يذكر المغرمون بالأدب رواية "سباق المسافات الطويلة" لعبد الرحمن منيف حين وصف روائيا بعقل العلوم السياسية خروج منطقة الشرق الأوسط من تحت النفوذ الإنجليزي إلى النفوذ الأمريكي، حيث حل استعمار غير مباشر محل الاستعمار المباشر دون أن تتحرر المنطقة. نرى هذه الأيام أن سباق المسافات يدخل شوطا ثانيا يفتح على مستقبل جديد للمنطقة تتوزع فيه المقاعد والنفوذ على شكل يناقض ما وصلت إليه سباقات المسافات الأولى، فكأن المنطقة تعود إلى نقطة الانطلاق لتصعد ربوة تاريخها بنفس جديد.
ستؤرَخ المنطقة بزيارة ترامب إلى الخليج ربيع 2025، وسيبنى على الزيارة ما لم يُبن على غيرها من زيارات المسؤولين الأمريكيين للمنطقة، وقد تصنع بها بداية جديدة نتوقع بعضها ولا يمكننا الجزم بخلاصات سريعة. فالتحليل واقع حتى الآن تحت تأثير الصور الجميلة والرغبات الطيبة في التغيير، ولا يجب أن يغفل أي تحليل عقلاني أن الكيان الصهيوني لا يزال إسفينا مغروسا في قلب المنطقة لم يفقد دوره وإن توفرت بشارات طوفانية.
يجري كسر الصور النمطية للعرب
العرب الذين استقبلوا ترامب في 2025 مختلفون عن عرب الثورة العربية الكبرى. لقد بنى إنجليز لورانس العرب صورة عن العرب ونمطوها فصارت صورة وحيدة لهم؛ "قوم أغبياء في الأصل طيبون أحيانا"، وفي الحالتين هم قوم يمكن الاحتيال عليهم والضحك على لحاهم واستعمالهم في معارك ليست لهم.
قوة الصناديق الاستثمارية حولت مركز الثقل العربي من مصر والشام (البعثي) إلى منطقة الخليج، فأنهت أثر الخطاب القومي الناصري والبعثي وهي تؤسس لرؤية جديدة لموقع العرب في العالم. هي رؤية العربي التاجر والمستثمر في سوق عالمية منزوعة السلاح ومنزوعة الأيديولوجيا. يبدو ترامب هنا هو التاجر الذي يأتي لعقد الصفقات ويهدئ السوق لتنجح التجارة، وهذه قيادة مختلفة عن ترامب الأول وعن جورج بوش وأسلافهما
لقد ترسخت صورة نمطية عن عربي سمين وغبي يملك المال و"يبعزقه" في اللهو والمجون ولا يبني به تنمية ولا حضارة، ورث الأمريكي القادم إلى المنطقة منتصرا في حرب كونية الصورة واستعملها بإتقان. والجميع يتذكر جورج بوش يدخل المنطقة غازيا ويقول "العرب يملكون ثروة لا يستحقونها فهي لنا"، وقد وجد من العرب من ناصره على عرب آخرين وبخطاب قومي، ومارس ترامب الأول سلوكا مشابها لبوش.
ترامب الثاني تكلم بحديث مختلف مع عرب أظهروا له وجه الشريك الند أكثر من وجه التابع الذليل، فوضعوا حديث الشراكات الاقتصادية والسياسية على الطاولة. وبدا الرجل مجاملا ومتفهما لطموحات القيادات الجديدة، وقد يكون فعلا متعاونا في بناء علاقات ندية أساسها الاحترام. طبعا علينا انتظار زمن طويل لفرز الصدق من النفاق، فقد كان خطاب لورنس العرب جميلا أيضا قبل انكشاف سايكس بيكو الكارثية. ما الذي تغير في المنطقة ليتغير ترامب وسياسات الكاوبوي الأمريكي ويفسح لتاجر الصفقات المحترف؟ ولا نخال ترامب إلا وقع تحت تأثير الإبهار الحضري فنسي صورة الخيمة والجمل والعربي الحافي القدمين.
تغيرات كبيرة جاءت متأنية
الصورة النمطية التي صنعها الإنجليز والفرنسيون عن "عرب النفط" ورثته أيضا مصر الناصرية وبقية الأنظمة القومية في الشام والعراق وعاش به القذافي، وعاملت عرب الخليج كما عاملهم الأمريكي؛ "أكداس من الرز" موضوعة بغير أيدي مستحقيها. فمصر أم الدنيا جملة خرجت من إذاعة صوت العرب وظلت فعّالة إلى انقلاب السيسي الذي كرّس لفظ الرز الخليجي.
مشاهد التنمية الاقتصادية في بلدان الخليج كشفت تحول هذه البلدان إلى مجالات استثمار مغرية لرئيس الشركات الأمريكية المتحدة، والصناديق الاستثمارية الخليجية (السعودية والكويت وقطر والإمارات) صارت فاعلا قويا في اقتصادات العالم يحتاج اقتصاد أمريكا والعالم الراكد إلى مراودتها وبسط الزرابي الحمراء لها. ولأن الطاقة الأحفورية لم تفقد قيمتها أمام الطاقات النظيفة البديلة بعد، فإن أمام هذه الصناديق مستقبل مفتوح.
كانت جملة نفط العرب للعرب تخفى خطابا قوميا عربيا يضع عينه على أموال الخليج ليستثمرها في غير موضعها باسم تحرير فلسطين (معركة العرب جميعهم)، لكن أصحابها وضعوها الآن في مكانها متجاوزين الدعاية القومية التي تبنت بعلم أو بدونه خطاب الاحتقار الاستعماري لبدو الخليج. لقد تحرر عرب النفط من عقد الناصرية والبعث التي طعنت في عروبتهم.
قوة الصناديق الاستثمارية حولت مركز الثقل العربي من مصر والشام (البعثي) إلى منطقة الخليج، فأنهت أثر الخطاب القومي الناصري والبعثي وهي تؤسس لرؤية جديدة لموقع العرب في العالم. هي رؤية العربي التاجر والمستثمر في سوق عالمية منزوعة السلاح ومنزوعة الأيديولوجيا. يبدو ترامب هنا هو التاجر الذي يأتي لعقد الصفقات ويهدئ السوق لتنجح التجارة، وهذه قيادة مختلفة عن ترامب الأول وعن جورج بوش وأسلافهما.
كما يبدو العربي الغني هنا هو الشريك الذي يعالج بالصفقة ما لا يعالج بالثورجية القومية، خصوصا وأن الثورجية القومية أسفرت عن جرائم في حق العربي ولم تحرر شبرا من فلسطين الذريعة. وهذه بوابة تستدعي سوريا ما بعد البعث الثورجي إلى السوق الجديدة، ويبدو أن الشامي التاجر بالسليقة قد استيقظ من نومته القومية.
زيارة الصفقات مرت فوق مصر وريثة الناصرية التي تحسب أكداس الرز الخليجي مقابل تلويح بحماية عسكرية (جيش مصر يحمي الخليج) ونراها تخرجها من كل دور وتعيدها إلى موقعها الثانوي، فحصارها لغزة الذي قدمته كعربون ولاء لم يجدها لتكون محطة تتلقى الشكر والدعم. ويمكننا بناء التوقع التالي بشيء من يقين: إن توسل الشرعية السياسية بخدمة الكيان لم تعد مجدية للنظام المصري ولغيره، وهذا مؤشر على نهاية هذا الدور ومؤشر أكبر على أن المخدوم وأعني الكيان لم يعد مفيدا أو يفقد موقعه. هنا نتحسس تغييرا كبيرا في إعادة هندسة المنطقة بإعادة ترتيب الشركاء على قاعدة جديدة.
التطبيع لا يزال فوق الرؤوس
الاختبار الحقيقي لقوة عرب الصفقات الجدد هو فلسطين، فالسلام في المنطقة مؤجل حتى التحرير، سواء قيل ذلك علنا أو أخفي في ثنايا حديث الصفقات.
