الكائنات الغريبة التي لم نعهدها
تاريخ النشر: 18th, May 2025 GMT
علي المسلمي
في عصر نستطيع أن نقول فيه إنه بلغ ذروة العلم والتمدن، مبتكرات ومخترعات، لم تخطر على بال أحد؛ لتيسير حياة البشرية جمعاء، وأخريّات لتدمير البشرية من المغلوب على أمرهم؛ من أجل المليار الذهبي من البشر.
في المُقابل توجد ثلة من الصنف الثاني من الناس، تحكمها شريعة الغاب، تمارس السّادية بحق شعب أعزل في أرضه، لا يطلب سوى العيش الكريم، والحياة الهانئة الهادئة، يطلب حريته بعدما تمت مُحاصرته برًا وجوًا وبحرًا بالقاذفات والمسيرات، والقنابل الحارقة الفسفورية المحرمة دوليًا والخارقة للصوت، والمجنزرات والبلدوزرات ودبابات الميركافا.
هيهات.. هيهات، إنَّ الله يمهل ولا يهمل، من قَبلِكِ أمم وأفراد أخذتهم العزة بالإثم، فصاروا إلى ما صاروا إليه من النكال والعذاب في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون "أَدْخِلُوا آلَ فِرْعونَ أشدَّ العذابِ". وهذه الكائنات استباحت الحرمات، ودنست الأعراض، وأهلكت الحرث والنسل، وعاثوا في الأرض الفساد، ولم تنصت لصوت العقلاء الحكماء، والمتظاهرين المناهضين لهذه الهمجية الجاهلية، ولا إلى دعوة المظلومين، ولا إلى تنهدات المكلومين والثكالى وبكاء الأطفال اليتامى، همها الأكبر التطهير العرقي، والإبادة الجماعية، وبناء ملك زائل، ونبوءات زائفة في أرض الميعاد بالتطهر بالبقرات الحمراء الشيكاغوجية السّمانْ؛ لبناء هيكلهم المزعوم، وتحقيق أهداف بروتوكولات بني صهيون الماسونية.
أمّا وبَعْدّ أن تكشفت سوءات هذه الفئة، وكشفت عن بريق وجهها، ورأى العالم صنيعها وأفعالها أنَّا له أنْ يقف العالم الحُر كما يدعي بـديمقراطيته وعدالته مكتوف الأيدي بمؤسساته التي بُنيت على أساس صون كرامة الإنسان وحريته، واحترام حقوقه بعد الحربين العالميتين المدمرتين وبَنَتْ على ذلك العهود والمواثيق، أمْ تكون بريقاً مزيفاً يستخدمه الكبار؛ لاستمالة الشعوب التي يظنونها أممًا تابعة لهم تنقاد وفق أهوائهم ورغباتهم.
لقد طفح الكيل أمّة المليار مسلم، وأمّة الدين والتاريخ واللغة والنسب، إخوانكم وأبناؤكم وبني جلدتكم وقومكم يساقون سوقًا، ويدفنون أحياء بلا رحمة ولا شفقة، يُجّوعون ويتوسلون، بطونهم خاوية، أمعاؤهم تتقطع وتصرصر كصرير النمل في وضح النهار، وأفواههم عطشى ظمأى من شدة العطش، يبكون على أطفالهم من هول الأمر ولا يستطيعون بنت شفة من شدة ما يعتصرهم من الآلام. وهذا ما تسطره لنا الشاشات المرئية، يئنون من شدة الألم، يفترشون البيوت المهشمة، ويلتحفون قطعًا بالية والفضاء الملوث. وهناك من يطبل ويزمر ويزمجر، ويفرش الورد، ويُنفق المليارات نظير وعود لا يعلم صدقها إلا أصحابها، تنثر في الهواء؛ بينما الواقع يزداد بؤسًا وشقاء، بينما الأنين والنوح لا أحد يلقي له بالاً ويلقى اللوم على هذه الفئة الصابرة المرابطة منذ خمسة وسبعين سنة في دحر هذا العدوان الغاشم بأبسط الوسائل.
ألا ينبض لنا عرق من دمٍ، أم نتوجس خيفة من أحفاد الصهاينة ولم نتكلم ببنت شفة، أينك يا فاروق الأمة، ويا صلاح الدين، وقطز، والأئمة والقادة العظام، وامعتصماه، واصلتاه، أم ندس أنوفنا في التراب، ونصُم آذاننا عن السماع، أو تشرئب أعناقنا إلى السماء ننتظر الفرج من رب السماء دون عناء. ونعم بالله الواحد القهار. "ألا إنَّ نصرَ اللهِ قرِيبٌ".
