فيما يبدو أنَّ العالم تحت إمرة اللكيود وسيليكون فالي سخيًّا في شرِّه؛ فهو يقول لك: لِمَ تمانع في تناول أكثرَ مِنْ شر أو تهديد؟! بينما في وسعك تناول أكثر؛ خُذ واحدًا، وستحصلُ على الثاني هدية أو ربما الثالث أيضًا! وهو في ظاهره تخيير، لكن في باطنه إرغام.. فالسادة الذين يملكون السلاح النووي وحاملات الطائرات لا يميلون لمنحك الخيار؛ إلا خيار يتم طرحه على طاولة أنْ تختار بين: السئ والأسوأ!

هكذا أخبر عنهم حميد: “لسّع في أوروبا الغنيانة.

. فقرانة روح دار تنسلى”
فبينما واجهت الفاشر، والجزيرة، والخرطوم، وسنار سيول من البرابرة الذين خرجوا لتوِّهم من كهوف تقبع خلف التاريخ.. وقالوا أنّ القتل في شريعة هولاكو الجديدة تحت طائلة: الكفر بالديمقراطية! كان الرجال المتعفنين الذين يرتدون ربطات العنق من أصحابِ مشاريع التنوير يقولون: هذا جيد.. “هذا ما نُريدهُ” -على طريقة طارق جيبو-. ثم يقولون للجنجويديِّ الخارج من كهف يقبع خلف التاريخ: ألا ترى ذلك الرجل النحيل وهو يجلسُ القرفصاء في هدوءٍ أعلى الترعة، ويبدو مُحبًا لأرضهِ وعائلتهِ.. ألا ترى أنّه يُشبه الكيزان الفلول – جرت لاحقًا على ألسنة الرجال الخارجين من كهوف تقبع خلف التاريخ “الكيسان الفيلول”-.. لِمَ لا تمارس فيه هوايتك المُحبّبة إلى نفسك؟! الذبح مِنْ الوريد إلى الوريد! والجنجويديّ بعد الذبح يجرّدك من كل شئ إلاّ دمك المسفوك يتركهُ للأرض.. والحمد لله أنّ الدم يبقى على الأرض ليشهد.

يقولُ الرجال المتعفنون الذين يرتدون المعاطف وربطات العنق: يا للهول متى حدث كل ذلك؟ اللعنة على الحرب! اللعنة على الحرب! سلموا الجنجويد أرضكم، ونساءكم، وأفتحوا الطريق أمام العقالات المتصيهنة لتنصب خيامها.. نضمن لكم العيش بأمان!
كانت هذه إذًا الهجمة على نسختها الأولى.. وهي النسخة التي تقف عندها الفاشر رأس الرمح في درب الصمود الأسطوري.

وكما كنا قد قلنا أنّ عالم اليوم سخيٌّ في شروره.. فهو يحاول استبدال البريرية على نسختها القديمة، ببربرية محدّثة. حيثُ الأحصنة الهوائية (المسيرات)، والكلام عبر البرق، والرسائل المشفّرة عبر الهواء.. وتكنولوجيا رهيبة لا قِبل لنا بها! تكنولوجيا مدهشة.. وهي ذات الدهشة التي اجتاحت الأفريقي وهو يفتحُ عيناه بكاملِ اتساعهما وهو يرى البيبل لأول مرة، ووالسلاح الناري لأول مرة، والسفن الشراعية الضخمة لأول مرة، وبراميل النبيذ المعتّق لأول مرة!
بيد أنّ البجا اختاروا القرار الصائبَ في دربِ المقاومة الطويل؛ والذي يبدأُ بقتلِ الخوف والذعر أولًا وقبل كل شئ. فبينما تأتي الأحصنة الهوائية لتلقي قنابلها وصواريخها المُدمِّرة.. كانت حفلاتهم الساهرة ينطلقُ منها النغم الحنون، وكانوا يأدون أفراحهم على طريقتهم -وكما اعتادوا تأديتها-، وعند الصباح رأى العالم تدافعهم المحموم لإخمادِ الحرائق.. بينما كانت تتهيأ النار لإلتهام كل شئ.

