الحرب التجارية الصين تشن حملة دبلوماسية لكسب القلوب والعقول
تاريخ النشر: 9th, May 2025 GMT
بعد إسقاطها العقوبات من جانب واحد على أعضاء عديدين بالبرلمان الأوروبي في الأسبوع الماضي كانت حكومة الصين واضحة جدا في بيان إنها لم تفعل ذلك من باب اللطف فقط. فبكين أصرت على أن الثمن المتوقع لرفع العقوبات التي فرضت في الأصل قبل أربعة أعوام خلال نزاع حول انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان في إقليم شينجيانج هو التعاون مع الصين حول التجارة.
قال غو جياكون الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية: "مسعانا المشترك.... للحفاظ على النظام التجاري متعدد الأطراف وتعزيز تحرير التجارة، سيجلب الاستقرار واليقين المطلوبين جدا لاقتصاد العالم".
محاولة بكين للتقارب مع الاتحاد الأوروبي جانب واحد فقط من حملة عالمية محمومة لكسب الود شرعت فيها الصين منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسومه الجمركية يوم 2 أبريل.
في الشهر الماضي زار الرئيس شي جينبينج شركاء تجاريين إقليميين مهمين للصين وتحديدا فيتنام وكمبوديا وماليزيا. ومن المقرر أن يجتمع مع المزيد من رؤساء الدول هذا الأسبوع في موسكو أثناء احتفالات الرئيس الروسي فلاديمير بيوم النصر. وبعد أيام لاحقا من المتوقع أن يستقبل شي الرئيس البرازيلي لويز ايناسيو لولا دا سيلفا وقادة إقليميين آخرين في بكين خلال الاجتماع الوزاري المشترك للصين وجماعة دول أمريكا اللاتينية والكاريبي.
فرصة ذهبية
تؤكد الحملة الدبلوماسية إلى أي حد تمثل حرب ترامب التجارية الأخيرة لحظة حاسمة للصين لاحتواء نفوذ الولايات المتحدة حول العالم ولكن أيضا القضاء على أي تهديد لأسواق صادراتها الأخرى.
دفع ضعف الطلب المحلي الصين إلى الاعتماد على الأسواق الخارجية لاستيعاب منتجات مصانعها الضخمة والتي تشكل حوالي ثلث القدرة الصناعية الإجمالية للعالم. لذلك إبقاء الأسواق العالمية مفتوحة لسلعها ينطوي على أهمية اقتصادية بالغة. وإن لم يكن ذلك ممكنا في الولايات المتحدة فعلى الأقل في البلدان الأخرى.
بالنسبة لبلدان عديدة هذه رسالة لا تملك أن تتجاهلها، فمع تهديد الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية "متبادلة" بقصد العقاب حتى على البلدان الفقيرة تشتد حاجة العديدين من قادة العالم إلى الحفاظ على النظام التجاري متعدد الأطراف.
يقول نيل توماس زميل مركز تحليل شؤون الصين بمعهد السياسات التابع لجمعية آسيا: "الصين ترى في اللحظة الراهنة للسياسة الخارجية الأمريكية فرصة ذهبية لكسب أصدقاء والتأثير على الناس حول العالم. بكين تموضع نفسها كبطل جديد للعولمة الاقتصادية مع تخلي واشنطن الآن عن هذه الأجندة.
لكن التحدي المركزي لبكين فيما هي تحشد الدعم العالمي هو أن علاقاتها التجارية ليست على ما يرام مع بلدان أخرى خلاف الولايات المتحدة.
الصين التي كان لديها فائض تجاري يقارب تريليون دولار في العام الماضي أسست لنفسها مثل هذه الهيمنة الطاغية في سلسلة من الصناعات. وهذا ما أثار خشية العديد من شركائها التجاريين من إغراقهم بالسلع الصينية حتى قبل نشوب الحرب التجارية الحالية.
