لماذا تخشى إسرائيل أطفال غزة؟.. قراءة من صفحات التاريخ
تاريخ النشر: 21st, May 2025 GMT
لقد تعمد العدو الإسرائيلي في سلوكه العدواني المتغطرس استهداف أطفال غزة على نحو منهجي وواسع النطاق، إدراكًا منه لمدى أهمية العامل الديموغرافي في معادلة الصراع على الأرض الفلسطينية، فهو يعلم يقينيًا أن التفوق العددي يشكل تهديدًا وجوديًا على مشروعه الاستيطاني، ويخشى أن ينمو الجيل الفلسطيني القادم في بيئة من الصمود والمقاومة، مما يجعل مستقبله محفوفًا بخطر لا يمكن احتواؤه بالسلاح وحده.
وقد عبر السياسي الإسرائيلي "موشيه فيغلين" عن هذه العقيدة العدوانية بوضوح، حين صرح قائلًا "كل طفل رضيع في غزة هو عدو، وكل طفل تقدمون له الحليب الآن سيذبح أطفالكم بعد 15 عامًا، علينا احتلال غزة واستيطانها"، فضلًا عن تصريحات السياسي الإسرائيلي "يائير غولان" زعيم حزب الديموقراطيين التي اثارت جدلًا واسعًا داخل دولة الاحتلال وخارجها والتي اتهم فيها حكومة بلاده بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة قائلًا إن "إسرائيل تقتل الأطفال كهواية"، والحقيقة التي لا تقبل الجدال أن إسرائيل تتعمد استهداف وقتل الأطفال بلا رحمة أو شفقة كي لا يبقى من يحمل الراية، كما أنها تتعمد قتل الصحفيين لإسكات الصوت وحجب الصورة حتى لا يصل الخبر إلى ضمير العالم.
وفي تقرير صادم صادر عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، كشفت الإحصاءات عن أرقام مفزعة، حيث وثق التقرير مقتل نحو 2100 رضيع فلسطيني ممن تقل أعمارهم عن عامين، وذلك ضمن نحو ما يقارب 16 ألف طفل قتلتهم قوات الاحتلال في قطاع غزة منذ بدء جريمة الإبادة الجماعية النكراء التي ارتكبتها إسرائيل في السابع من أكتوبر، وتؤكد هذه الأرقام أن الاستهداف الإسرائيلي لا يميز بين طفل ورضيع، في انتهاك جسيم وصارخ لقواعد القانون الدولي الإنساني، والذي يقرر حماية خاصة ومحددة للأطفال.
وتتمثل أهم القواعد واجبة التطبيق في هذا الشأن، فيما يلي:
معاملة الأطفال حديثي الولادة بنفس المعاملة المقررة للجرحى.
بالنسبة للأطفال تحت سن الخامسة عشرة ضرورة استقبالهم في المناطق الآمنة والمستشفيات.
إجلاء الأطفال مؤقتًا من أجل حمايتهم في حالة الأراضي المحاصرة.
ضرورة تعليم الأطفال.
ضرورة جمع شمل الأسر المشتتة نتيجة النزاع المسلح، وهو ما نصت عليه المواد 14، 17، 23، 25، 27 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، والمواد 8، 70، 74ـ 78 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 والمواد 4، 6 من البروتوكول الثاني الإضافي لعام 1977".
ورغم وضوح ما سبق استقراره في جبين الإنسانية جمعاء، وفي القانون الدولي العرفي والاتفاقي فإن جيش الاحتلال لا يستمع لصوت العقل والضمير والقلب، وما زال يرتكب يوميًا أفعال تقشعر لها الأبدان ويهتز لها الوجدان، من ذلك ما وثقه المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان يوم الثلاثاء الموافق 13 أغسطس 2024، حيث استشهد الرضيعان التوأمان آسر وأسيل محمد أبو القمصان، في قصف استهدف منزل عائلتهما في دير البلح وسط قطاع غزة، والمفارقة المروعَة أن والدهما قد خرج في تلك اللحظات ليستخرج شهادة ميلاد لطفليه حديثي الولادة ثم يعود إلى الشقة ليجدهما تحولا إلى جثتين هامدتين تحت الركام إلى جانب أفراد أسرته.
ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح: لماذا تتعمد اسرائيل قتل الأطفال في غزة؟
الإجابة أعادت إلى ذهني مشهدًا خالدًا من فيلم أسد الصحراء ـ عمر المختار ـ حين التقط طفل صغير لا يتجاوز عمره سبع سنوات نظارة القائد الشهيد من التراب بعد إعدامه، هذا المشهد لا يمر مرور الكرام بل يحمل في طياته رسالة قوية أن إعدام عمر المختار لم ينهي القضية بل هذا الطفل سيكمل مسيرة النضال والكفاح والصمود، إنها رسالة قوية للأجيال القادمة على مواصلة مسار النضال وعدم الاستسلام ابدًا للظلم والاستبداد.
إسرائيل التي تقرأ التاريخ جيدًا تدرك أن الطفل الذي يلتقط النظارة اليوم، قد يكون من يقود المواجهة غدًا، فلذلك هي تخشاه قبل أن يكبر، لذلك لم يسلم مخرج فيلم أسد الصحراء ـ مصطفى العقاد ـ من يد الإرهاب الإسرائيلي، إذ طالته هو وابنته يد الغدر في تفجير إرهابي أودى بحياتهما في 9 نوفمبر 2005 ضمن ضحايا الانفجار الذي حصل في فندق غراند حياه بعمان، ولعل استعداده لإخراج فيلمين سينمائيين أحدهما عن فتح الأندلس والآخر عن صلاح الدين الأيوبي الذي سيوجه الأنظار نحو القدس سيمثل تهديدًا مباشرًا لأسرائيل، إن اغتيال المخرج السوري الكبير مصطفى العقاد يبرز تصميم الصهاينة على قتل كل أمل عربي، ويكفي أن من ضمن أشهر اعماله فيلم "الرسالة" الذي أسلم بسببه 20 ألف بعد عرضه في أمريكا.
وفي مراجعة سريعة للتاريخ ـ تعلم إسرائيل ـ أن أعظم التحولات قادها شباب آمنوا بقضايا أوطانهم منذ نعومة أظافرهم:
ففي عصر الدولة الحديثة في مصر الفرعونية وتحديدًا في بداية الأسرة الثامنة عشرة، حين توفى الملك سقنن رع في معركته ضد الهكسوس، لم يكن أحمس سوى طفل صغير، لم يتجاوز العاشرة من عمره، ومع ذلك ورث مع أخيه كامس شعلة المقاومة، وشهد بعينيه كيف يدفع الآباء أرواحهم فداء للوطن، وبحلول عام 1540 ق.م بلغ أحمس الثامنة عشرة تقريبًا وأصبح مؤهلًا لبدء الحرب ضد الهكسوس، وعندما اشتد عوده قاد حملة التحرير الكبرى وبعد قتال شرس استطاع أحمس أن يحتل مدينة أواريس عاصمة الهكسوس بقواته التي بلغت 48000 جندي، وتم القضاء على الهكسوس بين قتيل وأسير، مسجلًا أسمه كأول مؤسس للدولة المصرية الحديثة، ومن هنا تنبع خشية إسرائيل من أطفال غزة، ليس لأنهم خطرًا آنيًا، بل لأنهم كما كان أحمس قد يصبحون في الغد قادة مشروع تحرري يهدد بقاء الاحتلال ذاته.
ومن مصر الفرعونية إلى التاريخ الإسلامي يبرز نموذج أسامة بن زيد الذي ولاه النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ قيادة جيش يضم كبار الصحابة، رغم أنه لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره، واشتهر أسامة بن زيد بالشجاعة والقوة والجهاد في سبيل الله منذ صغره، ففي العاشرة من عمره علم بأن النبي يجهز للغزو، فأصر على أن يكون له دور، فذهب يعرض نفسه على النبي إلا أن الرسول رده لصغر سنه، فعاد باكيًا، وعاود الكرَة مرة ثانية وثالثة، فطلب منه النبي أن يطبب الجرحى من المقاتلين، ففرح فرحًا شديدًا.
وقبل أن يبلغ الثامنة عشرة من عمره شارك أسامة في معركة مؤتة تحت إمرة أبيه زيد بن حارثة، وحين استُشهد أبوه ظل يقاتل تحت لواء جعفر بن أبي طالب، ثم تحت لواء عبد الله بن رواحة، ثم تحت لواء خالد بن الوليد، وعندما أمر النبي بتجهيز جيش لغزو الروم في سنة 11 هجرية اختار أسامة قائدًا للجيش وعمره حينها 18 عامًا وكان الجيش يضم كبار الصحابة، بمن فيهم أبو بكر وعمر، ولكن توفي النبي قبل أن يتحرك الجيش، وأصر الخليفة أبو بكر على أن يسيَر الجيش بقيادة أسامة رغم اعتراض البعض لصغر سنه، وحقق انتصارًا عظيمًا وعاد للمدينة حاملًا معه الغنائم الكثيرة حتى قيل: "إنه ما رٌئي جيش أسلم وأغنم من جيش أسامة بن زيد".. .. لذا فإن إسرائيل تدرك أن طفلًا كهذا قد يكون مشروع قائد مقاومة.
ومضت القرون وجاء زمن تشتت فيه المسلمين ووقعت القدس تحت قبضة الصليبيين، كان نجم الدين أيوب، والد القائد صلاح الدين الأيوبي، يؤمن بأنه لا يوجد مستحيل طالما هناك إرادة، وعندما تزوج امرأه صالحة عُرفت بحكمتها وقوة إيمانها، وفي ليلة ولادة ابنهما صلاح الدين، قال نجم الدين بثقة ويقين " سيكون لهذا الطفل شأن عظيم، وسنربيه ليكون من يُعيد للأمة عزتها ويحرر القدس"، وعندما كبر صلاح الدين على هذه المبادئ، تحقق حلم والده عندما قاد الأمة لتحرير القدس في معركة حطين عام 1187 م، وهزم الصليبيين هزيمة نكراء.
لذلك فإن إسرائيل تعلم المعطيات التاريخية السابقة وتتعمد محو وإبادة أطفال غزة، لأنها تنظر إليهم كقادة محتملين لحركات مقاومة في المستقبل، واستهدافهم ليس مجرد عمل عشوائي، بل يبدو أحيانًا وكأنه وسيلة تهدف إلى كسر الحلقة التاريخية التي تصنع القادة منذ الطفولة كما صنع التاريخ من أحمس وأسامة بن زيد وصلاح الدين الأيوبي رموزًا للقيادة المبكرة، هنا يصبح استهداف الطفولة في غزة جزءً من سياسة وقائية تتجاوز الميدان العسكري إلى مستوى استباق التاريخ.
أخيرًا نقولها بكل قوة ويقين وإيمان راسخ أنه كما جاءت حطين بعد مؤتة ستأتي غزة بعد حطين، وسيأتي طفل من رحم هذه الأمة يقودها إلى النصر من جديد، فلا تيأسوا، فالتاريخ لا ينسى، والقدس لا تنام، والدم لا يهزم.
اقرأ أيضاًجيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن مقتل قيادي بحزب الله في غارة في بلدة عين بعال جنوبي لبنان
عاجل.. إسرائيل تستعد لشن هجوم على منشآت إيران النووية
الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 20 فلسطينيا على الأقل من الضّفة الغربية
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: فلسطين الاحتلال إسرائيل حماية الأطفال الجرائم الإسرائيلية التاريخ التحرير العدوان المقاومة استيطان أطفال غزة اتفاقية جنيف الرابعة الصمود قادة المقاومة انتهاك القوانين الدولية استهداف ممنهج المستقبل الفلسطيني التفوق العددي تقرير المرصد الأورومتوسطي سياسة إسرائيلية أحمس أسامة بن زيد القيادة الشابة الثامنة عشرة أسامة بن زید صلاح الدین أطفال غزة من عمره
إقرأ أيضاً:
السر عند أسيرة سابقة... لماذا اغتالت إسرائيل أحمد سرحان
فقد اعتادت إسرائيل تنفيذ الاغتيالات في القطاع عبر المُسيَّرات والقصف المباشر، لكنها سلكت نهجاً مغايراً هذه المرة عند استهداف أحمد سرحان، الذي صرَّحت مصادر لـ«الشرق الأوسط» بأنه كان «مسؤولاً عن أسر إسرائيلية» أُطلق سراحها لاحقاً.
