بينما خيول الجنجويد الهمجية تموتُ على أسوار الفاشر، كان البجا يقتلون الخوف القادم من السواحل!
تاريخ النشر: 11th, May 2025 GMT
فيما يبدو أنَّ العالم تحت إمرة اللكيود وسيليكون فالي سخيًّا في شرِّه؛ فهو يقول لك: لِمَ تمانع في تناول أكثرَ مِنْ شر أو تهديد؟! بينما في وسعك تناول أكثر؛ خُذ واحدًا، وستحصلُ على الثاني هدية أو ربما الثالث أيضًا! وهو في ظاهره تخيير، لكن في باطنه إرغام.. فالسادة الذين يملكون السلاح النووي وحاملات الطائرات لا يميلون لمنحك الخيار؛ إلا خيار يتم طرحه على طاولة أنْ تختار بين: السئ والأسوأ!
هكذا أخبر عنهم حميد: “لسّع في أوروبا الغنيانة.
فبينما واجهت الفاشر، والجزيرة، والخرطوم، وسنار سيول من البرابرة الذين خرجوا لتوِّهم من كهوف تقبع خلف التاريخ.. وقالوا أنّ القتل في شريعة هولاكو الجديدة تحت طائلة: الكفر بالديمقراطية! كان الرجال المتعفنين الذين يرتدون ربطات العنق من أصحابِ مشاريع التنوير يقولون: هذا جيد.. “هذا ما نُريدهُ” -على طريقة طارق جيبو-. ثم يقولون للجنجويديِّ الخارج من كهف يقبع خلف التاريخ: ألا ترى ذلك الرجل النحيل وهو يجلسُ القرفصاء في هدوءٍ أعلى الترعة، ويبدو مُحبًا لأرضهِ وعائلتهِ.. ألا ترى أنّه يُشبه الكيزان الفلول – جرت لاحقًا على ألسنة الرجال الخارجين من كهوف تقبع خلف التاريخ “الكيسان الفيلول”-.. لِمَ لا تمارس فيه هوايتك المُحبّبة إلى نفسك؟! الذبح مِنْ الوريد إلى الوريد! والجنجويديّ بعد الذبح يجرّدك من كل شئ إلاّ دمك المسفوك يتركهُ للأرض.. والحمد لله أنّ الدم يبقى على الأرض ليشهد.
يقولُ الرجال المتعفنون الذين يرتدون المعاطف وربطات العنق: يا للهول متى حدث كل ذلك؟ اللعنة على الحرب! اللعنة على الحرب! سلموا الجنجويد أرضكم، ونساءكم، وأفتحوا الطريق أمام العقالات المتصيهنة لتنصب خيامها.. نضمن لكم العيش بأمان!
كانت هذه إذًا الهجمة على نسختها الأولى.. وهي النسخة التي تقف عندها الفاشر رأس الرمح في درب الصمود الأسطوري.
وكما كنا قد قلنا أنّ عالم اليوم سخيٌّ في شروره.. فهو يحاول استبدال البريرية على نسختها القديمة، ببربرية محدّثة. حيثُ الأحصنة الهوائية (المسيرات)، والكلام عبر البرق، والرسائل المشفّرة عبر الهواء.. وتكنولوجيا رهيبة لا قِبل لنا بها! تكنولوجيا مدهشة.. وهي ذات الدهشة التي اجتاحت الأفريقي وهو يفتحُ عيناه بكاملِ اتساعهما وهو يرى البيبل لأول مرة، ووالسلاح الناري لأول مرة، والسفن الشراعية الضخمة لأول مرة، وبراميل النبيذ المعتّق لأول مرة!
بيد أنّ البجا اختاروا القرار الصائبَ في دربِ المقاومة الطويل؛ والذي يبدأُ بقتلِ الخوف والذعر أولًا وقبل كل شئ. فبينما تأتي الأحصنة الهوائية لتلقي قنابلها وصواريخها المُدمِّرة.. كانت حفلاتهم الساهرة ينطلقُ منها النغم الحنون، وكانوا يأدون أفراحهم على طريقتهم -وكما اعتادوا تأديتها-، وعند الصباح رأى العالم تدافعهم المحموم لإخمادِ الحرائق.. بينما كانت تتهيأ النار لإلتهام كل شئ.