بيرت هوفمان المدير الإقليمي السابق للبنك الدولي المقيم في بكين خاطب اجتماعا بنادي الصين للمراسلين الأجانب بقوله: "الصين لديها فوائض ليس فقط مع الولايات المتحدة وأوروبا ولكن مع 172 بلدا في العالم. وإذا كان لديك فائض مع 172 اقتصادا لا يعني ذلك أنك في وضع يتيح لك قوة ناعمة عظيمة".
منذ تدشين ترامب أحدث مرحلة في حربه التجارية اجتمع وزير الخارجية الصيني وانج يي بالعشرات من وزراء الخارجية ورؤساء الدول في كل ركن من أركان المعمورة تقريبا من نيجيريا وسويسرا وإلى اليابان وأوزبكستان. ولم يهدر فرصة تذكر لحشد الدعم ضد مساعي واشنطن لعزل الصين في الأسواق العالمية. فقد خاطب وزير الخارجية النيجيري يوسف توجار في ريو دي جانيرو يوم 29 أبريل خلال اجتماع مجموعة البريكس للبلدان الناشئة بقوله: الصين "مستعدة للعمل مع البلدان الإفريقية... بما في ذلك نيجيريا"، لاتخاذ موقف مشترك "رافض للحمائية ومعارض للهيمنة والتنمّر".
تطواف وانج الأخير في البلدان يرتكز على مساعي الصين منذ عام 2023 لإحياء العلاقات مع الشركاء التجاريين والتي ساءت أثناء الجائحة. من بين هؤلاء الشركاء استراليا التي حظرت الصين بعض الصادرات إليها بسبب الدعوات التي وجهتها كانبيرا إلى بكين لإجراء تحقيقات حول مصدر فيروس كوفيد-19 والهند التي أوقفت الاستثمارات الصينية بعد الصدامات العسكرية على طول الحدود بين البلدين في جبال الهمالايا عام 2020. كما استأنفت بكين أيضا الاجتماعات الثلاثية مع اليابان وكوريا الجنوبية حليفتي واشنطن المقرّبتين في شمال شرق آسيا.
تقول يون سون مديرة برنامج الصين بمركز ستيمسون هذه الجهود عززها قرار ترامب في الشهر الماضي بإعلان رسوم متبادلة "ساحقة" ليس فقط على الصين ولكن باقي العالم أيضا.
وفي حين تكبدت الصين أسوأ الرسوم، إلا أن ترامب فرض أيضا رسوما عالية على البلدان الأخرى بما في ذلك أقرب حلفاء الولايات المتحدة قبل أن يجمدها لمدة 90 من أجل المفاوضات. وتضيف "كان (المسؤولون في بكين) يستعدون للكثير من العواصف فيما يخص العلاقات الصينية الأمريكية لكن لا أعتقد أنهم كانوا يتوقعون أن تصب الولايات المتحدة جام غضبها على باقي بلدان العالم الأخرى".
وحسبما تقول الفكرة التي خطرت لبكين على الفور كانت "دعونا نستغل الفرصة ونقدم الصين كقوة أكثر استقرارا في العالم ونحاول كسب البلدان إلى جانبنا".
جنوب شرق آسيا وباقي العالم النامي
كانت الأولوية القصوى للصين ضمان تأييد الجيران المباشرين في جنوب شرق آسيا. هدفت جولة شي إلى فيتنام وماليزيا وكمبوديا وهي بلدان أعضاء في رابطة بلدان جنوب شرق آسيا (آسيان) إلى تقوية الروابط التجارية مع كتلتها التجارية والتي تمثل أكبر شريك تجاري للصين، حسبما يقول المحللون. فالعديد من هذه البلدان مراكز إعادة تصدير للشركات الصناعية الصينية، وهذا يجنبها الرسوم الجمركية على شحناتها إلى الولايات المتحدة.
استُقبل شي بحفاوة، واتفق رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم الذي ترأس بلاده رابطة آسيان هذا العام مع شي على العمل من أجل توقيع "مبكِّر" لأحدث نسخة لاتفاقية التجارة الحرة بين الرابطة والصين.