لا ضيّر لهذه الزمرة المؤمنة الصابرة أن تدفع بفلذات أكبادها؛ من أجل أن تعيش مثل بقية البشر آمنة مُطمئنة، ولكن الصمت يخيم، والجبروت يزداد من قبل الكيان وزمرته المتطرفة التي لا تبقي ولا تذر، والاتكال على سيد البيت الأبيض الحالم بنوبل للسلام إحلاله في بقاع الأرض؛ وخاصة منطقة الشرق الأوسط، لعل الصبح ينبلج بفجر جديد يعم السلام ربوع البلاد، ينفع البلاد والعباد من هذه الحرب المبيدة التي قضت على البشر والحجر، رحمة بهؤلاء البشر.
صبرًا يا آل ياسر فإنَّ موعدكم الجنة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ما علاقة الأمراض المعدية بالتدهور البيئي وتغير المناخ؟
تؤدي التغيرات في النظم البيئية العالمية والمناخ إلى زيادة خطر الإصابة بالأمراض المعدية من خلال تغيير البيئة المحيطة بناقل المرض أو المضيف الحيواني وتكيف بعض مسببات الأمراض مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب.
وتُلخص خريطة تفاعلية أعدّها باحثون في جامعة هاواي آثار المخاطر المناخية المختلفة على انتقال العديد من مسببات الأمراض البشرية، وأظهرت أدلة تفيد بأن التغيرات المناخية قد تؤثر على انتشار مختلف الأمراض المعدية.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4تلوث التربة "قاتل صامت" في نظامنا البيئيlist 2 of 4الوقود الحيوي.. هل هو فعلا صديق للبيئة؟list 3 of 4"إعادة التدوير المتقدمة" حل بيئي أم حيلة تسويقية بارعةlist 4 of 4أعشاب البحر.. مخازن الكربون التي تتعرض للتآكلend of listومع التغير الجذري في الوضع المناخي والبيئي العالمي، أصبح ظهور الأمراض الحيوانية المنشأ والأمراض المنقولة بالنواقل (حوامل الفيروسات) مصدر قلق صحي رئيسيا، بذلك يبدو فهم العوامل البيئية المختلفة المسببة للأمراض المعدية المختلفة أمرا بالغ الأهمية لضمان الأمن الصحي في المستقبل المنظور.
في عام 2018، نشر باحثون من بولندا وفرنسا مقالا يُسلّط الضوء على احتمال ظهور عدوى فيروس كورونا المستجدّ نتيجة لإزالة الغابات، لا سيما في جنوب شرقي آسيا.
وجادل الباحثون في أن مجموعات الخفافيش الحاملة للفيروس قد استقرت على مقربة من مساكن البشر نتيجة لفقدان موائلها وتوافق أنماط حياتها مع بيئات معيشية بشرية معيّنة (مثل المنازل والحظائر كمأوى). وهذا يزيد من خطر انتقال الأمراض منها إلى البشر، ويؤكد مسألة التداعيات الحيوانية المنشأ الناتجة عن التدهور البيئي الناجم عن الأنشطة البشرية.
وتعد التسربات الحيوانية المنشأ، والمعروفة أيضا باسم العدوى غير المباشرة، من مسببات انتقال الأمراض من الحيوانات -الفقاريات عادة- إلى البشر. ويشمل مسار الانتقال هذا حوالي 60% من الأمراض المعدية الناشئة.
إعلانولعل أحد الأمثلة الرئيسية على التسرب الحيواني هو ظهور فيروسات نقص المناعة البشرية (HIV) من الفيروسات البطيئة التي نشأت في الرئيسيات الأفريقية (القرود)، والتي تسببت في جائحة متلازمة نقص المناعة المكتسب (الإيدز) العالمية.
كذلك نجم عن الانتقال المحتمل لفيروسات الإيبولا من خفافيش الفاكهة إلى البشر لاحقا تفشي الإيبولا الذي بلغ ذروته في غرب أفريقيا. ومن ثم فمع تغير استخدام الأراضي العالمي، وخاصة توسع السكان البشر في مناطق الغابات، هناك خطر مصاحب لتعرض البشر لمسببات الأمراض أو الحيوانات الحاملة لها، وبالإضافة إلى ذلك يمكن أن تؤدي إزالة الغابات إلى تغيير وفرة وتوزيع الحيوانات أو النواقل الحاملة لمسببات الأمراض.
تشير الدراسات إلى أنه يمكن أيضا تسهيل انتقال مسببات الأمراض من الحيوانات الفقارية إلى البشر عن طريق النواقل (عادة المفصليات)، مثل البعوض والقراد والذباب والبراغيث. وتشمل أمثلة الأمراض التي تنقلها النواقل حمى الضنك والملاريا وفيروس زيكا و"شيكونغونيا" (مرض فيروسي).
تتأثر هذه الأمراض التي تنقلها النواقل بإزالة الغابات. فقد وجدت إحدى الدراسات التي تقيّم تأثير إزالة الغابات على وفرة البعوض في 12 دولة عبر 5 قارات أنه من بين 87 نوعا من البعوض التي تم تحليلها تأثر أكثر من النصف (52.9%) بشكل إيجابي بإزالة الغابات، بما في ذلك تلك التي تُعد نواقل لمسببات الأمراض البشرية (مثل بعوض الزاعجة أو بعوض الأنوفيلة).
ويعد توفر المسطحات المائية التي صنعها الإنسان لمواقع التكاثر والحيوانات الزراعية كمضيف بديل عاملا مهما. وتُظهِر دراسة أخرى الارتباط بين انخفاض مساحات الغابات، وخاصة بسبب التوسع في إنتاج زيت النخيل، وتفشي الأمراض الحيوانية المنشأ أو المنقولة بواسطة النواقل في جميع أنحاء العالم من عام 1990 إلى عام 2016 مما يؤكد خطر الأمراض المعدية كسبب للتدهور البيئي.
إعلانوتؤكد مختلف الدراسات أن العامل الرئيسي المؤثر في انتشار الأمراض المعدية المرتبطة بالمناخ هو تغير توافر النواقل وقدرتها على العدوى. ولأن النواقل حيوانات ذات دم بارد (خارجية الدم)، فمن المتوقع أن تزداد وفرة النواقل وقدرتها على البقاء ونشاطها التغذوي مع ارتفاع درجات الحرارة في المستقبل.
ويزداد الأمر تعقيدا مع معدل تطور مسببات الأمراض داخل هذه النواقل (الحضانة الخارجية). وبالتالي، فمع التغير السريع في المناخ العالمي، وخاصة درجة حرارة سطح الأرض، ستنتقل بعض مسببات الأمراض أو تنتشر إلى مناطق جغرافية مختلفة في العالم.
وتظهر دراسة أن انتشار الملاريا انتقل إلى مناطق أعلى في إثيوبيا وكولومبيا خلال السنوات الأكثر دفئا. ومن الأمثلة الأخرى تأثير درجة الحرارة وهطول الأمطار والرطوبة النسبية والرياح على البعوض الناقل لفيروس غرب النيل، حيث لوحظت أحداث مناخية محددة مرتبطة بعدوى فيروس غرب النيل في أوروبا ومنطقة أوراسيا وأميركا الشمالية والجنوبية.
كما تم تثبيت بعوضة "الزاعجة البيضاء"، وهي ناقلة لفيروسي "شيكونغونيا" وحمى الضنك، في 13 دولة من دول الاتحاد الأوروبي في عام 2023، بزيادة عن 8 دول في عام 2013.
وتوقعت دراسة منفصلة توسع حمى الضنك في دول تُعد حاليا منخفضة المخاطر أو خالية من حمى الضنك، إذ يُقدر أن يكون 2.25 مليار شخص إضافي معرضين لخطر الإصابة بحمى الضنك في عام 2080 مقارنة بعام 2015. وتُسلط هذه الدراسات مجتمعة الضوء على الآثار العميقة لتغير المناخ على انتشار الأمراض المعدية المنقولة بالنواقل.
ومع ذلك، فإن العلاقة بين تأثيرات المناخ والأمراض المنقولة بالنواقل متعددة العوامل، ومن ثم لا يمكن الاعتماد على عامل واحد للتنبؤ الدقيق بحدوث الأمراض. وينبغي أيضا مراعاة عوامل أخرى مرتبطة بالتفاعلات بين البشر والنواقل والبيئة.
بالإضافة إلى الأمراض المنقولة بالنواقل، يمكن للأحداث المناخية أيضا أن تحفز انتشار الأمراض الحيوانية المنشأ. وعلى وجه الخصوص، يمكن أن تؤدي الاختلافات الموسمية الشديدة في درجات الحرارة أو هطول الأمطار إلى زيادة مؤقتة في توفر الإمدادات الغذائية لبعض الحيوانات الخزانية أو القارضة، مما يؤدي إلى زيادة كبيرة.
إعلانوقد ثبت ذلك في وباء فيروس هانتا في جنوب غربي الولايات المتحدة، حيث أدت الظروف المناخية إلى زيادة بمقدار 10 أضعاف في أعداد الفئران الحاملة للأمراض المتعلقة بتوفر الغذاء وانخفاض عدد الحيوانات المفترسة.
كذلك نُسبت حالات تفشي فيروس هانتا الرئوية أو القلبية الرئوية الأخرى في بنما أو الولايات المتحدة على التوالي إلى زيادة تعرض البشر لمضيف خزان القوارض نتيجة لهطول أمطار غزيرة غير معتادة.
وفي أستراليا، تم تحديد هجرة الثعالب الطائرة السوداء المرتبطة بتغير المناخ، وهي خزان رئيسي لفيروس هيندرا، كسبب محتمل لأحداث الانتشار في مجموعات الخيول الجنوبية التي أدت إلى إصابات بشرية.
تشمل الأحداث الجوية المتطرفة المتعلقة بتغير المناخ زيادة انتشار الأعاصير المدمرة والعواصف والفيضانات. تسهل هذه الأحداث المناخية انتشار الأمراض المنقولة بالمياه من خلال تعبئة مسببات الأمراض في البيئة وتعريض أنظمة إدارة مياه الصرف الصحي للخطر.
وعلى وجه الخصوص، تكون البلدان المعرضة لتغير المناخ عرضة لتفشي الأمراض أثناء الطقس المتطرف، ويرجع ذلك أساسا إلى نقص المياه النظيفة للشرب والغسيل، كما تم الإبلاغ عن الكوليرا وإسهال الرضع والالتهاب الرئوي وحمى الضنك والملاريا في بلدان عدة، بينها بنغلاديش.
وفي أعقاب ظاهرة النينيو الجنوبية (2015-2016)، تم الإبلاغ عن أوبئة الكوليرا في شرق أفريقيا. وأظهرت دراسة أخرى أجراها باحثون في جامعة كولومبيا أن الأعاصير المدارية في الولايات المتحدة بين عامي 1996 و2018 كانت مرتبطة بزيادة في عدوى "الإشريكية القولونية" المنتجة لسموم شيغا وداء الفيالقة وداء الكريبتوسبوريديوس (مرض طفيلي) وقد ارتبطت أيضا حالات تفشي داء البريميات على مستوى العالم بالفيضانات والأمطار الغزيرة.
إعلانكما توفر درجات حرارة البحر المرتفعة ظروفا مواتية لنمو البكتيريا وتوسعها. ومن المخاوف الرئيسية انتشار ضمة الكوليرا الناجم عن تغير المناخ، وهي نوع بكتيري قادر على التسبب في أوبئة الكوليرا. وتتزايد قابلية بقاء ضمة الكوليرا ونموها، بالإضافة إلى تفاعلاتها مع العائل الحيواني، مع ارتفاع درجة حرارة البيئات القليلة الملوحة والبحرية.
وفي الدانمارك، أظهرت دراسة وجود علاقة بين عدوى ضمة الكوليرا والشوانيلا ودرجات حرارة الصيف الساحلية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن درجة الحرارة تنظم مسببات الأمراض لبعض البكتيريا المنقولة بالمياه، مثل الشيغيلا وضمة الكوليرا والسالمونيلا، وعادة ما تزداد في درجات الحرارة المرتفعة، خاصة عند حوالي 37 درجة مئوية.
وتشير الدراسة (الخريطة التفاعلية) إلى أن التغير المناخي والبيئي سبب رئيسي في الأمراض المنقولة والعدوى، مؤكدة أن مكافحة الأمراض المعدية تعتمد على سياسات حازمة تضمن الحفاظ على البيئة والحد من أسباب التلوث أولا، ثم المساواة في الحصول على الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الصحية.