نظرة علمية من الفضاء على الإبادة الزراعية في غزة
تاريخ النشر: 20th, May 2025 GMT
في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، تكشف دراسة حديثة عن الآثار المدمرة التي لحقت بالقطاع الزراعي في غزة، الذي يُعد ركيزة أساسية للأمن الغذائي والاقتصاد المحلي.
باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل صور الأقمار الصناعية عالية الدقة، توصل الباحثون في دراسة حديثة منشورة في دورية "ساينس أوف ريموت سينسنج" إلى أن ما بين 64% إلى 70% من حقول المحاصيل الشجرية، و58% من البيوت البلاستيكية (الدفيئات الزراعية التي تحفظ درجة حرارة محددة للمزروعات)، قد تعرضت للتدمير بحلول سبتمبر/أيلول 2024.
هذه النتائج تُظهر حجم الكارثة التي ألمت بقطاع غزة، والتي ستترك آثارًا طويلة الأمد على الأمن الغذائي والقدرة الاقتصادية للسكان.
ويقول هي ين، الأستاذ المساعد في قسم الجغرافيا، ورئيس مختبر الاستشعار عن بعد وعلوم الأرض بجامعة ولاية "كنت" الأميركية، والمؤلف الرئيسي في الدراسة في تصريحات حصلت عليها الجزيرة نت: "يُظهر تقييمنا معدلًا مرتفعًا للغاية من الأضرار المباشرة والواسعة النطاق التي لحقت بالنظام الزراعي في غزة، سواءً مقارنةً بالتصعيدات السابقة هناك في عامي 2014 و2021، أو في سياق تصعيدات أخرى"
ويضيف "على سبيل المثال، خلال حرب يوليو وأغسطس عام 2014، تضررت حوالي 1200 دفيئة زراعية في غزة. وهذه المرة، تضرر ما لا يقل عن ثلاثة أضعاف هذا العدد."
ويقول ين: "على مدار الأشهر السبعة عشر الماضية، قمنا بتحليل صور الأقمار الصناعية في أنحاء قطاع غزة لتحديد حجم الدمار الزراعي في المنطقة. ويكشف بحثنا المنشور حديثًا ليس فقط عن النطاق الواسع لهذا الدمار، بل أيضًا عن الوتيرة غير المسبوقة المحتملة التي حدث بها. يغطي عملنا الفترة حتى سبتمبر 2024، ولكن تتوفر أيضًا بيانات إضافية حتى يناير 2025."
إعلاناعتمدت الدراسة على تحليل صور الأقمار الصناعية من نوع "بلانيت سكوب" و"سكاي سات"، والتي توفر دقة تصل إلى 50 سم، مما مكن الباحثين من مراقبة التغيرات في الأراضي الزراعية بدقة عالية. تم استخدام نماذج تعلم آلي لرسم خرائط مفصلة للأراضي الزراعية قبل الحرب وتقييم الأضرار التي لحقت بها خلال السنة الأولى من الحرب على غزة.
يضيف ين: "قبل الحرب، كانت الطماطم والفلفل والخيار والفراولة تُزرع في الحقول المفتوحة والبيوت البلاستيكية، وكانت أشجار الزيتون والحمضيات تصطف على طول صفوفها في أنحاء غزة. وتُعد هذه الأشجار تحديدًا تراثًا ثقافيًا مهمًا في المنطقة، وكانت الزراعة جزءًا حيويًا من اقتصاد غزة. كان حوالي نصف الطعام الذي يُستهلك هناك يُنتج في القطاع نفسه، وكان الغذاء يُشكل نسبة مماثلة من صادراته."
وفقًا للدراسة، غطت المحاصيل الشجرية، مثل الزيتون والحمضيات، حوالي 23% من مساحة قطاع غزة قبل الحرب، أي ما يعادل 8242 هكتارًا. ومع نهاية سبتمبر/أيلول 2024، تضرر ما بين 5305 إلى 5795 هكتارًا من هذه المحاصيل، مع تفاوت كبير بين المحافظات.