والصراع على السواحل أشدُ فتكًا من غزو الهمج القادمين من أصقاع أفريقيا؛ فعند السواحل دائمًا ما كانت تنفتحُ شهية الأمم ذات الطبيعة العدوانية أو اللصوصية.. فيأتي الصلبيون والفرنجة، ويأتي السلطان العثماني الجديد الذي كان قد قدّم سوريا قربانًا للعبرانيين منذ أشهر، ويأتي شيوخ النفط والغاز المتخمين بخيامهم. ولا نستبعد أنْ يأتي الألوف مِنْ الأمم المجنونة من القوقاز وآسيا الوسطى لتكرار تجربتهم التي تحوّلت إلى هواية يوم ذبحوا العشرات من أبناء الساحل السوري بتهمة “العلوية”!

غير أنّ التاريخ لم يقبل بمسلّمة عُلُوّ القوّةِ على الحقّ؛ لم يقضي بانتصار الأولى؛ إذ شهدت البشرية على أنّ رجالًا حفاةً عراةً وجوعى في فيتنام تمكّنوا من دحر أعظم إمبراطورية عسكرية عرفها التاريخ؛ بل مرّغوا أنفها في التراب. ذات الإمبراطورية التي تجرّعت الويلات بين جبال الأفغان وخرجت تُجرجر أذيال الخيبة. هي ذات الإمبراطورية التي ظنّت أنّها ملكت الشرق الأوسط بنفطهِ وغازهِ وآدمييه، وظلّت تعربدُ على البحر الأحمر، وتمدّ السلاح عبر سفنها لمن شاءت؛ لا سِيّما الدولة العبرية.. حتى أنطلق صاروخ من أرض اليمن قاطعٌ مئات الكيلومترات لمطار بن غوريون فارتعدت على إثره تل أبيب كما لم يرتعد كيانها من قبل. وظنّت بربرية “روما الجديدة” أنّ بإمكانها تأديب أنصار الله بتدمير ميناء الحديدة، وشن المزيد من الغارات الهمجية المُدمِّرة ولا شئ سوى أنّ اليمنيين باتوا أكثر صلابة، وعقدوا العزم على أنْ تُغادر الفرقاطات وحاملات الطائرات الأمريكية مياههم.. ولا سبيل سوى أنْ تُغادر. ولا ثمة كلمات لتصف المجاهدين الأحرار الذين لا يزالون يقاومون العدوان الفتاك من تحت الركام في غزّة.

الثابت بين أولئك أنّه لم يكن بين صفوفهم رجال المساومات؛ أولئك الذين يعقدون الصفقات ليلًا. خاضوا معاركهم وفق الرؤية الكلية للصراع، ونذروا في سبيل ذلك أغلى ما يملكون.. فكان الله في عونهم وإلى جانبهم

محمد أحمد عبد السلام

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: لأول مرة

إقرأ أيضاً:

مأزق حواضن الجنجويد

□ اليوم عبد الرحيم دقلو في النهود ليقدم لهم العزاء والمواساة والاعتذار عن ما بدر من القوة التي دخلت النهود، هذه القوة قتلت أكثر من ثلاثمائة من أبناء النهود وسرقت أربعمائة وخمسون شاحنة محملة بالفول السوداني ومئات من عربات المواطنين والكارثة الكبرى تم إختطاف فتيات من المدينة وتهريبهن إلى دول الجوار.

□ أحد الخاطفين يقول لوالد البنت المخطوفة، ووالدها من الحمر ومن القادة الذين دخلوا المدينة مع الدعم السريع، يقول له زميله بالدعم السريع والذي خطف البنت وهو من غرب أفريقيا (بتك معاي وكان راجل تعال شيلها).. فأصبح والد البنت كالمجنون لأنه كان على رأس القوة الغازية لمدينة النهود…

□ مأزق الدعم السريع هو عندما وافق على خوض هذه الحرب تحت شعارات مختلفة منها (الديمقراطية، قضية الهامش، الجلابة، الفلول و…) تفاجأ أثناء الحرب بأشياء غريبة، وتحدث عقلاؤهم بذلك، ولكن كان قد فات الأوان بالنسبة لأبناء المليشيا السودانيين ومن ضمن هذه الأشياء، على سبيل المثال لا الحصر:

١- المرتزقة الذين جاؤوا من غرب أفريقيا كان همهم السرقة وخطف البنات. والمليشيا ترى ذلك ولا تسطيع منعهم…

٢- هناك فرق متخصصة من جنسيات مختلفة وهم خبراء (روس وكولمبيون وأوروربيون) قاموا بتفكيك كل الأجهزة الطبية بكل المستشفيات..

