بقلم : وجيه عباس ..
“إلى “شاهول” سبحتنا المُفَضَّض، موفق محمد،
بعد أن قطع خيط سبحتنا بفقده”
لُذْ بالترابِ ودعْ ثيابَ الماءِ
يا أيها المسكونُ بالأخطاءِ
أنْ جئتَ في الوطنِ العراقِ خطيئةٌ
وجريمةٌ لوكنتَ في الفقراءِ
وَدَع النوارسَ تتَّقيكَ لأنَّها
سَكَنتكَ بالحنِّاءِ دونَ حياءِ
اَسْكِتْ صداكَ بها فأنتَ مُخيَّرٌ
وسواكَ فيهِ مُسَيَّرُ الأصداءِ
هيِّأ لنفسك حفرةً لتلمَّها
كانتْ وكنتَ موزَّعَ الأنحاءِ
وَتَوقَّ من صَخَبِ الكؤوسِ وحزنِها
فلأنك المنفيُّ في الأسماءِ
دعْ بعضَ ظلِّكَ يستفيقُ من الظما
لتقومَ فيكَ حكايةُ الغرباءِ
ياناطقاً بالموتِ بعضَ ضجيجِهِ
وَمُسَرْبَلاً بالصمتِ والبأساءِ
الميِّتون وأنتَ أعرفُ بالذي
نطقَ الشهادةَ من فمِ الشُهَداءِ
الموتُ دون أصابعٍ، كيف استطالَ
وقام يحملُ غربةَ الشعراءِ؟!
كنتَ اللصيقَ وكانَ يفخرُ أنَّهُ
بيديك كان يُعدُّ في الطُلَقاءِ
لكنما “كاسرت” كأسك بالذي
أغوتكَ فيهِ خديعةُ الإمضاءِ
أوقِدْ شموعَكَ في الغيابِ سحابةً
فلسوفَ تمطرُ غيمةَ الضرّاءِ
للحزنِ مئذنةٌ وأنت” بلالُهاً”
لو ساقَطتْكَ مآذنُ”الفيحاءِ”
وَتَملَّ وجهَكَ دونَها، فلأنَّكَ
الساعي بأقصاها إلى النُدَماءِ
ماجئتَ من أقصى المدينةِ راكضاً
قَدَماكَ فيها أوَّلُ الأشياءِ
كنْ ثابتاً، فكؤوسُ كفِّكَ أينعتْ
وَجَرتْ على شفتيكَ بالصهباءِ
لا كارعاً دَمَكَ الغريبَ ضلالةً
دَمُكَ الذي يسعى بلا أبناءِ
تلك المقابرُ أولَدَتْكَ غُيابةً
والجُبُّ ذا وطنٌ من الأشلاءِ
غاضتْ عظامُ بنيك بين ترابِها
فإذا القيامةُ دونما إمضاءِ
دَفَنتكَ حيّاً بين كلِّ ضلوعِها
عَجباً تُعَدُّ بها من البُعَداء!
يارافضيَّ الحزنِ توخزُ بطنَهُ
بالموجعات وأنتَ عنهُ النائي
فيسيلُ أنهاراً بُكاكَ بموطنٍ
يا أيُّها البكّاءُ دون بكاءِ
يا أيها الموجوعُ بين أراملٍ
لبستْ ثيابًكَ في رثاءِ الماءِ
الناسُ يوجعُهم بُكاك بعالَمٍ
أعمى يراك بمقلةٍ عمياءِ
لا” بيت أحزانٍ” يَلُمُّكَ حاسراً
لِيَقيكَ حتى أعينَ السُفَهاءِ
ها أنت وحدَكَ تستفيضُ عشائراً
في الحزنِ حتى آخر الزعماءِ
وتعودُ وحدك تستريح إلى
كوبٍ يعاقرُكَ الأسى ومساءِ
ها أنت تبحثُ عنكَ بين وجوهِهم
فلأنَّ وجهَكَ قسمةُ الغُرماءِ
من يدَّعيكَ لسوفَ يقطعُ كفَّكَ اليمنى لتشرقَ باليد العسراءِ
أو ينكُرنَّكَ سوف يقتلُ أمَّةً
جَعَلتْكَ رايتَها على الأعداءِ
حتى حيادُكَ لستَ تبصرُ ظلَّهُ
فلِأنَّ ظهرَكَ لم يكن لوراءِ
ماذا ستخسرُ أو ستربحُ قائلاً
إلا الذي آمنتَ دون رياءِ
ستقولُ إنِّي…يا لِإِنَّكَ متخمٌ
وأَناة غيرِكَ فيك بعضَ هراءِ
قُلْها…تَقُلْكَ…فللضلوعِ مواقدٌ
أسجرتَها بمدامعٍ ودماءِ
كُنْ ثأر حزنِكَ في الزمان وإنَّما
الباقي هناك سلالةُ البؤساءِ
القانعون بِذُلِّهِم والمُدَّعون
وهم بها في الثقل بعضُ إماءِ
كُنْها…تَكُنْكَ ووقدُ حرفِكَ جمرةٌ