القيادي في «ألوية الناصر صلاح الدين» أحمد سرحان الذي اغتالته إسرائيل يوم الاثنين (ألوية الناصر صلاح الدين) القيادي في «ألوية الناصر صلاح الدين» أحمد سرحان الذي اغتالته إسرائيل يوم الاثنين (ألوية الناصر صلاح الدين) فقد جرت العملية على نحو أشبه بعمليات نفذتها في السابق قوات خاصة من «المستعربين» داخل قطاع غزة لاستعادة محتجزين إسرائيليين، ما أوحى في البداية أن الهدف هو استعادة رهائن.
واستخدمت القوة الخاصة شاحنة بيضاء صغيرة تحمل لوحة أرقام فلسطينية وبداخلها 9 أشخاص متنكرين في زي نسائي عربي، وبعضهم كان يرتدي النقاب. وكان على متن الشاحنة أمتعة، تبيَّن لاحقاً أن بداخلها أسلحة خفيفة.
ووصلت القوة التي اتخذت هيئة عائلة فلسطينية نازحة من شرق خان يونس، الواقعة تحت قصف وعمليات عسكرية متواصلة، إلى شارع مارس في حي المحطة أو ما يُعرف بـ«منطقة الكتيبة»، حيث منزل عائلة سرحان.
وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن القوة الخاصة حاولت دخول المنزل المتضرر جزئياً جراء قصف سابق، كما لو أنها تبحث عن مأوى؛ لكن سرحان، كما تشير تحقيقات أولية لـ«لجان المقاومة في فلسطين»، رفض إدخالها باعتبار أن المكان يخص عائلته.
و نُفذت العملية في ساعة مبكرة من الصباح، وغالبية الناس نيام، مما ساعد في طمس بعض حقائق ما جرى.
وذكرت المصادر أن سرحان، (44 عاماً)، اشتبه بأفراد القوة الخاصة عند إصرارهم على دخول المنزل المتضرر، فأخرج مسدسه الشخصي محاولاً التحقق من هويتهم، لكنهم باغتوه وأطلقوا النار فأردوه قتيلاً.
وحسب مصادر من «ألوية الناصر صلاح الدين»، فإن سرحان هو من بادر بإطلاق النار عندما كشف الأمر، واشتبك مع أفراد القوة فقتلوه؛ في حين قالت مصادر أخرى إن القوة الخاصة اقتحمت المنزل فعلاً وقتلت سرحان فور محاولته التصدي لها. وعند خروجها من المكان، اختطفت القوة الإسرائيلية زوجة سرحان وابنه الأكبر، محمد، البالغ من العمر 12 عاماً، في حين بقي من أولاده بالمنزل يوسف ووائل وإسراء، الذين كانوا نياماً فيما يبدو أو لم تلحظهم القوة الخاصة عند الهجوم.
وعلى مدى 20 دقيقة أعقبت لحظة اكتشاف أمر القوة الخاصة، لم تتوقف الطائرات المُسيّرة والمروحية والحربية عن إطلاق عشرات الصواريخ باتجاه أهداف مختلفة، منها أراضٍ خالية ومحيط منازل وخيام للنازحين وشوارع وغيرها، لمنع اقتراب أي فلسطيني من مكان العملية، وللتغطية على القوة الإسرائيلية التي سرعان ما غادرت بالحافلة نفسها إلى مكان تمركزها في شرق خان يونس.
ولم يُعرف الهدف الحقيقي من عملية قتل سرحان، أو ما إذا كان الهدف الأساسي هو خطفه.
وهناك فرضيات وأسئلة عديدة حول أسباب العملية، خصوصاً أن إسرائيل اعتادت اغتيال قيادات ونشطاء بارزين من الفصائل الفلسطينية عبر الجو، في حين تعتمد في مثل هذه العمليات على معلومات استخباراتية تفيد بوجود محتجزين.
