صراحة نيوز ـ المهندس مدحت الخطيب

بعد السابع من أكتوبر شهدنا في الشرق الاوسط موجة من التغيرات السياسية والعسكرية المتسارعة ، وهذا الواقع فرض على المملكة الأردنية تحديات جديدة تتطلب من صناع القرار قراءة دقيقة للمشهد الإقليمي واستجابة متزنة تحافظ على أمننا واستقرارنا
يوما بعد يوم ، تتصاعد وتيرة التوترات في الأراضي الفلسطينية المحتلة وأصبح القتل والتهجير والاحتلال الفعلي واقع يعاش ، حيث يشهد قطاع غزة والضفة الغربية تطورات ميدانية متلاحقة تثير القلق الإقليمي والدولي، وتضع الأردن في موقف حساس نظرًا لعلاقاته التاريخية والقومية مع القضية الفلسطينية، فضلًا عن ارتباطه المباشر بملفات اللاجئين والوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس

وبالمقابل لم تكن الجهة الشمالية بأفضل حال ، فلا تزال الأوضاع في سوريا تشهد تقلبات أمنية مستمرة، سواء من خلال النشاطات المسلحة على الأرض أو من خلال التدخلات الدولية.

هذه التطورات تؤثر على نحو مباشر على الأردن، لا سيما في ما يتعلق بأمن الحدود وتدفق اللاجئين، إلى جانب ملف تهريب السلاح والمخدرات الذي يشكّل تهديدًا مستمرًا للأمن الوطني
إقليميًا، يراقب الأردن بقلق التحولات في العلاقات والتحالفات بين القوى الكبرى والدول الإقليمية، إذ إن أي اختلال في ميزان القوى يمكن أن يُعيد رسم الخريطة السياسية والأمنية للمنطقة، وهو ما يضع القيادة الأردنية أمام مسؤولية كبيرة في الدفاع عن المصالح الوطنية والحفاظ على استقلالية القرار السياسي
ورغم هذه التحديات، يواصل الأردن اتباع سياسة متوازنة تعتمد على الحكمة والدبلوماسية الهادئة، وهو ما يتجلّى في اتصالاته المستمرة مع الأطراف الإقليمية والدولية، وسعيه الحثيث لتقريب وجهات النظر والحفاظ على الاستقرار في الإقليم.
“لذلك وفي ظل كل هذه التحديات ، أصبح من الضروري تغليب المصلحة الوطنية العليا من خلال الاستدارة نحو الشأن الداخلي، والتركيز على معالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تمس حياة المواطن مباشرة
اليوم وللأسف تقلصت المساعدات الدولية والعربية إلى الاردن وترك الأردن وحيدا يقاتل على عدة جبهات لذلك المرحلة القادمة تتطلب توجيه الطاقات والإمكانات نحو تعزيز الاستقرار، وتحقيق التنمية الشاملة، وبناء مؤسسات وطنية قوية تُعبّر عن إرادة الشعب وتخدم تطلعاته . فالوطن أولى، ومصلحة المواطن فوق كل اعتبار
لقد أثبتت التجارب، أن الدول التي نجحت في ترسيخ استقرارها وبناء تنميتها المستدامة، هي تلك التي أولت عناية فائقة لشؤونها الداخلية، ورفضت الانجرار وراء الاستقطابات الخارجية أو المغامرات الإقليمية التي تستنزف مواردها وتشتت جهودها. فحين يكون الداخل هشاً، يصبح الخارج عبئاً لا رصيداً.
الاستدارة نحو الداخل لا تعني الانعزال، بل تعني إعادة ترتيب الأولويات الوطنية، بحيث تتقدم قضايا المعيشة، والصحة، والتعليم، والإصلاح المؤسسي، على حساب الانخراط في ملفات خارجية قد لا تعود الدولة بفائدة ملموسة.
إن المواطن الاردني ، وهو جوهر الدولة وغايتها، يتطلع إلى سياسات تضع حاجاته فوق الحسابات السياسية، وتعالج التحديات الملموسة بلغة الأفعال لا الشعارات.
نعم المرحلة التي يعيشها الأردن اليوم تفرض علينا جميعا أفراد ومؤسسات وأحزاب ونقابات تغليب منطق الدولة على منطق الصراع بين مكونات الشعب ، دولة تحترم مكوناتها الحوار الداخلي على التناحر، والعمل المؤسسي على الارتجال. كما تفرض المراجعة الصريحة للسياسات السابقة، ومحاسبة المقصرين والتوجه نحو بناء نموذج داخلي قوي، قادر على الصمود في وجه الأزمات، والوقوف بثقة بوجه المتغيرات الخارجية.
.
ختاماً وأقولها وبكل صدق ، كثير منا يطرب للأصوات القادمة من خارج حيّنا، وينحاز لمن لم يقدم للأردن إلا القليل ، لا بل إن كثير من أصحاب الأصوات المرتفعة عند الحديث عن الوطن وأهله والوقوف بجانبه يهمسون همسا ويخفت صوتهم حتى لا نسمعه ،يصابون بالعمى عند تكريم الوطن واحترام من يعيشون في دوائرنا الصغيرة، حتى اصبح الاعتراف لا يُمنح إلا بوساطة الغربة، وكأن القريب لا يُجيد العطاء إلا حين يؤمر .
اليوم نحن بحاجة إلى إعادة النظر في طريقة تقديرنا لمن حولنا وكما يقال الاعتراف بالفضل لا يحتاج إلى عدسات مكبرة، بل لقلوب مفتوحة وأبصار يقظة. فالخطأ لا يُمْحَى بالإنكار بل بالصدق والتصحيح والنية الطاهرة والمواطنة الصادقة

