أزمة سكن متصاعدة في إسبانيا ومطالب بتدخل حكومي
تاريخ النشر: 10th, May 2025 GMT
مدريد- "الوضع تدهور كثيرا" جملة تختصر تجربة ليون فاسكيز الذي يسكن العاصمة الإسبانية مدريد منذ 10 سنوات، تنقل خلالها للعيش بين 5 مناطق مختلفة، والسبب الرئيسي كان ارتفاع أسعار الإيجار، أو كما يقال بالتعبير الإسباني "الأسعار تلامس الغيوم".
أول شقة سكنها ليون (27 عاما) كانت في منطقة لافابيس المتواضعة وسط العاصمة، بمساحة 32 مترا مربعا، بنافذة واحدة، وغرفتين بدون نوافذ.
"لم يكن هناك ضوء طبيعي، وكانت الرطوبة مرتفعة جدًا، كنت أدفع حينها 800 يورو شهريًا، وفي آخر مرة تحققتُ فيها، وجدتُ أن سعر تلك الشقة نفسها يقارب ألفي يورو"، يقول للجزيرة نت.
انتقل ليون لضواحي المدينة، واستأجر بدل الشقة غرفة ضمن سكن مع أصدقائه، وهو نظام معيشة بات مألوفا جدا هنا، "فمتوسط دخل الشباب لا يكفي لتغطية تكاليف المعيشة بشكل مستقل، لذا نرضى بظروفٍ سيئة. في البداية كان سعر الغرفة 250 يورو، ثم أصبح 350، ثم 450، والآن يتجاوز 600 يورو شهريا"، يضيف ليون.
وضمن حديثه للجزيرة نت، ذكر ليون قصة زميلته في الجامعة إيزيس، التي طردت من منزلها هي وجدها، بسبب أنها لم تتمكن من دفع إيجار السكن، لكنها في المقابل لم تجد بديلا في مدريد، فاضطرت لمغادرة المدينة.
إعلان مضاربات عقاريةيؤكد ليون الذي يعمل صحفيا، وتعمق في البحث في مشكلة الإيجار، أن الظروف المعيشة في مدريد قد لا تختلف بالضرورة عن بعض العواصم الأوروبية الأخرى، لكن إسبانيا تمتلك عوامل إضافية أسهمت بتعزيز مشكلة عدم توفر بيوت كافية تلبي حاجة الطلب المتزايدة، وهو ما يؤدي لارتفاع الأسعار بصورة مستمرة.
وتمثل قضية المضاربات العقارية -بحسب ليون- أحد أبرز الأسباب التي فاقمت مشكلة السكن، حيث تسيطر صناديق استثمارية على بعض العقارات القديمة أو المتعثرة التي تواجه صعوبة بالبيع أو التأجير، لتقوم بدورها برفع الأسعار، مما يضطر بعض سكانها لإخلاء العقار.
وتحت عنوان "الجزارون الذين يكسبون المال من بيع المباني" نشر موقع "لافابيس"، الذي ينشر أخبارا متعلقة بالحي نفسه الذي سكنه ليون من قبل، أن إحدى الشركات العقارية اشترت عقارا في الحي في أكتوبر/تشرين الأول 2023، مقابل 1.8 مليون يورو، وبعد 3 أيام فقط تم بيعه بـ2.65 مليون يورو.
ويؤكد ليون أن الحكومة الإسبانية قدمت بعض الحلول، كصناديق دعم الفئات الشابة، لكن الشروط التي تفرضها هذه الصناديق لا يتمكن الشباب من تحقيقها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة حاليا.
كذلك يؤكد "اتحاد المستأجرين" في مدريد، أن جميع القوانين الحالية تصب في صالح أصحاب العقارات فقط.
وفقًا لبيانات وزارة الإسكان الإسبانية، بلغ متوسط سعر استئجار المتر المربع في إسبانيا في نهاية عام 2024 نحو 12.18 يورو، مقارنة بـ 11.20 يورو في العام السابق، وهو ما يمثل زيادة سنوية بنسبة 9.53%، مع بقاء مستويات الأجور شبه مستقرة.
وبالنظر إلى أسعار الإيجارات، بلغ متوسط الإيجار الشهري في إسبانيا في الربع الأول من 2025 ما مقداره 1080 يورو، بحسب مؤشر Fotocasa، بينما لا يتعدى متوسط الدخل الشهري للفرد (بعد خصم قيمة الضرائب) 1750 يورو، وهذا يعني أن المواطن الإسباني يُضطر لإنفاق أكثر من 60% من دخله فقط على السكن.
إعلانولا تتوقف المشكلة عند هذا الحد:
ففي مدريد ارتفعت الإيجارات لتبلغ 23.4 يورو لكل متر مربع. وفي برشلونة بلغت 20.7 يورو لكل متر مربع، متفوقتان بذلك على عواصم أوروبية كبرى. أما في فالنسيا شرق إسبانيا، فقد تجاوز متوسط الإيجار الشهري ما قيمته 1600 يورو للمنزل في نهاية العام الماضي، بينما لم تتجاوز قيمة الإيجار 938 يورو قبل 5 سنوات، بحسب ما وضحت حركة "الاتحاد السكني في فالنسيا" للجزيرة نت.ويؤكد تقرير موقع “إيدياليستا”، وهو أحد المنصات المعتمدة للبحث عن أماكن للسكن في إسبانيا، أن الطلب المرتفع ونقص المعروض يفاقمان الأزمة، حيث يتم تأجير 14% من الوحدات خلال أقل من 24 ساعة من عرضها.
