بداية إعادة رسم الخريطة الأمنية.. طرابلس تحت النار.. تفكيك مراكز النفوذ
تاريخ النشر: 14th, May 2025 GMT
البلاد – طرابلس
تكشف الاشتباكات العنيفة التي اندلعت جنوب العاصمة الليبية طرابلس، ولا سيما في منطقة أبو سليم، عن تحوّل مهم في موازين القوى بين الفصائل المسلحة المسيطرة على العاصمة، والتي تشكّل العمود الفقري لما يُعرف بـ”الترتيبات الأمنية” في ظل هشاشة مؤسسات الدولة. فمقتل عبد الغني الككلي، أحد أبرز قادة جهاز دعم الاستقرار، يمثل ضربة موجعة لتحالف مسلّح ظل يحتفظ بنفوذ أمني واسع منذ عام 2011، ويشكّل نقطة ارتكاز أساسية في خريطة السيطرة العسكرية على طرابلس.
العملية التي نفذتها تشكيلات مسلحة محسوبة على وزارة الدفاع في حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة، لا يمكن فصلها عن سياق سياسي أوسع، يسعى فيه رئيس الحكومة إلى إعادة هندسة المشهد الأمني داخل العاصمة، عبر تقليص نفوذ الجماعات غير النظامية، وإعادة توزيع السيطرة بما يخدم استقرار سلطته التنفيذية وسط تصاعد الضغوط المحلية والدولية لتنفيذ إصلاحات أمنية.
تصريحات الدبيبة التي تحدث فيها عن “فرض سلطة الدولة” تعكس توجهاً واضحاً نحو تقويض ما تبقى من ازدواجية في المؤسسات الأمنية، إلا أن هذا التحرك لا يُخفي في جوهره البعد التنافسي بين أجهزة الدولة نفسها، لا سيما بين حكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي بقيادة محمد المنفي، الذي يُعتبر جهاز دعم الاستقرار أحد أدواته.
المواجهات الأخيرة، رغم انتهائها سريعاً، تسلط الضوء على هشاشة الوضع الأمني في طرابلس، حيث يظل التنافس على النفوذ داخل العاصمة مرآة لصراع أوسع على الشرعية والسلطة بين القوى المتصدرة للمشهد الليبي. كما تعيد للأذهان هشاشة التوازنات القائمة وغياب مشروع وطني جامع يضمن دمج هذه الكيانات المسلحة في إطار مؤسساتي فعّال تحت مظلة الدولة.
بالطبع، إليك ثلاث فقرات إضافية بأسلوب التحليل السياسي:
وتشير السيطرة على مقرات جهاز دعم الاستقرار إلى بداية تفكيك شبكة المصالح الأمنية التي تشكلت على مدى أكثر من عقد، وارتبطت بتقاسم النفوذ بين قادة الجماعات المسلحة داخل طرابلس. ويبدو أن حكومة الدبيبة تحاول استثمار اللحظة الإقليمية والدولية، وسط انشغال اللاعبين الخارجيين بأولويات أخرى، للقيام بخطوات أمنية أحادية دون اعتراض فعلي، خاصة أن بعض الأطراف الدولية طالما عبّرت عن امتعاضها من نفوذ هذه التشكيلات غير الرسمية داخل مؤسسات الدولة.
في السياق ذاته، تعكس الأحداث الأخيرة تصاعد التوتر بين مؤسسات الدولة من جهة، وتضارب الأجندات بين المجلس الرئاسي والحكومة من جهة أخرى، حيث قد يُقرأ إسقاط جهاز دعم الاستقرار كإضعاف مباشر لنفوذ محمد المنفي، ما يُعيد طرح إشكالية التداخل بين السلطات التنفيذية في ليبيا وغياب التنسيق الاستراتيجي بينها. وهو ما من شأنه تأزيم الوضع الداخلي ما لم يتم التوافق على رؤية أمنية موحدة تُخرج العاصمة من دوامة التنافس المسلح.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: جهاز دعم الاستقرار
إقرأ أيضاً:
نواف سلام: الدولة وحدها تقرر الحرب والسلم والانتهاكات الإسرائيلية تقوض الاستقرار
لبنان – رأى رئيس الحكومة اللبناني نواف سلام أن الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة تبقي لبنان في دائرة عدم الاستقرار، مؤكدا أن الدولة اللبنانية وحدها تملك سلطة اتخاذ قرار السلم والحرب.
وشدد سلام، في مقال نشرته صحيفة “فايننشال تايمز”، على أن الدولة اللبنانية هي الجهة الوحيدة المخولة بامتلاك السلاح داخل أراضيها واتخاذ القرارات المصيرية المتعلقة بالأمن القومي.
وذكّر بأن الحكومة كلفت، في الخامس من آب الماضي، الجيش اللبناني بوضع خطة شاملة تضمن احتكار الدولة للسلاح في مختلف المناطق. وبعد شهر، أقرت الحكومة الخطة التي نصت، في مرحلتها الأولى، على مهلة ثلاثة أشهر لفرض السيطرة الحصرية للدولة على السلاح جنوب نهر الليطاني، ولضبط انتشار الأسلحة في سائر الأراضي اللبنانية.
وأوضح سلام أن لبنان يواصل التزاماته بموجب قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وبموجب إعلان وقف الأعمال العدائية الذي تم التوصل إليه مع إسرائيل في نوفمبر 2024. وقال إن إسرائيل لا تزال تواصل انتهاك السيادة اللبنانية واعتقال مواطنين لبنانيين، إضافة إلى احتلال ما لا يقل عن خمسة مواقع في جنوب لبنان، معتبرا أن هذه الاعتداءات تُبقي على حالة التوتر وتغذي النزاع مجدداً، وتعرقل جهود الحكومة لبسط سلطة الدولة كاملة.
وأكد رئيس الحكومة أن لبنان لن يدخر جهداً للحصول على التمويل اللازم لمرحلة إعادة الإعمار والتنمية، داعياً الشركاء الدوليين إلى تقديم الدعم المطلوب، محذرا من أنه في حال غياب هذا الدعم، قد تعود البلاد إلى قبضة القوى المتجذرة والزبائنية والفساد والإفلات من العقاب.
وتحدث سلام عن الخطوات الأمنية المتخذة في مطار بيروت الدولي والمعابر الحدودية، مشيرا إلى تفكيك مئات المستودعات غير الشرعية للسلاح وإحباط شبكات تهريب الأسلحة والمخدرات وسلع أخرى.
ولفت إلى إقرار قانون رفع السرية المصرفية، وإلى تشريع جديد يضع إطاراً حديثاً لإدارة الأزمات المصرفية، مبينا أن الحكومة تعمل حالياً على إعداد قانون طال انتظاره، يهدف إلى توفير العدالة للمودعين من خلال توزيع عادل وشفاف للخسائر الكبيرة الناتجة عن الانهيار المالي، بما يسهم في التوصل إلى برنامج مع صندوق النقد الدولي، ويساعد في الوقت ذاته على تفكيك الاقتصاد النقدي الذي بات بيئة خصبة لتبييض الأموال والجريمة المنظمة.
المصدر : RT