منزلة عظيمة .. علي جمعة: شكر الله أرقى من الصبر والرضا
تاريخ النشر: 10th, May 2025 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، ان للشكر منزلة عظيمة فهو أرقى من الصبر والرضا كما ذكر صاحب (غذاء الألباب): أن الصبر واجب بلا خلاف، وأرقى منه الرضا، وأرقى منهما الشكر، بأن ترى نفس الفقر مثلا نعمة من الله أنعم بها عليك، وأن له عليك شكرها.
والإكثار من الشكر مستحب خاصة عند تجدد النعمة، كما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يخر لله ساجدا شاكرا له عند سماع خبر فيه نصر أو خير.
وشكر الله يكون على وجهين: شكر العام، وشكر الخاص، فالعام الحمد باللسان، وأن تعرف أن النعمة من الله . والخاص الحمد باللسان والمعرفة بالقلب والخدمة بالأركان وحفظ الجوارح عما لا يحل، وعن محمد بن كعب: الشكر هو العمل، لقوله تعالى : {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} . أي لتحصلوا بأعمالكم الشكر الواجب عليكم.
والشكر لا يكون بالقلب والباطن فحسب، بل يكون بالجوارح فمن شكر الجوارح ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ : صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - حَتَّى انْتَفَخَتْ قَدَمَاهُ فَقِيلَ لَهُ : أَتَتَكَلَّفُ هَذَا وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ : « أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا ».
قال رجل لأبي حازم : مَا شُكْرُ الْعَيْنَيْنِ يَا أَبَا حَازِمٍ؟ قَالَ: إِنْ رَأَيْتَ بِهِمَا خَيْرًا أَعْلَنْتَهُ، وَإِنْ رَأَيْتَ بِهِمَا شَرًّا سَتَرْتَهُ.
قَالَ فَمَا شُكْرُ الْيَدَيْنِ؟ قَالَ: لَا تَأْخُذْ بِهِمَا مَا لَيْسَ لَهُمَا، وَلَا تَمْنَعْ حَقًّا لِلَّهِ هُوَ فِيهِمَا.
قَالَ فَمَا هُوَ شُكْرُ الْبَطْنِ؟ قَالَ: أَنْ يَكُونَ أَسْفَلَهُ طَعَامًا، وَأَعْلَاهُ عِلْمًا.
قَالَ فَمَا شُكْرُ الْفَرْجِ؟ قَالَ: كَمَا قَالَ تعالى :{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِين فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُون}.
قَالَ فَمَا شُكْرُ الرِّجْلَيْنِ؟ قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ حَيًّا غَبَطْتَهُ اسْتَعْمَلْتَ بِهِمَا عَمَلُهُ، وَإِنْ رَأَيْتَ مَيِّتًا مَقَتَّهُ كَفَفْتَهُمَا عَنْ عَمَلِهِ، وَأَنْتَ شَاكِرٌ لِلَّهِ.
فَأَمَّا مَنْ شَكَرَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَشْكُرْ بِجَمِيعِ أَعْضَائِهِ ؛ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ لَهُ كِسَاءٌ، فَأَخَذَ بِطَرْفِهِ وَلَمْ يَلْبَسْهُ، فَلَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ مِنَ الْحَرِّ، وَالْبَرَدِ، وَالثَّلْجِ، وَالْمَطَرِ .
وقال الجنيد –رحمه الله- : الشكر أن لا ترى نفسك أهلا للنعمة .
وهذا إشارة إلى حال من أحوال القلب على الخصوص، وكل منهم يقول بحسب الحال الغالب عليه أو بما يليق بالسائل.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الشكر لله الحمد والشكر لله علي جمعة
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: الخواطر منها ما هو شيطاني ويجب ألا نستجيب له ونقول «اذهب يا لعين»
كتب الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف منشورًا جديدًا عبر صفحته الرسمية على فيس بوك قال فيه إن أهل الله قسموا الخاطر إلى أربعة أنحاء:
أقسام الخاطر
وتابع: خاطر رحماني (من الرحمن )، وخاطر ملكي ( من المَلَكْ)، وخاطر نفساني (من نفس الإنسان)، وخاطر شيطاني ـ والعياذ بالله تعالى ـ على سبيل قوله تعالى: {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ }.