المصدر: صراحة نيوز

كلمات دلالية: اخبار الاردن عرض المزيد الوفيات عرض المزيد أقلام عرض المزيد مال وأعمال عرض المزيد عربي ودولي عرض المزيد منوعات عرض المزيد الشباب والرياضة عرض المزيد تعليم و جامعات في الصميم ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي تعليم و جامعات منوعات الشباب والرياضة ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام

إقرأ أيضاً:

وسط المفاوضات التجارية بين أمريكا والصين.. كيف أصبحت أسعار النفط؟

سجلت أسعار النفط ارتفاعاً في التعاملات الآسيوية اليوم الاثنين، مدفوعة بالتفاؤل الذي ساد في أسواق النفط عقب محادثات تجارية بين الولايات المتحدة والصين، والتي اختتمت بشكل إيجابي في مطلع الأسبوع، مما دعم معنويات السوق بشأن إمكانية التوصل إلى حل للنزاع التجاري بين أكبر مستهلكين للخام في العالم.

وبحلول الساعة 0001 بتوقيت غرينتش، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 27 سنتاً أو 0.4 بالمئة إلى 64.18 دولار للبرميل، في حين زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط 28 سنتاً أو 0.5 بالمئة إلى 61.30 دولار للبرميل، وفقاً لبيانات وكالة رويترز.

وكان الخامان قد سجلا ارتفاعاً كبيراً يوم الجمعة، حيث ارتفعا بأكثر من دولار وسجلا مكاسب أسبوعية تزيد عن 4 بالمئة، وهو أول ارتفاع أسبوعي لهما منذ منتصف أبريل، بعد أن أعطى تفاؤل المستثمرين بشأن اتفاق تجاري أميركي مع المملكة المتحدة الأمل في تجنب الاضطرابات الاقتصادية الناجمة عن الرسوم الجمركية.

واختتمت الولايات المتحدة والصين محادثات التجارة بشكل إيجابي يوم الأحد، حيث تحدث مسؤولون أميركيون عن “اتفاق” لتقليص العجز التجاري الأميركي، بينما قال مسؤولون صينيون إن الجانبين توصلا إلى “توافق مهم”، رغم أن تفاصيل المحادثات لم تُكشف بعد. وأشار نائب رئيس الوزراء الصيني، خه لي فنغ، إلى أن بياناً مشتركاً سيصدر اليوم الاثنين.

ورغم التفاؤل الناجم عن المحادثات بين الولايات المتحدة والصين، فإن هناك عوامل تحد من المكاسب، مثل خطة أوبك+ لزيادة الإنتاج بشكل أسرع في شهري مايو ويونيو، مما سيضيف المزيد من الخام إلى الأسواق، كما أشار المحلل توشيتاكا تازاوا من شركة فوجيتومي سيكيوريتيز إلى أن “التفاؤل بشأن المحادثات البناءة دعم المعنويات، ولكن التفاصيل المحدودة وخطط أوبك+ لزيادة الإنتاج قد تحد من المكاسب”.

وفيما يتعلق بالإنتاج، كشف مسح أجرته رويترز أن إنتاج أوبك من النفط انخفض قليلاً في أبريل، مما يعزز التوقعات بعدم حدوث تغييرات جوهرية في معروض النفط العالمي. في الوقت ذاته، تواصل المحادثات بين المفاوضين الإيرانيين والأميركيين في سلطنة عمان لحل الخلافات بشأن البرنامج النووي الإيراني، مما قد يسهم في تهدئة المخاوف بشأن نقص المعروض العالمي من النفط.

مقالات مشابهة

  • الرئيس أحمد الشرع: نرحب بجميع المستثمرين من أبناء الوطن في الداخل والخارج ومن الأشقاء العرب والأتراك والأصدقاء حول العالم وندعوهم للاستفادة من الفرص المتاحة في مختلف القطاعات.
  • توقيع مذكرة تفاهم بين الشركة الوطنية للتشغيل والتدريب وكلية التدريب المهني المتقدم في الأردن
  • أبو هميلة: استمرار الدولة في تقديم المحفزات الاستثمارية يعظم الصناعة الوطنية
  • لوتان: غزة أصبحت مقبرة للأطفال بسبب القصف والتجويع
  • شحادة اطلع الرئيس عون على خطة وزارة الدولة لشؤون التكنولوجيا والمشاريع التي تعمل عليها
  • ترامب يصل إلى السعودية في مستهل جولته الإقليمية
  • حزب الله أمام استحقاق ترميم علاقاته اللبنانية والتسليم بحصرية السلاح
  • العراق وسياسة التوازن بين أطماع الخارج وتحديات الداخل
  • وسط المفاوضات التجارية بين أمريكا والصين.. كيف أصبحت أسعار النفط؟