11 مايو، 2025

بغداد/المسلة: يتوجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاثنين الى الشرق الأوسط في زيارة تشمل السعودية وقطر والامارات، ويأمل خلالها في أن يبرم على الأقل صفقات تجارية كبرى، في ظل الصعوبات التي تواجه تحقيق تسويات للنزاعات الاقليمية.

وأكد البيت الأبيض أن ترامب يتطلع لـ”عودة تاريخية” الى المنطقة، في أبرز زيارة خارجية يجريها منذ عودته الى البيت الأبيض مطلع العام الحالي، وستطغى عليها الحرب في غزة والمباحثات النووية مع إيران.

في مطلع ولايته الأولى قبل ثمانية أعوام، اختار ترامب الرياض محطة خارجية أولى له في زيارة طبعتها صورة له وللملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يضعون أيديهم على بلورة متوهجة.

ويؤشر قرار ترامب مجددا تخطي الحلفاء الغربيين التقليديين واختيار دول الخليج كمحطة خارجية أولى له (باستثناء زيارته الفاتيكان للمشاركة في تشييع البابا فرنسيس)، الدور الجيوسياسي المتزايد الذي تحظى به هذه البلدان الثرية، إضافة الى مصالحه التجارية الخاصة في المنطقة.

ويقول مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية جون ألتمان “يصعب علي أن أتجنّب فكرة بأن الرئيس ترامب يزور الخليج لمجرد أنه يشعر بالسعادة في هذه المنطقة”.

ويتابع “سيكون مستقبلوه كرماء ومضيافين. سيتطلعون لعقد صفقات. سيكيلون له المديح ولن ينتقدونه، وسيعاملون أفراد عائلته على أنهم شركاء تجاريون في الماضي والمستقبل”.

“عودة تاريخية”
ويتوقع أن تقدم الرياض وأبوظبي والدوحة أفضل ما لديها لاستقبال الرئيس الجمهوري البالغ 78 عاما.

وإضافة الى الترحيب الحار والمراسم الاحتفالية بالزائر الأميركي، يتوقع أن تبرم الدول الثلاث صفقات مع إدارة ترامب تشمل مجالات الدفاع والنقل الجوي والطاقة والذكاء الاصطناعي.

وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت الجمعة أن “الرئيس يتطلع لبدء عودته التاريخية الى الشرق الأوسط”، وذلك للترويج لرؤية سياسية “يهزم فيها التطرف لصالح التبادلات التجارية والثقافية”.

على رغم ذلك، لن يكون في مقدور ترامب تجنّب القائمة الطويلة من الأزمات الاقليمية، بما في ذلك الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، والتوتر مع المتمردين الحوثيين في اليمن، والمرحلة الانتقالية في سوريا عقب الاطاحة بالرئيس بشار الأسد.

وأدت دول الخليج أدوارا جيوسياسية متزايدة في الولاية الثانية لترامب، اذ تشارك قطر في جهود الوساطة بين إسرائيل وحماس بشأن غزة، بينما استضافت السعودية مباحثات متعددة الأطراف بشأن الحرب في أوكرانيا.

وتقول الباحثة في معهد دول الخليج العربي في واشنطن آنا جايكوبز “يأتي ترامب الى الخليج أولا لأن المنطقة أصبحت مركز ثقل جيوسياسي ومالي”.

وسيلتقي ترامب في الرياض قادة الدول الست لمجلس التعاون الخليجي.

الا أن جدول الزيارة الاقليمية لا يشمل إسرائيل، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط.

وأثار استبعاد الدولة العبرية تساؤلات بشأن توتر محتمل بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنامين نتانياهو.

وجعلت إسرائيل من موعد الزيارة مهلة لمساعي التوصل الى اتفاق لوقف إطلاق النار مع حماس في غزة، ملوّحة في حال فشل ذلك بتوسيع عملياتها العسكرية في القطاع تمهيدا “للسيطرة” عليه.

ويبدو أن ترامب يعتمد بشكل متزايد أسلوب عدم التدخل في هذه المسألة، على رغم إعلان السفير الأميركي لدى إسرائيل هذا الأسبوع، أن بلاده تعدّ خطة لإيصال المساعدات الى غزة من دون مشاركة الدولة العبرية التي أطبقت حصارها على غزة مطلع آذار/مارس.