والصراع على السواحل أشدُ فتكًا من غزو الهمج القادمين من أصقاع أفريقيا؛ فعند السواحل دائمًا ما كانت تنفتحُ شهية الأمم ذات الطبيعة العدوانية أو اللصوصية.. فيأتي الصلبيون والفرنجة، ويأتي السلطان العثماني الجديد الذي كان قد قدّم سوريا قربانًا للعبرانيين منذ أشهر، ويأتي شيوخ النفط والغاز المتخمين بخيامهم. ولا نستبعد أنْ يأتي الألوف مِنْ الأمم المجنونة من القوقاز وآسيا الوسطى لتكرار تجربتهم التي تحوّلت إلى هواية يوم ذبحوا العشرات من أبناء الساحل السوري بتهمة “العلوية”!
غير أنّ التاريخ لم يقبل بمسلّمة عُلُوّ القوّةِ على الحقّ؛ لم يقضي بانتصار الأولى؛ إذ شهدت البشرية على أنّ رجالًا حفاةً عراةً وجوعى في فيتنام تمكّنوا من دحر أعظم إمبراطورية عسكرية عرفها التاريخ؛ بل مرّغوا أنفها في التراب. ذات الإمبراطورية التي تجرّعت الويلات بين جبال الأفغان وخرجت تُجرجر أذيال الخيبة. هي ذات الإمبراطورية التي ظنّت أنّها ملكت الشرق الأوسط بنفطهِ وغازهِ وآدمييه، وظلّت تعربدُ على البحر الأحمر، وتمدّ السلاح عبر سفنها لمن شاءت؛ لا سِيّما الدولة العبرية.. حتى أنطلق صاروخ من أرض اليمن قاطعٌ مئات الكيلومترات لمطار بن غوريون فارتعدت على إثره تل أبيب كما لم يرتعد كيانها من قبل. وظنّت بربرية “روما الجديدة” أنّ بإمكانها تأديب أنصار الله بتدمير ميناء الحديدة، وشن المزيد من الغارات الهمجية المُدمِّرة ولا شئ سوى أنّ اليمنيين باتوا أكثر صلابة، وعقدوا العزم على أنْ تُغادر الفرقاطات وحاملات الطائرات الأمريكية مياههم.. ولا سبيل سوى أنْ تُغادر. ولا ثمة كلمات لتصف المجاهدين الأحرار الذين لا يزالون يقاومون العدوان الفتاك من تحت الركام في غزّة.
الثابت بين أولئك أنّه لم يكن بين صفوفهم رجال المساومات؛ أولئك الذين يعقدون الصفقات ليلًا. خاضوا معاركهم وفق الرؤية الكلية للصراع، ونذروا في سبيل ذلك أغلى ما يملكون.. فكان الله في عونهم وإلى جانبهم
محمد أحمد عبد السلام
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: لأول مرة
إقرأ أيضاً:
الوزيرة الجنجويدية… هل يُفتح أخيراً ملف المتعاونين الذين عادوا إلى مؤسسات الدولة
???? الوزيرة الجنجويدية… هل يُفتح أخيراً ملف المتعاونين الذين عادوا إلى مؤسسات الدولة وكأن شيئاً لم يكن؟
⭕قضية توقيف عزيزة داؤود كاتيا، التي تشغل منصب رئيس المجلس الأعلى للبيئة بالإنابة، ليست مجرد حادثة عابرة أو خبر أمني روتيني؛ إنها قنبلة انفجرت في قلب ولاية الجزيرة، وكشفت حجم الاختراق الذي تعرّضت له مؤسسات الدولة خلال فترة سيطرة المليشيا، والأخطر من ذلك: عودة بعض رموز تلك المرحلة إلى مواقع حساسة دون مراجعة أو محاسبة.