أشعلْ بها قبساً من البغضاءِ
الأبيضان ضميرُ روحك والطِلى
ويداكَ فيها كاليدِ البيضاءِ
أنعى إليكَ، وماعليك رثائي ياصوتَ هذي الناس في البأساءِ
إني أواسي الناسَ فيكَ لأنَّهم موتى، وأنتَ الحيُّ في الشُفعاءِ
الموتُ أولَدَكَ الحياةَ وربَّما ميتٌ يواري سوأةَ الأحياءِ
ياحاملاً في الناسِ نعشَ ترابِهِ ليقولَ فيهم مايقولُ الرائي
وَيُكَذِّبونَ عيونَهم لكنَّني
حدَّ اليقين أراكَ في الظلماءِ
الموتُ أترعَ بالشرابِ كؤوسَهُ
وظِماكَ أن تغشاهُ في الجُلساءِ
ومددت كفَّكَ تستظلُ من الظما
ورضيت أن تروى بغير عناءِ
أنتَ استرحت من الحياة وعبئِها
ورضيتَ موتَك في بيوت الداءِ
وتركتنا نحن اليتامى دونها
مُتَوزِّعين بدولة الفقراءِ
أمرِرْ يديك على الرؤوس وقل لهم
كونوا من الفقراءِ لا الأمراءِ
الفقرُ فيك خلافةٌ أورثتَها
وذممت فيها الحكمَ في الخلفاءِ
ورضيتَ أن تحيا بفقرك شاعراً
لا حاكماً بدويلة الإفتاءِ
كُنْ أنت من هال الترابَ على الثرى
لينامَ ليلته بدون غطاءِ
حَمَلوكَ؟! بل حَمَلَتْكَ روحُك إنها
كانت على التابوتِ بعضَ عزاءِ
وَبَكوكَ؟ أنت أبو البكاء بحلَّةٍ فارقتها وحملتَ حرف الحاءِ
تركوكَ؟! عدتَ إلى عزائِكَ مُفرداً
ووقفت تتلو سورةَ الإسراءِ
يابضعةً رفعتكَ طوداً شامخاً
وَكَأَنْ وَقَفْتَ بها على “سيناءِ”
الآن يسخرُ فيك موتُكَ واقفاً وَكَأنَّكَ الموعودُ بالإبقاءِ
وكَأنَّكَ الباقي وغيرُك راحلٌ
وَكَأنْ رضيتَ قيامةَ العنقاءِ
وَكَأنَّ موتَكَ غربةٌ ورضيتَها
لتعود تسقي النهرَ بعضَ ظِماءِ
كالنهر يجري ساجداً لكنَّما
لمَّت أصابعُهُ الضفافَ بماءِ
الآن تنتحبُ الضفافُ كأنَّها
أمٌّ تدرُّ عليكَ بالأثداءِ
تابوتُكَ المرفوعُ قاربُها الذي
أوصى الشراعَ عليك بالإغفاءِ
فَغَفوتَ، كان الموتُ صاحبُك الذي
في الحان يكرعُ خمرَهُ بإناءِ
ورحلتما، والموت صاحبُك الذي
أغراك فيه الشيبُ بالآباءِ
ولأنتَ زائرُه الأخير ثمالةً
أبقيتَها لقصيدة خرساءِ
أدري بأنَّك لم تقلها مَرَّةً
وغِناك أن فارقْتَها بغناءِ
هي سفرةٌ، سترى المهودَ حكايةً
وصغارُها وقفٌ على الإيماءِ
سترى وَليدَكَ والذين فقدتهم
سأراك تمحو صفحة الإنشاءِ
وتعودُ تكتبُ ماتراه بإصبعٍ
والريقُ ألفُكَ تقتفيه بباءِ
كُنها قصيدتك التي بك آمنتْ
فقصيدُ موتِكَ بُلغةُ الحكماءِ
ستقولُ إني لم أمتْ، وأجبتُ في
وَلَدي النداءَ لرؤية الأبناءِ
لي في المقابر مجلسٌ ورواية
كالنايِ يوقظُني بغير نداءِ
لي معشرٌ والموتُ فرَّق شملَهم
الآن يجمعُنا على الغبراءِ
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
صحة غزة: 100 ألف طفل دون الخامسة يواجهون خطر الموت بردا
حذر المدير العام لوزارة الصحة في غزة الدكتور منير البرش من تداعيات المنخفض الجوي الجديد الذي يهدد آلاف العائلات النازحة في المخيمات، معتبرا أن المطر والبرد يتحولان إلى تهديد لحياة الفئات الهشة.
