محمد صبيح يكتب: من الحقل إلى السيادة.. القمح الرقمي في مواجهة هيمنة الدولار
تاريخ النشر: 22nd, May 2025 GMT
في زمنٍ أصبحت فيه العملات الأجنبية، وعلى رأسها الدولار الأمريكي، سلاحًا اقتصاديًا تمارَس به الهيمنة وتُفرض به الأزمات على الدول النامية، قررت مصر أن تمتلك سلاحًا خاصًا بها: وهو "القمح المصري".. هذا السلاح ليس مجرد محصول زراعي، بل منظومة سيادية استراتيجية تتطور على أسس رقمية حديثة، تقف في وجه موجات التضخم، وتقلبات أسعار الغذاء، وضغوط الاستيراد، وابتزاز الأسواق العالمية.
موسم توريد القمح 2025 ليس موسمًا عاديًا، بل هو إعلان صريح بأن مصر بدأت تفكر وتدير ملفاتها الزراعية بعقل رقمي، وهدف سيادي، ولأول مرة، نجد أن الدولة المصرية تبني تحصيناتها الاقتصادية من خلال "الحقول الذكية" و"الصوامع الإلكترونية" وغرف التحكم المتصلة بمنظومة مركزية تقيس وتراقب وتخطط بالبيانات الحية.
التحول الرقمي.. ضربة استباقية في معركة الغذاءعندما تتفوق على نفسك وتدير ملفًا معقدًا مثل القمح بهذه الكفاءة، فأنت لا تحارب فقط شبح الجوع، بل توجه ضربة مباشرة لعجز الميزان التجاري، ولفاتورة استيراد تُدفع بالدولار، فكل طن قمح يتم توريده من الفلاح المصري، لا يمثل فقط محصولًا، بل يمثل 400 دولار لم تخرج من احتياطي البنك المركزي، وكل كيلو خبز مدعوم مرتبط بهذا التوريد، هو دعم للطبقة الوسطى والفقراء، من خارج ميزانية الدعم التقليدي.
الدولار يهاجم.. والبيانات تردفي الوقت الذي تستمر فيه الولايات المتحدة برفع أسعار الفائدة وتحريك أسواق العملات لصالح الدولار، ترد مصر باستخدام سلاح البيانات.. منظومة القمح الرقمية لا تترك شيئًا للصدفة، بدءًا من صرف مستحقات المزارعين خلال 48 ساعة، مرورًا بتطبيق "رادار الأسعار" القائم على الذكاء الاصطناعي، وانتهاءً بالتكامل بين التوريد والخبز المدعم، إنها شبكة دفاع إلكترونية ضد عدوان مالي لا يُرى، لكنه يُحسّ في الأسواق والموائد.
من الفلاح المصري إلى السيادة الوطنيةليس جديدًا أن يكون القمح أداة سلطة في الجغرافيا السياسية، لكن الجديد أن مصر، ولأول مرة، تمسك بزمام المبادرة.. المزارع لم يعد مجرد منتج، بل شريك في حماية الاقتصاد الوطني، كل شحنة قمح يتم استلامها ببيانات موثقة، وكل سائق شاحنة يعرف مساره بدقة، وكل رغيف خبز يعرف مصدر دقيقه، إنها دولة تعرف قيمة "المعلومة" وتراهن عليها.
نحو استقلال غذائي حقيقيأكثر من 2.2 مليون طن قمح تم توريدها حتى منتصف مايو 2025، بزيادة تتجاوز 18% عن العام الماضي، والدولة تستهدف 4 ملايين طن، هذا يعني ببساطة توفير ما يقارب 1.6 مليار دولار من الاستيراد، دون ضجيج أو اقتراض.. هذا هو الاستقلال الحقيقي: أن تأكل مما تزرع، وأن تبني قرارك على ما تملك، لا على ما تتسول.
ختامًا.. في مواجهة عدوان الدولار، لم تلجأ مصر إلى رفع أسعار الفائدة، ولا إلى إجراءات تقشف، بل لجأت إلى المزارع، إلى الحقل، إلى الرقمنة، إلى القمح.. سلاح لا يقتل، بل يُشبِع.. سلاح لا يُستورد، بل يُزرع، ومع كل موسم توريد رقمي، تقترب مصر من معادلة مستحيلة في عالم اليوم: أن تكون دولة نامية، لكنها صاحبة قرار غذائي، وصاحبة سيادة اقتصادية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: القمح المصري موسم توريد القمح 2025 احتياطي البنك المركزي الدولار الفلاح المصري
إقرأ أيضاً:
أسعار الدولار اليوم الجمعة مقابل الجنيه المصري
سجّل سعر الدولار اليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025 أمام الجنيه المصري استقرارًا نسبيًا في معظم البنوك العاملة بالسوق المحلية، ففي البنك المركزي المصري، بلغ سعر الدولار 47.48 جنيه للشراء و47.62 جنيه للبيع.
وفي البنك الأهلي المصري وبنك مصر، سجّل 47.51 جنيه للشراء و47.61 جنيه للبيع، بينما بلغ في البنك التجاري الدولي (CIB) نفس المستوى تقريبًا عند 47.51 جنيه للشراء و47.61 جنيه للبيع.
أما في بنك الإسكندرية، فسجّل الدولار 47.52 جنيه للشراء و47.62 جنيه للبيع، وفي البنك العقاري المصري العربي بلغ 47.43 جنيه للشراء و47.53 جنيه للبيع، بينما سجّل في بنك البركة نحو 47.40 جنيه للشراء و47.50 جنيه للبيع.
من جانبه، قال أحمد عسيري، استراتيجي الأسواق المالية بشركة بيبرستون، إن ارتفاع الدولار الأمريكي خلال الأسبوع الحالي جاء بدعم من تصاعد المخاطر الجيوسياسية وضعف الين الياباني عقب تولي القيادة السياسية الجديدة في اليابان، والتي تخطط لزيادة الإنفاق الحكومي والضغط على البنك المركزي لتأجيل رفع الفائدة حتى العام المقبل.
وأضاف عسيري في تصريحات لـ"العربية Business"، أن الدولار استفاد أيضًا من ضعف اليورو نتيجة الأزمة السياسية في فرنسا وعدم قدرة القوى السياسية على تشكيل حكومة جديدة.
وأوضح أن الدولار لا يزال في موقف هش، إذ تراجع بنحو 10% منذ بداية العام الحالي، مشيرًا إلى أن الأسواق تترقب ما إذا كانت الحركة الصعودية الحالية مؤقتة أم بداية لاتجاه جديد.
كما أشار إلى أن التوقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية خلال الفترة المتبقية من العام الجاري قد تضغط على أداء الدولار.
وفي سياق متصل، أكد عسيري أن ضعف سوق العمل الأمريكي سيدعم قرار الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة مرتين إضافيتين هذا العام.
وأضاف أن الذهب يمثل فرصة استثمارية مهمة حاليًا في ظل العوامل التي تدعم استمرار صعوده، موضحًا أن نسبة الذهب في المحافظ الاستثمارية يمكن أن ترتفع إلى 20% مقارنة بالنسبة المعتادة بين 5% و15%.
وأشار إلى أن أسعار الذهب استفادت بقوة من زيادة مشتريات البنوك المركزية من المعدن الأصفر مؤخرًا، ما شجع المستثمرين أيضًا على زيادة الإقبال على اقتناء الذهب كملاذ آمن.