"فرض خطبة واحدة طيلة السنة وفي جميع المساجد لا يليق ويتطلّب مراجعة" هكذا وجّه وزير الدولة المغربية السابق، مصطفى الرميد، انتقاده، بخصوص تعميم خُطب يوم الجمعة الموحّدة، في المساجد المغربية.

ورغم قوله عبر تصريحات إعلامية، مُتفرٍّقة، إنّه مُتفهّم لـ"اعتماد خطبة موحّدة في مناسبات دينية أو وطنية محدودة"، إلاّ أنه أشار إلى أنّ: "هذه السياسة جعلت المساجد تبدو وكأنها: إذاعة وطنية، تقدم نصّا واحدا بأصوات مختلفة، دون مراعاة لحاجات رواد المساجد".



وعلى غرار الرميد، مواطنون مغاربة كُثر، على اختلاف مشاربهم، عبّروا عن رأيهم تجاه "خُطب الجمعة الموحّدة"، بين متقبّل للقرار، وبين رافض له، فيما دعا من يقف في الوسط، إلى: "توفير نماذج مُختلفة لخطب الجمعة، يختار منها الأئمة ما يناسب واقعهم المحلي".



خطة "تسديد التبليغ"
عاشت المساجد المغربية، خلال الأيام القليلة الماضية، على إيقاع الانطلاق في تنفيذ "خطّة تسديد التبليغ" الدينية، التي أعدّها المجلس العلمي الأعلى ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وهي التي تضمّنت، ما وصف بـ"توحيد خطبة الجمعة"، وذلك بهدف "إصلاحها وتجاوز الاختلالات التي تعتريها".

هذا الإجراء، أثار نقاشا مُتسارعا على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، خاصّة بين المهتمين بالشأن الديني في المغرب، وروّاد المساجد، حيث تلخّصت تعليقاتهم في كون أنّ: "الخطيب سيتحوّل من شخص له تكوين شرعي يؤهله لاختيار القضايا المناسبة لرواد المسجد، بأسلوبه، إلى مجرّد قارئ لخطب مكتوبة". 



في المغرب، يبلغ عدد المساجد، بحسب المعطيات المتوفّرة، ما يناهز 52 ألفا، 24 ألفا منها مساجد جامعة والبقية للصلوات الخمس، فيما توجد 72 في المئة منها في الريف، و28 في المئة في المدن.

قال الباحث في الشأن الديني والحركات الإسلامية، إدريس الكنبوري: "توحيد خطبة الجمعة يتناقض أصلا مع خطة تسديد التبليغ، التي وضعتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية".

وأوضح الكنبوري، في حديثه لـ"عربي21" أنّ: "الخطة تشير إلى دور العلماء والخطباء في تبليغ الدين وربطه بواقع الناس، وتوحيد الخطبة يصبح بلا معنى لأنه أولا يجرّد الخطباء والعلماء من هذا الدور، إذ لا تصبح لهم أي مهمة طالما يتحولون إلى مجرد قراء لخطبة مكتوبة في الوزارة".

 "ثانيا: إنّ توحيد الخطبة يُفقد الدين معناه، لأن القضايا التي تهم ساكن المدينة ليست هي التي تهم ساكن القرية أو الجبل، ودور الخطبة الأسبوعية الحديث في الأمور التي تهم الناس في كل بلدة وإلا أصبحت مجرد بيان رسمي" تابع الكنبوري.

وبحسب المتخصص في الحركات الإسلامية والفكر الإسلامي، في حديثه لـ"عربي21" فإنّ: "توحيد خطبة الجمعة يمكن أن يحصل في القضايا الوطنية التي تهم جميع المواطنين، وهذا كان يحصل دائما".

وجوابا على سؤال: هل كانت خطب الجمعة دائما خاضعة للمراقبة في المغرب؟، قال الكنبوري: "هذا لم يحصل؛ وهذا هو الأمر الذي دفع الدولة إلى توحيد خطبة الجمعة أصلا. فقد كان الخطيب يتناول القضايا التي تهم الناس ويكتبها بنفسه أو يرتجلها، ثم يقرأ بعد ذلك الخطبة التي تأتيه من الوزارة عبر المندوبية".

وختم حديثه لـ"عربي21" بالقول: "هذا القرار سوف يُضعف صورة المسجد في عيون المغاربة، ويفقده مكانته في المجتمع، خصوصا وأن المغاربة لديهم حساسية من التدخل الرسمي في الخطبة، وهناك نفور واسع من خطبة الجمعة أصلا، لأن المغاربة ينظرون إليها كمنشور رسمي بعيد عن واقعهم ولا يعالج مشكلاتهم، وهذا القرار يضعف المسجد ويسير عكس ما تريده الوزارة على الأقل في خطابها المعلن".


لا دخان دون نار
في يوم 28 حزيران/ يونيو من العام الماضي، أنهى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في المغرب، أحمد التوفيق، تكليف خطيب مسجد المنبر الكبير بطنجة، أحمد اجندور، وذلك بسبب ما وصفه بـ"الزجّ بخطبة الجمعة في حساسيات ضيقة".

إنهاء تكليف خطيب المسجد، كان قد جاء بحسب القرار، لـ"عدم التزام السيد أحمد أجندور بالعناصر الموحدة لخطبة الجمعة والزج بها في حساسيات ضيقة، خلافا لمقتضيات المادة 7 و8 من الظهير الشريف المتعلق بتنظيم القيمين الدينيين وتحديد وضعياتهم".



من جهته، قال الخطيب أحمد أجندور، عبر مقطع فيديو، انتشر كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، إنّ: "مصير الخطباء إلى المزبلة وأننا لا فائدة فينا نظرا لأنه إذا بقيت الخطب تأتي إلينا كأننا عبارة عن دمية، عبارة عن رسوم متحركة لا نصلح لشيء، إلا لسرد هذه الخطب التي تأتي من غيرنا، ونحن لا نقبل هذا وعدد كبير من الخطباء لا يقبلون هذا".


وجرّاء ما كان قد أثاره هذا القرار، من جدل مُتسارع، خاصة على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، نشرت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، آنذاك، على صفحتها في "فيسبوك"، توضيحا، بالقول: "إنّ الخطباء والوعاظ كانوا ولا يزالون يتمتعون بحرية تصحبها مسؤولية في إلقاء خطبهم ومواعظهم، باعتبارهم محل ثقة وكفاءة في ذلك، عدا بعض الحالات القليلة جدا التي تشذ أحيانا عن هذا".


وأضافت الوزارة: "أمر تعميم الخطب مؤقت وليس دائما، ويروم التحسيس العام بهذا المشروع وبناء الاستجابة له والتفاعل الإيجابي معه ومدارسة مواضيع بعينها في دروس وعظ منتظمة في خطة المؤسسة"؛ إلاّ أنّها بعد عام كامل، كشفت عمّا أسمه بـ"خطّة تسديد التبليغ" الدينية، المعدّة من: المجلس العلمي الأعلى ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بغية: "توحيد خطبة الجمعة". ليعود النقاش إلى الواجهة من جديد.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية المغربية خطبة الجمعة المغرب حرية التعبير خطبة الجمعة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأوقاف والشؤون الإسلامیة توحید خطبة الجمعة فی المغرب التی تهم

إقرأ أيضاً:

هل المساجد موجودة قبل سيدنا النبي؟.. رد مفاجئ من الشيخ خالد الجندي

المساجد هي بيوت الله لأداء الصلوات بها، واهتم المسلمون على مدار تاريخهم ببناء المساجد وتطويرها فهناك مساجد بنيت على الطراز الأموي والعباسي والأندلسي والعثماني وغيرها، وكل منها له شكله الجذاب المميز، ولكن هل كانت المساجد موجودة قبل سيدنا النبي؟.

قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن المساجد كأماكن عبادة كانت موجودة قبل سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولكنها لم تكن بالضرورة بالمعنى المعروف لدينا اليوم.

