجه ابن مَاجَه]
ومع هذا الفَضْل المذكور للكفالة، إلاَّ أنَّ المكفولَ البالغَ ذكرًا كان أو أنثى أجنبيٌ عن كافلِه وزوجِه وأصولهما وفروعهما؛ فيُراعى ضوابط اختلاطِه بالجنسِ الآخر وكشف العورات داخل أسرته الراعية.
وأفتى مركز الأزهر، أنه يجوزُ للمرأةِ الكافلةِ -أو والدتها أو إحدَى أخواتها- إرضاع الطفل المكفول إما طبيعيًّا، أو عن طريق استِدْرَار اللبن بتناولِ بعضِ العقاقير الطبيِّة المُحفِّزة لإنتاجه، ويكونُ بهذا الرضيع ابنًا من الرّضَاع للمرأةِ المُرضعة ولو غيرَ متزوِّجة، وابنا لها ولزوجها إن كانت متزوجة، وأخًا لأبنائهما من الرضاع، ويثبُت للطفل مَحْرَمية الزواج من أبنائهما -هذا على مذهب جمهورِ الفُقهاء-؛ إذ لا يُشترط عندهم أن يكون لبن الرضاع المُحرِّم نتاج زواجٍ أو ولادة؛ بدليل قول سيدنا النَّبِيُّ ﷺ: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ». [أخرجه البخاري]، ويُشترطُ لجواز ذلك:
- ألاَّ يترتب على تناول تلك العقاقير ضرر؛ إذ لا ضَرَر ولا ضِرَار.
- أنْ يتم رضاعُ الطفلِ قبل أن يبلُغ الحَوْلين -على قول جمهور الفقهاء-؛ قال تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}. [البقرة: 233]
- أن تكون الرّضعاتُ خَمْسًا مُتفرّقاتٍ -على المختار-.
- عدم جواز نَسَب المكفُول إلى كافِلِه سواء أكان معلومَ النَسَب أم مجهوله، ولكن يجوزُ إضافة لقب عائلة الكافل إلى اسم المكفولِ بما لا يوحي أنه ابنه أو ابنته من النسب، حتى لا يدخل في التبنِّي المحظور شرعًا؛ منعًا لاختلاط الأنساب، وحفظًا لحقوق الورثة من الضياع؛ قال تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: 5]، وقال ﷺ في وعيدِ هذا الفعل: «لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلَّا كَفَرَ، وَمَنِ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» [أخرجه البخاري]، وقال ﷺ أيضًا: «إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الفِرَى أَنْ يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ،...». [أخرجه البخاري] الفِرَى: جمعُ فِرْية وهي الكَذِب والبهتان.
▪يجوزُ للكافل أن يهَبَ المكفولَ من مالِه حالَ حياتِه، وأن يُوصِي له بما لا يزيد عن الثُلُث.
▪لا يجوز أن يَرِثَ المكفول من كافلِه ولا من عائِلَتِه، كما لا يجوز أن يرثَ الكافلُ وأسرَته من مَكفولهم.
▪إعادة الطفل المكفول إلى مؤسسة الرعاية مرة أخرى لا ينبغي إلا اضطرارًا في أضيق الحدود، ولسبب حقيقي، لما في إعادة المكفول من آثار سلبية على صحته النفسية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: كفالة الطفل الطفل المكفول
إقرأ أيضاً:
هل يلزم الزوج تنفيذ شرط الطلاق بعد الإنجاب؟.. د. عطية لاشين يوضح الحكم
ورد سؤال إلى د. عطية لاشين، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، عبر صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك"، يقول صاحبه: "تزوجت امرأة اشترطت عليّ في بداية الزواج أن أطلقها عند أول ولد تُرزق به من الله، فقبلت هذا الشرط على أمل أن تعدل عنه أثناء الحياة الزوجية، لكنها الآن بعد أن جاء الولد مصرة على طلب الطلاق، فهل عليّ إثم إن لم أنفذ لها شرطها؟".
وأجاب د. لاشين، قائلًا: الحمد لله رب العالمين، قال في محكم التنزيل "ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله"، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، وقد رُوي عنه في كتب السنة: “المؤمنون عند شروطهم، إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرّم حلالًا”.
وبيّن فضيلته أن الزواج شُرع لتحقيق أهداف سامية وأغراض نبيلة، منها: غض البصر، وإحصان الفرج لكل من الزوجين، كما أشار رسول الله ﷺ في قوله: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج..."، إضافة إلى إشباع الغريزة الجنسية بالحلال، وتواصل الأجيال عبر الذرية الصالحة، والمساهمة في تكوين مجتمع مسلم صالح، وانصهار الأسرتين في بوتقة واحدة تقوّي روابط المجتمع.
وبخصوص واقعة السؤال، أوضح لاشين أن الشروط المقترنة بعقد الزواج أو بغيره من العقود متعددة، ومنها ما يتنافى مع مقصود العقد، كشرط هذه الزوجة، لأن مقصود الزواج هو الاستمرارية، بينما شرطها يجعل الزواج عقدًا مؤقتًا، فيصبح باطلًا.
وأشار إلى أن الفقهاء اختلفوا في تأثير الشرط الباطل على العقد، فذهب جمهور العلماء إلى أن بطلان الشرط يُبطل العقد، بينما رأى الأحناف أن البطلان يقتصر على الشرط فقط ويظل العقد صحيحًا.
وأضاف: "نفتي السائل بما ذهب إليه الأحناف من بقاء العقد صحيحًا، واقتصار البطلان على الشرط وحده، وذلك تفاديًا لما قد يترتب على بطلان العقد من مفاسد جسيمة ومآلات خطيرة|.
واختتم د. عطية لاشين فتواه قائلًا: "بناءً على ما سبق، فإن شرط الزوجة لا يجب الوفاء به، وليس على الزوج إثم في عدم الاستجابة لطلبها الطلاق، فلا يُعد ذلك إخلالًا بالوعد المؤثم شرعًا، وعليه، لا تطلقها، واترك القرار بيدها، فإن أرادت إنهاء العقد فلها أن تسلك السبل الشرعية لذلك، لكنها تتحمل الوزر إن فعلت ذلك دون سبب شرعي، لقول النبي ﷺ: “أيّما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة”.