عندما يقول ترامب إن السعودية يمكنها أن تطبع متى شاءت فهذا يعني النأي عن حديث صفقة القرن لترامب الأول وفتح باب لعلاقات لا تمر بالكيان، كما أننا نلتقط مؤشرا ذا دلالة وهو إلقاء نعت الإرهاب بعيدا عنهم ورميه على إيران. لقد انتهى الوصم
وسواء عندنا تسليم عرب الصفقات بنتيجة حرب الطوفان أو إنكارها فإننا نبني على أن حرب غزة خلخلت المنطقة وفرضت إعادة ترتيب أوضاعها دون الكيان. الثمن المدفوع في غزة كان عظيما وقد فرض إعادة النظر في موقع الكيان ودوره. هذا الكيان قابل للهزيمة وأسطورة منَعَته الأبدية تهشمت.
هناك احتمال على طاولة الاقتصاد العالمي؛ تأمين مصادر الطاقة وحركة الصناديق الاستثمارية وممرات التجارة العالمية يمر بالحديث الندّي مع أصحابها دون حفظ عروشهم بخدمة الكيان. فعندما يقول ترامب إن السعودية يمكنها أن تطبع متى شاءت فهذا يعني النأي عن حديث صفقة القرن لترامب الأول وفتح باب لعلاقات لا تمر بالكيان، كما أننا نلتقط مؤشرا ذا دلالة وهو إلقاء نعت الإرهاب بعيدا عنهم ورميه على إيران. لقد انتهى الوصم.
نتوقع أن نقاشات كثيرة ستتجه الآن في منابر خليجية إلى النظر في ما يلي: شرعية الأنظمة في المنطقة يمكن بناؤها ليس على خدمة الكيان بل على قدراتها المالية أولا، والتي كانت مركونة بفعل الكيان نفسه.
هل بدأ المسار الذي يؤدي إلى ترك الكيان يموت بأزماته الداخلية التي زرعها فيه الطوفان؟ غير مهم أن يعترف من خذل غزة بأثر الطوفان، فهو يستفيد الآن من نتائجه وإن أدانه. نظن أن مخابر السياسة عند ترامب أعلم بأثر الطوفان في التاريخ، وما التحول إلى الصفقات إلا يأسا من تحصيل غنيمة بحرب انتصر فيها الفلسطيني رغم فارق القوة. فأول من يدرك أن حماس كانت تحارب الترسانة الأمريكية والغربية هو ترامب.
لكن لنحذر الأماني التي تتحول إلى يقين رغبوي. الكيان لا يزال في مكانه واللوبي الصهيوني لا يزال يملك أوراق قوته التي خلقت الكيان ودعمته، والانتقال من صورة الشرق تحت هيمنة الكيان إلى صورته دون الكيان ليست نقلة بيادق على رقعة إنها كش مات.
ننبه لأمر كامن وسيطل برأسه في زمن قريب يتجاوز عقل الصفقات؛ إن الشعوب إذا شبعت واطمأنت وانتهى خداعها بفلسطين ستطلب الحرية والديمقراطية، وحينها ستكون الجولة الثانية من الربيع العربي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه ترامب العرب الاقتصادية اقتصاد امريكا عرب ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الصنادیق الاستثماریة ترامب الأول لا یزال
إقرأ أيضاً:
مونيكا وليم تكتب: مكتسبات زيارة ترامب إلي الخليج.. بين المناورة والتوازن
في تحول لافت يعكس تغيّرًا في بوصلة السياسة الخارجية الأمريكية، اختار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المملكة العربية السعودية لتكون أول محطة له في جولته الخارجية الأول، بحيث تشكل هذه الخطوة استمرارًا لنمط بدأه ترامب في ولايته الأولى، حين كانت الرياض أيضًا أولى وجهاته الخارجية، لكنه في هذه المرة يعزز رسالة مفادها أن الخليج العربي أصبح يمثل أولوية استراتيجية في حسابات الولايات المتحدة، لاسيما بعد تصعيده ضد حلفاؤه في أوروبا وأيضا دول الجوار كندا وإسرائيل.