ويتوقع أن مساعي ترامب منذ ولايته الأولى لابرام اتفاق تطبيع بين السعودية وإسرائيل، ستبقى على نار هادئة طالما أن الرياض تشدد على تحقيق تقدم نحو إقامة دولة فلسطينية قبل أي اتفاق مع الدولة العبرية.

في المقابل، سيكون الملف النووي الإيراني في مرتبة متقدمة على جدول أعمال الزيارة، خصوصا أن واشنطن وطهران ستعقدان في مسقط الأحد، جولة رابعة من المباحثات بهذا الشأن.

الا أن الجمهورية الإسلامية حذرت الرئيس الأميركي من مغبة تغيير التسمية الرسمية للخليج، بعدما أفادت تقارير صحافية بأنّه يعتزم إطلاق اسم “الخليج العربي” أو “خليج العرب” على المسطح المائي الذي تعتبره إيران “الخليج الفارسي” منذ قرون عدة.

“سخافة”
وتثير زيارة ترامب تساؤلات بشأن تضارب المصالح بين استثماراته الخاصة والعلاقات السياسية مع دول ثرية.

وفي حين شدد البيت الأبيض على أن الأعمال التجارية لترامب وعائلته لن تكون موضع بحث خلال زيارة الرئيس الأميركي، الا أن بعض الاتفاقات المبرمة في الآونة الأخيرة تترك مجالا للتساؤل.

ووقعت “مؤسسة ترامب” في آذار/مارس أول اتفاق تطوير عقاري لها في قطر، تضمّن بناء ملعب غولف وفلل سكنية. كما أطلقت المؤسسة تفاصيل بشأن مشروع بناء ناطحة سحاب في دبي بكلفة مليارات الدولارات، يمكن استخدام العملات الرقمية في شراء شقق فيها.

وعلى رغم حضور نجل ترامب إريك الى الدوحة ودبي للترويج لهذه الصفقات، وتأكيد شقيقه دونالد جونيور ضرورة تحقيق إيرادات من شعار “لنجعل أميركا عظيمة مجددا” الذي يرفعه الرئيس الأميركي، يصرّ البيت الأبيض على الفصل بين السياسة والمصالح التجارية.

وقالت ليفيت “من السخافة بمكان أن يلمّح أي كان فعلا الى أن الرئيس ترامب يقوم بأي شيء لمصلحته الخاصة”.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: الرئیس الأمیرکی الشرق الأوسط البیت الأبیض

إقرأ أيضاً:

هل يفوز ترامب على جبهة السياسة الاقتصادية؟

بعد مرور ستة أشهر مند تولى رئاسته الثانية؛ من الإنصاف أن نقول: إن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب فاز بكل شيء عندما يتعلق الأمر بالسياسة الاقتصادية على الأقل وفقا للمعايير التي وضعها لنفسه. الحق أنه فرض إرادته إلى درجة لم يتسن لأي رئيس آخر بعد الحرب العالمية الثانية تحقيقها، ربما باستثناء رونالد ريجان.

بادئ ذي بدء نجح ترمب في تمرير قانونه «مشروع قانون واحد كبير وجميل» على الرغم من الأغلبية الضئيلة للغاية في مجلس النواب، والتوقعات الجديرة بالثقة بأن تضيف حزمة الضرائب والإنفاق التي وقعها ترمب أكثر من 3 تريليونات دولار إلى العجز الفيدرالي على مدار العقد المقبل (لو لم تحدث طفرة اقتصادية خارقة مدفوعة بالذكاء الاصطناعي). وأصبحت حدود الولايات المتحدة الجنوبية الآن أكثر إحكاما مما كانت لعقود من الزمن. وفيما يتعلق بالتعريفات الجمركية على وجه الخصوص نال ترمب مُـراده؛ فقد استسلمت أوروبا واليابان فعليا بالموافقة على إزالة الحواجز التجارية من جانبيهما مع قبول تعريفة أمريكية بنسبة 15% على صادراتهما. بالنظر إلى هذه الشروط المهينة؛ كان من السخف بدرجة مخزية أن نرى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاينتشيد تعتبر الاتفاق نجاحا لمجرد تَـراجُع ترمب عن تهديده الأولي بفرض تعريفة جمركية بنسبة 30%. كما التزم كل من الاتحاد الأوروبي واليابان باستثمار مئات المليارات من الدولارات في الاقتصاد الأمريكي في حين فَـرَضَ ترمب تأثيرا كبيرا على المكان الذي ستوجه إليه هذه الأموال.

