علي جمعة عن توثيق السنة: الصحابة كانوا يحرصون على الكتابة فى عهد النبي
تاريخ النشر: 15th, May 2025 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، مفتى الجمهورية الأسبق، إن العلماء منذ العصور الأولى للإسلام وحتى عهد الصحابة والتابعين كانوا يحرصون على كتابة الأحاديث النبوية من وقت النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهو لا يزال حياً.
واستدل عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، في تصريح له، بحادثة مشهورة حينما جاء رجل اسمه "أبو شاه" وطلب من النبي أن يكتب له حديثه، فرد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم قائلاً: "اكتبوا لأبي شاه"، وهذا دليل على أن التدوين كان موجوداً منذ ذلك الوقت.
وأضاف الدكتور علي جمعة أن التابعين أيضاً حرصوا على جمع الأحاديث، مثل صحيفة وهب بن منبه التي تضم حوالي 132 حديثاً، والتي يعدها البعض من مصادر جمع البخاري، ولهذا فإن من يقول إن البخاري جمع أحاديثه من فراغ، فهناك أسانيد تاريخية واضحة مثل هذه الصحيفة.
هل يجوز للحاج التسوق بعد طواف الوداع وحكم جمعه مع الإفاضة؟.. الإفتاء ترد
هل يجوز للحاج مغادرة عرفات قبل غروب الشمس؟.. الإفتاء تفند خلاف الفقهاء
ولفت إلى أن بعض الصحابة كانوا يكتبون الأحاديث والبعض الآخر كان يعتمد على الحفظ فقط، وهذا سبب اختلاف عدد الروايات التي نقلها بعض الصحابة، حيث إن الكتابة كانت تساعد في التذكر وتسمى الآن "مذكرات"، بينما البعض الآخر كان يعتمد فقط على الذاكرة، فكان يتذكر أحياناً ولا يتذكر أحياناً.
وتابع: إن عدد الصحابة الذين شهدوا حياة النبي صلى الله عليه وسلم ويطلق عليهم الصحابة عليهم حوالي 114 ألف صحابي، وقد رُصد عددهم في حج الوداع، حيث ثبت وجود 114 ألفاً منهم، وأن الصحابة كانوا ينقسمون إلى دوائر بحسب قربهم من النبي، فمنهم من جلس معه سنين وغزا معه غزوات كثيرة، ومنهم من رآه مرة أو مرتين فقط.
ولفت إلى أن تعداد الصحابة الذين نعرف أسمائهم يصل إلى حوالي 9500 اسم، بناءً على تتبع التاريخ والنقل والعقل، ولكن من هؤلاء لم يروِ عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا حوالي 1720 صحابي فقط، موضحا أن هؤلاء الصحابة الذين رووا الحديث عن النبي هم الذين ظهرت أسماؤهم في كتب الحديث، مثل مسند الإمام أحمد، مسند عبد الله بن مسعود، ومسند أنس بن مالك.
وأكمل: "أما الصحابة الآخرون، أي حوالي 800 منهم، فقد رووا حديثاً واحداً فقط، ونحو 1000 صحابي من الـ1720 رووا حديثاً واحداً فقط، وهذا له دلالة مهمة، فهو رد على من يشكك في صحة السنة النبوية، إذ كيف لشخص أن يعيش حياته كلها ويتبع أوامر النبي ويعيش على حديث واحد فقط؟!".
وختم: "هذا الحديث الواحد قد يكون سطراً أو حكمة عظيمة مثل قوله تعالى: «اتق الله حيثما كنت، واتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن»، وهو معيشة كاملة وسلوك يحيا بها الإنسان، فهل يعقل أن كل هذا يروى في سطر واحد فقط؟ هذا يدل على قوة التوثيق والحرص على السنة من الصحابة والتابعين رحمهم الله".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علي جمعة السنة الصحابة صلى الله علیه وسلم علی جمعة
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: الهجرة باقية إلى يوم الدين ولو كانت شبرا في سبيل الله
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان سيدنا النبي ﷺ عندما أمر أصحابه بالهجرة إلى الحبشة، ضرب لنا مثلاً إلى يوم الدين في هجرة الأمن؛ فمن ضيق عليه في وطنه، فلم يأمن على نفسه أو ماله أو عرضه، فله أن ينتقل إلى بلادٍ أخرى يجد فيها الأمن والأمان.
وأضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أنه قد ضرب لنا مثلاً آخر في هجرة الإيمان، وهى التي فعلها كل الأنبياء، إذ هاجروا بالمؤمنين من ديارهم، فرأينا سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة السلام وهو يقول: {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ}، وسيدنا إبراهيم ترك قومه وهاجر هجرة إيمان، وقد تكون أيضًا أمن، لأنهم ألقوه في النار .
وهاجر سيدنا موسى عليه السلام ببني إسرائيل، وهاجر سيدنا عيسى عليه السلام إلى مصر صغيرًا، وهاجر سيدنا نوح عليه السلام بسفينته فراراً من الغرق.
فهجرة الأنبياء مذكورة بتفاصيلها في القرآن الكريم.إذًا، مما يُرضي الله أن تُهاجر في سبيله؛ طلبًا للأمن أو طلبًا للإيمان، لكن الهجرة المخصوصة التي قُسِّمَ الصحابة بشأنها إلى "المهاجرين" و"أنصار" قد انتهت بفتح مكة، حتى قال رسول ﷺ بعد فتح مكة : «لا هجرة بعد الفتح؛ وإنما جهادٌ ونية».
ومع ذلك، فقد فتح لنا ﷺ باب الهجرة ووسع معناها جدا، فقال ﷺ : «والمهاجرُ مَنْ هجر ما نهى الله عنه». فبعد أن أغلق باب الهجرة المصطفوية لانتهاء زمانها، فتح باب الهجرة الإيمانية لبقائه إلى يوم الدين، «والمهاجرُ مَنْ هجر ما نهى الله عنه» ، وفي حديث «ولو أن تهاجر شبرًا من الأرض».
فما معنى "تهاجر شبرًا من الأرض"؟ كان بعض مشايخنا قديمًا –وكانت، وما زالت الزحام في المواصلات، واختلاط الرجال بالنساء، وما يصحب ذلك من أذى - يقول: "الآن ظهر الحديث، لو تحركت شبرًا لتحافظ على حرمة المرأة، أختك في الله، لكي لا تضايقها، فقد هاجرت في سبيل الله".
كنا نظن أن "شبرًا" مجاز، لكن تبين أنه حقيقي، أن تهاجر في سبيل الله يعني الابتعاد عن الأذى، والضرر، والإضرار، والمعصية، وسوء الأدب، وقلة الحياء، وقلة الديانة... هاجر.
وقد يتحول أحدهم من مكتبه إلى غرفة مجاورة، ونيته في ذلك أَلَّا يسمع الْغِيبة، ولا النميمة، ولا البهتان، فيكون بذلك هاجر مترًا من الأرض، وهكذا.
فهذا شعور ما زال باقيًا في قلب المؤمن؛ أن يُهاجر في سبيل الله، ولو شبرًا من الأرض.
إذًا، معنى الهجرة معنى واسع، فقد تكون : الهجرة للأمن، وقد تكون للإيمان، وقد تكون بعدًا عن المعصية، وقد تكون طلبًا للعلم، وقد تكون بِرًّا بالوالدين، وقد تكون في سبيل الله؛ طلبًا للجهاد بكل أنواعه، وقد تكون طلبًا للرزق، ... وغيرها من صور الهجرة التي لا تزال أبوابها مفتوحة لمن أراد وجه الله تعالى.