ومن ثم انطلقت تفسيرات عدة حول أبعاد الزيارة وما تحمله من دلالات على صعيد التوازنات الإقليمية والدولية، وتسعى هذه المقالة إلى الغوص في هذه الأبعاد وتحليل خلفياتها بشكل أعمق؛ وذلك من خلال تفكيك السياقات السياسية المحيطة، واستقراء الرسائل غير المعلنة التي أكدتها الزيارة، في ظل التغيرات المتسارعة في النظام الدولي.
فعلي صعيد الجانب النظري، من الممكن حصر أهداف ودلالات الزيارة في عدة كلمات تتمثل في تعزيز الشراكات الاقتصادية والدفاعية، من خلال صفقات تسلح واستثمارات متبادلة، في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والبنى التحتية، وهو ما يصب في رؤية ترامب الاقتصادية لإعادة الهيمنة الأمريكية من خلال “الصفقات الكبرى ” مع حلفاء رئيسيين في الخليج، كالسعودية، وقطر والإمارات، خاصة في ظل مساعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتوفير رافد استثماري خلال فترة رئاسته، يضمن تدفق وضخ أموال بالداخل الأمريكي خلال إبرام صفقات ضخمة تحقق مصالح الجانبين، فعلي سبيل المثال فقد يبلغ الاستثمار السعودي حوالي تريليون دولار، وعلي الجانب الاخر ستضخ الأمارات استثمارات بنحو 1.4 تريليون دولار.
وفيما يخص أهمية هذه الزيارة ودورها في تشكيل خريطة الشرق الأوسط وتغيير مسار وسياسات الولايات المتحدة في المنطقة ، وذلك خلال التأكيد على دور الولايات المتحدة كضامن للأمن والاستقرار في المنطقة، والتشديد على أن اهتمام أمريكا بمنطقة الباسيفيك لن يكون على حساب منطقة الخليج العربي، من جهة أخري تحقيق تفاهمات بشان قضايا المنطقة وأزماتها وهو ما برزت ملامحه من خلال تغيير سياساته في الشرق الأوسط وتمثل ابرزها في 3 صور، تصاعد الخلاف مع نتنياهو، المساعي لأنهاء الحرب في قطاع غزة وأيضا وصف الرئيس الأمريكي يوم 12 مايو2025 للحرب في القطاع بأنها حرب وحشية.
ومع استقراء المضامين المتزامنة والتي تتمثل في ملفات لا تزال عالقة في توازنات معقدة إقليميًا ودوليًا، فقد تأتي الزيارة في ظل تحولات دولية كبرى وتصاعد التنافس الدولي، إذ لا تزال آثار الحرب الروسية الأوكرانية تلقي بظلالها على توازنات القوى، إلي جانب تعاظم ملامح النظام الدولي الجديد القائم على التعددية القطبية، لاسيما مع تزايد نفوذ الصين في الشرق الأوسط، وتنامي الدور الروسي في إفريقيا وأجزاء من الخليج، فضلا عن رغبة إسرائيل في استمرار القتال وتوسيعه في غزة للسيطرة على القطاع وسط معارضة أمريكية، تراجع قدرات إيران الإقليمية مع تراجع قوة الجماعات الموالية لها مثل حزب الله والميليشيات العراقية، واخيرا استمرار جهود سورية لرفع العقوبات الأمريكية وتحقيق الاستقرار وسط تنافس تركي إسرائيلي على النفوذ في البلاد.
تراجع حدة الحرب التجارية العالمية بعد إبرام واشنطن وبكين اتفاقاً لخفض التعريفات الجمركية بحيث خفضت التعريفات الجمركية 10% علي البضائع الأمريكية وخفضت الولايات المتحدة التعريفات علي الواردات الصينية لتصل إلي 30%، استمرار المفاوضات بين واشنطن وطهران لإبرام اتفاق نووي جديد وسط رغبة إسرائيلية بضرب المنشآت النووية الإيرانية.