من الواضح أن شخصية «رجل التعريفات» التي اختارها لنفسه أثارت أعصاب قادة العالم الذين فشل كثيرون منهم في إدراك حقيقة مفادها أن تهديداته لم تكن قابلة للاستمرار في الأمد البعيد. والآن بالنظر إلى الأحداث بعد وقوعها؛ كان من الأفضل لهم ألّا ينساقوا لخداعه. ولكن بدلا من ذلك أعلن ترمب يوم الخميس عن فرض رسوم جمركية جديدة على كل دول العالم تقريبا. وبينما كان صُـنّاع السياسات في أوروبا مشغولين بالتخفيف من تأثير تهديدات التعريفة الجمركية الأمريكية؛ دفع ترمب بتشريعات تهدف إلى إدخال العملات الرقمية المشفرة إلى النظام المالي السائد مع الحد الأدنى من الرقابة.

ومن المثير للدهشة أنه على الرغم من الحيازات من العملات الرقمية المشفرة التي تقدر بمليارات الدولارات، والتي تمتلكها عائلة ترمب؛ لم يُظهر الكونجرس أي قدر يُـذكَر من الاهتمام بالتحقيق في تضارب المصالح الصارخ من جانب الرئيس. الواقع أن ترمب واجه تدقيقا علنيا بسبب إخفاء ملفات جيفري إبستين أكبر من ذلك الذي واجهه بسبب تعاملاته في مجال العملات الرقمية. من المؤكد أن GENIUS Act «قانون جينيوس» يحتوي على بعض الأفكار الجديرة بالاهتمام. يتطلب أحد بنوده -على سبيل المثال- أن تكون العملات المستقرة ــ وهي العملات الرقمية المربوطة بعملة أو سلعة تقليدية عادة ما تكون الدولار الأمريكي ــ مدعومة بأصول آمنة وسائلة. ولكن في مجمل الأمر؛ بدلا من وضع مبادئ توجيهية واضحة لترويض غرب العملات الرقمية المتوحش لا يرقى قانون جينيوس إلى كونه أكثر من مجرد هيكل تنظيمي.

وكما أشار كثيرون من المنتقدين؛ فإن إطار عمل العملات المستقرة الذي وضعه ترمب يحمل أوجه تشابه مذهلة مع حقبة الصيرفة الحرة في القرن التاسع عشر عندما لم يكن لدى الولايات المتحدة بنك مركزي. في ذلك الوقت كانت البنوك الخاصة تُـصدر عملاتها الخاصة المدعومة بالدولار، وكان ذلك ينطوي على عواقب كارثية مثل الاحتيال، وانعدام الاستقرار، والتكالب المتكرر من جانب المودعين لاسترداد الودائع من البنوك. ومع توقع إغراق السوق بالآلاف من العملات المستقرة؛ من المحتم أن تظهر مشكلات مماثلة.

ومع ذلك قد لا تخلو بعض الانتقادات من مبالغة؛ حيث إن جهات الإصدار الرائدة اليوم أكثر شفافية وأفضل رسملة من نظيراتها في القرن التاسع عشر.

تتمثل مشكلة أكثر إلحاحا، ولا تحظى بالتقدير الواجب في حقيقة مفادها أن التشريع الجديد سيجعل من الأسهل كثيرا استخدام العملات المستقرة القائمة على الدولار للتهرب الضريبي. وفي حين تشكل العملات الورقية ذات الفئات الكبيرة تحديات مماثلة فإن حجم التهديد الذي تشكله العملات المستقرة أكبر كثيرا. ولكن على الرغم من هذه المخاطر حصل ترامب مرة أخرى على التشريع الذي أراده بالضبط. لحسن الحظ؛ ظل الاقتصاد الأمريكي صامدا وسط حالة انعدام اليقين، والفوضى التي أطلقت لها العنان حرب ترامب الجمركية. ورغم أن النمو يبدو في تباطؤ، وأن تقرير الوظائف عن شهر يوليو كان ضعيفا ــ وهي حقيقة ثابتة لن تغيرها إقالة ترمب للتكنوقراطي المسؤول عن إنتاج هذه البيانات ـ؛ فإن بيانات الربع الثاني تُـظهِـر أن الولايات المتحدة لم تدخل بعد حالة الركود.

