الجزيرة:
2025-07-04@23:51:59 GMT

نظرة علمية من الفضاء على الإبادة الزراعية في غزة

تاريخ النشر: 20th, May 2025 GMT

نظرة علمية من الفضاء على الإبادة الزراعية في غزة

في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، تكشف دراسة حديثة عن الآثار المدمرة التي لحقت بالقطاع الزراعي في غزة، الذي يُعد ركيزة أساسية للأمن الغذائي والاقتصاد المحلي.

باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل صور الأقمار الصناعية عالية الدقة، توصل الباحثون في دراسة حديثة منشورة في دورية "ساينس أوف ريموت سينسنج" إلى أن ما بين 64% إلى 70% من حقول المحاصيل الشجرية، و58% من البيوت البلاستيكية (الدفيئات الزراعية التي تحفظ درجة حرارة محددة للمزروعات)، قد تعرضت للتدمير بحلول سبتمبر/أيلول 2024.

هذه النتائج تُظهر حجم الكارثة التي ألمت بقطاع غزة، والتي ستترك آثارًا طويلة الأمد على الأمن الغذائي والقدرة الاقتصادية للسكان.

ويقول هي ين، الأستاذ المساعد في قسم الجغرافيا، ورئيس مختبر الاستشعار عن بعد وعلوم الأرض بجامعة ولاية "كنت" الأميركية، والمؤلف الرئيسي في الدراسة في تصريحات حصلت عليها الجزيرة نت: "يُظهر تقييمنا معدلًا مرتفعًا للغاية من الأضرار المباشرة والواسعة النطاق التي لحقت بالنظام الزراعي في غزة، سواءً مقارنةً بالتصعيدات السابقة هناك في عامي 2014 و2021، أو في سياق تصعيدات أخرى"

ويضيف "على سبيل المثال، خلال حرب يوليو وأغسطس عام 2014، تضررت حوالي 1200 دفيئة زراعية في غزة. وهذه المرة، تضرر ما لا يقل عن ثلاثة أضعاف هذا العدد."

صور الأقمار الصناعية تدمير الأشجار (أعلى) والصوبات الزراعية (أسفل) في شمال غزة (هي ين) أقمار ترصد الكارثة!

ويقول ين: "على مدار الأشهر السبعة عشر الماضية، قمنا بتحليل صور الأقمار الصناعية في أنحاء قطاع غزة لتحديد حجم الدمار الزراعي في المنطقة. ويكشف بحثنا المنشور حديثًا ليس فقط عن النطاق الواسع لهذا الدمار، بل أيضًا عن الوتيرة غير المسبوقة المحتملة التي حدث بها. يغطي عملنا الفترة حتى سبتمبر 2024، ولكن تتوفر أيضًا بيانات إضافية حتى يناير 2025."

إعلان

اعتمدت الدراسة على تحليل صور الأقمار الصناعية من نوع "بلانيت سكوب" و"سكاي سات"، والتي توفر دقة تصل إلى 50 سم، مما مكن الباحثين من مراقبة التغيرات في الأراضي الزراعية بدقة عالية. تم استخدام نماذج تعلم آلي لرسم خرائط مفصلة للأراضي الزراعية قبل الحرب وتقييم الأضرار التي لحقت بها خلال السنة الأولى من الحرب على غزة.

يضيف ين: "قبل الحرب، كانت الطماطم والفلفل والخيار والفراولة تُزرع في الحقول المفتوحة والبيوت البلاستيكية، وكانت أشجار الزيتون والحمضيات تصطف على طول صفوفها في أنحاء غزة. وتُعد هذه الأشجار تحديدًا تراثًا ثقافيًا مهمًا في المنطقة، وكانت الزراعة جزءًا حيويًا من اقتصاد غزة. كان حوالي نصف الطعام الذي يُستهلك هناك يُنتج في القطاع نفسه، وكان الغذاء يُشكل نسبة مماثلة من صادراته."

وفقًا للدراسة، غطت المحاصيل الشجرية، مثل الزيتون والحمضيات، حوالي 23% من مساحة قطاع غزة قبل الحرب، أي ما يعادل 8242 هكتارًا. ومع نهاية سبتمبر/أيلول 2024، تضرر ما بين 5305 إلى 5795 هكتارًا من هذه المحاصيل، مع تفاوت كبير بين المحافظات.

وقد شهدت مدينة غزة أعلى نسبة تدمير، حيث تضرر أكثر من 90% من المحاصيل الشجرية، تليها محافظة شمال غزة بنسبة 73%. في المقابل، كانت محافظة رفح الأقل تضررًا بنسبة 42%.

دفيئات زراعية مدمرة

احتوى القطاع على قرابة 7219 دفيئة زراعية قبل الحرب، معظمها يتركز في المناطق الجنوبية والوسطى من القطاع. بحلول سبتمبر 2024، تضررت 58% من هذه الدفيئات، مع تدمير كامل للدفيئات في مدينة غزة وشمال غزة بحلول نهاية عام 2023.

