نشرت صحيفة "لكسربس" الفرنسية تقريرًا سلّطت فيه الضوء على تدهور أوضاع حرية التعبير في الجزائر وتونس، موضحةً كيف تحوّلت ضفتا الجنوب من البحر المتوسط إلى "قبور للحرية".

وأوضحت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، بأنه وفي في مشهد يبعث على القلق، تتحول ضفّة المتوسط الجنوبية إلى ساحة تضيق فيها أنفاس الحرية، وسط تصاعد حملات القمع والتضييق على الأصوات الحرة والمثقفين.



وأشارت الصحيفة إلى أن الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، الذي يعاني من مرض السرطان، يقبع منذ قرابة ستة أشهر في أحد السجون الجزائرية. أما الكاتب المعروف كمال داود، الحائز على جائزة غونكور لعام 2024 عن روايته الحوريات، فهو الآن ملاحق بمذكرتي توقيف دوليتين صادرتين عن السلطات الجزائرية، إثر اتهامات بـ"المساس بالمصالحة الوطنية" و"انتهاك الخصوصية".



وتناول الصحفيون في مجلة لكسبرس، من بينهم إتيان جيرار وألكسندرا سافيانا وشارلوت لالان، في تحقيق حديث كيف أن النظام الجزائري بقيادة عبد المجيد تبون لا يتورع عن استخدام جميع الوسائل لإسكات منتقديه. فعندما لا يستطيع سجنهم داخل البلاد، يلاحقهم في المنافي؛ فتشويه السمعة وترهيب المقربين وبث مشاعر الذنب، كلها أساليب تعيد إلى الأذهان أدوات الأنظمة الديكتارتورية القديمة، التي تسعى إلى السيطرة الكاملة على جميع جوانب الحياة في الدولة.

تخاذل دولي وصمت فرنسي
ذكرت الصحيفة أنه في مواجهة هذا القمع، يبدو أن فرنسا التي لطالما تباهت بأنها "بلد حقوق الإنسان"، تعجز عن تبني موقف موحد. ففي 7 مايو/ أيار، صوّت نواب حزب "فرنسا الأبية" ضد قرار أوروبي يدعو للإفراج الفوري عن بوعلام صنصال. بل إن بعض نوّاب اليسار هددوا بالامتناع عن التصويت، بدعوى أن لهجة القرار قد تؤدي إلى تصعيد رمزي غير منتج، على حد تعبير النائبة الفرنسية دومينيك فوانيه.

وفي حين يتعرض كمال داود لحملة تضييق لا تنقطع، ينشغل بعض المثقفين بمناقشة "حقوق الأدب" بدل الدفاع عن الحريات الأساسية. وفي هذا المناخ، بدأت تنتشر عبارات التبرير المبطنة: "نعم، ما يحدث غير مقبول، ولكن...". إنه صوت النسبية القاتلة، الذي يحوّل القضايا الإنسانية إلى نقاشات رمادية.



أما في تونس، فالمشهد لا يقل قتامة؛ ففي نهاية ما وصفه مراقبون بـ"الجنون القضائي"، حُكم على أربعين شخصًا من معارضين وصحفيين ومحامين، بالسجن لمدة وصلت إلى 66 عامًا. ومن بين المحكومين غيابيًّا، الفيلسوف الفرنسي المعروف برنار هنري ليفي، الذي حكمت عليه محكمة تونسية بالسجن 33 عامًا، بتهمة المشاركة في مؤامرة ضد أمن الدولة.

وأوضحت الصحيفة بأن هذه المحاكمة، التي تأتي في ظل سياسة قمعية متزايدة من قبل الرئيس قيس سعيد، تُعد مثالاً صارخاً على تراجع الحريات في البلاد التي كانت مهد "الربيع العربي".

وفي خضم كل ذلك، يقف العالم متفرجاً، فلا بيانات استنكار قوية، ولا مواقف دبلوماسية حازمة. الضفة الجنوبية للمتوسط تُدفن فيها الحرية بصمت، بينما تستمر الأنظمة في التنكيل بمثقفيها ومفكريها.

واختتمت الصحيفة تقريرها بالتأكيد على قول ألبير كامو: "الحرية تظل سجناً طالما هناك إنسان واحد مستعبد على هذه الأرض". واليوم، يبدو أن تلك الكلمات لا تزال تصدح بالحقيقة، في وقت يُعاد فيه رسم خريطة القمع، وسط لا مبالاة مقلقة من المجتمع الدولي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية صحافة عربية الجزائر القمع الحريات تونس الجزائر تونس قمع الحريات صحافة عربية صحافة عربية صحافة عربية صحافة عربية صحافة عربية صحافة عربية سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

المسرحية الموسيقية «هاميلتون» والمؤرخ رون تشيرنو يحصلان على جائزة ميدالية الحرية

تحصد مسرحية «هاميلتون» الموسيقية على مسرح برودواي، والمؤرخ الذي ألهمه كتابها، على ميدالية الحرية من المركز الوطني للدستور هذا الخريف، وهي جائزة تُمنح تقديرًا لجهود نشر الحرية حول العالم، وذلك في حفل يُقام في أكتوبر في مركز "إندبندنس مول" بفيلادلفيا.

