في قلب الجزيرة العربية، وتحت نيران الحرب والحصار والتآمر، وُلد اليمن الجديد بقيادته السياسية الثورية، كأحد أكثر النماذج إثارة للدهشة في تاريخ الصراعات والتحولات السياسية في المنطقة.
لم يكن امتلاك زمام المبادرة في الصراع الإقليمي والدولي حلماً طموحاً فحسب، بل أصبح واقعاً حاضراً صنعه شعب يمني أبيّ، وقيادة ثورية عرفت كيف تستثمر التحديات لصياغة مستقبل مغاير.


رغم أن العدوان التي قادته دول نفطية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، استهدفت اليمن لعزل قراره السياسي وكسر إرادته الوطنية، وإعادته لكبير الطاعة الأمريكي، فإن سبع سنوات من العدوان كانت كافية لتحوّله من ضحية إلى فاعل إقليمي لا يُستهان به.
فبينما كانت الطائرات تُلقي بحممها على المدن والقرى، كانت هناك معركة أخرى تُخاض في الكواليس: معركة بناء جيش وطني قوي، متماسك، وذي عقيدة قتالية وطنية خالصة.
جيش العقيدة والسيادة:
القيادة الثورية اليمنية لم تنتظر الدعم الدولي، ولم ترتهن لقرارات الخارج، بل شرعت في بناء مؤسسة عسكرية حديثة بروح مقاومة، تمكنت خلال سنوات قليلة من تحقيق توازن ردع ميداني واستراتيجي.
هذا الجيش، الذي خرج من رحم المعاناة، أصبح اليوم قادراً ليس فقط على حماية التراب الوطني، بل وعلى لعب دور إقليمي فاعل، يلبّي طموحات الأمة العربية في الحرية والاستقلال والتحرر من التبعية.
المعركة مع أمريكا والتحول المفصلي:
النقلة النوعية الأبرز في المشهد اليمني كانت الاشتباك المباشر مع الوجود العسكري الأمريكي في البحر الأحمر. مواجهة لم يتخيلها الكثيرون، لكن اليمن خاضها بثقة المقاتل المؤمن بقضيته، حتى أجبرت أمريكا على التراجع والانسحاب، في لحظة فارقة أسقطت الهيبة المفترضة لأكبر قوة عسكرية في العالم.
هذا التحول لم يكن معزولاً عن السياق الأوسع، بل أتى كترجمة مباشرة لإرادة سياسية متحررة من الهيمنة، ترى في المقاومة أداة مشروعة لحماية السيادة وفرض المعادلات الجديدة.
الحصار على إسرائيل وإعادة صياغة الدور العربي:
ثم جاء قرار فرض الحصار البحري على إسرائيل، في ذروة عدوانها على غزة، ليكشف حجم التحول في موقع اليمن الإقليمي.
فالدولة التي كانت توصف يوماً بـ”المنهكة” أصبحت تفرض واقعاً جديداً، وتشارك عملياً في معركة الأمة، ليس بالشعارات، بل بالقوة البحرية التي بات لها منطقة نفوذ في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، ولها فيها الكلمة العليا.
اليمن الجديد لم يعد تابعاً ولا معزولاً، بل أصبح رقماً صعباً في معادلة المنطقة، يفرض شروطه ويصيغ معادلته الخاصة، ويعيد الاعتبار لمفهوم الردع والسيادة في زمن تخلت فيه الكثير من الأنظمة عن دورها التاريخي.
الخاتمة: اليمن في قلب المعادلة الدولية
اليوم، ونحن نشهد إعادة تشكيل خارطة النفوذ في الشرق الأوسط، يقف اليمن في موقع لم يكن له أن يحلمه قبل سنوات قليلة. بقيادته الثورية، وجيشه المؤمن، وشعبه الصامد، يكتب اليمن فصلاً جديداً في تاريخ المنطقة: فصلاً عنوانه الكرامة والسيادة والموقع الفاعل في معركة تحرير القرار العربي.
وفي عالم مضطرب تحكمه لغة القوة، أثبت اليمن الجديد أن الإرادة السياسية الحرة، إذا اقترنت بعقيدة شعبية راسخة، يمكنها أن تقلب موازين القوى وتعيد تشكيل التاريخ.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: الیمن الجدید

إقرأ أيضاً:

باستثمارات 70 مليون دولار.. تقنيات متقدمة وتحول رقمي في مصنع شين مين الجديد

شهدت محافظة السويس خطوة نوعية في مسيرة التنمية الصناعية، بوضع حجر الأساس لمصنع شركة شين مين الصينية للزجاج في المنطقة الصناعية بمدينة العين السخنة، ضمن مجمع "سخنة 360" الذي تطوره شركة السويدي للتنمية الصناعية. 