٣- هناك فرق فككت المصانع ببحري ومصنع سكر سنار ومحالج القطن بالجزيرة..
٤- هناك فرق فككت ورحلت الآثار..

٥- هناك فرق أخذت كل ما موجود بمراكز البحوث والمعامل بما في ذلك معمل إستاك..
والقائمة تطول وشملت محولات الكهرباء والأسلاك الكهربائية ومعدات معالجة محطات المياه..
تبين للجنجويد. فيما بعد، أن هناك يد خفية إستخدمتهم كواجهة ولكنها نفذت مخطط لا يتماشى مع شعارهم المرفوع وهو *قضية الهامش* واكسسواراتها من (ديمقراطية وفلول وجلابة وتقسيم الثروة) والشيء الذي إنتبهوا له، بعد فوات الأوان، هو *أن الحبوب التي كانت تصرف لهم* بذريعة زيادة النشاط والحركة والتركيز قد سببت لهم *فشل كلوي* نعم فشل كلوي وأمراض أخرى، وخوفاً من الشماتة لم يصرحوا بذلك..

هنا إنتبهت الحواضن إلى أمر خطير وهو أن الجهة الخفية التي تدير الحرب تريد السودان *خالياً من السكان* لو نجح، لا قدر الله، مخطط إستيلاء الجنجويد على السلطة كانت المرحلة القادمة هي قتل الجنجويد وإبادتهم وهم الآن قد بلعوا الطعم ولن يعمروا طويلاً والأيام ستثبت ذلك…

والمأزق الكبير هو أن كل ما تم من دمار وخراب وما سيحدث بواسطة اليد الخفية ينسب إلى حواضن الجنجويد الذين إستخدمتهم هذه اليد الملعونة كقفاز لتنفيذ الأعمال القذرة… وبذا كسبوا عداوة الدهر من قبل الشعب السوداني..

هل تعلم أن المخطط كان يشمل حتى إغتيال العلماء والنوابغ من الشعب السوداني تماماً كما حدث بالعراق وأن هناك قوائم كانت معدة مسبقاً ولكن الله سلم…

الحمد لله الذي سخر الجيش السوداني لصد هذا العدوان ولم يعطي الفرصة لمحدثهم الرسمي ليكرر كلمة برايمر حاكم العراق بعد الغزو الذي وقف أمام الكاميرات وقال (*لم نترك في العراق شيئاً ذا قيمة*) والآن عقلاء الجنجويد إنتبهوا لذلك وها هو عبد الرحيم كما ذكرنا بالنهود، لإصلاح ما أفسده بيده بجلب مرتزقة تعيث فساداً حتى في حواضنهم فأصبحت خطراً عليهم ونقول له *يداك أوكتا وفوك نفخ* … *والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون.

** متداول

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • رمم القحاتة توابع الجنجويد ديل مؤذيين جداً
  • شروط صارمة تخنق سلاسل إمداد الصين لأول مرة في التاريخ
  • لانا الشريف وجه الطفولة بغزة الذي شوهته الحرب الإسرائيلية
  • «لأول مرة في التاريخ».. كيف حجزت 6 أندية إنجليزية مقعدها في دوري أبطال أوروبا 2025-2026؟
  • مأزق حواضن الجنجويد
  • غزة.. الحصول على وسائل المعيشة
  • بيولي يغادر أسوار النصر
  • بوقرة: “منتخب غامبيا يسعى لكتابة التاريخ بالتأهل لأول مرة لـ”الشان””.
  • قوة عسكرية مصرية في موسكو لأول مرة في التاريخ.. تعرف على القوة المشاركة في عرض عيد النصر الروسي