فرنسا: تكلفة مشروع "سيجيو" لطمر النفايات النووية ترتفع إلى 37 مليار يورو
تاريخ النشر: 13th, May 2025 GMT
ارتفعت تكلفة مشروع "سيجيو" الفرنسي لطمر النفايات النووية إلى 37 مليار يورو، ما أجج المخاوف البيئية والمجتمعية حول جدوى المشروع وآثاره المستقبلية. اعلان
عادت قضية مشروع "سيجيو" (Cigéo) المثير للجدل إلى الواجهة مجدداً، بعد أن أعلنت الوكالة الوطنية الفرنسية لإدارة النفايات المشعة (Andra) عن تقييم جديد لكلفة المشروع، كاشفة عن قفزة مالية ضخمة تجاوزت التوقعات الأولية، لتصل إلى أكثر من 37 مليار يورو مقارنةً بالتقدير السابق البالغ 24 مليار يورو.
ويهدف مشروع "سيجيو"، الذي أطلق عام 1991، إلى طمر النفايات النووية عالية الإشعاع الناتجة عن محطات الطاقة النووية الفرنسية، على عمق 500 متر في باطن الأرض، في منطقة "ميوز" شرق فرنسا، حيث تُخزن هذه النفايات في طبقات من الطين الجيولوجي المصممة خصيصاً لعزل الإشعاع لمدد تتجاوز مئات آلاف السنين.
ورغم التطمينات الرسمية، لا يزال المشروع يواجه معارضة شرسة من منظمات بيئية ومجتمعات محلية ترى فيه مخاطرة طويلة الأمد على البيئة والصحة العامة، خاصة مع ما وصفه مراقبون بـ"الضبابية في السيناريوهات التقنية والمالية للمشروع".
طمر نفايات نووية خطرة لمدة 100 ألف عام في "بور" بمنطقة موز يُشبه إخفاء السم تحت السجادة مقابل 37.5 مليار يوروقفزة مالية غير مسبوقةوبحسب التقييم الجديد، تراوحت التكاليف بين 32.8 و45.3 مليار يورو، تأثراً بعوامل تضخم، وتعديلات هندسية، ودروس مستفادة من مشروعات عملاقة مثل مترو غراند باريس إكسبرس. وشملت هذه الكلفة بنودًا متعددة مثل البناء، الصيانة، التأمين، الضرائب، وحتى الحفريات الأثرية، الممتدة حتى عام 2170.
وأكدت غاييل ساكيه، المديرة العامة المؤقتة للهيئة المشغّلة، أن الأرقام "قريبة جداً من توقعات 2014 التي بلغت 33.8 مليار"، مشددة على أن الكلفة لا تزال تحت السيطرة نسبياً، رغم طبيعة المشروع "غير المسبوقة على المستوى العالمي".
"الملوّث يدفع"... ولكن الكلفة مفتوحةحتى اللحظة، لم يصدر المرسوم الرسمي لتحديد الكلفة المرجعية النهائية، وهو ما ينتظر صدوره قبل نهاية عام 2025 من قبل وزير الطاقة الفرنسي، بعد التشاور مع هيئة السلامة النووية والمنتجين الرئيسيين للنفايات، وفي مقدّمتهم شركة كهرباء فرنسا (EDF) وهيئة الطاقة الذرية.
يُذكر أن تمويل المشروع يستند إلى مبدأ "الملوّث يدفع"، ما يعني أن شركات الطاقة النووية مطالبة بتغطية تكاليف التخزين طويلة الأجل.
وتأتي هذه التطورات بينما تُراهن فرنسا على الطاقة النووية كأداة استراتيجية للانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون، إذ أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون عن ثمانية مفاعلات نووية جديدة من طراز EPR2، بالإضافة إلى وحدات نووية صغيرة (SMR). غير أن وكالة أندرا أوضحت أن مشروع سيجيو في شكله الحالي لا يشمل هذه النفايات المستقبلية، مما يستدعي مراجعات إضافية ورفع سقف الميزانية المحتمل.