وقد شهدت مدينة غزة أعلى نسبة تدمير، حيث تضرر أكثر من 90% من المحاصيل الشجرية، تليها محافظة شمال غزة بنسبة 73%. في المقابل، كانت محافظة رفح الأقل تضررًا بنسبة 42%.
دفيئات زراعية مدمرةاحتوى القطاع على قرابة 7219 دفيئة زراعية قبل الحرب، معظمها يتركز في المناطق الجنوبية والوسطى من القطاع. بحلول سبتمبر 2024، تضررت 58% من هذه الدفيئات، مع تدمير كامل للدفيئات في مدينة غزة وشمال غزة بحلول نهاية عام 2023.
بدأ الفريق عمله بتحديد محاصيل الأشجار المتضررة وغير المتضررة بصريًا لتدريب نموذج التعلم الآلي، حتى يتمكن من تحديد ما يبحث عنه. وبعد تشغيل النموذج على جميع بيانات الأقمار الصناعية، راجع الفريق عينة من النتائج للتأكد من دقتها.
إعلاننظرًا للتباين الكبير في صور الدفيئات الزراعية عبر الأقمار الصناعية، استخدم الفريق طريقة منفصلة لرسم خريطة للأضرار التي لحقت بها. وجد الباحثون أن أكثر من 4 آلاف دفيئة زراعية قد تضررت بحلول سبتمبر/أيلول 2024، وهو ما يمثل أكثر من 55% من إجمالي الدفيئات الزراعية المرصودة قبل الحرب.
يضيف ين "في جنوب القطاع، حيث وُجدت معظم الدفيئات الزراعية، كان الدمار مُستمرًا نسبيًا من ديسمبر 2023 فصاعدًا. ولكن في شمال غزة ومدينة غزة، وهما أقصى محافظتين شماليتين من بين المحافظات الخمس في القطاع، كان معظم الضرر قد وقع بالفعل بحلول نوفمبر وديسمبر 2023. وبنهاية فترة دراستنا، كانت جميع الدفيئات الزراعية قد دُمرت."
أمن غذائي كارثيتشير الدراسة إلى أن الدمار الذي لحق بالقطاع الزراعي في غزة له تداعيات خطيرة على الأمن الغذائي للسكان، الذين يعتمدون بشكل كبير على الإنتاج المحلي لتلبية احتياجاتهم الغذائية. قبل الحرب، كان حوالي نصف الطعام الذي يُستهلك في غزة يُنتج محليًا، وكانت الزراعة تشكل جزءًا حيويًا من الاقتصاد المحلي.
يجدر بالذكر أن الهجمات على الأراضي الزراعية محظورة بموجب القانون الدولي. إذ يُعرّف نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 الاستخدام المتعمد لتجويع المدنيين من خلال (حرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم) بأنه جريمة حرب.
كما تُعرّف اتفاقيات جنيف هذه المواد التي لا غنى عنها بأنها (المواد الغذائية، والمناطق الزراعية لإنتاجها، والمحاصيل، والثروة الحيوانية، ومرافق وإمدادات مياه الشرب، وأعمال الري).
يقول ين "أظهرت نتائجنا أن ما بين 64% و70% من جميع حقول محاصيل الأشجار في غزة قد تضررت. قد يعني ذلك إما تدمير بعض الأشجار، أو إزالة حقل الأشجار بالكامل، أو أي شيء بينهما. وقعت معظم الأضرار خلال الأشهر القليلة الأولى من الحرب في خريف 2023."
إعلانلن تكون إعادة بناء القطاع الزراعي في غزة مهمة سهلة. فبالإضافة إلى إزالة الأنقاض وإعادة بناء الدفيئات الزراعية، هناك حاجة إلى تنظيف التربة من التلوث المحتمل وإعادة بناء البنية التحتية للري والصرف الصحي وهو ما قد يستغرق جيلًا أو أكثر. إذ تحتاج أشجار الزيتون والحمضيات 5 سنوات أو أكثر لتصبح منتجة، و15 عامًا حتى تصل إلى مرحلة النضج الكامل.