على نحو مماثل؛ لم تتسبب التعريفات الجمركية المرتفعة حتى الآن في زيادة التضخم المحلي، والولايات المتحدة في طريقها لتحصيل 300 مليار دولار من عائدات التعريفات الجمركية في عام 2025. حتى الآن؛ كان المستوردون مترددين في تمرير هذه التكاليف إلى المستهلكين، ولكن قد يتغير ذلك إذا ما انتهت حرب التعريفات الجمركية الحالية، حتى إن بعض المحللين زعموا أن النجاح الواضح الذي حققته سياسات ترامب غير التقليدية يثبت أن النماذج الاقتصادية التقليدية خاطئة، وأنا أشك في ذلك برغم أن الحكم على الأمر برمته لا يزال معلقا. بيد أن هذا التفاؤل في الأمد القريب يتجاهل العواقب البعيدة الأمد؛ ففي حين كانت بعض سياسات الرئيس السابق جو بايدن ضارة حذر عدد كبير من أهل الاقتصاد من أن التدابير التي يتخذها ترامب قد تكون مدمرة للمؤسسات الأمريكية، والنظام الاقتصادي العالمي. الأمر الأكثر أهمية هو أن سيادة القانون ستضعف بشدة إذا سُمح للسلطات الرئاسية الموسعة التي اغتصبها ترامب بأن تُـصبِـح دائمة. ونحن مُـقدِمون على اختبار كبير إذا قررت المحكمة العليا في نهاية المطاف أن ترامب يفتقر إلى سلطة فرض الرسوم الجمركية دون موافقة الكونجرس. إذا صمدت تعريفات ترامب الجمركية الشاملة فقد تخلف تأثيرات بعيدة الأمد على النمو الأمريكي، ومن غير المرجح أن تتسامح بقية دول العالم مع سياسات الحماية التي ينتهجها ترامب إلى أجل غير مسمى، وإذا بدت ضعيفة لأي سبب من الأسباب فتوقعوا أن ترد الحكومات الأجنبية بفرض رسوم جمركية كاسحة من جانبها. وقد يضاعف مشروع القانون الجميل الكبير من الضرر؛ فَـيُـفضي إلى دورة من أسعار الفائدة الأعلى، والتضخم المرتفع، والقمع المالي.

ومع ذلك؛ ينبغي لنا أن نعطي ترامب حقه، ونعترف بأن رئاسته الثانية انطلقت في بداية أقوى كثيرا مما كان لأي شخص تقريبا ـ باستثناء ترامب نفسه، وأكثر أعوانه حماسة ـ أن يتخيل قبل ستة أشهر. ولا ينبغي لنا ألا نتفاجأ بما سيأتي بعد ذلك أياً كان، وقد يكون هذا هو الجزء الأكثر إثارة للرعب في الأمر.

كينيث روجوف أستاذ الاقتصاد والسياسات العامة في جامعة هارفارد، وحائز على جائزة دويتشه بنك في الاقتصاد المالي لعام ٢٠١١. وهو المؤلف المشارك (مع كارمن م. راينهارت) لكتاب «هذه المرة مختلفة: ثمانية قرون من الحماقة المالية».

خدمة بروجيكت سنديكيت

مقالات مشابهة

  • هل يفوز ترامب على جبهة السياسة الاقتصادية؟
  • القبة الحرارية تسبب موجة حر قياسية في الشرق الأوسط
  • نائب الرئيس الأميركي: نعمل على لقاء بين بوتين وزيلينسكي
  • مجلة بريطانية: لماذا ينقلب اليمين الأميركي على إسرائيل؟
  • تقرير عبري يتحدث عن تهديد أردوغان لـحلم تل أبيب في الشرق الأوسط
  • من سايكس-بيكو إلى ترامب-نتنياهو: تقسيم المقسّم في مشروع الشرق الأوسط الجديد
  • تروكولر تتجاوز 100 مليون مستخدم نشط شهريا في الشرق الأوسط وأفريقيا
  • محمد رمضان يكشف عن زيارته لعائلة الرئيس الأميركي دونالد ترامب
  • مسار الرياض -جدة يتصدر أزحم المسارات الجوية في الشرق الأوسط..فيديو
  • قبة حرارية تحاصر الشرق الأوسط وتهدد سكانه