فيصل بن تركي: انتهى زمن تدخلنا كأعضاء شرف والإدارة بيد الصندوق
تاريخ النشر: 19th, May 2025 GMT
نواف السالم
خرج رئيس النصر السابق الأمير فيصل بن تركي بن ناصر عن صمته، متحدثًا عن التغيرات الإدارية الكبرى التي طرأت على أندية دوري روشن، وفي مقدمتها النصر، مؤكدًا أن دخول صندوق الاستثمارات العامة كمساهم رئيسي أحدث تحولًا جذريًا في آلية اتخاذ القرار داخل الأندية.
وأوضح الأمير فيصل بن تركي أن المنظومة الشرفية لم تعد صاحبة التأثير أو القرار، قائلاً: «انتهى زمن تدخلنا كأعضاء شرف أو أعضاء ذهبيين، فالقرار بات حصرياً بيد مجلس الإدارة المُمثّل للصندوق».
وأضاف: «صندوق الاستثمارات العامة يمتلك 75% من ملكية نادي النصر (كما هو الحال في الأندية الأربعة)، بينما تحتفظ الشركة غير الربحية بنسبة 25%، ما يمنح الصندوق أغلبية المقاعد وصلاحية اتخاذ القرار».
وتابع:” أن هذا التحول يعني أن القرار الرياضي لم يعد ناتجاً عن علاقات شخصية أو مبادرات فردية، بل أصبح خاضعاً لمنهج مؤسسي واضح تحكمه معايير الحوكمة والاستثمار الرياضي طويل الأمد، رغم خروجه من دائرة التأثير الرسمي.”
وأكد أنه على أتم الاستعداد لخدمة النصر، قائلاً: «إذا طُلبت مني شخصياً المشورة، فنحن حاضرون لخدمة الكيان متى ما اقتضت الحاجة».
وواصل: «بعد رئاستي لهذا الكيان العظيم، لم ولن أبدي أي رأي أو انتقاد علني للإدارات المتعاقبة، حتى وإن احتاج النادي للمساعدة، لم أعتد أن أذكر ذلك في وسائل التواصل، بل أتواصل مباشرة مع المعنيين بالأمر».
والجدير بالذكر أن حديث الرئيس الذهبي للنصر يعد تأكيدًا على أن النموذج الجديد للأندية روشن لم يعد يعتمد على الدعم الشرفي أو التكتلات الفردية، بل على منهج استثماري مؤسسي، إذ تتحكم الكفاءة والحوكمة في مسارات القرار.
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: الأمير فيصل بن تركي بن ناصر الاستثمار الرياضي النصر رئيس النصر السابق صندوق الاستثمارات العامة
إقرأ أيضاً:
هل انتهى عهد الحماية مقابل المال؟
د. محمد بن عوض المشيخي **
تتجه البوصلة الأمريكية هذه الأيام للخليج العربي الغني بإيرادات النفط والغاز للحصول على الأموال والاستثمارات؛ بل والهبات والهدايا الثمينة التي تُقدَّر إحداها بأكثر من 400 مليون دولار، وعلى وجه الخصوص من بعض من الدول الخليجية التي بالفعل تملك أرصدة ووفورات مالية كبيرة؛ إذ يعتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه أحق بها وأجدر من غيره من العالَمِين!
وبالفعل كانت الأرقام التي أًعلن عن بدء ضخها في الاقتصاد الأمريكي خلال الزيارة الرئاسية تريليونية؛ إذ إن الاتفاقيات التي وُقِّعت بين السعودية وأمريكا فقط تُقدَّر بأكثر من 600 مليار دولار أمريكي، على الرغم من أنَّ جيران الجنب من الشعوب العربية تُعاني من الفقر والبطالة والأمية؛ بل بعض هذه الدول التي تتهافت على مساعدة أمريكا للخروج من مديونيتها الكبيرة التي تقدر بأكثر من 36 تريليون دولار أمريكي، كان أجدر بها أن تضُخ هذه الأموال في البُنى الأساسية وتأسيس مراكز تكنولوجية وطنية تقوم بالدرجة الأولى على العقول والخبرات الوطنية، وخاصة تكريس ما يُعرف باقتصاد المعرفة؛ كخيار أساسي، لتضاهي بذلك الدول المتقدمة مثل كوريا واليابان وسنغافورة، وذلك لإيجاد فرص عمل للشباب وتطوير الصناعات المحلية وجعلها تنافس أمريكا، كما عملت الصين في العقود الأخيرة من القرن الماضي حتى وصلت الآن إلى مستوى تنتظر فيها اللحظة التي تُسيطر فيها على الساحة الاقتصادية العالمية وتصبح الاقتصاد الأول. وهذا ليس ببعيد، لكون أن الولايات المتحدة الأمريكية تخوض حروبًا تجارية مع العالم تتمثل في رفع ومضاعفة الرسوم الجمركية على الواردات، وبدأت بالفعل تظهر مؤشرات كارثية على الاقتصاد الأمريكي مثل التضخم وارتفاع أسعار السلع محليًا خاصة السيارات.
صحيحٌ أن الخطاب الأمريكي هذه المرة تغيَّر عن الأسلوب الاستعلائي الذي اتبعه ترامب في 2017 مع الحلفاء في الخليج؛ إذ كان يتحدث عن الحماية الأمريكية المزعومة لأمن الخليج في ذلك الوقت، ويُحذِّر من خطر إيران على المنطقة، ويُقدِّم الأمريكان أنفسهم بأنهم هُم الحُماة وصمام الأمان للخليج العربي. ويبدو لي أن صُنَّاع القرار في المنطقة قد أدركوا أن أمريكا سرعان ما تتخلى عن أقرب الأصدقاء إليها مثل شاه إيران وغيره من الحكام الذين أسقطتهم شعوبهم، فهناك قول دارج ومنتشر على نطاق واسع مفاده "المتغطي بأمريكا.. عريان"، بينما يصف أحد أقرب أصدقاء أمريكا وهو الرئيس الباكستاني الأسبق محمد ضياء الحق حقيقة من يتعامل مع الحكومات الأمريكية ويقول "من يتعامل مع أمريكا كالذي يتعامل مع الفحم، لا يناله إلا سواد الوجه واليدين".
من هنا، كان التفكير ببدائل أخرى كالتعاون الأمني والعسكري، خاصة بعد تعرض مرافق شركة أرامكو السعودية وكذلك إمارة أبوظبي لاستهداف بالصواريخ التي يُقال إنها من جماعة أنصار الله اليمنية في ذلك الوقت؛ فالاعتماد على النفس والتعاون بين دول مجلس التعاون لدول الخليج أصبح واحدًا من الخيارات المطروحة كبديل عن الحماية الأجنبية؛ إذ أصبحت المُخصَّصات الدفاعية للسعودية وقطر والإمارات فلكية، وتحتل الصدارة العالمية في الإنفاق العسكري.
والأهم من ذلك ظهور استراتيجية جديدة قائمة على التنوُّع وإيجاد خيارات مُتعددة من الحلفاء، وذلك من خلال الاتجاه شرقًا نحو روسيا والصين وتأسيس شراكات اقتصادية وأمنية معها وخاصة الصين، فقد أدركت أمريكا هذا التحرك الحكيم من دول الخليج العربية، مما نتج عن ذلك تغيُّر الخطاب؛ فتحوَّلت لغة خطاب رؤساء أمريكا ووزرائها من الأوامر إلى الاستجداء وطلب المساعدة من دول الخليج الغنية.
ولعل التقارب الإيراني السعودي بوساطة صينية في 2023، قد فاجَأَ البيت الأبيض في ذلك الوقت؛ حيث انعكس هذا التفاهم بين الاشقاء والجيران على أمن المنطقة بعيدًا عن التحالفات الأجنبية التي تهدف لاستنزاف الأموال الخليجية بطرق مختلفة وتحت عناوين غير صادقة.
صحيحٌ أن البيت الأبيض وصقوره قد وصلوا اليوم إلى خلاصة مفادها أن الحروب غير مُجدية ومُكلِّفة لأمريكا واقتصادها المُترنِّح في الأساس، وأن الحوار والمفاوضات هما أفضل الطرق وانجح الأساليب التي باشرت فيها إدارة ترامب، المنخرطة الآن في مفاوضات جادة مع إيران بهدف منعها من صناعة القنبلة النووية، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها. كما إن التفاهمات مع جماعة أنصار الله في اليمن قد أفضت إلى وقف الهجوم على السفن الامريكية مقابل وقف استهداف الأرضي اليمنية من المقاتلات الامريكية، علاوة على عقد مفاوضات مباشرة مع حركة حماس التي كانت تُصنفها واشنطن كمنظمة إرهابية.
وفي الختام.. على الرغم من قناعة الرئيس ترامب بأن إسرائيل تشكل عبئًا على أمريكا وأنه فيما يبدو أصبح مُتحررًا من السطوة الصهيونية، إلّا أن الخليجيين لم يحسنوا استخدام أموالهم المقدمة للحليف الأمريكي او حتى التلويح بها كعامل ضغط لوقف الحرب في غزة أو حتى إدخال المساعدات الإنسانية للجياع في هذا القطاع، الذي يعيش محرقة القرن الحادي والعشرين.
** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري