محللون إسرائيليون: تفاهم حركة حماس وواشنطن ضربة لحكومة نتنياهو
تاريخ النشر: 12th, May 2025 GMT
القدس المحتلة- أثار الإفراج عن الجندي الأميركي الإسرائيلي عيدان ألكسندر، بوساطة مباشرة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والولايات المتحدة، جدلا واسعا في إسرائيل، حيث اعتُبر تجاوزا للحكومة الإسرائيلية ومؤشرا على تراجع تأثيرها في ملفات حساسة.
وطرح هذا التطور، الذي يحمل دلالات سياسية عميقة، تساؤلات عديدة حول مستقبل التنسيق بين تل أبيب وواشنطن.
يقرأ كبار المراقبين الإسرائيليين هذه الخطوة باعتبارها ضربة لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، التي بدا دورها في هذه الصفقة هامشيا، حسب ما تضمنه بيان مكتبه الذي افتتح بعبارة لافتة: "الولايات المتحدة أبلغت إسرائيل". ويعكس هذا البيان، برأي محللين، تراجعا في التأثير الإسرائيلي على أحد أكثر الملفات الأمنية حساسية، وهو ملف الأسرى والمفقودين.
إنجازات لحماس
وتبرز تساؤلات مركزية في التحليلات الإسرائيلية: هل يمهد هذا التفاهم المحدود بين حماس وواشنطن لبلورة خطة أميركية شاملة لوقف إطلاق النار؟ وإذا ما طُرحت هذه الخطة رسميا، هل ستتجاوب حكومة نتنياهو، أم ستنظر إليها كإملاء خارجي يتجاوز صلاحياتها؟
إعلانيقول المحلل السياسي عكيفا إلدار "حتى الآن، لا توجد إجابات واضحة، لكن المؤشرات تدل على أن إسرائيل تواجه واقعا سياسيا جديدا قد يرغمها على التفاعل مع مبادرات دولية لا تملك زمامها بالكامل".
وأوضح إلدار للجزيرة نت أن تجاوز إسرائيل في هذه المفاوضات، وإن تم بشكل ضمني، يفتح الباب أمام سابقة دبلوماسية غير مألوفة، ويهدد ما تسميه النخب السياسية الإسرائيلية بـ"الوحدة القومية" في زمن الحرب، خاصة وأن الصفقة منحت لحماس إنجازا سياسيا وإنسانيا دون أن تقدم مقابلا كبيرا، حسب ما تشير إليه القراءة الإسرائيلية.
ووفقا له، يثير هذا السيناريو خشية حقيقية في إسرائيل من أن تتعامل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع ملف الأسرى الأميركيين في غزة بمعزل عن مصالح تل أبيب، مما قد يؤدي إلى تراجع في مستوى التزام واشنطن بقضية المحتجزين الإسرائيليين.
ولفت إلدار إلى أن هذا القلق يتعلق أيضا بالسياق الإقليمي الأوسع، خاصة في ظل تزايد الأنباء عن اتصالات أميركية-عربية بشأن ترتيبات ما بعد الحرب، قد تشمل خطوات نحو هدنة أو تهدئة طويلة المدى.
تغييب إسرائيلتحت عنوان "ماذا يخطط ترامب بعد تحرير عيدان ألكسندر؟ نتنياهو لا يعرف أيضا"، كتب محلل الشؤون السياسية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" نداف إيال، أن المفاوضات المباشرة بين حماس وواشنطن، والتي أفضت إلى إطلاق سراح الجندي الأميركي الإسرائيلي، كشفت عن واقع مقلق لإسرائيل وهو "تغييب تام عن تفاصيل صفقة حساسة".
وأشار إيال إلى أن الرئيس الأميركي اعتبر تحرير ألكسندر خطوة أولى نحو إنهاء الحرب، وهو ما لا يُعد دعما واضحا لاستمرار العمليات العسكرية، "فبالنسبة لإدارة ترامب، النصر هو المبدأ الوحيد، والوسائل مرنة".
ولفت الكاتب إلى أن هذا التحرك الأميركي لم يكن مفاجئا فقط في توقيته، بل في كونه تم دون علم إسرائيل، التي لم تعرف عنه إلا من خلال مصادر استخباراتية. وحتى إعلان نتنياهو في لجنة الخارجية والأمن بشأن الإفراج عن ألكسندر كان محاولة استباقية لإظهار أن الحكومة كانت مطلعة.
