#سواليف

#ترامب في #الخليج مجددًا: بين دبلوماسية #الصفقات ومأزق القيم
بقلم: الأستاذ الدكتور محمد تركي بني سلامة

زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى كل من السعودية وقطر والإمارات أعادت إلى الواجهة مجددًا النقاش الحاد في المجتمع الأميركي حول طبيعة سياسته الخارجية، والرسائل التي يحملها حضوره في منطقة الخليج، وما إذا كانت تحركاته تعكس رؤية استراتيجية حقيقية أم مجرّد استعراض دبلوماسي محكوم بمنطق الصفقات.

في عواصم الخليج، حظي ترامب باستقبال حافل وترحيب سياسي وإعلامي واضح، وجرى توقيع عدد من التفاهمات الاقتصادية والأمنية التي يرى فيها أنصاره دليلًا على نجاحه في تعزيز الدور الأميركي في المنطقة، بعد ما يعتبرونه تراجعًا نسبيًا خلال إدارات سابقة. لكن في الداخل الأميركي، لم تمر الزيارة مرور الكرام، بل كانت كاشفة مرة أخرى لحجم الانقسام في تقييم شخصية ترامب ونهجه.

مقالات ذات صلة “إذاعة الجيش” الإسرائيلي نقلا عن نتنياهو: يوجد فقط 20 أسيرا على قيد الحياة في غزة 2025/05/16

بين من يراه رجل الدولة الحازم، ومن يراه تاجرًا بلا بوصلــة قيمية، تنقسم الآراء بشدة.

في نظر المحافظين ومؤيدي ترامب، مثل هذه الزيارات تُظهره كقائد حازم، يعيد ترميم العلاقات الاستراتيجية الأميركية مع دول الخليج بعد سنوات من الفتور. فهم يعتبرون أن ترامب، بخطابه الصريح وابتعاده عن لغة الدبلوماسية التقليدية، ينجح في إعادة رسم صورة أميركا كقوة لا تساوم في ملفات الأمن، ومصالح الطاقة، والتصدي للنفوذ الإيراني. ويشيرون إلى أن تعاونه مع هذه الدول في ملفات مثل مكافحة الإرهاب، وتنسيق السياسات الدفاعية، يعزز من موقع الولايات المتحدة في منطقة تزداد فيها التحديات تعقيدًا.

لكن في المقابل، ينظر منتقدو ترامب إلى الزيارة من زاوية مختلفة تمامًا. فهم يرونها حلقة جديدة في مسلسل طويل من “الدبلوماسية الانتهازية” التي تفتقر إلى أي رؤية إنسانية أو التزام بالقيم الديمقراطية التي طالما تغنّت بها واشنطن. فقد مرّت زيارة ترامب دون أن يُثار فيها أي نقاش علني حول ملفات حقوق الإنسان، الحريات السياسية، أو الإصلاحات الديمقراطية، بل جاءت كمباركة غير مشروطة لأنظمة لا تزال تعاني من أزمات بنيوية على المستويات السياسية والاجتماعية.

وتكمن المفارقة في أن ترامب، الذي بنى كثيرًا من خطابه الانتخابي على مهاجمة المسلمين ووصف بعض الدول الإسلامية بـ”الإرهابية”، يعود الآن إلى الخليج بخطاب ودي وتحالفي، في صورة تؤكد ازدواجيته السياسية وانفصاله عن أي مبدأ أخلاقي ثابت. وهذا ما يدفع كثيرًا من الأميركيين إلى التساؤل: هل ما زالت الولايات المتحدة تحمل رسالة للعالم؟ أم أن منطق المال والتحالفات الظرفية بات هو الموجّه الأوحد لسياستها الخارجية؟

الأهم من ذلك كله، أن زيارة ترامب هذه لا تأتي في فراغ. فهي جزء من تحرك أوسع يسعى من خلاله إلى تسويق نفسه دوليًا تمهيدًا لمعركة داخلية أشد ضراوة في المشهد السياسي الأميركي. إنه يحشد الصور والانطباعات من الخارج لتقديمها لجمهوره في الداخل، في محاولة لإثبات أنه لا يزال ذلك القائد القوي القادر على فرض احترامه على الساحة الدولية، رغم كل الجدل والانقسامات.

في المحصلة، كانت زيارة ترامب إلى السعودية وقطر والإمارات ناجحة شكليًا، لكنها أخلاقيًا تطرح الكثير من الأسئلة. فهي قد تكون مفيدة على مستوى الأرقام والصفقات، لكنها تزيد من تعرية التناقض في الخطاب السياسي الأميركي، وتُعمّق من شعور شعوب المنطقة بأن الديمقراطية التي تتحدث عنها واشنطن ما هي إلا شعار يُرفع حينًا ويُسقط حينًا آخر بحسب المصلحة.

وهكذا، فإن زيارة ترامب، كما شخصيته، تظل محمّلة بالرسائل المتضاربة: صفقات براقة، وخطاب جاف، وتحالفات متبدلة، في زمن أصبح فيه الثابت الوحيد هو غياب الثوابت.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف الخليج الصفقات زیارة ترامب

إقرأ أيضاً:

هل يحصل نتنياهو على عفو رئاسي من تهم الفساد التي تلاحقه؟

شكر رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الدعوة لإلغاء محاكمته بتهم الفساد.