لكن المصادر الفلسطينية ومصادر إسرائيلية نفت وجود رهائن بالمكان، أو أن هذا هو «الهدف»، مما يرسم علامات استفهام كثيرة حول الحقيقة.
كما أنه لم يُعرف الهدف من اختطاف زوجته وطفله، وسط تقديرات أكثر من مصدر بأنه عمل انتقامي من جانب، ولإخفاء تفاصيل العملية من جانب آخر. مَن أحمد سرحان؟ كان سرحان مسؤولاً عن أسر إسرائيلية يوم هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، كما كان مسؤولاً عن حمايتها ونقلها من مكان إلى آخر، حسب مصادر من «ألوية الناصر صلاح الدين» تحدثت إلى «الشرق الأوسط».
ورفضت المصادر الكشف عن هوية الإسرائيلية، لكنها أكدت أنه أُفرج عنها عبر صفقات التبادل في مرحلة وقف إطلاق النار الأخيرة، وكانت إسرائيل تتمسّك بالإفراج عنها وأثارت بسببها أزمة.
ويتوافق كلام المصادر، على الأغلب، مع عملية الإفراج عن الأسيرة أربيل يهود التي أصر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على الإفراج عنها للمضي قدماً في الاتفاق الذي كان في تلك المرحلة.
وظهرت، يوم الاثنين، المحتجزة المفرج عنها أمام لجنة من «الكنيست» مطالبة بإعادة جميع الرهائن، وتحدثت عما وصفته بمعاناتها في الأسر ووجودها بين أفراد عائلة فلسطينية وسط ظروف صعبة.
وحسب بيان لـ«ألوية الناصر صلاح الدين»، نعت فيه سرحان، فإنه كان مسؤولاً عن ملف المهام الخاصة.
وتصف بعض المصادر سرحان، بأنه كان «بسيطاً ومحبوباً»، ولم يتوقع من حوله يوماً أنه سيكون شخصية محل اهتمام بالنسبة إلى إسرائيل. حتى من يعرفونه كانوا يعتقدون أنه مجرد «ناشط عادي» في «ألوية الناصر صلاح الدين».
تُعدّ «ألوية الناصر صلاح الدين» الجناح العسكري للجان المقاومة في فلسطين، ثالث أقوى تنظيم عسكرياً في قطاع غزة بعد «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، رغم أن هناك فصائل أخرى تفوقه عدداً.
وأُعلن تأسيس هذه الألوية مع بدء الانتفاضة الثانية في سبتمبر (أيلول) 2000؛ وكان أول من أسّسها جمال أبو سمهدانة، وهو ضابط أمن فلسطيني سابق. وانضمت إليه عناصر مسلحة من فصائل فلسطينية سابقة، وكذلك من أجهزة السلطة الفلسطينية.
ونفّذت «ألوية الناصر صلاح الدين» الكثير من الهجمات العسكرية ضد إسرائيل، منها سلسلة عمليات اقتحام لمستوطنات، وتفجير عبوات ناسفة في آليات إسرائيلية، أبرزها تدمير دبابات «ميركافا» في بدايات الانتفاضة عند مستوطنة نتساريم، مما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من الجنود الإسرائيليين، وكانت حينها أخطر العمليات التي وقعت في قطاع غزة.
وعانت الألوية من سلسلة انقسامات وخلافات، ثم نجحت في إعادة توحيد صفوفها أكثر من مرة، في حين اغتيل عدد كبير من أمنائها العامين وقياداتها مثل أبو سمهدانة، وعبد الكريم القوقا، وكمال النيرب، وزهير القيسي، وآخرين. ومن أبرز عملياتها المشارَكة في أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط عام 2006، وعمليات أخرى قُتل فيها عديد من الإسرائيليين.
وكانت «الألوية» تتلقى دعمها المالي من حركة «الجهاد الإسلامي»، ثم مع زيادة حضورها تلقت لسنوات دعماً من «حماس»، وكذلك من «حزب الله» اللبناني، وأحياناً من إيران