Relatedقوانين أوروبية جديدة للحد من النفايات.. الغذاء والموضة السريعة أول المستهدفينالمئات من رجال الإطفاء يكافحون حريقًا هائلًا في مكبّ للنفايات قرب براغحريق هائل يلتهم مصنع إعادة تدوير النفايات في باريسوتقدر كمية النفايات النووية المخزنة في سيجيو بـ83 ألف متر مكعب، نُفد منها حتى الآن نحو النصف. ومن المتوقع أن تبدأ عمليات دفن "الحزم المشعة" تدريجياً نحو عام 2050، بدلاً من الفترة المحددة سابقاً بين 2035 و2040.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل دونالد ترامب حركة حماس غزة روسيا سوريا إسرائيل دونالد ترامب حركة حماس غزة روسيا سوريا البيئة فرنسا كوارث طبيعية تغير المناخ نفايات نووية إيمانويل ماكرون إسرائيل دونالد ترامب حركة حماس غزة روسيا سوريا ألمانيا تركيا الصين الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مجاعة باكستان النفایات النوویة ملیار یورو
إقرأ أيضاً:
سلطنة عُمان تحقق خطوات مهمة لريادة الطاقة النظيفة عبر ممر الهيدروجين والمشروعات المستقبلية
تحقّق سلطنة عُمان تقدمًا واضحًا في قطاع طاقة المستقبل من خلال محطات استراتيجية مترابطة ضمن خطة وطنية طموحة، فقد وقّعت اتفاقية التطوير المشترك لإنشاء أول ممر تجاري عالمي لتصدير الهيدروجين المُسال من الدقم إلى أوروبا، وأعلنت عن النسخة الرابعة من "قمة عُمان للهيدروجين الأخضر"، فضلًا عن إطلاق الجولة الثالثة من المزايدات على الأراضي المخصصة لمشروعات الهيدروجين في الدقم، وتعد هذه الخطوات بمثابة التزام سلطنة عُمان بأن تصبح رائدة في مجال الهيدروجين والطاقة النظيفة.
وقال المهندس عبدالعزيز بن سعيد الشيذاني، المدير العام لشركة هيدروجين عُمان (هايدروم): إن ما نشهده حاليًا يُمثّل انتقالًا فعليًا من مرحلة التخطيط إلى مرحلة التطبيق المنظَّم، حيث تُركّز الجهود على توفير بيئة تنظيمية فعّالة وبنية أساسية محفّزة تُعزّز ثقة المستثمرين، وتُسهم في نمو سلاسل القيمة المحلية.
وأكّد أن الجولة الثالثة من المزايدات صُمِّمت لتواكب احتياجات المطورين الجادين، من خلال فترة تحضيرية تمتد لـ9 أشهر، ومرونة في تخصيص المساحات ابتداء من 100 كيلومتر مربع، إضافة إلى إمكانية بيع فائض الكهرباء المتجددة للشبكة الوطنية بعد الحصول على الموافقات اللازمة، بما يُعزّز الجدوى الاقتصادية ويُسهم في تكامل المشروع مع منظومة الطاقة في سلطنة عُمان.
وأشار إلى أنه من المتوقع الإعلان عن نتائج الجولة الثالثة في النصف الأول من عام 2026، إلى جانب محطات استراتيجية جديدة تُعزّز جاهزية المنظومة الوطنية للهيدروجين.
ميزة تنافسية
من جهته، أكّد المكرم الدكتور سالم بن سليم الجنيبي أن اتفاقية إنشاء أول ممر تجاري عالمي لتصدير الهيدروجين المُسال تُعزّز مكانة سلطنة عُمان في قطاع الطاقة، وتضعها على خارطة الطاقة العالمية، كما أكّد أن الموقع الجغرافي لسلطنة عُمان وبنيتها الأساسية المتطورة، خاصة ميناء الدقم، يمنحها ميزة تنافسية كبيرة في تصدير الطاقة إلى أسواق أوروبا وآسيا وسط الطلب المتزايد على الطاقة منخفضة الكربون.
ولفت إلى أن المشروع يعكس نضج البيئة الاستثمارية في سلطنة عُمان ويُعزّز مصداقيتها كشريك موثوق في سلاسل القيمة العالمية للطاقة النظيفة، ويُؤكّد التزام سلطنة عُمان بجذب الاستثمارات النوعية بما يتوافق مع "رؤية عُمان 2040"، والذي بدوره يُسهم في التشجيع على دخول الشركاء الدوليين في مشاريع مشتركة في قطاع الهيدروجين والطاقة المتجددة.