وأشار إلى أنه عندما يكون الخاطر بصورة طيبة، وفيه بشرى، وفيه تعليم للأدب مع الله، وفيه فتح، فهو من الرحمن "خاطر رحماني ".
وعندما يكون الخاطر فيه طمأنينة وسلام، وفيه روحٌ وريحانٌ وجنة نعيم، وفيه سعادة وانبساط، فهو من المَلَكْ "خاطر ملكي".
أما إذا كان الخاطر من نفسي (من نفس الإنسان) فقد يكون طيبًا، وقد لا يكون كذلك. والخاطر إذا كان مني فقد يتكرر؛ أي بعد أن تكون هذه الصورة قد خطرت لي – سواء كانت ملكية أو شيطانية- فإن النفس لها الطريقان: الخير والشر، فقد يتصور أنه خاطر نفساني من عندي، وقد تكون خيراً أو شراً. لكن إذا ذهب وزال، ثم عاد مرة أخرى، ثم زال، ثم عاد مرة اخرى، ثم زال، ثم عاد مرة ثالثة، علمت أنه من نفسي؛ لأن الشيطان وسواس خناس، يوسوس ويذهب، أما النفس التي بين جنبي فهى تكرر وتلح، فهي أمارة، تأمر مرة بعد مرة بعد مرة؛ فالتكرار يدل على أنه "خاطر نفساني" لا من الشيطان، وعدم التكرار يدل على أنه من الشيطان لا من النفس.
وأشار إلى أن "الخاطر الشيطاني" فإنه يريد الفتنة بأي وسيلة. وفي هذا المقام يحكى لنا الشيخ عبد القادر الجيلاني شيئًا يفيدنا في طريقنا إلى الله .
يقول: كنتُ فى الخلوة -وعرفنا ما الخلوة: مثل غار حراء, ومثل قضية الاعتكاف، خلوة يذكر فيها العبد ربه ويقل فيها الأنام والمنام والكلام والطعام- فإذ بالخلوة تمتلئ نورًا ما رأيتُ أجمل منه، وسمعتُ صوتًا ما سَمِعْتُ أحلى منه من قَبْل -سمع صوتًا جميلًا وملأ كيان الخلوة - قال: يا عبد القادر. فقلت: لبيك ربى لبيك، قال: يا عبد القادر لقد قَرَّبْنَاك وأحببناك، قال: فشعرتُ أنني أذوبُ كما يَذُوبُ الْمِلْحُ في الماء، قال: يا عبد القادر أحللنا لك الحرام. - وبعض الناس إذا سمع مثل هذه التُرَّهات يظن أن التكليف قد سقط عنه- فقال: اذهب يا لعين. – فقد عرف أن هذا من تلبيس إبليس، وأن الشيطان يفعل هذه الأفاعيل مع السالك في طريق الله ليصده عن ذلك الطريق أو يشوش عليه-. فانطفأ النور، وسمعتُ صوتًا لم أسمع أقبحَ منه من قَبْل، وهو يقول: عِلْمُكَ نَجَّاكَ يا عبدَ القادر، لقد أَخْرَجْتُ بها سبعين وليًا من ديوان الولاية. وهذا يعني أن هناك من الناس -والعياذ بالله- من يُطيعون هذه التُرَّهات .
إذًا: الخواطر منها ما هو شيطاني، ولذلك يجب ألا نستجيب له، وأن نتعلم من أسيادنا الأكابر كلمة: "اذهب يا لعين". فلو كان مراد الله إسقاط التكليف، لأسقطه عن سيد الأولين ﷺ الذى قال فيه: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}، أي حتى يأتيك الموت .
فالخاطرإذا جاء طيبًا، أفاد وأسعد ووجّه وعلّم، وإذا كان غير ذلك، آلم وأضر وضايق، ويجب عليّ ألا أتمادى في تلك الخواطر غير الطيبة .