وأثارت دعوة ترامب لإلغاء محاكمة نتنياهو بتهم الفساد جدلا واسعا وحالة استقطاب في إسرائيل.



والخميس الماضي، أيد الداعمون لنتنياهو دعوة ترامب، إلا أن المعارضين دعوا الرئيس الأمريكي إلى عدم التدخل بعملية قانونية تجري في "إسرائيل".

ويواجه نتنياهو اتهامات بالرشوة والاحتيال وإساءة الأمانة قد تقوده إلى السجن بحال أُقرت، ويمثل منذ عدة أشهر أمام المحكمة مرتين أسبوعيا للرد على تلك التهم.

هل يحصل على عفو؟

دعوة ترامب أثارت تساؤلات قانونية حول إمكانية منح رئيس حكومة على رأس عمله عفواً رئاسياً، فبحسب القانون الإسرائيلي، لا يمكن للرئيس أن يمنح العفو إلا بطلب مباشر من الشخص المعني، وبعد التشاور مع النيابة العامة ووزارة العدل، كما أن العفو لا يُمنح عادة إذا ثبتت في القضية صفة "العار الأخلاقي" التي تمنع صاحبها من تولي المناصب العامة، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".

وفي تصريحات نادرة، أبدى رئيس دولة الاحتلال يتسحاق هرتسوغ، وفي تصريحات نادرة، انفتاحاً على فكرة التوصل إلى تسوية شاملة، مشيراً إلى أن أكثر من 90 في المئة من القضايا الجنائية في إسرائيل تنتهي عبر صفقة.

وقد دعا هرتسوغ إلى "حوار مسؤول" بين السلطات القضائية والسياسية للوصول إلى حل توافقي، ولكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة احترام استقلال القضاء وسيادة القانون.

إقرار بالذنب

ويمكن إيقاف محاكمة نتنياهو حال التوصل إلى صفقة "إقرار بالذنب" مع النيابة العامة، يصادق عليها الرئيس الإسرائيلي بإعلان عفو.

و"يعتقد هرتسوغ أن محاكمة نتنياهو يجب أن تنتهي في هذا الوقت عبر اتفاق إقرار بالذنب، لأن إسرائيل، من وجهة نظره، دولة قانون ذات سيادة وديمقراطية، ونظام قضائي مستقل"، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.




وتابعت: "وعلى خلفية تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الداعية إلى إلغاء محاكمة نتنياهو، يعتقد هرتسوغ أنه ينبغي على الأطراف الدخول في حوار مكثف في أقرب وقت ممكن، كما أوصت المحكمة".

وفي يناير/ كانون الثاني الماضي بدأت جلسات استجواب نتنياهو، الذي ينفي صحة الاتهامات بالفساد والرشوة وإساءة الأمانة فيما يعرف بملفات "1000" و"2000" و"4000".

ويتعلق "الملف 1000" بحصول نتنياهو وأفراد من عائلته على هدايا ثمينة من رجال أعمال أثرياء، مقابل تقديم تسهيلات ومساعدات لهذه الشخصيات في مجالات مختلفة.

فيما يُتهم في "الملف 2000" بالتفاوض مع أرنون موزيس، ناشر صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية الخاصة، للحصول على تغطية إعلامية إيجابية.

أما "الملف 4000" الأكثر خطورة فيتعلق بتقديم تسهيلات للمالك السابق لموقع "واللا" الإخباري شاؤول إلوفيتش الذي كان أيضا مسؤولا بشركة "بيزك" للاتصالات، مقابل تغطية إعلامية إيجابية.

وإضافة إلى محاكمته داخليا، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، مذكرة باعتقال نتنياهو، لارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.

وتؤكد المعارضة وعائلات الأسرى الإسرائيليين أن نتنياهو يواصل الحرب بقطاع غزة استجابة للجناح اليميني الأكثر تطرفا في حكومته، لتحقيق مصالحه السياسية الشخصية، لا سيما استمراره في السلطة.

مقالات مشابهة

  • الخارجية الأمريكية تكشف عن العقوبات التي لن يرفعها ترامب عن سوريا
  • سوريا بين الحراك السياسي والتحديات الأمنية.. زيارة أممية إلى دمشق وتقدّم في ملفات الإعمار والتجارة
  • الرئيس الإيراني يدعو لفتح صفحة جديدة مع دول الخليج
  • جولة جديدة من المناورات السياسية.. تحركات مصرية وضغوط أمريكية لوقف نزيف غزة
  • الشيوخ الأميركي يمرر مشروع قانون ترامب لخفض الضرائب وماسك ينتقده
  • الصفقات والخروج المونديالي.. 4 ملفات مهمة على طاولة اجتماع الخطيب وريبيرو
  • إيلون ماسك يعود للساحة السياسية ويصف تشريع التضخم الجمهوري بـ "المدمر والمجنون"
  • قاعدة العديد في قطر والإنذار الأخير.. خفايا الليلة التي عبرت فيها الصواريخ الإيرانية أجواء الخليج
  • هل يحصل نتنياهو على عفو رئاسي من تهم الفساد التي تلاحقه؟
  • الأوقاف تعقد27 ندوة بالمساجد الكبرى حول دور الأم في ترسيخ القيم