ويختتم ين "تقدم دراستنا إحصاءات شفافة حول مدى وتوقيت الأضرار التي لحقت بالنظام الزراعي في غزة. إلى جانب توثيق آثار الحرب، نأمل أن يُسهم ذلك في جهود إعادة الإعمار الضخمة المطلوبة."
وفي ظل هذه الأوضاع، يبقى الأمل في أن تُسهم هذه البيانات في دفع المجتمع الدولي نحو اتخاذ إجراءات عاجلة لدعم سكان غزة ومساعدتهم على تجاوز هذه الكارثة الإنسانية والبيئية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات صور الأقمار الصناعیة الزراعی فی غزة التی لحقت قبل الحرب
إقرأ أيضاً:
محمود سعد: كارثة الغش تهدر أموال التعليم.. الدروس الخصوصية نتيجة حتمية لفشل المنظومة
علق الإعلامي محمود سعد على المشكلات الأخيرة التي شهدتها المدارس من تحرش وتنمر وإهانة للمدرسين.
وقال محمود سعد خلال بث مباشر عبر صحفته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": إنه غالباً ما يجري حوارات مع أطفال يعملون في ورش ومحال ومطاعم خلال أيام الدراسة، وعند سؤال هؤلاء الأطفال عن ذهابهم للمدرسة، تكون الإجابات صادمة، "مش دايماً بنروح المدرسة وبننجح بالغش".
واعتبر "سعد" هذه الظاهرة كارثة كبيرة ومصيبة، مشيراً إلى أن الدولة تصرف على التعليم "فلوس ليس لها أول من آخر"، بينما النتيجة هي أن الأطفال لا يترددون على المدرسة ولا يتعلمون.
وأكد أن هذه المشكلة متجذرة وتحدث منذ فترة طويلة، رغم وجود بعض الطلاب والتلاميذ الذين يذهبون للمدرسة بانتظام.
وتساءل سعد عن المبالغ الطائلة التي يصرفها المصريون على الدروس الخصوصية، قائلاً: إن المصريين مضطرين للدروس الخصوصية، لأنه لا أعتقد أن يوجد أب ابنه بيتعلم كويس في المدرسة، وغاوى يدفع للحصة 300 جنيه و500 جنيه.
وتابع: هناك حاجات كتيرة أوي مخوخة تحتاج إلى نظرة صادقة وعميقة لإيجاد حلول لهذه المشكلات.
وأوضح أنه بينما التحرش والتنمر قد يظلان موجودين، "مينفعش التعليم ميكونش موجود لأنها فلوس مهدرة من المدارس والآباء".
وأكد محمود سعد، أن هناك مدارس تعلم جيدًا وتخرج مئات الآلاف من الطلاب، لكن لدينا 18 مليون طالب بحاجة إلى نظرة عميقة بهدف الإصلاح، ليس بالضرورة أن يظهر هذا الإصلاح في عام 2026، ولكن يجب وضع خطة حتى عام 2045 لضمان إحداث تغيير وإصلاح شامل في المنظومة التعليمية، بحيث يصبح التعليم على أحسن مستوى في كل مدارس مصر وليس فقط في المدارس الخاصة.
واختتم مذكراً بأن ظاهرة الدروس الخصوصية في السناتر ظهرت منذ حوالي 20 سنة، وتلاها ظاهرة عدم ذهاب الطلاب للمدارس خاصة طلاب الثانوية العامة، وهو ما أصبح أمراً عادياً، مشدداً على أن المدارس تحتاج إلى نظرة حقيقية لإعادتها إلى دورها الفعال.
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
محمود سعد الغش التربية والتعليم الدروس الخصوصية أخبار ذات صلة