بعكس ذلك، كما ذكر مؤخرا توم ميلر محلل شركة الاستشارات "جافيكال"، سيخفق ترامب في مساعيه لإقناع بلدان جنوب شرق آسيا بالتقليل من عمليات إعادة شحن السلع الصينية نظرا إلى علاقاتها التجارية مع بكين. ويضيف ميلر أن بلدان جنوب شرق آسيا "ستسعى بشدة في مفاوضاتها إلى الحفاظ على دخول السوق الأمريكية لكن ليس على حساب إغضاب التنين القوي في جوارها".
بالنسبة لباقي العالم النامي يمكن للصين الاعتماد على روابطها الاقتصادية العميقة في موازنة مساعي الولايات المتحدة للتأثير على السياسات التجارية لبلدانه، ليست فقط الحكومة الصينية هي التي سعت لبناء نفوذ اقتصادي في البلدان النامية عبر برنامج مبادرة الحزام والطريق بإنفاق تريليون دولار ولكن الشركات الصينية أيضا تستثمر الآن بشكل جماعي في تصنيع هذه البلدان لمواجهة الرسوم الجمركية الأمريكية المفروضة على الإنتاج المباشر في الصين. لقد زاد الاستثمار المباشر للصين في الخارج بنسبة 10% في العام الماضي إلى 162 بليون دولار وشكل ذلك ارتفاعا حادا من 117 بليون دولار في عام 2019 قبل الجائحة.
يقول تشيان فينج وهو زميل أول أبحاث بمعهد الاستراتيجية الوطنية في جامعة سينجهوا" في العقود الأخيرة تعاونت الصين عبر مبادرة الطريق والحزام مع حوالي 150 بلدا بما في ذلك معظم بلدان جنوب العالم... لقد استثمرت في الموانئ والسكك الحديدية والبنية التحتية، والآن الصين أيضا الشريك التجاري الأكبر لجنوب العالم سواء في إفريقيا أو أمريكا اللاتينية".
سعت الصين لتطعيم هذه العلاقة التجارية والاستثمارية المتنامية بأولوياتها الجيوسياسية الخاصة بها من خلال تدشين سلسلة من المبادرات التي تغطي الأمن والتنمية ومبادئ العلاقات الدولية التي تنادي بعدم التدخل في شؤون البلدان الأخرى.
ناصرت الصين منذ فترة طويلة تعددية الأقطاب وهذا موقف يقول العلماء إنه حتى الآن استهدف أساسا إضعاف ما تدعوه الصين هيمنة الولايات المتحدة، لكن حرب ترامب التجارية ربما منحت بكين الفرصة لتوسيع نفوذها ولعب دور المدافع عن النظام التجاري العالمي بدلا عن الولايات المتحدة.
هوانج يبينج عميد المدرسة الوطنية للتنمية بجامعة بكين قال في مارس وهو يخاطب منتدى بواو، أحد أهم المؤتمرات العالمية التي تنظمها الصين، إن "الجانب الجيد" للوضع الحالي هو وجود النظام الاقتصادي العالمي بما في ذلك الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمؤسسات الأخرى. وأضاف هوانج:"على الرغم من حقيقة أن النفوذ الأمريكي قد يتدهور علينا نحن الآخرين العمل معا.. على الأقل للحفاظ على ذلك النظام".
ربما قدّم ترامب إلى بكين الزخم في نزاعها مع واشنطن من أجل النفوذ، إلا أن الصين تواجه عددا من المهددات المحتملة، أهم هذه المهددات تعاظم اعتراض الشركاء التجاريين خلاف الولايات المتحدة بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والبرازيل والهند وتركيا على فوائض التجارية الكبيرة للصين في السلع المصنَّعة.
لقد خضعت الصين لحوالي 198 تحقيقا بواسطة أعضاء منظمة التجارة العالمية حول مزاعم إغراق أو دعومات غير قانونية في العام الماضي، وهذا ضعف عدد التحقيقات في عام 2023 وما يقارب نصف كل الإجراءات المماثلة التي أخطرت بها المنظمة، حسب بحث أجراه لو فينج أستاذ الاقتصاد بجامعة بكين.