وأضاف الشيخ خالد الجندي، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الأربعاء، إنه حين توفي أصحاب الكهف اختلف الناس في شأنهم، فقال بعضهم: (ابنوا عليهم بنياناً)، أي أغلقوا باب الكهف بالطوب واتركوا الأمر لله.

وتابع الشيخ خالد الجندي "(ربهم أعلم بهم)، هذه إشارة ربانية إلى أهمية ترك بعض الأمور لحكمة الله، خاصة عندما تكثر الآراء وتتصادم الرؤى". 

وأشار الشيخ خالد الجندي إلى أن الآية القرآنية "قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجداً" تدل على أن من تولّى القرار في النهاية هم أولو الأمر، قائلاً: "غلبوا على أمرهم" تعني ولاة الأمر، فهم من حسموا القرار ببناء مسجد عند الكهف.

راقبوا أبناءكم.. خالد الجندي يحذر: أولادنا مختطفون من عصابة مجهولةخالد الجندي: يجوز الإحرام من جدة توافقا مع مقتضيات العصرخالد الجندي: هذا هو الحد الأدنى للوضوء الذي تصح به الصلاةخالد الجندي: نسب الرزق من الحرام والفواحش إلى الله سوء أدب مع الخالقخالد الجندي: القرآن وصف الخمر والقمار بالنجاسةخالد الجندي: هذه التصرفات في واقعنا المعاصر من أخلاق الجاهلية

بيان هام من الأوقاف بشأن المساجد

أكدت وزارة الأوقاف، أن المساجد بيوت الله في الأرض، ومواطن رحمته وهداه، وقد أمر الشرع الشريف بتعظيمها وصيانتها عن كل ما لا يليق بجلالها، فقال الله تعالى: {ذلكَ وَمَن یُعَظِّمۡ شَعَـائرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ} [سُورَةُ الحَجِّ: ٣٢].

وتهيب وزارة الأوقاف، في بيان لها، جميع المواطنين توقير بيوت الله واحترام قدسيتها، مشددة على أن أي صورة من صور الاعتداء أو التشاجر أو الخصومة داخل المساجد تُعد من المحرمات الشرعية، والمخالفات القانونية، وتتنافى مع مقاصد الشريعة الغرّاء، وروح الإسلام الذي يدعو إلى السلم والتسامح وتحكيم العقل.

وأشارت إلى أن المساجد لم تُبنَ لمثل هذه التصرفات، وإنما بُنيت لإقامة الصلاة، وذكر الله، وتلاوة القرآن، وبثّ معاني الأخلاق والسكينة في النفوس. 

وأدانت وزارة الأوقاف، كل تصرّف يُفضي إلى امتهان حرمة المسجد أو الانتقاص من مكانته، مؤكدة أن حفظ هيبة بيوت الله واجب شرعي ووطني على كل مسلم ومسلمة، مختتمة البيان بالدعاء "نسأل الله أن يحفظ مصر وأهلها، وأن يرزقنا جميعًا حسن الأدب مع الله وبيوته".

طباعة شارك بيوت الله المساجد الشيخ خالد الجندي خالد الجندي النبي هل كانت المساجد موجودة قبل سيدنا النبي هل المساجد موجودة قبل سيدنا النبي

مقالات مشابهة

  • «التراحم بين الزوجين».. الأوقاف تحدد خطبة الجمعة 23 مايو
  • «فتراحموا».. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 23 مايو 2025
  • هل المساجد موجودة قبل سيدنا النبي؟.. رد مفاجئ من الشيخ خالد الجندي
  • الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة بعنوان.. فَـَتَـرَاحَـمُـوا
  • الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة القادمة.. تعرف عليها
  • رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف يلتقي قيادات الدعوة بالدقهلية
  • سفير المملكة لدى بولندا ووكيل “الشؤون الإسلامية” يحضران احتفال مرور مئة عام على تأسيس الاتحاد الديني الإسلامي في بولندا
  • جدل في المغرب حول توحيد خطبة الجمعة.. مخاوف من تفريغ المنابر
  • جدل في المغرب حول توحيد خطب الجمعة.. مخاوف من تفريغ المنابر