مفاجأة علمية.. هل تتوقع أشجار التنوب الظواهر الفلكية قبل حدوثها؟
تاريخ النشر: 21st, May 2025 GMT
في لحظة تثير الدهشة وتقلب مفاهيمنا التقليدية حول عالم النبات، كشفت دراسة علمية حديثة أن أشجار التنوب في جبال الدولوميت الإيطالية لا تكتفي بالاستجابة للكسوف الشمسي، بل تتوقع حدوثه، وتتفاعل معا في تناغم كهربي عجيب قبل ساعات من الحدث الفلكي الكبير.
نُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة "رويال سوسايتي أوبن ساينس"، وقادها فريق دولي من الباحثين من إيطاليا والمملكة المتحدة وإسبانيا وأستراليا.
وإذا صدقت هذه النتائج بعد مزيد من البحث لتأكيدها، فإنها ستمثل نقلة نوعية في فهمنا لسلوك الغابة، حيث تظهر النباتات بغير الصورة السلبية الصامتة التي اعتدناها، بل تمتلك قدرات تواصل وتنسيق قد تُضاهي وتفوق ما نراه في عالم الحيوان.
استخدم الفريق البحثي أجهزة استشعار كهربائية خاصة، مصممة للعمل في ظروف قاسية، ووزعها على مساحة أقل من هكتار داخل غابة تنوب على ارتفاع 1950 مترا عن سطح البحر. وتم تسجيل إشارات بيولوجية كهربائية من عدة أشجار وأجزاء مختلفة منها، ومقارنتها على مدار الزمن، وبشكل خاص قبل الكسوف الشمسي.
ويوضح أليساندرو كيوليريو، الباحث في المعهد الإيطالي للتكنولوجيا والمؤلف الرئيسي في الدراسة، أن ما تم قياسه يُعرف باسم الإلكتروم، وهو إشارة كهربائية بيولوجية شبيهة بتلك التي يتم قياسها في الدماغ البشري باستخدام جهاز تخطيط الدماغ الطبي. ويُمكن قياس الإلكتروم باختراق لحاء شجرة بضعة سنتيمترات، ووضع قضيب فولاذي هناك، مُتصل بأجهزة قياس.
ويقول كيوليريو في تصريحات حصرية للجزيرة نت: "تخيل أن كل نبتة تُنتج فرق جهد كهربائي بين نقطتين، مثل البطارية. لكن هذا الجهد لا يبقى ثابتا، بل يتغير بتغير العوامل الخارجية كدرجة الحرارة والأمطار، وغيرها". ويضيف: "عندما تحدث ظاهرة مثل الكسوف، تتغير هذه الإشارات بين الأشجار بطريقة يمكن تتبع بدايتها قبل حدوث الكسوف بما يصل إلى 14 ساعة".
إعلانوتشير النتائج الأولية إلى أن الأشجار الأكبر سنا تُظهر استجابة مبكرة وأقوى للكسوف، مقارنة بالأشجار الأصغر. وهذا ما يثير تساؤلات عما إذا كانت هذه الأشجار تمتلك نوعا من "الذاكرة البيئية".
يتعامل كيوليريو مع هذا الاحتمال بحذر كبير، ويقول: "لا يمكنني استبعاد أي خيار، ولا يمكنني تأكيد أي منها أيضا. يجب أن أكون حذرا جدا في النظر إلى ما هو موجود، لا إلى ما أود رؤيته. فالعقل البشري قد يُخدع بسهولة. فإذا كانت الإشارة الكهربائية في الأشجار الأكبر أقوى، فقد يكون هذا ببساطة ناتجا عن اختلاف في استجاباتها الفسيولوجية. أما إذا كانت هناك ذاكرة بالفعل، فأقترح النظر في نظرية الحقل الكمومي لفهم الآليات المحتملة".