⭕المدعوة عزيزة داؤود لم تكن موظفة عادية؛ فقد شغلت منصب وزيرة الزراعة بحكومة المليشيا أثناء احتلالها لولاية الجزيرة، وبعد تحرير ود مدني، وعودة الحكومة الشرعية، لم تكتفِ المتهمة بالعودة إلى الخدمة، بل صعدت سريعاً إلى رئيس المجلس الأعلى للبيئة بالإنابة.
⭕ظهورها في تسجيل مرئي بمنطقة الحلاوين برفقة “صديق مويه” والي حكومة الجنجويد في تلك الفترة كان دليلاً دامغاً على تعاونها، خصوصاً بعد اعترافها بعملها ضمن مشاريع الولاية خلال فترة سيطرة المليشيا.
⭕ بناءً على معلومات دقيقة ورصد ميداني، تمكنت الخلية الأمنية المشتركة من مداهمة موقع المتهمة والقبض عليها، وفتح بلاغات تحت المواد:
26 – 50 – 51 – 65 – 186
وهي مواد تتعلق بالتعاون مع العدو وتقويض النظام والإضرار بأمن الدولة.
⭕هذه الخطوة تُحسب للأجهزة الأمنية التي بدأت أخيراً في تنظيف المؤسسات من العناصر التي تسللت إليها مستندة إلى الفوضى التي أحدثتها المليشيا في فترة سيطرتها.
⭕ السؤال الأخطر… كم من امثال “عزيزة كاتيا” ما زال في مواقع الدولة؟،
القضية لا تقف عند حدود شخص واحد، فالشارع في الجزيرة وفي السودان كله يدرك تماماً أن عشرات وربما مئات المتعاونين الذين خدموا المليشيا وعملوا تحت إدارتها عادوا الآن إلى مكاتبهم، يمارسون وظائفهم كأن شيئاً لم يحدث.
⭕زملاؤهم في المؤسسات الحكومية يشاهدونهم يومياً، وفي قلوبهم حسرة على أن هؤلاء لم يشملهم التحقيق أو المحاسبة بعد، بعضهم معروف بالاسم، وبعضهم ظهر في فيديوهات وصور موثقة، لكنهم لا يزالون في مواقع تخولهم الاطلاع على ملفات الدولة والتأثير على القرارات، وربما تسريب المعلومات.
⭕فتح هذا الملف لم يعد ترفاً سياسياً، بل أصبح ضرورة أمن قومي، مؤسسات الدولة لن تستعيد عافيتها ما لم يتم تنظيفها من كل من تعاون مع المليشيا، سواء شارك مباشرة أو قدم خدمات.
⭕هذا واجب الأجهزة الرسمية، لكنه أيضاً واجب المواطنين ، التبليغ، الشهادة، تقديم المعلومات … كلها أدوات ضرورية لإغلاق هذا الباب الذي تسلل منه الخطر سابقاً، وقد يتسلل منه مرة أخرى إذا تساهلنا اليوم.
✒️ غاندي إبراهيم
Promotion Content
أعشاب ونباتات رجيم وأنظمة غذائية لحوم وأسماك
2025/12/12 فيسبوك X لينكدإن واتساب تيلقرام مشاركة عبر البريد طباعة مقالات ذات صلة الفيل … وضل الفيل2025/12/12 اتجاهات حكومية: ما بين الانتقال ومنع الصيانة2025/12/12 حديث كرار عن الاستنفار والمقاومة الشعبية حديث كاذب2025/12/12 (تقوية الجبهة الوطنية)2025/12/12 التآمر الناعم2025/12/11 حوار مع صديقي المصري عاشق السودان2025/12/11شاهد أيضاً إغلاق رأي ومقالات نسمع ضجيجاً ولا نرى 2025/12/11الحقوق محفوظة النيلين 2025بنود الاستخدامسياسة الخصوصيةروابطة مهمة فيسبوك X ماسنجر ماسنجر واتساب إغلاق البحث عن: فيسبوك إغلاق بحث عن