وأضاف في مقابلة مع الجزيرة أن هناك تزايدا في الإصابات الفيروسية بسبب البرد الشديد ونقص الغذاء والدواء مما يشكل خطرا متزايدا على حياة الأطفال والنساء والمرضى تحديدا.
كما يلعب غياب المنازل والخيام دورا في تعميق خطر البرد على حياة الفئات الهشة التي لا يمكنها تحمل هذه الظروف المسببة للالتهاب الرئوي والتهابات القصبات الرئوية ونزلات البرد الحادة والأمراض الجلدية والارتجاف الشديد وتباطؤ التنفس وضربات القلب ويصل الأمر إلى الوفاة أحيانا.
وتسببت هذه الظروف في وفاة الطفلة رهف أبو جزر (8 أشهر) اليوم الخميس في خان يونس جنوبي القطاع، كما قال البرش، الذي أكد أن النقص الحاد في الأدوية يعمق من هذه الأزمة.
نفاد الأدويةوتعاني وزارة الصحة نفادا تاما لـ70% من أدوية السرطان وغياب ألف صنف دوائي أساسي، و312 دواء و710 من المستهلكات الطبية الأساسية مما يسبب شللا في الأقسام الحيوية وخصوصا الرعاية الأولية والأمراض المزمنة التي يتعرض المصابون بها للموت الحقيقي، حسب البرش.
وتم إحصاء 102 ألف طفل دون سن الخامسة في القطاع بينهم أكثر من 9 آلاف يعانون سوء تغذية حادا، فضلا عن المخاطر التي يسببها البرد الشديد، وفق البرش، الذي شدد على ضرورة فتح المعابر وإدخال الأدوية وحضّانات الأطفال وأطعمة المجاعة لوقف عداد الموت المتزايد.
ومع اشتداد هطول الأمطار تتفاقم معاناة النازحين في مخيمات قطاع غزة، حيث غرقت خيام مئات الأسر النازحة في عدد من المناطق، وسط توقعات بتفاقم الأزمة خلال الساعات المقبلة.
وقد حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) من أن البرد والاكتظاظ وانعدام النظافة يزيد من خطر الإصابة بالأمراض والعدوى، وأن هطول الأمطار يحمل مصاعب جديدة ويفاقم الأوضاع المعيشية المتردية أصلا ويجعلها أكثر خطورة.
إعلانوقالت الوكالة في تغريدة على منصة "إكس"، إنه يمكن تجنب هذه المعاناة من خلال تقديم المساعدات دون قيود بحيث تشمل تقديم الإغاثة والدعم الطبي المناسب.
ولا يزال القطاع يعاني نقصا كبيرا في الخيام والمواد الإغاثية بسبب عدم التزام الاحتلال بما تم التوافق عليه في اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ قبل شهرين وخصوصا إدخال الخيام والبيوت المتنقلة والوقود والمساعدات الطبية.
ووفق المجلس النرويجي للاجئين، فإن القطاع لم يتلق سوى كميات ضئيلة جدا من مواد الإيواء بعد شهرين من سريان اتفاق وقف الحرب، في حين لم تتمكن الأمم المتحدة ومنظمات أخرى من إدخال سوى 15 ألف و600 خيمة تكفي 88 ألف شخص فقط.
وقال المجلس إن نحو مليون و300 ألف شخص بحاجة لمأوى من أجل النجاة خلال فصل الشتاء، ودعا قادة العالم لتوفير وصول غير مقيد إلى القطاع.