الأهوار تلفظ أنفاسها الأخيرة تحت مجنزرات التنقيب
تاريخ النشر: 19th, May 2025 GMT
19 مايو، 2025
بغداد/المسلة: تهتف أصوات القرويين في قرية أبو خصاف، جنوب العراق، بالرفض الصريح لأي مشروع نفطي يطال هور الحويزة، خشية أن يُطيح ما تبقّى من ذاكرة مائية وأثر حضاري لطالما تغنّت به الأجيال.
ويسرد الناشط مرتضى الجنوبي وجع السكان بقوله إن حقل الحويزة ليس مجرد موقع نفطي، بل نقطة انكسار لهوية تمتد لآلاف السنين.
وتؤكد الصور الفضائية التي حصلت عليها منظمة “باكس” الهولندية بناء طريق ترابية بطول 1.3 كيلومتر، وهو ما يعكس نشاطاً مكثفاً في قلب النظام البيئي دون وضوح في الإجراءات الاحترازية.
ويعرب الصيادون عن قلقهم، ويقول كاظم علي إنهم لا يريدون فرص عمل بل “عودة المياه لأم النعاج”. بينما يشرح راعي الجواميس نور الغرابي أن ما يطلبه ليس وظيفة بل حفظ الهور كحاضن طبيعي ومصدر للحرية والرزق.
وتشير إحصائيات ميدانية إلى أن منسوب المياه في أغلب مناطق الأهوار لا يتعدى متراً واحداً، مقارنة بـ6 أمتار قبل سنوات. وتشير التقديرات المحلية إلى أن الهور قد يجف تماماً هذا الصيف إذا لم تحدث موجات مطر استثنائية.
وتقول وزارة النفط إن عملياتها لا تمس قلب الأهوار، وإن المسح تم خارج النطاق المحمي، فيما تؤكد شركة نفط ميسان أن ما جرى لا يعدو كونه تجهيزات لحقل مجاور. لكنها في الوقت نفسه لم تنفِ خطط استثمار الحقل المشترك مع إيران، التي تستخرج نفطاً من الجانب الآخر منذ سنوات.
وتتحدث وكالة “تسنيم” الإيرانية عن آثار بيئية مدمرة لأنشطة نفطية في “هور العظيم”، بما يشمل تحويل مجرى نهر الكرخة وتجفيف مناطق لبناء بنى تحتية نفطية. وتربط تقارير بيئية إيرانية بين التلوث ونفوق الحياة المائية وتغيّر التنوع الحيوي.
وتحذّر اليونسكو من أي تطوير يؤثر على الموقع المسجّل ضمن قائمة التراث العالمي منذ عام 2016، مطالبة العراق بالالتزام بالمعايير الدولية لحماية التراث البيئي.
ويشير الناشط البيئي أحمد صالح نعمة إلى أن العراق بحاجة للنفط لكنه بحاجة أيضاً للأهوار، وأن التوازن بينهما ليس مستحيلاً إن توفّرت الإرادة السياسية والرقابة البيئية.
وتتضاعف المخاوف في ظل تغوّل استثمارات النفط الصينية في جنوب العراق، وسيطرة غير مسبوقة على الحقول القريبة من الأهوار، والتي يصعب التحقق من التزامها بالمعايير البيئية الدقيقة.
ويختتم الجنوبي حديثه برسالة خالدة: “اتركوا لنا الهور… هذا ما تبقّى من الذاكرة”.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
القرار 1483 بلا لياقة قانونية.. والأموال العراقية ما زالت تحت الحصار المالي الأميركي
3 يوليو، 2025
بغداد/المسلة:
لا تزال الحكومة العراقية مستمرة في العمل وفق قرار مجلس الأمن رقم 1483 الصادر عام 2003، رغم زوال أسبابه القانونية والواقعية، إذ لم يعد هناك مبرر لبقاء أموال العراق تحت وصاية بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، لا سيما بعد أن سدد العراق جميع تعويضات غزو الكويت في عام 2021، وأُغلق ملف المطالبات الدولية بقرار أممي في 2022.
وأكد مراقبون اقتصاديون أن بقاء الحساب العراقي تحت السيطرة الأميركية لا يخدم الاستقرار المالي في البلاد، بل يضاعف الضغوط على سعر صرف الدينار، ويكرّس التبعية النقدية لسياسات خارجية لا تنسجم بالضرورة مع مصالح العراق، في وقت تعاني فيه الأسواق من تقلبات حادة بسبب تأخر أو تقنين تحويلات الدولار من الاحتياطي الأميركي إلى المصارف المحلية.
ودعا الخبير في الشأن الاقتصادي أحمد عبد ربه، الحكومة العراقية إلى مراجعة الإطار القانوني الدولي الخاص بإيداع أموال العراق في بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
واستندت التقارير الاقتصادية الحديثة إلى بيانات من البنك المركزي العراقي تُظهر أن أكثر من 97% من الاحتياطات الأجنبية مودعة بالدولار، ما يجعل العراق عرضة مباشرة لسياسات الفيدرالي الأميركي وقرارات وزارة الخزانة، وهو أمر وصفه بعض المحللين بـ”الاحتلال النقدي غير المباشر”، فيما دعت أصوات نيابية إلى ضرورة التحرر منه عبر تنويع العملات الأجنبية المعتمدة.
واستعادت مدونات متخصصة تجربة النرويج في إنشاء صندوق سيادي مستقل لإدارة الفوائض النفطية خارج الحسابات التقليدية، وهو ما عدّه اقتصاديون عراقيون نموذجاً ملائماً لحالة العراق النفطية، حيث يتجاوز الاحتياطي النقدي الـ100 مليار دولار، دون أن ينعكس بشكل فعلي على التنمية أو الاستدامة، بسبب غياب أدوات الحوكمة والتخطيط بعيد المدى.
وذكرت تقارير دولية أن العراق يظل حتى اللحظة واحداً من الدول القليلة التي تضع أموالها النفطية في حسابات دولية تحت رقابة خارجية، رغم أنه لم يعد خاضعاً لأي برنامج للتعويض أو العقوبات، وهو ما دفع مختصين للمطالبة بمراجعة الأطر القانونية في مجلس الأمن، بما يضمن عودة السيادة الكاملة على القرار المالي والاقتصادي.
وانتشرت على وسائل التواصل دعوات لمحاسبة الجهات التي تعيق الإصلاح المالي، حيث كتب أحد المدونين: “ليس من المعقول أن تُصادر أموال العراق بقرار أممي انتهى مفعوله قبل ثلاث سنوات!”، فيما نشر آخر: “استقلال العراق يبدأ من استقلال قراره المالي.. لماذا لا نمتلك شجاعة الخروج من عباءة الدولار؟”.
وشدد اقتصاديون على أن تحقيق السيادة المالية لا يتطلب فقط قرارات فنية من المصرف المركزي، بل إرادة سياسية موحدة، ودعماً من البرلمان، ومفاوضين محترفين في المحافل الدولية، خصوصاً مع مجلس الأمن وصندوق النقد، بما يعيد للعراق هيبته كدولة ذات موارد ضخمة وموقع إقليمي لا يُستهان به.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts