في ظل التحديات العالمية والتحولات الاقتصادية التي تمر بها القارة السمراء، يبرز ضوء من الأمل من خلال تقرير اقتصادي حديث صادر عن منصة "بيزنس أفريكا"، يسلط الضوء على أداء 10 دول أفريقية حققت نموًا ملحوظًا في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي خلال العقد الأخير، وهو مؤشر اقتصادي يعكس بعمق تحسن جودة الحياة والاستدامة المالية في هذه الدول.

تنوع الأداء في القارة الأفريقية

جاء في التقرير أن الدول العشر المتصدرة لقائمة النمو هي: ليبيا، مصر، إثيوبيا، الرأس الأخضر، رواندا، كوت ديفوار، غينيا، موريشيوس، كينيا، وبنين. ويُظهر هذا التنوع الجغرافي والاقتصادي مدى قدرة الدول الأفريقية على التطور، رغم ما تعانيه من أزمات متعددة كالفقر، والنزاعات، وتحديات المناخ والبنية التحتية.

يشير التقرير إلى أن هذا النمو لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة حزمة من العوامل المتداخلة، مثل: تحسين الإنتاجية، تطوير البنية التحتية، التقدم التكنولوجي، ورفع كفاءة القوى العاملة. وهي عناصر أساسية تؤسس لنمو اقتصادي قادر على الاستمرار والتوسع.

النمو المستدام.. ركيزة لمجتمعات أكثر عدلاً

النمو في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي لا يعكس فقط حالة الاقتصاد الكلي، بل يلامس حياة الأفراد بشكل مباشر. فكلما ارتفع هذا المؤشر، كلما تقلصت دائرة الفقر، خاصة في حال كان النمو شاملًا وعادلًا. بحسب التقرير، فإن زيادة دخل الفرد تُسهم في توسيع القاعدة الضريبية، وتقليل الاعتماد على الدعم الحكومي المباشر، مما يعزز من الاستقرار المالي ويمنح الحكومات مرونة أكبر في تخصيص الموارد.

مصر... قصة صعود اقتصادي وسط التحديات

من أبرز الدول التي حجزت لنفسها موقعًا متقدمًا في هذا التقرير هي مصر. ووفقًا لتوقعات صندوق النقد الدولي التي أوردها التقرير، فإن الناتج المحلي الإجمالي المصري مرشح للنمو بنسبة 3.8% في العام المالي 2025، مقارنة بـ 2.4% في عام 2024، مع استمرار التحسن في عام 2026 ليصل إلى 4.3%، مدعومًا بالإصلاحات الاقتصادية والنشاط الإنتاجي المتزايد.

مصر في قلب النمو الاقتصادي

قال الدكتور رمضان معن، أستاذ الاقتصاد بكلية إدارة الأعمال، أن تصنيف مصر ضمن قائمة الدول الأعلى نموًا في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي يُعد مؤشرًا إيجابيًا يعكس تحسنًا ملحوظًا في الأداء الاقتصادي المصري خلال السنوات الأخيرة. 

وأوضح أن هذا النمو قد يكون ثمرة لعدد من السياسات الاقتصادية التي ركزت على جذب الاستثمارات، وتحسين البنية التحتية، واستقرار السياسة النقدية.

واعتبر معن أن المشاريع الكبرى مثل تطوير قناة السويس، وإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، إلى جانب التوسع في قطاع الطاقة المتجددة والسياحة، لعبت دورًا رئيسيًا في تعزيز النمو، مما ساهم في رفع الإنتاجية وزيادة فرص العمل.

انعكاسات النمو على حياة الأفراد

وأكد الدكتور معن أن زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي لا تعني فقط أرقامًا اقتصادية، بل تنعكس على حياة المواطنين من خلال تحسن مستوى المعيشة، وتوسيع فرص العمل، وتطوير الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم. وأضاف أن هذا النوع من النمو الاقتصادي يعزز الرفاهية الفردية، ويقود إلى مجتمع أكثر استقرارًا اقتصاديًا واجتماعيًا.

الثقة في الاقتصاد المصري تتعزز

وأوضح معن أن تحسن هذا المؤشر الاقتصادي يعزز من صورة مصر كوجهة جاذبة للاستثمارات في أفريقيا، حيث يزيد من ثقة المستثمرين المحليين والأجانب، ويدعم تدفقات رؤوس الأموال إلى قطاعات متنوعة مثل الصناعة، الزراعة، السياحة، والخدمات اللوجستية. كما أن تنوع الاقتصاد المصري يعد عاملًا رئيسيًا في تحقيق هذا النمو المستدام.

يشير تصدر مصر لقائمة الدول الأفريقية الأعلى نموًا في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى تحول نوعي في مسار الاقتصاد الوطني. فبينما تتقدم القارة السمراء بخطى ثابتة نحو مستقبل اقتصادي أكثر إشراقًا، تثبت مصر قدرتها على المنافسة والاستفادة من مواردها وطاقاتها البشرية في تحقيق تطور اقتصادي ملموس. النمو في نصيب الفرد ليس فقط رقمًا اقتصاديًا، بل هو أيضًا مقياس لجودة الحياة، ونافذة لمستقبل أكثر استقرارًا ورخاءً.

طباعة شارك القارة السمراء مصر ليبيا الاقتصاد التحولات

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: القارة السمراء مصر ليبيا الاقتصاد التحولات فی نصیب الفرد من الناتج المحلی الإجمالی

إقرأ أيضاً:

بغداد تحتضن القادة العرب | القضية الفلسطينية تتصدر القمة.. وخبير: تعزز التعاون لمواجهة الأزمات

تنطلق اليوم السبت 17 مايو القمة العربية الـ 34 في بغداد، العاصمة العراقية التي تستضيف هذا الحدث للمرة الرابعة في تاريخها، تحت شعار "بغداد السلام تحتضن قضايا العرب". 

القمة العربية الـ 34 في بغداد

وتأتي هذه القمة في ظرف استثنائي تمر به المنطقة، وسط استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة للشهر التاسع عشر على التوالي، والتي أسفرت عن كارثة إنسانية غير مسبوقة، مما يضع القضية الفلسطينية على رأس جدول أعمال قادة وممثلي الدول العربية المشاركة في القمة.

وفي هذا الصدد، يقول الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، أن معظم القضايا المتوقع مناقشتها خلال قمة بغداد تعد امتدادا مباشرا لما تم الاتفاق عليه سابقا في قمة القاهرة، وأكد على أهمية بلورة موقف عربي موحد بدلا من تعدد المواقف والانقسامات التي تعيق فعالية التحرك العربي المشترك.

وأضاف فهمي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن هناك إرادة سياسية عربية متجهة في التشكل لمواجهة التحديات الإقليمية الراهنة، خاصة في ظل محاولات بعض القوى الدولية إعادة تشكيل النظام الإقليمي وفق معايير وأسس جديدة قد لا تخدم المصالح العربية.

وأشار فهمي، إلى أن التحولات التي يشهدها الإقليم في الوقت الراهن، وعلى رأسها عودة سوريا إلى النظام العربي، وتنامي التنسيق بين مصر والعراق، تعكس بوادر واضحة على توجه عربي لتعزيز العمل الجماعي المشترك في التصدي للأزمات المختلفة التي تعصف بالمنطقة.

توافد القادة العرب إلى العراق للمشاركة في قمة بغدادالمؤتمر: مشاركة الرئيس السيسي بقمة بغداد تعكس التزام مصر بدعم القضايا العربية ضوء أخضر يسمح للاحتلال بتنفيذ المخططات

واختتم: " هناك حالة الصمت العربي والدولي إزاء ما يجري، وهذا الصمت قد يعني أنه ضوء أخضر يمنح لدولة الاحتلال للاستمرار في تنفيذ مخططاتها التوسعية داخل قطاع غزة، وما يحدث حاليا في غزة يعد جريمة إبادة جماعية ممنهجة، تستوجب تحركا عربيا ودوليا حازما لوقفها ومحاسبة المسؤولين عنها.

وبدأت القمة العربية في بغداد بتوافد القادة والزعماء ورؤساء وفود الدول العربية،  فقد توجه الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم السبت، إلى العاصمة العراقية بغداد للمشاركة في أعمال القمة. 

وأوضح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، السفير محمد الشناوي، أن الرئيس سيلقي كلمة مصر خلال القمة، حيث سيستعرض رؤية مصر بشأن التحديات التي تواجهها المنطقة، وعلى رأسها التطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية وسبل استعادة الاستقرار الإقليمي.

كما وصل إلى بغداد كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، ونائب رئيس الوزراء لشئون الدفاع في سلطنة عمان شهاب بن طارق آل سعيد، بالإضافة إلى الفريق أول إبراهيم جابر نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي محمود علي يوسف، كما كان رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز ضيف شرف القمة.

جدول أعمال يتضمن 8 بنود رئيسية

وبالنسبة للمملكة الأردنية الهاشمية، فقد أناب العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني رئيس الوزراء جعفر حسان لتمثيله في القمة، وفقا لوكالة الأنباء الأردنية الرسمية "بترا".

وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، قد وصل إلى العراق مساء الخميس للمشاركة في القمة، وذلك وفقا لوكالة الأنباء العراقية الرسمية "واع".

وفيما يتعلق بجدول أعمال القمة، أكد المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، أن الاجتماع التحضيري الذي عقده وزراء الخارجية العرب اعتمد جدول أعمال يتضمن 8 بنود رئيسية، أبرزها القضية الفلسطينية، والأمن القومي العربي، ومكافحة الإرهاب.