نصف القضايا التجارية ضد الصين ابتدرتها البلدان النامية ومن بينها الهند والبرازيل وتركيا، حتى شريكتها المقربة روسيا تزايد اعتراضها على صادرات السيارات الصينية.
يقول بيرت هوفمان المدير الإقليمي السابق للبنك الدولي إن المزيد والمزيد من البلدان الناشئة من البرازيل وإلى الهند تحاول منع دخول السلع الصينية إلى أسواقها، ويضيف: "لذلك إذا اعتقدت الصين أن بمقدورها تحويل صادراتها الحالية للولايات المتحدة والتي تشكل نسبة 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي إلى بلدان أخرى لن يتحقق لها ذلك".
الصين وأوروبا
من المتوقع أن يكون أصعب تحدٍّ يواجه الحملة الصينية كسبُ الاتحاد الأوروبي إلى جانبها والذي هو أيضا أحد أهم شركائها التجاريين. فصادرات الصين إلى الاتحاد زادت بأكثر من الضعف من حيث القيمة في العقد الماضي وترتبت عن ذلك فوائض صينية قياسية مع الكتلة الأوروبية.
بلغت الفجوة حوالي 304.5 بليون يورو في العام الماضي وردَّت المفوضية الأوروبية على ذلك بفرض رسوم جمركية على السيارات الكهربائية الصينية إلى جانب عدة تحقيقات تجارية حول منتجات صينية تتراوح من الأسطوانات الفولاذية إلى ورق الديكور.
في أعقاب "يوم التحرير" أشارت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى تحسُّنٍ في العلاقات التجارية أثناء مكالمة مع رئيس وزراء الصين لي تشيانج. ودعا الاثنان إلى "حل تفاوضي " لتحقيق "الاستقرار وإمكانية التنبؤ" للاقتصاد العالمي في مواجهة الرسوم الجمركية الأمريكية. وتخطط الآن فون دير لاين مع رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا للسفر إلى بكين في يوليو للقاء الرئيس الصيني شي. لكن الدبلوماسيين الأوروبيين يحذرون في مجالسهم الخاصة من أن خلافات الكتلة الأوروبية مع الولايات المتحدة لا تعني تلقائيا تحسنا في العلاقة مع الصين، فهنالك اعتراضات شديدة على الفوائض التجارية الصينية وارتياب من نموذجها الاقتصادي الذي تديره الدولة ويعتقد الدبلوماسيون أنه يقود إلى طاقة إنتاجية زائدة عن الحد وانكماش الأسعار.
يقول دبلوماسي أوروبي في بكين: "من الجيد التطرق إلى جذور الأسباب والقول إن هنالك مشكلة هيكلية في النموذج الصيني. لكن لأن ترامب يتصرف بمثل هذه الفظاظة يبدو الصينيون أناسا طيبين".
ويعتقد أحد كبار الدبلوماسيين الأوروبيين في بكين أن ما تقترحه الصين هو التالي: بما أن أوروبا تتعرض إلى "هجوم من أمريكا" لم لا "نجتمع معا" للدفاع عن منظمة التجارة العالمية.
لكن الأوروبيين بحسب هذا الدبلوماسي مازالوا يؤكدون على الاختلافات العميقة (مع الصين) حول التجارة وحرب أوكرانيا. ويضيف إنهم يقولون للمسؤولين في بكين: "إذا كنتم تريدون تحسين علاقتنا معكم عليكم تحسين هذه الأمور أولا".
ويعتقد دبلوماسيون آخرون بوجود مؤشرات تشدد في بكين تجاه الاتحاد الأوروبي خلف مبادراتها الودية مع اهتمام أكثر من جانبها بالاتفاقيات الثنائية بشكل منفرد مع بلدان مثل إسبانيا والمجر والبرتغال وسلوفاكيا.
