أطفال الصيف بين مطرقة الحاجة وسندان الإهمال
تاريخ النشر: 18th, May 2025 GMT
بقلم : الحقوقية انوار داود الخفاجي ..
مع بداية كل صيف، تتكرر المشاهد ذاتها في شوارع المدن والأسواق العراقية أطفال يبيعون المناديل، ينظفون الزجاج، أو يعملون في الورش والطرقات تحت شمس لاهبة قد تتجاوز حرارتها الخمسين درجة مئوية. ليست هذه مجرد صور عابرة، بل هي دلائل صارخة على أزمة متجذرة عنوانها “عمالة الأطفال”، التي تتفاقم مع انتهاء العام الدراسي ودخول العطلة الصيفية.
في العراق، لا تقتصر عمالة الأطفال على كونها مخالفة للقانون أو انتهاكاً لحقوق الطفولة، بل تحولت إلى ظاهرة اجتماعية مقلقة، تتداخل فيها عوامل الفقر، ضعف الوعي، غياب الرقابة، وتراجع الخدمات الاجتماعية. ومع تزايد معدلات الفقر والبطالة بين الأسر العراقية، تُدفع أعداد متزايدة من الأطفال إلى سوق العمل في سن مبكرة، لا لشيء إلا للمساهمة في إعالة أسرهم، ولو على حساب صحتهم ومستقبلهم.
يواجه هؤلاء الأطفال، الذين يفترض أن يكونوا في الملاعب أو بين صفحات الكتب، مخاطر جسدية ونفسية جمة. فالتعرض للشمس الحارقة، والأعمال الشاقة، والمعاملة القاسية، كلها عوامل تؤدي إلى إنهاكهم جسدياً وتعريضهم لحوادث خطيرة. كما أنهم معرضون للاستغلال من قبل أرباب العمل أو حتى المتحرشين، دون أي حماية قانونية أو اجتماعية فعلية.
هنا يبرز دور الأسرة أولاً، كخط الدفاع الأول في حماية الطفل. فعلى الأهل أن يدركوا أن إرسال الطفل للعمل ليس حلاً للفقر، بل مدخلاً لدائرة أوسع من الحرمان والجهل. التعليم، رغم ظروفه الصعبة، يبقى طوق النجاة الوحيد لهؤلاء الأطفال نحو مستقبل أفضل. كما أن على الأسر المطالبة بحقوقها في دعم اجتماعي حقيقي يوفر لها الحد الأدنى من الكرامة، دون الحاجة إلى التضحية بأطفالها.
أما الحكومة، فعليها أن تتوقف عن التغاضي، وأن تتعامل مع هذه الظاهرة بوصفها قضية أمن اجتماعي وإنساني. المطلوب ليس فقط قوانين تُحظر عمالة الأطفال – فهذه موجودة أصلاً – بل تطبيق صارم لها، ومتابعة ميدانية، وتوفير بدائل حقيقية من خلال برامج صيفية تعليمية وترفيهية تحمي الأطفال وتشغل أوقات فراغهم بشكل مفيد. كذلك يجب دعم العائلات الفقيرة بمساعدات مالية مشروطة بعدم تشغيل أطفالها، كما تفعل بعض الدول في برامج الحماية الاجتماعية .
إن صيف الأطفال يجب أن يكون موسماً للراحة، للعب، للنمو، وليس ساحة عمل ومعاناة. ولعل الوقت قد حان لوقفة وطنية شاملة، تشارك فيها الدولة، الأسرة، ومنظمات المجتمع المدني، لإعادة رسم خارطة الطفولة في العراق، وإنقاذ جيل بأكمله من الضياع في الشوارع.
ختاما كل طفل يُجبر على العمل اليوم، هو مستقبل مهدور غداً.
انوار داود الخفاجيالمصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
الإهمال يحول مشاريع مارتشيكا السياحية بالناظور إلى خراب
زنقة 20 . الناظور
عشب أصفر، مراحيض مغلقة ومتلفة، أشجار ذابلة، هذه هي وضعية كورنيش مدينة الناظور و الذي يدخل ضمن مشاريع وكالة تهيئة بحيرة مارتشيكا.
و بحسب فعاليات محلية، فإن الوضع لا يبشر بخير بالرغم من أن المدينة تعرف توافد أعداد كبيرة من الزوار والسياح بمناسبة فصل الصيف و تنظيمها لمهرجانات فنية وطنية و دولية.
و تحمل هذه الفعاليات ، وكالة مارتشيكا المسؤولية الكاملة وراء تدهور الوضع البيئي و الجمالي للكورنيش، حيث تحوّل من متنفس طبيعي، يجذب العائلات إلى فضاء مهمل تنعدم فيه شروط النظافة والراحة.
و بسبب الإهمال الكبير ، أصبحت الصيانة و أغلب الخدمات مثل المراحيض و حاويات النفايات و الانارة و معدات الرياضة في الهواء الطلق معطلة تماما و في حالة كارثية.
أبناء الناظور و بعدما سئموا من إهمال وكالة مارتشيكا لأغلب مشاريع المدينة السياحية ، طالبوا عامل الإقليم بالتدخل الصارم قصد علاج الاختلالات و صيانة المرافق العمومية و إعادة الروح إلى كورنيش المدينة.