إعلانوبرأيه، فإن إدارة ترامب تبدو أقرب إلى تبني خطة إقليمية لوقف الحرب، مستندة إلى الواقعية السياسية بدلا من الشعارات الأيديولوجية التي تتبناها أطراف في الحكومة الإسرائيلية. وتماما كما فعل في ملفات إيران والحوثيين، فإنه يضغط لإنهاء الحرب في غزة، حتى لو تم ذلك دون إشراك إسرائيل بفعالية.
ويضيف الكاتب الإسرائيلي "من يريد فهم ترامب، عليه أن ينصت لكلماته. فقد وصف الإفراج عن ألكسندر بأنه بادرة حسن نية لدعم جهود إنهاء الحرب الوحشية وإعادة المحتجزين إلى ذويهم"، مؤكدا أنها خطوة أولى نحو إنهاء الصراع. ومع ذلك، يبقى نهجه واضحا: "لا قواعد، فقط انتصارات".
ويختم المقال بالتأكيد أن إدارة ترامب تتحرك بسرعة وفق مصالحها، بينما لا يزال فريق نتنياهو يجهل كيف يفكر ترامب أو ما الذي يريده بالضبط، وسط تحذيرات أميركية سابقة من أن تجاهل هذا الواقع سيقصي إسرائيل من الحل النهائي.
فقدان الثقةمن وجهة نظر مراسل الشؤون السياسية في صحيفة "هآرتس"، يهوناثان ليس، يمثل إطلاق سراح الجندي الأميركي الإسرائيلي آخر وأقوى ورقة في يد واشنطن للدفع نحو صفقة شاملة تنهي الحرب على غزة. لكنه حذر -في مقال له- من أن فشل هذه الخطوة في تحقيق انفراجة سياسية قد يدفع إدارة ترامب للتخلي عن جهود الوساطة، وترك إسرائيل تواجه الأزمة وحدها.
وحسب ليس، فإن المسار الأميركي السري الذي تجاوز إسرائيل مرارا يعكس فقدان الثقة في إمكانية التوصل إلى اتفاق بين تل أبيب وحماس بسبب تعنت نتنياهو، مما دفع واشنطن إلى التحرك بشكل منفرد لتأمين إطلاق سراح مواطنيها.
ويضيف "في المقابل، تظهر إسرائيل علنا أنها لا تمانع صفقات أميركية مستقلة، لكنها في الكواليس ترفض التمييز بين المحتجزين وتصر على اتفاق شامل لا يخرج مزدوجي الجنسية من المعادلة".
وفي إشارة تعكس خشية وهواجس حكومة نتنياهو من فقدان التأثير على مسار ملف المحتجزين، يقول ليس "طلبت إسرائيل من عدة دول الامتناع عن مفاوضات فردية، كي لا تتعارض مع الجهود الجماعية للإفراج عن جميع الأسرى".
إعلانويوضح "مع ذلك، شهدت الحرب إطلاق سراح عدد من المحتجزين بوساطات مستقلة، من بينهم أميركيون وروس وآسيويون، في صفقات لم تشمل تنسيقا مع إسرائيل، مما يعكس تصدعا في الموقف الموحد حول آلية التعامل مع ملف الأسرى".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات إدارة ترامب إطلاق سراح
إقرأ أيضاً:
3 قضايا ساخنة في رحلة ترامب قد تفجر الخلاف مع نتنياهو
قبل يوم من بدء زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، تعيش القيادة الإسرائيلية في حالة قلق غير معتادة.
وبخلاف نبرة الثقة التي تطغى عادة على مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يسود الصمت والتوجس.
وكشفت مصادر مقربة من مكتب نتنياهو لصحيفة هآرتس أن حالة من "عدم اليقين" تسود داخل الدوائر السياسية والأمنية الإسرائيلية، خصوصا مع تكتم فريق ترامب على تفاصيل جدول أعماله.
وقال أحد مساعدي نتنياهو: "في الغالب، لا نعرف ما الذي ينوي الرئيس ترامب فعله أو قوله".
ويبدو أن حالة الغطرسة التي عادة ما تميز سلوك القيادة الإسرائيلية قد تراجعت، لتحل محلها حسابات دقيقة حول كيفية التعامل مع التحركات الأميركية في المنطقة.
وتتضمن الزيارة مؤتمرا اقتصاديا يشارك فيه كبار رجال الأعمال من الولايات المتحدة والسعودية، للإعلان عن استثمارات مشتركة ضخمة، في حين سيعقد ترامب قمة مع زعماء دول الخليج في اليوم التالي، قبل أن يغادر إلى الدوحة، ومن ثم يختتم جولته في أبو ظبي حيث سيتم الكشف عن استثمار ضخم في السوق الأميركي.