وبالنسبة لواشنطن، فإن الخليج لم يعد مجرد مصدر للطاقة، بل ساحة تنافس جيوسياسي على النفوذ، خصوصًا في ظل تقارب بعض الدول الخليجية مع موسكو وبكين.
علاوة على ذلك، تُجرى هذه الزيارة وسط تفكك تدريجي في وحدة المواقف الأوروبية حيال قضايا الطاقة، والدفاع، ما يدفع واشنطن إلى البحث عن شركاء أكثر التزامًا بالمصالح الأميركية، وهو ما يبدو أن ترامب يجده في بعض العواصم الخليجية.
إقليميًا، تأتي الزيارة في وقت تشهد فيه المنطقة إعادة صياغة لتحالفاتها، فقد باتت دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، أكثر استقلالية في قراراتها الخارجية، وأقل ارتهانًا بالمظلة الأميركية التقليدية. كما أن مسار التقارب السعودي-الإيراني برعاية صينية، وتوسع العلاقات الخليجية مع كل من روسيا والهند، يشكلان عاملين استراتيجيين لا يمكن لواشنطن تجاهلهما.
بينما يركز ترامب على قائمة من الأهداف خلال زيارته الحالية فإن دول الخليج لديها هي الأخرى قائمة من المطالب التي تلبي مصالحها الاستراتيجية، والتي تتضمن الردع بشأن إيران وإسرائيل، وضبط معضلة "إدارة التصعيد" في المنطقة، وكبح جماح إسرائيل سواء على صعيد احتمالات قيامها بعمل أحادي تجاه إيران، أو ممارساتها المزعزعة للاستقرار في سوريا، أو حربها اللامتناهية في غزة.
فضلا عن تغيير اسم الخليج الفارسي الي الخليج العربي وهو ما تم طرحه سابقا عام 2012، فوفقًا لصحيفة نيويورك تايمز فلم يسهم هذا الأجراء في حدوث أي تغيير يذكر علي مسار مفاوضات بالاتفاق النووي بل قد ينًظر إليه نوع من أنواع المغازلة السياسية لدول الخليج ، مما يجعل المملكة الحليف الأكبر والأكثر تقربًا للولايات المتحدة ومن ثم تغيير طبيعة العلاقات مع إسرائيل.
أما علي صعيد المملكة العربية السعودية علي وجه الخصوص، فمن المرجح اكتمال صفقة حول التكنولوجيا النووية المدنية السلمية مع السعودية مع ضرورة البحث إيجاد إطار عمل أوسع من 123 لتحديد طبيعة العلاقة مع المملكة ومع محاولة استنباط رد الفعل الإسرائيلي فيمكن في هذا الإطار تفحص تصريح روندنمر والذي أشار بشكل غير مباشر لعدم اعتراض الجانب الإسرائيلي علي حصول المملكة السعودية علي البرنامج النووي السلمي والإقرار بحصولها علي أنظمة أسلحة دقيقة، وأيضا تصريح توني بلينكن في دافوس 2024 في السعودية والذي اشترط فيه توقف المملكة عن شراء أسلحة من الصين وتقييد الاستثمارات الصينية داخل المملكة.
نقل تكنولوجيا وأدوات الذكاء الاصطناعي إلى السعودية لاسيما أن هناك شركة هيومان والتي تعد أحد ابرز الشركات المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة التي تهدف إلي تطوير وإدارة حلول منظومة الذكاء الاصطناعي.
ختاماً تتجاوز زيارة ترامب الحالية لمنطقة الخليج الأبعاد الرمزية التي يرجحها بعض المحللين ، حيث تتبدى أهميتها الفائقة بالنظر إلى جوانب عدة أبرزها، ضرورات اقتصادية ملحة، وتقلبات جيوسياسية عالمية، ومركزية دول الخليج الراسخة في الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، وبينما ترحب دول الخليج باهتمام واشنطن المتجدد، فإنها تزداد حزماً تجاه مطالبها ومصالحها الاستراتيجية، في عالم يشهد تطورات نوعية متسارعة على صعيد طبيعة النظام الدولي وموازين القوى العالمية.