ووفقا لنظرية الشبكة، لا يمكن التمييز بين السلوك التوقعي الحقيقي والاستجابة البيئية إلا من خلال إجراء تحفيز محلي. فإذا أدى ذلك إلى استجابة واحدة، فهذا يعني أنها استجابة بيئية. وأما إذا أدى إلى استجابة جماعية، فهذا يعني أن السلوك صحيح. وهناك حاجة إلى مزيد من التجارب في هذه المرحلة، بحسب الباحثين.
ويتضح من ذلك أن الدراسة تتعرض لعملية الرصد وليس التفسير، فيشير كيوليريو إلى أن تحليل هذه الإشارات الكهربائية المتغيرة باستمرار يتطلب أدوات متقدمة، ويقول: "تخيل أنك ترى شكل موجة ترتجف على الشاشة، وتُسجَّل 5 موجات كهذه لكل شجرة تحت المراقبة. حتى صورة ثابتة من هذا المشهد تُعد معقدة جدا لتحليلها بشكل يدوي".
ويقيس الفريق عددا من المعايير المناخية، مثل درجة الحرارة، وسرعة الرياح واتجاهها، والرطوبة النسبية، ورطوبة الأوراق، والإشعاع الشمسي، والضغط، وهطول الأمطار. وبحسب الأرقام، لم تُمثل درجات الحرارة والإشعاع الشمسي مصدرا مرتبطا بالتغيّر.
ودفعت تلك البيانات غير المفسرة الفريق البحثي إلى الاستعانة بالخوارزميات الرياضية والتعلم الآلي، لتحويل هذه البيانات المعقدة إلى أرقام بسيطة وأنماط ذات مغزى. ومن بين هذه الأدوات مفهوم "الإنتروبيا"، وهو مقياس يعبر عن مدى تعقيد الإشارة ومقدار المعلومات التي تحملها.
يقول جوزيبي فيتييلو، الباحث في قسم الفيزياء من جامعة ساليرنو الإيطالية، والمشارك في الدراسة، في تصريحات حصرية للجزيرة: "عند دراسة الأشجار، لا بد من مراعاة أن حياتها تتطور ضمن نطاق محدد من درجات الحرارة. لذا، من الطبيعي، بل من الضروري، مراعاة الديناميكا الحرارية المرتبطة بها، حيث يلعب تبادل الطاقة والحرارة مع البيئة دورا مهما. لذلك، يجب مراعاة اختلافات درجات حرارتها لكل درجة حرارة، والتي تُعرف بطبيعتها بالإنتروبيا".
إعلانفعندما تخلط الحليب بالماء، لن يمكنك فصلهما بعد الخلط، فحالة كل منهما كانت مستقرة، ولكن بعد الخلط سادت الفوضى أو الإنتروبيا وعجزنا عن فصل المكونات إلى أصلها.
كذلك في الغابة، فعندما تكون الغابة في حالة طبيعية، تختلف الإشارات من شجرة لأخرى. لكن مع اقتراب الكسوف، تصبح الإشارات أكثر تشابها وتناغما تدريجيا. وهذا يشير إلى انخفاض في الإنتروبيا، أي أن النظام (الغابة) أصبح أكثر تنسيقا وتناغما.
ويستلهم الفريق رؤية أخرى من نظرية الحقل الكمومي، التي تقول إن كل شيء في الكون عبارة عن مجال، وهذه المجالات تتفاعل فيما بينها باستمرار. حتى الجسيمات نفسها ليست سوى اهتزازات صغيرة في هذه المجالات.
ويقول كيوليريو: "من خلال رؤية نظرية الحقل الكمومي، يمكننا أن نرى الغابة على أنها كائن جماعي، حيث كل نبتة تعمل مثل آلة موسيقية تعزف بتناغم داخل أوركسترا".
ويضيف فيتييلو: "تتناول القياسات التجريبية سلوك المكونات الجزيئية مثل جزيئات الماء، والجزيئات اللمفاوية، وغيرها، بالإضافة إلى ثنائيات أقطابها الكهربائية، وتوزيعات شحناتها، وبالتالي، فإن الأدوات النظرية الوحيدة المتاحة للتعامل معها هي نظريات الكم. فعدد هذه المكونات كبير للغاية، وعند درجة حرارة غير صفرية، وبالتالي فإن الرياضيات المستخدمة هي تلك المستخدمة في نظرية المجال الكمومي عند درجة حرارة محدودة، وهي في الواقع الرياضيات المستخدمة في عملنا".
