البلاد – طرابلس
تكشف الاشتباكات العنيفة التي اندلعت جنوب العاصمة الليبية طرابلس، ولا سيما في منطقة أبو سليم، عن تحوّل مهم في موازين القوى بين الفصائل المسلحة المسيطرة على العاصمة، والتي تشكّل العمود الفقري لما يُعرف بـ”الترتيبات الأمنية” في ظل هشاشة مؤسسات الدولة. فمقتل عبد الغني الككلي، أحد أبرز قادة جهاز دعم الاستقرار، يمثل ضربة موجعة لتحالف مسلّح ظل يحتفظ بنفوذ أمني واسع منذ عام 2011، ويشكّل نقطة ارتكاز أساسية في خريطة السيطرة العسكرية على طرابلس.


العملية التي نفذتها تشكيلات مسلحة محسوبة على وزارة الدفاع في حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة، لا يمكن فصلها عن سياق سياسي أوسع، يسعى فيه رئيس الحكومة إلى إعادة هندسة المشهد الأمني داخل العاصمة، عبر تقليص نفوذ الجماعات غير النظامية، وإعادة توزيع السيطرة بما يخدم استقرار سلطته التنفيذية وسط تصاعد الضغوط المحلية والدولية لتنفيذ إصلاحات أمنية.
تصريحات الدبيبة التي تحدث فيها عن “فرض سلطة الدولة” تعكس توجهاً واضحاً نحو تقويض ما تبقى من ازدواجية في المؤسسات الأمنية، إلا أن هذا التحرك لا يُخفي في جوهره البعد التنافسي بين أجهزة الدولة نفسها، لا سيما بين حكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي بقيادة محمد المنفي، الذي يُعتبر جهاز دعم الاستقرار أحد أدواته.
المواجهات الأخيرة، رغم انتهائها سريعاً، تسلط الضوء على هشاشة الوضع الأمني في طرابلس، حيث يظل التنافس على النفوذ داخل العاصمة مرآة لصراع أوسع على الشرعية والسلطة بين القوى المتصدرة للمشهد الليبي. كما تعيد للأذهان هشاشة التوازنات القائمة وغياب مشروع وطني جامع يضمن دمج هذه الكيانات المسلحة في إطار مؤسساتي فعّال تحت مظلة الدولة.
بالطبع، إليك ثلاث فقرات إضافية بأسلوب التحليل السياسي:
وتشير السيطرة على مقرات جهاز دعم الاستقرار إلى بداية تفكيك شبكة المصالح الأمنية التي تشكلت على مدى أكثر من عقد، وارتبطت بتقاسم النفوذ بين قادة الجماعات المسلحة داخل طرابلس. ويبدو أن حكومة الدبيبة تحاول استثمار اللحظة الإقليمية والدولية، وسط انشغال اللاعبين الخارجيين بأولويات أخرى، للقيام بخطوات أمنية أحادية دون اعتراض فعلي، خاصة أن بعض الأطراف الدولية طالما عبّرت عن امتعاضها من نفوذ هذه التشكيلات غير الرسمية داخل مؤسسات الدولة.
في السياق ذاته، تعكس الأحداث الأخيرة تصاعد التوتر بين مؤسسات الدولة من جهة، وتضارب الأجندات بين المجلس الرئاسي والحكومة من جهة أخرى، حيث قد يُقرأ إسقاط جهاز دعم الاستقرار كإضعاف مباشر لنفوذ محمد المنفي، ما يُعيد طرح إشكالية التداخل بين السلطات التنفيذية في ليبيا وغياب التنسيق الاستراتيجي بينها. وهو ما من شأنه تأزيم الوضع الداخلي ما لم يتم التوافق على رؤية أمنية موحدة تُخرج العاصمة من دوامة التنافس المسلح.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: جهاز دعم الاستقرار

إقرأ أيضاً:

المبشر: طرابلس ليست ساحة للتجارب ولا مسرحاً للعبث

أكد رئيس مجلس حكماء وأعيان ليبيا السابق، محمد المبشر، أن طرابلس ليست ساحة للتجارب ولا مسرحاً للعبث.

وقال المبشر، في منشور عبر «فيسبوك»: “لا تُشاركوا في الدماء، فإنّها لعنة لا تزول، يُخوّفوننا من حربٍ في طرابلس، كأنّهم أوكِلوا بمصائر الناس، وكأنّ أرواح الأبرياء البسطاء، أرقامٌ تُتداول على موائد الطيش. لكن افهموها جيدًا: المهم أن لا تُشاركوا فيها، لا بسلاحٍ يُطلق، ولا بكلمةٍ تُشعل، ولا بتبريرٍ أحمق على صفحات التواصل”.

وأضاف “كل ذلك دمٌ مشترك، وكل ذلك يُكتب في صحائفكم، ويُسأل عنه يوم القيامة. إلى حاملي السلاح: السلاح أمانة، لا أداة لتصفية الحسابات. ومن حمله ظلمًا أو أطاع في الفتنة، فقد باع آخرته بدنيا غيره. وإلى من يدير الصفحات وينشر الفتن: كلمة تُشعل حربًا، أشد من رصاصة، ومن حَرّض أو كذب أو زيّف”.

وتابع “ليعلم أن الدم لا يُغسَل بالحبر، بل يُثقل الميزان يوم الحساب. يا من في قلوبكم بقية من نور: أنقذوا أنفسكم من النار، فما بين كلمةٍ وسلاح، قد تكتب نهايتك وأنت لا تدري. يا من في قلوبكم بقية إيمان: تذكّروا عظمة الدماء يوم القيامة، فهي أول ما يُقضى به بين الناس، وأوّل ما يُطالَب به أمام الله”.

واستطرد “أما من لا يؤمن بالحساب، فاتركوه. انقذوا أنفسكم من النار، فهذا هو النصر الحقيقي، الفتنة نائمة، لعن الله من أيقظها، طرابلس ليست ساحة تجارب، ولا مسرحًا للعبث، كل من يُشارك في الدم، مسؤول، وإن صمت”.

الوسومالحرب المبشر طرابلس ليبيا

مقالات مشابهة

  • طرابلس تستضيف اجتماع المعهد العربي للتخطيط ووزراء عرب يبحثون التعاون مع الدبيبة
  • اللافي يبحث مع الدبيبة الوضع الأمني والعسكري في طرابلس
  • الدبيبة واللافي يبحثان مستجدات الأوضاع الأمنية وتعزيز التنسيق بين المؤسسات المعنية
  • المبشر: طرابلس ليست ساحة للتجارب ولا مسرحاً للعبث
  • تقرير: استمرار المخاوف الأمنية يعيق استئناف الطيران بين روما وطرابلس
  • ​ بوزريبة لـعربي21: المؤسسات لا تبنى بالإقصاء.. وهذه خطتنا الأمنية
  • تفكيك تشكيل خطير متورط بتهريب مخدرات من بلجيكا إلى ليبيا
  • الداخلية تفعّل خطتها الأمنية في طرابلس.. جولات ميدانية وانتشار مكثف للوحدات
  • مردة: مرحلة توزيع بطاقات الناخبين ستبين الأوضاع الأمنية في طرابلس 
  • لاڤيينا يضم افضل لاعب فى دورى مراكز الشباب ويوافق على بيع حارسه للجونة وينتظر نسبة إعادة بيع بن شرقى