ويعد المشروع إضافة مهمة للمنظومة الصناعية المصرية، ويعكس النمو المستمر في الاستثمارات الأجنبية المباشرة، لا سيما الصينية، في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

وقال اللواء طارق حامد الشاذلي، محافظ السويس، إن المشروع يمثل "خطوة استراتيجية لتعزيز القدرات الصناعية في المحافظة"، مؤكدًا أن التعاون بين المحافظة والهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس يُجسد نموذجًا للعمل المشترك الذي يدعم الاقتصاد الوطني. 

وأضاف أن المصنع سيخلق فرص عمل جديدة للشباب، ويسهم في دفع عجلة التنمية المحلية في قطاع الصناعات التحويلية والزجاجية.

حضر مراسم وضع حجر الأساس كبار المسؤولين، من بينهم أحمد جمال، نائب رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية للمنطقة الجنوبية، ومصطفى شيخون، نائب رئيس الهيئة لشؤون الاستثمار والترويج، إلى جانب محمد القماح، العضو المنتدب لشركة السويدي، وتشاو شين مين، رئيس مجلس إدارة شركة شين مين الصينية.

ويأتي المصنع الجديد ضمن استراتيجية شين مين للتوسع الدولي ضمن مبادرة الحزام والطريق واستراتيجية "الانطلاق للخارج"، ويخطط المشروع للتنفيذ على ثلاث مراحل، على أن يبدأ الإنتاج في المرحلة الأولى في يوليو 2026.

 ومن المتوقع أن يصل حجم الإنتاج السنوي للمصنع عند اكتماله إلى 360 ألف طن من الزجاج، بقيمة مبيعات سنوية متوقعة تبلغ نحو 250 مليون دولار، وتوفير أكثر من 3 آلاف فرصة عمل مباشرة، إلى جانب آلاف الوظائف غير المباشرة المرتبطة بالمشروع.

وقال تشاو شين مين، رئيس مجلس إدارة الشركة، إن الاستثمار في مصر يمثل خطوة استراتيجية لتوسيع نطاق عمليات الشركة في منطقة البحر الأحمر والمتوسط، مشيرًا إلى أن المشروع سيعزز العلاقات الاقتصادية بين مصر والصين، وسيسهم في تعزيز القدرات الصناعية في المنطقة، بما يشمل الصناعات التحويلية والهندسية والكيماوية والمنسوجات ومواد البناء.

ويعد مشروع شين مين نموذجًا عمليًا للشراكة بين المستثمرين الأجانب والقطاع الصناعي المحلي، ويؤكد قدرة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس على إدارة مشروعات ضخمة وفق رؤية تكنولوجية واضحة، مع الالتزام بالمعايير الصناعية العالمية وتطبيق منظومة التحول الرقمي في إدارة خطوط الإنتاج.

ومع اكتمال المصنع، من المتوقع أن يشهد قطاع الزجاج في مصر طفرة نوعية في الإنتاج والتصدير، بما يعزز الصناعات التحويلية المرتبطة به ويزيد القدرة التنافسية للصناعات المصرية في الأسواق الإقليمية والدولية، مؤكدًا أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تظل مركزًا جاذبًا للاستثمارات الصناعية النوعية عالية القيمة.

مقالات مشابهة

  • إريتريا تنسحب رسميًا من الإيغاد.. توترات تاريخية وتأثيرات إقليمية متوقعة
  • علي ناصر محمد يكشف: كيف أوقفت مكالمة هاتفية حرب 1972 بين شطري اليمن؟
  • علي ناصر محمد يكشف كيف أوقفت حرب 1972 بين شطري اليمن عبر التليفون
  • السيّد: هل تكفي الدولارات القليلة التي تحال على القطاع العام ليومين في لبنان ؟
  • بين تضحيات الرياضة وركام الحرب.. المنتخب السوري يلمع عربيا في ذكرى الثورة
  • تحوّلات المشهد الجيوسياسي جنوب اليمن.. الصهيونية تهندس معركة البقاء في الإقليم
  • كيف لتحول السلطة في جنوب اليمن أن يفاقم المخاطر في المنطقة المضطربة
  • باستثمارات 70 مليون دولار.. تقنيات متقدمة وتحول رقمي في مصنع شين مين الجديد
  • ركام المباني يختلط بجثث آلاف الشهداء وبقنابل وصواريخ لم تنفجر.. غزة غارقة تحت 68 مليون طن من الأنقاض وتحتاج إلى سنوات لإزالتها
  • اليمن.. عقدة الجغرافيا التي قصمت ظهر الهيمنة: تفكيك خيوط المؤامرة الكبرى