وفي سياق أوسع، يرى كيوليريو أن هذه الدراسة، التي أطلق عليها "تجربة الغابة السيبرانية"، تُمثل خطوة فريدة في دراسة تواصل النباتات تحت ظروف حقيقية ميدانية.
أما الخطوة التالية، فيصفها كيوليريو بأنها طموحة لكنها قابلة للتحقيق، ويقول: "نحن نتطلع لتكرار الدراسة في موقع آخر وخلال كسوف آخر للتحقق من النتائج. وعلى المدى الأبعد، وربما أقرب إلى الخيال العلمي، نطمح إلى تحقيق تواصل حقيقي وثنائي الاتجاه مع النباتات. وأنا أؤمن بصدق أن هذا ممكن!".
إعلانغياب التفسير عن الظاهرة يحيط الدراسة ببعض الغموض والشكوكية العلمية، لكنها تكشف أن النباتات ربما ليست تلك الكائنات الساكنة التي لطالما ظنناها، بل كيانات تمتلك قدرة على التفاعل الجماعي، وربما على التعلم والتذكر. وقد تكون هذه الخطوة تمهيدا لعصر جديد من التفاعل بين الإنسان والطبيعة، ليس فقط من خلال المنفعة، بل من خلال الحوار. فهل سنشهد مستقبلا تتحدث فيه الأشجار إلينا بشكل ما؟ يبدو أن الجواب ما زال عصيا.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
رغم تراجع شعبيتها.. 5 مشاهير لن تتوقع امتلاكهم لسيارة تسلا الكهربائية
قبل سنوات قليلة، لم تكن سيارة تسلا مجرد وسيلة نقل، بل كانت بيانًا اجتماعيًا ورسالة صريحة مفادها: "أنا ناجح، عصري، وأهتم بالبيئة".
في شوارع بيفرلي هيلز وعلى السجادة الحمراء للمهرجانات، ظهرت سيارات تسلا إلى جانب أصحابها من المشاهير، في صورة تجسد قمة الرقي والتقدم التكنولوجي.
لكن اليوم، ورغم استمرار تسلا في ريادة صناعة السيارات الكهربائية، يبدو أن علاقتها مع هوليوود تمر بمرحلة تراجع ملحوظة، مع تخلي عدد متزايد من نجوم الفن والسياسة عن سياراتهم التي تحمل علامة تسلا. فهل يعود ذلك إلى تغيّر توجهات النجوم؟ أم أن صورة العلامة التجارية تأثرت بسياسات وتصريحات مؤسسها إيلون ماسك؟
في هذا التقرير، نستعرض أبرز التحولات في نظرة المشاهير إلى تسلا، ونكشف عن الأسماء التي تمسكت بسياراتها رغم كل الجدل، وأخرى قررت الاستغناء عنها لأسباب شخصية أو سياسية.
مع انطلاقها في السوق العالمي، مثلت تسلا خيارًا مثاليًا للأثرياء الذين أرادوا الجمع بين الفخامة والوعي البيئي.
وبمساعدة دعم إعلامي ضخم وواجهة تقنية جذابة، أصبحت السيارات الكهربائية من تسلا جزءًا من الثقافة الشعبية، خصوصًا في أوساط النجوم مثل ليوناردو دي كابريو، وويل سميث، وكيم كارداشيان.
لكن الأمور بدأت في التغير مؤخرًا، خاصة بعد أن أصبح مؤسس تسلا «إيلون ماسك» شخصية مثيرة للجدل سياسيًا واجتماعيًا.
ومع استحواذه على منصة "تويتر" (التي أصبحت تعرف بـ X)، وتصريحاته السياسية الداعمة للتيار اليميني، بدأت علامات التذمر تظهر بين مشاهير هوليوود التقدميين.
