الأسبوع:
2025-08-12@06:03:07 GMT

عقوبة أكل الميراث فى الدنيا والآخرة

تاريخ النشر: 12th, August 2025 GMT

عقوبة أكل الميراث فى الدنيا والآخرة

الميراث في الإسلام نظام إلهي دقيق وشامل، وضعه الله تعالى لحماية حقوق الورثة وضمان استقرار المجتمع.

فقد نظم القرآن الكريم أحكامه بوضوح تام، ووزع الأنصبة على أهلها، لئلا يكون هناك ظلم أو إجحاف.

ومن هذا المنطلق، فإن التعدي على حقوق الورثة، وأكل أموالهم بغير حق، يعتبر من كبائر الذنوب التي يترتب عليها عقوبات شديدة في الدنيا والآخرة.

إن حرمة أكل الميراث قائمة على مبدأ العدل والإنصاف، فكل مال يأخذه الإنسان دون وجه حق هو مال باطل. ويشتد الأمر سوءا عندما يتعلق بحقوق الضعفاء، كالأيتام والنساء، الذين قد يحرمون من ميراثهم بحجة العادات والتقاليد أو القوة والجبروت.

لقد حذر الإسلام من هذا الفعل تحذيرا شديدا، واعتبره تعديا على أموال الغير، وسببا في قطع أواصر المحبة بين الأقارب.

أما عن عقوبة هذا الذنب في الدنيا، فإنها تتمثل في سلب البركة من المال الذي يأخذه الظالم، وإصابة حياته بالهم والضيق، وتفكك أسرته. فمن يظلم في الميراث، يظلم نفسه قبل أن يظلم غيره، ويسير في طريق لا نهاية له من الخصومة والشقاق. هذا فضلاً عن أن الله قد يسلط عليه من يظلمه في ماله أو أهله جزاء وفاقا لما اقترفه. فالعقوبة الدنيوية تكون في صورة اضطراب نفسي واجتماعي ومادي، يجعل حياة الظالم مليئة بالنكبات.

وفي الآخرة، فإن العقوبة أعظم وأشدّ. فقد جاء الوعيد الصريح في القرآن الكريم لمن يأكل مال اليتيم ظلما وعدوانا، وهو حكم يشمل كل من يأكل مال الميراث بغير حق. قال تعالى في كتابه العزيز:

"إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا" (سورة النساء، الآية 10).

هذا الوعيد يوضح أن هذا الفعل لا يعد سرقة أو ظلما عاديا، بل هو أشبه بأكل نار حقيقية، سيواجه آلامها في نار جهنم. كما أن هذا الفعل هو دليل على عدم خوف صاحبه من الله، مما يجعله عرضة لأن يكون من أهل النار.

وإلى جانب العقوبات الشرعية، فقد جرم القانون المصري فعل حجب الميراث أو الامتناع عن تسليم الوارث نصيبه. فقد أصدر المشرع المصري القانون رقم 219 لسنة 2017، الذي أضاف مادة جديدة إلى قانون العقوبات، وهي المادة 49، وتنص هذه المادة على أن:

"كل من امتنع عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعي من الميراث، أو حجب سندا يثبت حقا للورثة، أو امتنع عن تقديم ما لديه من أوراق أو معلومات لازمة لتحديد أنصبة الورثة، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين".

ويشترط لتطبيق هذه العقوبة أن يكون هناك حكم قضائي نهائي يثبت حق الوارث في الميراث. وتعتبر هذه الجريمة من الجرائم التي لا تقام الدعوى الجنائية فيها إلا بناء على شكوى من الوارث المتضرر.

إن الميراث - عزيزى القارئ - أمانة في عنق من يتولى توزيعه، والعدل فيه واجب شرعي وقانوني. وأكل الميراث وعدم إعطائه لمستحقيه هو طريق إلى الهلاك فى الدنيا والآخرة، وطريق إلى إفساد الأسر والمجتمعات. إن الخلاص من هذه العقوبات يكون بالورع والتقوى، والحرص على إعطاء كل ذي حق حقه، تبرئة للذمة ونيلا لرضا الله تعالى.

[email protected]

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

أمين الفتوى: المال الموهوب من الأب في حياته لا يدخل في الميراث

أجاب الدكتور علي فخر، أمين  الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤال حول حكم شراء رجل لابنه سيارة ميكروباص من ماله الخاص، مع وجود ولدين آخرين وبنت مطلقة لديها ولدين، مبينًا أن ما يملكه الأب لأحد أولاده أو لكلهم في حياته يُعد هبة شرعية.

إبراهيم الهدهد: الأزهر الشريف هو حامل ميراث النبوة ويستظل بأنوار الوحيكيف أوزع الميراث على البنات والأولاد بالتساوي؟.. أمين الإفتاء يجيب

وأضاف خلال تصريح تليفزيوني، أن الأب في هذه الحالة أخذ جزءًا من ماله واشترى السيارة لابنه، غالبًا لمساعدته على العمل وتوفير مصدر رزق له ولأسرته، وبمجرد أن يتملك الابن السيارة، تصبح ملكًا خالصًا له، وبالتالي لا يحق لإخوته المشاركة في مكاسبها.

وأشار إلى أنه بعد وفاة الأب، لا تُعد السيارة ميراثًا، لأنها انتقلت إلى الابن في حياة الأب، فلا تدخل في التركة التي تُقسم على الورثة، أما إذا كان الأب على قيد الحياة ويشعر بأنه لم يعطِ بقية أبنائه مثل ما أعطى الابن الأول، فبإمكانه أن يمنحهم من ماله، ولا حرج في ذلك. كما يمكن للإبن، إن أراد وبالتراضي، أن يخصص جزءًا من مكاسب السيارة لإخوته، لكن ذلك يكون برغبته وحده لأنها أصبحت ملكه.

طباعة شارك الميراث الهبة فتاوى الميراث التركة دار الإفتاء

مقالات مشابهة

  • هل من مات على معصية يكون مصيره في النار؟.. الإفتاء تحسم الجدل
  • هل يُعاقب العبد في الدنيا بعد التوبة؟.. أمين الإفتاء يجيب
  • وفاء عامر: القلوب الطيبة لا تعرف الكره ولو قست الدنيا
  • عُمان.. حين يكون الحب أمانة والمواطنة مسؤولية
  • أمين الإفتاء: لا يجوز كتابة كل المال للبنات إذا كان فيه حرمان للورثة
  • امرأة تستغل مرض والدتها لإجبارها على توقيع وصية الميراث.. فيديو
  • أمين الفتوى: المال الموهوب من الأب في حياته لا يدخل في الميراث
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (هذه الدنيا…)
  • تأجيل محاكمة عاطل قتل عمه بسبب الميراث فى الإسكندرية