وأشار إلى أن أبرز التحديات في مشروع إنشاء ممر الهيدروجين تكمن في ضرورة الحفاظ على الجدوى الاقتصادية مع تقلبات أسعار الطاقة والتطورات التكنولوجية السريعة في مجالات إنتاج ونقل الهيدروجين، بالإضافة إلى احتمالية ظهور دول منافسة في المنطقة أو على المستوى الإقليمي، ودعا إلى ضرورة تطوير القدرات والكفاءات الوطنية لضمان استدامة التشغيل وتقليل الاعتماد على الخبرات الأجنبية، إلى جانب تعزيز البحث والتطوير وإنشاء شبكات نقل وتخزين موثوقة، والاندماج الفعلي مع الأسواق الدولية.
ويتوقّع الجنيبي أن مشروع إنشاء ممر الهيدروجين سيُعزّز الناتج المحلي من خلال تطوير صناعات جديدة مرتبطة بالهيدروجين، بالإضافة إلى ظهور فرص عمل نوعية للكوادر الوطنية، فضلًا عن الدعم في التنويع الاقتصادي عبر تقليل الاعتماد على النفط الخام وفتح أسواق جديدة للطاقة النظيفة.
جذب الاستثمارات
من جهته، أوضح مصطفى بن أحمد سلمان، عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان ورئيس لجنة المال والتأمين، أن تأسيس ممر تجاري لنقل الهيدروجين يُمثّل تحولًا استراتيجيًا يضع سلطنة عُمان في مقدمة الدول الساعية للاستفادة من التحولات العالمية في قطاع الطاقة.
وأضاف: إن المشروع يُعد من أبرز المبادرات الطموحة في المنطقة، مؤكِّدًا أن الموقع الجغرافي لسلطنة عُمان وبنيتها الأساسية المتطورة يمنحها ميزة تنافسية واضحة، ولفت إلى أن توقيع اتفاقية هذا المشروع يعكس جاهزية بيئة الاستثمار وجاذبيتها للشركات العالمية الكبرى، ويعكس ثقة متزايدة في الإطار القانوني والتنظيمي العُماني، وأن هذا المشروع يُشجّع جذب المزيد من الاستثمارات في قطاع الطاقة النظيفة، خصوصًا أن المشروع سيمر بعدة مراحل تتطلب شراكات تقنية وتمويلية واستشارية متقدمة.
وأوضح رئيس لجنة المال والتأمين بغرفة تجارة وصناعة عُمان أن هناك عدة تحديات اقتصادية لمشروع ممر الهيدروجين الأخضر، وأوضح أن المشروع يتطلب تمويلًا ضخمًا يُقدّر بمليارات الدولارات، حيث تشمل التكاليف المكونات الرئيسية مثل محطة التسييل في الدقم التي تتراوح تكلفتها بين 500 مليون إلى مليار دولار، بالإضافة إلى سفن النقل المتخصصة التي قد تصل تكلفتها إلى 100 مليون دولار لكل سفينة، إلى جانب البُنى الأساسية المشابهة في أوروبا.
وأضاف: إن نجاح المشروع يعتمد بشكل كبير على ضمان استمرار الطلب، وهو ما يستلزم توقيع اتفاقيات شراء طويلة الأمد مع المستهلكين الأوروبيين، خاصة في القطاعات التي تتطلب الهيدروجين مثل صناعة الصلب والطاقة والكيماويات.
وأشار إلى أن التقلبات في السوق العالمية تشكّل مخاطر كبيرة، حيث إن السوق لا تزال في طور التشكل، وقد تؤثر التغيرات في السياسات أو التطورات التقنية في بدائل الطاقة على الجدوى الاقتصادية للمشروع.
وأكّد أن المشروع سيسهم بشكل كبير في تعزيز مؤشرات الاقتصاد الكلي في سلطنة عُمان، موضحًا أنه يُعد من المحفزات الكبرى للنمو الاقتصادي طويل الأجل، حيث من المتوقع أن تُسهم الاستثمارات الأجنبية المتدفقة على مراحل، خاصة خلال مرحلة البناء (2028-2030)، في زيادة الإنفاق الرأسمالي وتحفيز النشاط الاقتصادي بشكل عام.
وأشار إلى أن المشروع سيضيف العديد من الفرص الوظيفية الجديدة في مجالات الهندسة والطاقة والتشغيل والبحث العلمي، بالإضافة إلى توفير فرص التدريب والتطوير للكفاءات الوطنية.
وأضاف: إن المشروع يُعزّز التوجه الاستراتيجي نحو اقتصاد منخفض الكربون، ويدعم تحوّل سلطنة عُمان إلى مركز إقليمي رئيسي لإنتاج وتصدير الطاقة النظيفة.