تنمية المحافظات.. بين التخطيط الاستراتيجي والأولويات
تاريخ النشر: 17th, May 2025 GMT
د. محمد بن خلفان العاصمي
تؤدي الاستراتيجيات والخطط دورًا محوريًا في تحقيق التنمية المُستدامة، وكلما كانت هذه الاستراتيجيات والخطط رصينة، كان طريق التنمية سالكا وواضحا.
وفي مفهوم التخطيط الاستراتيجي لا بُد من أن تُبنى الخطط الاستراتيجية وفق دراسة تحليلية شاملة ومُتكاملة، وأن تُبنى وفق مقتضيات الواقع ومتطلباته وحاجات المجتمع وأولوياته، التي يجب أن تكون هي المرجعية الأساسية التي يقوم عليها التخطيط الاستراتيجي السليم، ولا بُد من التركيز على أهمية اتباع الخطوات العملية في عملية بناء الاستراتيجيات والخطط، خاصة وأنَّ هذه العملية هي علم صحيح قائم بذاته وله أصوله ومناهجه ومختصوه ولا مجال للاجتهاد فيه.
وخلال الفترة الماضية شهدنا قيام عدد من المحافظات بإطلاق هوياتها البصرية والترويجية وأعلنت خططها المستقبلية ومستهدفاتها، وهذا أمر جميل وبالغ الأهمية وهو مواكب لرؤية "عُمان 2040" وكذلك التطلعات المستقبلية لمنظومة المحافظات وتنميتها واستقلاليتها؛ بل هو مطلب مُهم؛ لتمكين هذه المحافظات، كما إنه مؤشر على مدى قدرتها على المضي قدمًا في الاستفادة من الصلاحيات الممنوحة في مقابل الحصول على صلاحيات أكثر في المستقبل القريب، كما أشار إلى ذلك حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- في خطابه السامي خلال يناير الماضي، مُعلنًا أنَّ النية تتجه لمنح مزيد من الصلاحيات للمحافظات بعد نجاح هذا التوجه خلال الخمس سنوات الماضية من عمر النهضة المُتجدِّدة.
ما ينتظر المحافظات من صلاحيات أكثر أو حتى الصلاحيات الحالية، يجب أن يُقابل بعمل مختلف يتناسب مع التطلعات والآمال؛ حيث من المفترض أن تُحلِّل كل محافظة الفرص والمُمكِّنات التي تتمتع بها، والأمر ليس مُقتصرًا على الموارد الطبيعية بكل حال؛ فالموارد البشرية تأتي في المقام الأول؛ لأن هذا العنصر هو القادر على تحقيق القيمة الحقيقية لعملها. لقد حان الوقت لأن تستقطب المحافظات الكفاءات الوطنية؛ سواء من أبنائها أو من غيرهم، لكي يُقدِّموا عصارة خبراتهم وتجاربهم وقدراتهم، والآن هناك فرص كثيرة في المحافظات على عكس الوضع السابق عندما كانت الفرص محصورة في محافظة أو محافظتين.
إن الاستفادة من الكوادر الوطنية ذات الكفاءة العالية والمشهودة سوف يحقق نتائج إيجابية على مستوى الأفكار والرؤى والخطط الاستراتيجية، وعلى مستوى التنفيذ كذلك؛ فالخبرات العملية والتجارب والمهارات هي الاستثمار الحقيقي الذي قدمته الدولة لهذه الفئة، ويجب أن تتم الاستفادة منها لا تهميشها. وفي حقيقة الأمر، هناك عدد من المحافظات انتهجت هذا النهج وأشركت هذه الكفاءات الوطنية في رسم مستقبلها وصياغته، وقامت بإشراكهم في العديد من اللجان والمشاريع والبرامج التي تعمل عليها، وهذا هو لب الفكرة وهدف هذا الطرح؛ فالتوازن بين قدرات وطموح الشباب والخبرات جدير بتحقيق النجاح والتميز.
المرحلة المُقبلة تتطلب نوعًا مختلفًا من العمل والتطوير في المحافظات، ولا ينبغي أن تكون المهرجانات هي السمة السائدة في تقديم الصورة الجديدة في عملها، نعم هي جزء من عوامل الجذب، ولكن هناك الكثير من الأفكار التي يمكن أن تخلق قيمة مضافة في المحافظات. ويجب التركيز على الموارد التي تمتلكها كل محافظة، وأن تنطلق الخطط من واقع هذه الموارد، وأن توجه الاستثمارات نحوها لخلق فرص نجاح منها، وإذا ما أحسنت المحافظات الاستفادة من هذا التوجه، فإنِّه نهج كفيل بمُعالجة العديد من الملفات التي تمثل تحديًا حقيقيًا خلال الفترة الحالية، مثل خلق فرص عمل للشباب، وتحقيق النمو الاقتصادي، والتنويع في مصادر الدخل، والاستثمار في رأس المال البشري.
تحتاج المحافظات إلى الأفكار المُبتكرة وتحتاج إلى النظر في أن هذا التوجه الجديد هو فرصة حقيقية للاستفادة من مظلة التنمية ونشرها في جميع أنحاء الوطن، ولكن بمفهوم مختلف، ويجب أن تعمل المحافظات على فكرة التميز والتنافسية أولًا مع واقعها، وإذا ما استطاعت أن تتفوق في ذلك؛ فهذا سوف يقودها إلى مرحلة متقدمة من التطور والتنافسية مع غيرها. ويجب أن تتفوق على ذاتها، وأن تبتعد عن فكرة النظر إلى الآخرين وتقليدهم واستنساخ الأفكار المكررة، دون خلق إضافة حقيقية تتناسب مع مواردها وإمكانياتها وقدراتها، ويجب أن تكون كل محافظة ذات سمة مميزة، وكل ذلك ممكن إذا ما كانت الرؤى واضحة والخطط مُصاغة بشكل صحيح ومُتقن.
إنَّ المسؤولية ليست سهلة، وما تُخصِّصه الحكومة من موازنات لتنمية المحافظات جدير بالاستفادة منه بأقصى حد ممكن، وتعزيزه من خلال مشاريع الاستثمار الجديدة، ومواصلة خلق فرص النجاح، ويجب أن تتوازى الجهود المبذولة لخدمة التنمية في هذه المحافظات؛ بعيدًا عن الأفكار والمشاريع التي لا تخدم التطلعات والطموحات، ولا بُد من الحرص على أن تكون هناك خطة متكاملة لجميع القطاعات فالنهضة المتجددة تستهدف خدمة المواطن في كل بقعة من أرض الوطن، ولن يتحقق ذلك إلّا من خلال تنمية المحافظات والوصول بها إلى مرحلة متقدمة من التطور وتجويد أدائها، وليس من خلال المشاريع المُستهلكة للموازنات والتي لا تعود بالنفع عليها، وهنا يأتي دور التقييم المستمر لأداء المحافظات والذي هو- بكل تأكيد- أمر حاصل.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
التنمية المحلية: إزالة 4161 حالة تعدٍ على الأراضي خلال أسبوع
أكدت وزيرة التنمية المحلية الدكتورة منال عوض، أنه جري تنفيذ 4161 حالة إزالة لمخالفات متنوعة في جميع المحافظات، من بينها 1378 حالة تعدٍ بالبناء على أراضي أملاك الدولة على مساحة 469 ألف متر مربع، و616 حالة تعدٍ بالزراعة على مساحة 4666 فدانًا.
جاء ذلك خلال تلقي الوزيرة اليوم السبت تقريراً بشأن نتائج جهود المحافظات خلال الأسبوع الأول من تنفيذ المرحلة الأولى للموجة الـ26 لإزالة التعديات على أراضي أملاك الدولة والأراضي الزراعية، والتي نفذت في الفترة من 10 إلى 16 مايو الجاري.
وأشارت الوزيرة إلى أن ما تحقق خلال الأسبوع الأول يعكس الحزم والجدية في التعامل مع ملف التعديات، بفضل التعاون والتنسيق المستمر بين المحافظات والجهات المعنية لتنفيذ القانون واستعادة حقوق الدولة.
وأضافت وزيرة التنمية المحلية أن التعامل مع المتغيرات المكانية غير القانونية يسير وفق خطة دقيقة، حيث نجحت المحافظات في إزالة 1143 حالة بناء مخالف على مساحة 156 ألف متر مربع، بالإضافة إلى إزالة 125 حالة زراعة غير قانونية على مساحة 46 فدانًا.
وأوضحت الدكتورة منال عوض، أن المحافظات واصلت جهودها أيضًا في إزالة التعديات على الأراضي الزراعية، حيث تم رصد وإزالة 899 حالة تعدٍ بالبناء على مساحة بلغت 53 فدانًا.
وأشارت إلى أن غرفة العمليات المركزية بالوزارة بالتنسيق مع مركز سيطرة الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة، تتابع تنفيذ حملات الإزالة لحظة بلحظة، وتعمل على تذليل العقبات لضمان تحقيق المستهدف من الموجة.
اقرأ أيضاًوزيرة التنمية المحلية تتابع جهود المرحلة الأولى من الموجة 26 لإزالة التعديات
وزيرة التنمية المحلية تستعرض تقريرا لجهود وحدة السكان المركزية خلال أبريل
وزيرة التنمية المحلية تتابع الموقف التنفيذي لمشروعات الخطة الاستثمارية ومنظومة التصالح