خطة المساعدات لغزة: انقسام في الرؤية والتمويل أولى الملفات الحساسة في زيارة ترامب هو ملف المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.
حيث صاغت إدارة ترامب، بالتنسيق مع إسرائيل، خطة لإنشاء هيئة رقابية تشرف على توزيع المساعدات وتمنع وصولها إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
لكن المعضلة الكبرى تكمن في التمويل. إعلان ويأمل ترامب، المعروف بميله للعزلة وتفضيله لعدم إنفاق أموال أميركية خارجية، أن تقوم دول الخليج، وعلى رأسها السعودية والإمارات وقطر، بتمويل هذه الآلية.
لكن هذه الدول أبلغت واشنطن صراحة أنها ترفض تمويل هيئة جديدة خارج إطار وكالات الأمم المتحدة، وترى أن الحل يكمن في وقف الحرب، لا الالتفاف على جذورها، وفقا لهآرتس.
ومع تزايد خطر المجاعة، وعدم توفر خطة بديلة لدى إسرائيل، قد يؤدي فشل الخطة الأميركية إلى تصعيد سياسي داخل الحكومة الإسرائيلية، خاصة مع وجود انقسام واضح بين المتشددين ونتنياهو نفسه حول ملف المساعدات.
صفقة الأسرى وإنهاء الحرب: هل يُقصى نتنياهو؟
القضية الثانية التي قد تُفجر الخلاف بين ترامب ونتنياهو تتعلق بمخطط أميركي لإنهاء الحرب في غزة، يتضمن صفقة للإفراج المرحلي عن الأسرى الإسرائيليين، مقابل وقف تدريجي للعمليات العسكرية، وإنهاء حكم حماس في القطاع.
في أفضل سيناريو، سيعلن ترامب، مدعوما من الدول العربية، عن خطة تؤدي إلى إنهاء الحرب دون القضاء على حماس، وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى الحركة فورا.
أما في السيناريو الأسوأ، سترفض إسرائيل أو حماس الخطة، ويتخلى ترامب عن الملف لتستمر الحرب ويموت الأسرى، وهو ما يعتبره بعض مسؤولي الحكومة الإسرائيلية "أفضل سيناريو" لبقاء الحكومة اليمينية الحالية لعام إضافي.
في المقابل، تخشى تل أبيب أن يُقدم ترامب على إعلان مبادرة دون التنسيق المسبق معها، بما يشمل تعهده بإنشاء "دولة فلسطينية بدون حماس"، وهو سيناريو تعتبره القيادة الإسرائيلية تهديدا مباشرا لسياساتها.
الملف الإيراني: صوت إسرائيل لا يُسمع القضية الثالثة والأخطر من وجهة نظر إسرائيل هي الملف النووي الإيراني. فبينما كانت تل أبيب لاعبا رئيسيا في هذا الملف، تبدو الآن خارج دائرة التأثير.
وتسعى إدارة ترامب للتوصل إلى مذكرة تفاهم مؤقتة مع إيران بشأن البرنامج النووي، تتيح للرئيس الأميركي إعلان اتفاق أولي، على أن تستكمل الفرق الفنية التفاصيل لاحقا.
ورغم تصريحات مبعوث ترامب الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيفن ويتكوف، بأن "إيران يجب ألا يُسمح لها بأي تخصيب لليورانيوم"، إلا أن واشنطن منفتحة على حلول وسط، مثل التخصيب تحت إشراف دولي وفي مواقع محددة فقط.
وفي هذه الأثناء، يبدو موقف نتنياهو أشبه بمن "يصرخ من المدرجات" دون أن يستجيب له أحد، على حد تعبير أحد المراقبين الإسرائيليين.
وتأتي زيارة ترامب في لحظة حرجة، وسط عدوان مستمر على غزة وأزمة إنسانية متفاقمة وفتور في علاقات واشنطن وتل أبيب.
وإذا نجح ترامب في تحريك ملفات غزة والأسرى وإيران، فقد يسجل نقطة مفصلية في ولايته الرئاسية الثانية.
أما إذا فشلت زيارته، فقد تترك المنطقة تغرق في حرب طويلة، وتفجّر انقسامات داخلية في إسرائيل نفسها.
والسؤال الأكثر أهمية يطرح نفسه: هل ستكون هذه الزيارة بداية تحول في السياسات الأميركية تجاه إسرائيل