بدأ الفريق عمله بتحديد محاصيل الأشجار المتضررة وغير المتضررة بصريًا لتدريب نموذج التعلم الآلي، حتى يتمكن من تحديد ما يبحث عنه. وبعد تشغيل النموذج على جميع بيانات الأقمار الصناعية، راجع الفريق عينة من النتائج للتأكد من دقتها.

إعلان

نظرًا للتباين الكبير في صور الدفيئات الزراعية عبر الأقمار الصناعية، استخدم الفريق طريقة منفصلة لرسم خريطة للأضرار التي لحقت بها. وجد الباحثون أن أكثر من 4 آلاف دفيئة زراعية قد تضررت بحلول سبتمبر/أيلول 2024، وهو ما يمثل أكثر من 55% من إجمالي الدفيئات الزراعية المرصودة قبل الحرب.

يضيف ين "في جنوب القطاع، حيث وُجدت معظم الدفيئات الزراعية، كان الدمار مُستمرًا نسبيًا من ديسمبر 2023 فصاعدًا. ولكن في شمال غزة ومدينة غزة، وهما أقصى محافظتين شماليتين من بين المحافظات الخمس في القطاع، كان معظم الضرر قد وقع بالفعل بحلول نوفمبر وديسمبر 2023. وبنهاية فترة دراستنا، كانت جميع الدفيئات الزراعية قد دُمرت."

أمن غذائي كارثي

تشير الدراسة إلى أن الدمار الذي لحق بالقطاع الزراعي في غزة له تداعيات خطيرة على الأمن الغذائي للسكان، الذين يعتمدون بشكل كبير على الإنتاج المحلي لتلبية احتياجاتهم الغذائية. قبل الحرب، كان حوالي نصف الطعام الذي يُستهلك في غزة يُنتج محليًا، وكانت الزراعة تشكل جزءًا حيويًا من الاقتصاد المحلي.

يجدر بالذكر أن الهجمات على الأراضي الزراعية محظورة بموجب القانون الدولي. إذ يُعرّف نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 الاستخدام المتعمد لتجويع المدنيين من خلال (حرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم) بأنه جريمة حرب.

كما تُعرّف اتفاقيات جنيف هذه المواد التي لا غنى عنها بأنها (المواد الغذائية، والمناطق الزراعية لإنتاجها، والمحاصيل، والثروة الحيوانية، ومرافق وإمدادات مياه الشرب، وأعمال الري).

يقول ين "أظهرت نتائجنا أن ما بين 64% و70% من جميع حقول محاصيل الأشجار في غزة قد تضررت. قد يعني ذلك إما تدمير بعض الأشجار، أو إزالة حقل الأشجار بالكامل، أو أي شيء بينهما. وقعت معظم الأضرار خلال الأشهر القليلة الأولى من الحرب في خريف 2023."

إعلان

لن تكون إعادة بناء القطاع الزراعي في غزة مهمة سهلة. فبالإضافة إلى إزالة الأنقاض وإعادة بناء الدفيئات الزراعية، هناك حاجة إلى تنظيف التربة من التلوث المحتمل وإعادة بناء البنية التحتية للري والصرف الصحي وهو ما قد يستغرق جيلًا أو أكثر. إذ تحتاج أشجار الزيتون والحمضيات 5 سنوات أو أكثر لتصبح منتجة، و15 عامًا حتى تصل إلى مرحلة النضج الكامل.

ويختتم ين "تقدم دراستنا إحصاءات شفافة حول مدى وتوقيت الأضرار التي لحقت بالنظام الزراعي في غزة. إلى جانب توثيق آثار الحرب، نأمل أن يُسهم ذلك في جهود إعادة الإعمار الضخمة المطلوبة."

وفي ظل هذه الأوضاع، يبقى الأمل في أن تُسهم هذه البيانات في دفع المجتمع الدولي نحو اتخاذ إجراءات عاجلة لدعم سكان غزة ومساعدتهم على تجاوز هذه الكارثة الإنسانية والبيئية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات صور الأقمار الصناعیة الزراعی فی غزة التی لحقت قبل الحرب

إقرأ أيضاً:

إعلام إسرائيلي: الجيش عاش يوما صعبا في الشجاعية أمس

تناولت وسائل إعلام إسرائيلية العمليات التي نفذتها المقاومة ضد قوات الاحتلال التي وصلت إلى مدينة الشجاعية شمال قطاع غزة أمس الأربعاء، في حين تحدثت أخرى عن العدد الهائل من المدنيين الذين قتلتهم إسرائيل خلال الحرب.

فقد وصلت الفرقة 98 إلى الشجاعية لتجد نفسها أمام 3 عمليات أوقعت قتيلا و8 مصابين من وحدة "إيغوز" النخبوية، بينهم 3 في حالة خطرة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2وثائقي عن أطباء غزة يفجّر أزمة داخل بي بي سي حول "الحياد والانحياز"list 2 of 2ضابطا "سي آي إيه" سابقان: ترامب يدمر الاستخبارات الأميركيةend of list

وهذه ليست المرة الأولى التي تتلقى فيها قوات الاحتلال ضربات موجعة في الشجاعية التي نفذت فيها عمليات واسعة خلال الحرب وألحقت بها دمارا هائلا، لكنها أيضا فقدت عددا كبيرا من الجنود والضباط فيها.