أشاد منظمو الجائزة بالكتاب والمسرحية لما لهما من "تأثير فريد" في إحياء ونشر قصة دستور الولايات المتحدة، وألكسندر هاملتون، الشخصية المحورية في صياغة وثيقة الحكم والترويج لها. وكان أيضًا أول وزير خزانة أمريكي.

أصبحت مسرحية "هاميلتون"، التي عُرضت لأول مرة على مسرح برودواي قبل عقد من الزمان، معلمًا ثقافيًا بارزًا، حيث فازت بجائزة بوليتزر، وجائزة غرامي، و11 جائزة توني.

مؤلف مسرحية «هاميلتون»: الجائزة شرف عظيم

وصف لين مانويل ميراندا، مؤلف المسرحية الموسيقية، الجائزة بأنها شرف عظيم، وقال في بيان صدر قبل الإعلان الرسمي: "الدستور ليس مجرد قطعة أثرية تاريخية، بل هو تحدٍّ. دعوة للمشاركة، للتعبير عن الرأي، ولتحسين التصور، وللعمل يوميًا نحو اتحاد أكثر كمالًا".

ومن بين كتب تشيرنو العديدة سيرة الرئيسين السابقين جورج واشنطن ويوليسيس إس. غرانت، ومؤخرًا، سيرة الكاتب والفكاهي مارك توين.

وأضاف تشيرنو في بيان: "من خلال كتابتي عن هاميلتون وواشنطن وغرانت، أدركتُ أن الحرية ليست هبةً تتوارثها الأجيال، بل مسؤوليةٌ تتطلب الشجاعة والتنازل والالتزام. لم يكن هؤلاء الرجال كاملين، لكنهم تجرأوا على تصوّر شيءٍ أعظم من أنفسهم".

أُسست ميدالية الحرية عام ١٩٨٨ تكريمًا للذكرى المئوية الثانية لتوقيع دستور الولايات المتحدة عام ١٧٨٧، وكان ومن بين الفائزين بها مؤخرًا قاضية المحكمة العليا الراحلة روث بادر غينسبيرغ، ومخرج الأفلام الوثائقية كين بيرنز من شبكة بي بي إس.

اقرأ أيضاًأهم ليلة على مسرح برودواي.. متى سيُقام حفل توزيع جوائز توني؟

فرقة «فابريكا» تحيي حفلا فنيا على مسرح أوبرا دمنهور

كارا يونج تقترب من صنع التاريخ في برودواي عبر مسرحية «الغرض»

مقالات مشابهة

  • نائب المندوب الفلسطيني بمجلس الأمن الدولي يدعو لوقف القمع الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني
  • المسرحية الموسيقية «هاميلتون» والمؤرخ رون تشيرنو يحصلان على جائزة ميدالية الحرية
  • رئيس مجلس إدارة شركة المها الدولية محمد العنزي: على بعد كيلو مترات من هذا القصر ولدت أول أبجدية عرفتها البشرية وعلى هذه الأرض خط الإنسان أولى الحروف التي تحولت لاحقاً إلى حضارات وتراث إنساني لا يزال نوره يهدي العقول والأمم ومن هنا من دمشق نطلق مشروعنا الث
  • من ليفربول إلى أمستردام.. موجة احتجاجات في ذكرى انقلاب السيسي
  • يسقط القمع بالقاهرة وغزة.. مظاهرة بهولندا ضد السيسي في ذكرى الانقلاب (شاهد)
  • توكل كرمان في مؤتمر دولي بكندا: السلام الدائم لا يُمنح بل يُبنى على أسس الحرية والعدالة ومحاسبة المجرمين
  • الحرية المصري: ثورة 30 يونيو انتصار حقيقي على الفكر المشبوه والدين المزيف
  • في كوريا الشمالية.. من يُسمح له بالدخول إلى المنتجع الضخم الذي افتتحه زعيم البلاد؟
  • توكل كرمان: السلام الدائم لا يُمنح بل يُبنى على أسس الحرية والعدالة الانتقالية ومحاسبة المجرمين
  • تير شتيجن يُغلق باب الرحيل ويتمسك ببرشلونة رغم الإغراءات الفرنسية