وما يزيد الأزمة تعقيدا، التوسع المستمر في الإيجارات السياحية التي تستنزف السوق السكني، إذ تشير تقديرات إلى أن أكثر من 400 ألف وحدة سكنية خُصصت لهذا الغرض، مما رفع الأسعار في مدن مثل ملقة جنوب البلاد بنسبة تصل إلى 31%.
دفعت الحالات المتشابهة بين العديد من المواطنين الإسبان إلى الخروج في مظاهرات احتجاجية في كبرى المدن الإسبانية، كان آخرها خلال أبريل/نيسان الماضي في أكثر من 40 مدينة، طالبوا فيها السلطات الإسبانية بالتدخل وإيجاد حل للمشكلة، بينما يستعد سكان بعض المدن -ومنها مدريد- للخروج في مظاهرات أخرى في مايو/أيار الحالي.
وينقل بابلو باربيرو الناطق باسم حركة "الاتحاد السكني في فالنسيا" الشعبية ذات التوجه اليساري، أن ظروف السكن الحالية في إسبانيا، تؤثر على استقلالية الشباب، وتدفع الطبقة العاملة للعيش في مناطق محددة خارج المدينة، كما تضطر بعض العائلات للعيش بنظام مشاركة الغرف لعدم قدرتها على استئجار منزل مستقل.
إعلانوتؤكد الحركة في حديثها للجزيرة نت أن القضية تبرز بشكل واضح في المدن ذات الجذب السياحي، حيث تخضع المساكن لأهداف استثمارية ويسعى ملاكها لجني أرباح طائلة، فيقومون بتحويل المنازل التي كانت مخصصة للإيجار العائلي إلى الإيجار السياحي.
ورغم أن الحكومة الإسبانية أقرت قانون "الحق في السكن" عام 2023 ووصفته حينها بـ"التاريخي"، بهدف تنظيم الإيجارات وحظر عمليات الإخلاء، فإن الحركة تؤكد أنه لم يتم تطبيق القانون بشكل كاف منذ ذلك الحين، حيث لا تزال عمليات الإخلاء بالقوة مستمرة وفي مستويات مرتفعة.
وترى الحركة أن الحل يكمن بتأسيس نقابات إسكان مستقلة، وتشكيل مجموعات تسعى للضغط على أصحاب العقارات والمشرعين، للحد من تنفيذ عمليات الإخلاء بالقوة، وتوفير سكن كريم لمن لا يستطيع ذلك.
وهو ما يؤكده أيضا "اتحاد المستأجرين" في مدريد، الذي تأسس كرد فعل على "الانتهاكات المستمرة التي يتعرض لها المستأجرون" حسب وصف القائمين عليه، حيث يرون أن السبيل الوحيد المتوفر حاليا هو إجراء مفاوضات ودية مع أصحاب العقارات الذين يضغطون على المستأجرين للإخلاء، لكنهم في الوقت نفسه يعملون على تفعيل وسائل أخرى كرفع الدعاوى أو تنفيذ إضرابات.
وفي حديثهم للجزيرة نت أكد المتحدثون باسم الاتحاد أنهم لم يتلقوا أي دعم من أي جهة سياسية، وأنهم فقدوا الأمل بالحصول على حل من خلال الحكومات، لكنهم يسعون بجهود أهلية جماعية لتحقيق هدفهم بالقضاء على ظاهرة التجارة بالإسكان، حسب قولهم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات للجزیرة نت فی فالنسیا فی إسبانیا فی مدرید
إقرأ أيضاً:
جدل سل حليب يربك المواطنين بكلميم ومطالب بتوضيحات من وزارة الفلاحة
زنقة 20 ا الرباط
وجه النائب البرلماني محمد صباري عن حزب الأصالة والمعاصرة، سؤالا كتابيا لوزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، عن حقيقة انتشار داء السل على مستوى الأبقار بإقليم كلميم، وعن التدابير التواصلية المتخذة على صعيد الإقليم.
وأفاد النائب البرلماني أن الأوساط المحلية بإقليم كلميم تعرف تداولا واسعا لمعطيات تفيد انتشار داء السل، وأن عددا كبيرا من المواطنين أصيبوا بهذا الداء بسبب تناول الحليب وما يرتبط به من مشتقات يتم عرضها في المحلبات المنتشرة بالمنطقة.
وأشار النائب البرلماني إلى أنه بالنظر لكون انتشار هذه الأخبار وإعطائها أكبر من حجمها، فإن ذلك أسهم في إرباك الرواج المحلي لدى المحلبات من جهة، وأثر سلبا على التعاونيات وصغار الفلاحين الذين يقومون بتربية الأبقار.
وشدد النائب البرلماني على ضرورة تنوير الساكنة المحلية، وتمكينها من المعلومة الصحيحة، وأخذا بعين الاعتبار الحفاظ على الصحة العامة من جهة، وعدم إلحاق الضرر بصغار الفلاحين وأصحاب المحلبات.