مشاهير تخلّوا عن تسلا: من الافتخار إلى الإحراجقال الممثل الأمريكي جيسون بيتمان في تصريح لافت: “أشعر وكأنني أقود سيارتي مع ملصق ترامب، لذا فقد تخلصت منها.”
تلخص كلمات بيتمان المزاج العام في أوساط بعض نجوم هوليوود الذين باتوا يرون في تسلا رمزًا سياسيًا غير مرغوب فيه، وليس مجرد سيارة كهربائية.
انضمت إليه المغنية الشهيرة بيتي ميدلر والفنانة شيريل كرو، اللتان أعلنتا بدورهما الابتعاد عن تسلا، مع تلميحات إلى خيبة الأمل من توجهات ماسك وتصريحاته.
على الجانب الآخر: مشاهير احتفظوا بولائهم لتسلارغم كل هذا الجدل، لا تزال تسلا تحتل مكانة مميزة في مرآب عدد من النجوم الذين لا يهتمون بالجدل أو ربما يرون أن السيارة تتفوق على الخلافات الشخصية والسياسية.
1. جو روجانالإعلامي ومقدم البرامج جو روجان لا يخفي حبه لسيارات تسلا، وخصوصًا موديل S ذاتية القيادة.
مؤخرًا، نشر تجربته مع نظام القيادة الذاتية عبر منصة X، مما عكس استمرار إعجابه بتقنيات تسلا.
رغم امتلاكه مجموعة كبيرة من السيارات الكلاسيكية، فإن تيسلا لا تزال بين المفضلات لديه.
2. كيم كارداشياننجمة تلفزيون الواقع كيم كارداشيان لا تزال من عشاق تسلا، لكنها اختارت مؤخرًا دخول مغامرة جديدة باقتنائها شاحنة سايبرتراك، الطراز الأكثر جرأة في مجموعة تسلا.
وشاركت صورها على وسائل التواصل الاجتماعي، ما اعتُبر تأكيدًا على استمرار العلاقة القوية بينها وبين العلامة التجارية.
3. ليوناردو دي كابريويُعرف عن دي كابريو شغفه بحماية البيئة واعتماده المبكر على السيارات الكهربائية.
ولا تزال تسلا رودستر الجيل الأول ضمن مجموعته الخاصة.
ورغم امتلاكه لخيارات هجينة أخرى، إلا أن تسلا بقيت جزءًا من هويته الخضراء.
4. ويل سميثفي مرآب ويل سميث، تتجاور الفخامة مع المستقبل.
بين سيارات رولز رويس ومايباخ، يحتفظ سميث بتيسلا رودستر وموديل S، ما يعكس ولاءه المستمر لتقنيات الأداء العالي.
5. دونالد ترامبربما تكون المفاجأة الأكبر في القائمة، رغم أن تسلا تمثل اتجاهًا تقدميًا تقنيًا، فإن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يشاع إنه اقتنى موديل S حمراء أثناء فعالية استعراضية نظمها ماسك في البيت الأبيض.
ورغم أن التفاصيل الدقيقة حول استخدامه الفعلي لها تبقى غامضة، فإن القصة تعكس التحول الغريب في ولاءات المشاهير للعلامة التجارية.
في عالم المشاهير، لا يتعلق الأمر فقط بما تقدمه السيارة من أداء، بل بما تمثله في نظر الجمهور.
تسلا التي كانت رمزًا للبيئة والابتكار، أصبحت اليوم في نظر البعض تمثل شخصية إيلون ماسك وآرائه المثيرة للجدل.
لكن في المقابل، لا يمكن تجاهل أن تسلا لا تزال رائدة في السوق من حيث المدى الكهربائي، تقنيات القيادة الذاتية، والتصميم العصري.
وبينما قد تخسر بعض العملاء من المشاهير، فإنها لا تزال تحتفظ بجاذبيتها لكثيرين.
تسلا لا تزال تمثل قوة لا يستهان بها في صناعة السيارات، لكن بريقها في هوليوود بدأ يخفت بعض الشيء تحت تأثير السياسة والشخصيات العامة.