من بين هذه المؤشرات تعيين بكين السفير السابق لفرنسا "لو شاي" والذي يطلق عليه "الذئب المحارب" ممثلَها الخاص للشؤون الأوروبية. وكان الرجل قد أثار سخط العديدين في أوروبا عام 2023 عندما شكك في سيادة الدول السوفيتية السابقة وما إذا كانت شبه جزيرة القرم جزءا من أوكرانيا. يعلق دبلوماسي أوروبي في بكين على هذا التعيين بقوله: "إنه مدهش حقا، ولا يمكن أن يكون حدثا تلقائيا".
يعتقد البعض أن الصين يمكنها خفض التوترات التجارية بتعظيم الاستثمار في أوروبا خصوصا في قطاعي السيارات والبطاريات، لكن آخرين يعتقدون أن بكين ليس لديها ما يذكر لتقديمه إلى الكتلة الأوروبية بالنظر إلى فوائضها التجارية الصينية الضخمة واستثماراتها الحكومية الكبيرة في التقنيات المتقدمة والتي تضعها في تنافس مباشر مع الشركات الأوروبية.
تدعو اليسيا جارسيا هيريرو كبيرة الاقتصاديين لمنطقة آسيا الباسيفيكية ببنك الاستثمار الفرنسي "ناتيكسيس" إلى تجاهل حملة التودّد الدبلوماسية الصينية بصرف النظر عن ملاءمة توقيتها مع العداء الذي يبديه ترامب لأوروبا. فالصين في اعتقادها "لا يمكنها مساعدة الاتحاد الأوروبي في حماية نفسه من سياسات ترامب كما أن منافع تعزيز العلاقات بين الاتحاد والصين غير واضحة".
يقول الأكاديميون الصينيون إن بكين لا تتطلع إلى إعادة ترتيب "بالجملة" للعلاقات مع الاتحاد الأوروبي أو إلى أن تبعد أوروبا نفسها من الولايات المتحدة، فذلك سيكون مسعى غير واقعي في الأجل القريب بالنظر إلى علاقاتهما الوثيقة على مدى عقود. بكين تريد فقط إفساح مجال لها في علاقتها مع الاتحاد الأوروبي.
يقول شي يان الخبير في سياسة الصين تجاه الاتحاد الأوروبي بمركز الأمن والإستراتيجية الدوليين في جامعة تسينجهوا ببكين: "لا يمكن القول إن هنالك تغييرا جذريا في العلاقات عبر الأطلسية، لكن من ناحية واقعية ربما هنالك مجال سياسي أكبر للاتحاد الأوروبي لتطوير علاقته مع الصين بقدر قليل من الاستقلال". ويضيف: "هنالك فرصة للصين والاتحاد الأوروبي لتعزيز تعاون براجماتي مشترك".
آسيا والمنطقة الآسيوية الباسيفيكية
الحملة الدبلوماسية الصينية تواجه أيضا عوائق جيوسياسية ليست هينة في المنطقة الآسيوية الباسيفيكية، حسب المحللين. فمعظم الشركاء التجاريين للصين هناك سيحاولون التودد الولايات المتحدة نظرا إلى أن واشنطن قوة موازنة لبكين ولا يمكن الاستغناء عنها في جانب بالأمن.
هذه هي الحال خصوصا مع استمرار الصين على تأكيد وجودها العسكري في المنطقة مثلما هي الحال في تزايد وتيرة تمارينها العسكرية حول تايوان والصدامات مع الفلبين حول بحر الصين الجنوبي والمناورات البحرية بالذخيرة الحية في بحر تاسمان بين استراليا ونيوزيلندا. كما تتغلغل أيضا دبلوماسيا في "الحديقة الخلفية" لأستراليا ونيوزيلندا بالمحيط الهادي.
يقول نيل توماس المحلل بجمعية آسيا "الصين ستسجل في الغالب أهدافا كثيرة في مرماها من خلال رسائلها المحلية غير المتحسِّبة وتصرفاتها العدائية في المناطق المتنازع حولها"، لكنه يضيف أن الاستجابة لحملة كسب القلوب والعقول الصينية كانت رغم ذلك "إيجابية نوعا ما".
ويقول: "لا أعتقد أن أيا من حلفاء أو شركاء الولايات المتحدة سيتخلون عن البحث عن علاقات أفضل مع إدارة ترامب، فأنت لا يمكنك تفكيك عقود من التكامل الدفاعي بين ليلة وضحاها، لكن سيكون من الصعب على الولايات المتحدة بناء تحالفات للتصدِّي للصين".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبی الولایات المتحدة فی العام الماضی جنوب شرق آسیا بلدان جنوب بما فی ذلک مع الصین فی بکین لا یمکن
إقرأ أيضاً:
الشعب يرفض وصول المسيرات الصينية إلى الجنجويد ويعتبر الصين مسئولة عن ذلك
البعض لا يريدوننا أن نتكلم عن وصول السلاح الصيني للمليشيا عبر الإمارات ويردون بأن هذه مجرد تجارة!
لا تعرف هل هذا كسل أو جهل أم حب للغلاط والسلام.
ياخ على الأقل تكلم وارفع صوتك إذا لم تعترض كسوداني فمن تريده أن يتكلم بالنيابة عنك؟
نعم نحن دولة مهمة ورأي شعبها يؤثر، لسنا محور العالم، ولكننا نحتل موقع جغرافي فيه، موقع كبير ومهم، ولدينا موارد وإمكانيات وإذا كنا اليوم ضعفاء فغدا وضعنا سيتغير والدول الجادة تتعامل باستراتيجيات على مدى زمني بعيد، الشعب السوداني سيكون موجودا في هذه الرقعة لوقت طويل.
تجارة السلاح ليست مثل تجارة البضائع. عندما تبيع دولة ما السلاح لدولة أخرى هناك شروط لاستخدام هذا السلاح.
يعني لا يمكن أن تشتري سلاح من دولة تحترم نفسها وتمنحك له لتسلمه لجموعة إرهابية مثلا أو مليشيا منفلتة مثل الدعم السريع تقتل به المدنيين. الموضوع ليس تجارة بحتة، وقد يرتد على الدولة البائعة على سمعتها على الأقل.
في حالة الصين طبعا لا يوجد مجتمع مدني ولا برلمان ولا مساءلة للحكومة، كما في الدول الغربية. لذلك الإمارات تسلم الدعم السريع مسيرات صينية. رأينا كيف يتفاعل الأمريكان مثلا مع وصول السلاح الأمريكي للجهات الخطأ مثل الدعم السريع ورأينا تهديدات بوقف تصدير السلاح الأمريكي للإمارات.
ولأن لغة العالم هي لغة المصالح فإن دولة مثل الصين لن تحب أن ينظر لها كدولة تتساهل مع تسليح المليشيا بسلاح صيني من شعب كامل في دولة مثل السودان. الأمر هنا ليس حول حجم مصالح الصين في السودان بالمقارنة مع مصالحها مع الإمارات، وإنما حول سؤال آخر أبسط من ذلك: هل الأمر يستحق؟ هل من الضروري أن تدخل الصين في مفاضلة بين السودان والإمارات من أجل دعم مليشيات الجنجويد؟ الصين في غنى عن هذه المشكلة.
الرسالة التي يجب أن تصل إلى الصين هي أن الشعب في هذه الدولة الأفريقية المهمة يرفض وصول المسيرات الصينية إلى الجنجويد ويعتبر الصين مسئولة عن ذلك لأنها لم تمنع الإمارات من إيصال السلاح الصيني إلى الجنجويد. والهدف ضمان عدم وصول المزيد من الإسلحة من خلال إلزام الصين للإمارات بعدم إعادة تصدير السلاح إلى المليشيا. وهناك أصلا حظر للسلاح على دارفور من مجلس الأمن والموضوع برمته يثير إزعاجا دوليا للصين هي في غنى عنه.
حليم عباس