3 عمليات في 3 ساعات

ووفقا لمراسل الشؤون العسكرية في قناة "كان" الرسمية إيتاي بلومنتال، فقد نفذت المقاومة 3 عمليات خلال 3 ساعات ضد القوة التي وصلت لتوها إلى المنطقة، حيث استهدفت قوة من "إيغوز" كانت متحصنة داخل أحد البيوت بصاروخ مضاد للدروع فأصابت جنديين بجروح متوسطة وخفيفة.

ووقعت هذه العملية بين الـ8 والـ8:30 صباحا، وقد طارد الجنود الإسرائيليون المنفذين الذين أطلقوا عليهم صاروخا آخر فأصابوا دبابة تعمل مع "إيغوز"، حسب مراسل الشؤون العسكرية في القناة الـ14 هيلل روزين.

وقتل هذا الصاروخ الرقيب يانيف ميخائيلوفيتش الذي يعمل في الكتيبة 82 التابعة للواء السابع، وأصاب اثنين آخرين بجروح خطيرة وآخر بجروح طفيفة، وفق بلومنتال.

بعد ذلك أطلق قناص من مسافة بعيدة، فأصاب جنديا من الكوماندوز التابع لإيغوز فأصابه إصابة خطيرة، وفي حدود الـ12 ظهرا انفجرت عبوة في جرافة "دي 9″، فأصيب جنديان آخران بجروح متوسطة وطفيفة، وفق ما أكده بلومنتال.

وتظهر هذه الاشتباكات التي جرت في منطقة سبق للجيش العمل فيها أكثر من مرة وجود جيوب للمقاومة، كما أنها تنفي مزاعم القضاء على حركة حماس، برأي محلل الشؤون العسكرية في قناة "24 نيوز" يوسي يهوشوع.

إعلان

كما تظهر هذه العمليات -حسب يهوشوع- وجود مشكلة لدى الجيش في مواجهة الصواريخ المضادة للدروع والقنص والعبوات الناسفة، وتؤكد أن من يتحدث عن القضاء على حماس إنما يحاول تبرير وقف الحرب.

أما مراسل الشؤون العسكرية في القناة الـ13 أور هيلر فقال إن القوات عاشت يوما قاسيا في القطاع قبل وقت قصير من صفقة محتملة، وإن حماس أثبتت قدرتها على قصف غلاف غزة بعدما أطلقت صاروخين على سديروت.

متى نتوقف عن قتل المدنيين؟

وفي جانب آخر، انتقد الكاتب الصحفي أمنون ليفي إصرار إسرائيل على قتل المدنيين في غزة وتبرير سلوكها الذي وصفه بالوحشي والأحمق بأنه لا أحد بريء في القطاع.

وتحدث ليفي عن 100 مدني قتلوا في غزة أمس الأربعاء، وعن 100 ألف -بينهم نساء وأطفال ومدنيون كثيرون- منذ بدء الحرب، وقال "إن وجود مخربين (مقاومون) يستحقون الموت لا يعني قتل هذا الكم الهائل من الناس".

ويساوي عدد الشهداء الذين قتلتهم إسرائيل في القطاع سكان مدينة هرتسليا وفق ليفي الذي تساءل: "كيف سيكون موقفنا لو قتل كل سكان هرتسليا؟".

وتساءل الكاتب الصحفي أيضا عن اللحظة التي ستقرر فيها إسرائيل أنها انتقمت بما يكفي، وتتوقف عن وصف كل سكان القطاع بالمخربين، بمن فيهم التوأمان اللذان قتلا بعد 4 أيام من ولادتهما.

مقالات مشابهة

  • تعرف على أبرز الوثائق والتحقيقات التي تفضح الاحتلال.. الأكثر إجراما عالميا
  • ترامب: أريد الأمان لأهالي غزة.. تصريحات تسبق زيارة نتنياهو إلى واشنطن
  • ظلال الإبادة في غزة تثير جدلا بشأن دور أميركا في صناعة السلام بأفريقيا
  • تأملات من وراء القضبان.. نظرة إلى أعماق النفس البشرية
  • إعلام إسرائيلي: الجيش عاش يوما صعبا في الشجاعية أمس
  • فرانشيسكا ألبانيز: آن الأوان لوقف دعم اقتصاد الإبادة الجماعية في غزة
  • جنود صهاينة: لم نعد نتحمّل الذهاب إلى عملية أخرى في قطاع غزة
  • ترحيب إسرائيلي بخطة إنهاء الحرب رغم تنازلها عن هدف القضاء على حماس
  • هدنة تُفضي إلى إنهاء حرب الإبادة
  • طيارو الاحتلال يحولون غزة لمنطقة تفريغ فائض الذخائر