من جانبه، أشار وزير الخارجية، الدكتور بدر عبدالعاطي، إلى أن الاجتماع الوزاري التحضيري للقمة العربية الـ 34 جرى في أجواء إيجابية، وشهد توافقا كبيرا حول مختلف القضايا المطروحة. 

وأضاف عبدالعاطي في لقاء له، أن من أبرز القرارات التي تم التوافق عليها كان مشروع قرار خاص بالقضية الفلسطينية، والذي يعكس الإجماع العربي على دعم القضية المركزية، وأكد على دعم خطة التعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة التي تم إقرارها في القمة العربية الطارئة بالقاهرة في مارس الماضي.

وفي سياق متصل، أوضح الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، أن القضية الفلسطينية تتصدر جدول أعمال القمة، بالإضافة إلى القضايا الأخرى التي فرضها الوضع الراهن في الدول العربية مثل التطورات في اليمن وليبيا والسودان وسوريا، فضلا عن التضامن مع لبنان.

وكشف السفير حسام زكي عن طرح مبادرة لإنشاء صندوق عربي لدعم التعافي وإعادة الإعمار في الدول التي تخرج من النزاعات، وأكد أن هذه المبادرة لاقت دعما واسعا من جميع الدول الأعضاء في الجامعة العربية، موضحا أن العراق قد بدأ بالفعل في طرح مبالغ لهذا الصندوق، مشيرا إلى أن هذه المبادرة ستساهم في تعزيز التضامن العربي على مختلف الأصعدة.

وأكد السفير زكي أن العراق يعد ركيزة أساسية في تعزيز التضامن العربي سياسيا واقتصاديا وأمنيا، مشيرا إلى أن العراق يقدم أملا في توثيق العلاقات العربية من خلال المبادرات التي يطرحها.

كما نفى السفير حسام زكي وجود أي انسحاب لدول عربية من قمة بغداد، مؤكدا أن جميع الدول ممثلة في القمة.

من جهة أخرى، أكد مندوب الأردن الدائم لدى جامعة الدول العربية، السفير أمجد العضايلة، أن قمة بغداد تأتي في وقت بالغ الأهمية يتطلب تعزيز التنسيق والتعاون بين الدول العربية لتحقيق التكاتف العربي. 

سياسة مصر تجاه القضايا العربية

وأشار إلى أن القمتين في الجانبين السياسي والتنمية ستمكنان من اتخاذ قرارات هامة يجب البناء عليها لتحقيق أهداف الأمة العربية.

والجدير بالذكر، أن انعقاد الدورة العادية الرابعة والثلاثين لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة بالعاصمة العراقية بغداد، يأتي في توقيت بالغ الأهمية، في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. 

والقمة تنعقد في ظل ظروف إقليمية ودولية شديدة التعقيد، حيث تشهد المنطقة العربية تحولات جيوسياسية متسارعة، مما يجعل من هذه القمة منصة حيوية لتوحيد الرؤى وبلورة موقف عربي موحد تجاه القضايا المصيرية، وعلى رأسها تداعيات الأزمات الإقليمية في فلسطين، وليبيا، واليمن، وكذلك مواجهة التحديات الأمنية المشتركة، وتعزيز آليات التكامل الاقتصادي العربي.

ومشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في هذه القمة تمثل امتدادا طبيعيا لسياسة مصر الثابتة تجاه القضايا العربية، التي تقوم على دعم وحدة الصف، وحماية الأمن القومي العربي، والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعوب، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني.

الرئيس السيسي يصل إلى بغداد للمشاركة في القمة العربية الـ34.. بث مباشرالرئيس السيسي يصل بغداد للمشاركة في القمة العربية الرابعة والثلاثين طباعة شارك بغداد القمة العربية العرب الاحتلال فلسطين القضية الفلسطينية الصمت الدولي المجتمع العربي

مقالات مشابهة

  • مستقبل وطن: دخول مصر قائمة الأعلى نموا بدخل الفرد يعكس نجاح الإصلاحات
  • بغداد تحتضن القادة العرب | القضية الفلسطينية تتصدر القمة.. وخبير: تعزز التعاون لمواجهة الأزمات
  • الأمم المتحدة تتوقع تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي بسبب التوترات التجارية
  • شريف عامر: جولات ترامب في الخليج مرتبطة باستثمارات ضخمة وتحول اقتصادي كبير
  • مصر ضمن أقوى 10 اقتصادات أفريقية في نمو دخل الفرد.. وخبير يكشف أسباب الصعود
  • مصر في منتدى الأعمال الأوروبي 2025| بوابة جديدة للاستثمار ونقلة نوعية في الاقتصاد.. خبير يشرح التفاصيل
  • البنك الأوروبي يتوقع نمو الاقتصاد المصري إلى 3.8% بنهاية يونيو المقبل و4.4% في العام المالي 2025/2026
  • الاقتصاد البريطاني ينمو بوتيرة أسرع من المتوقع
  • الذهب ينتعش قليلاً في انتظار مؤشرات أميركية جديدة