يقينى أن الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب سعيد جدًا بما يحدث له هذه الأيام من «بهدلة» شكلية بين أروقة المحاكم والتحقيقات. أظن أن ترامب يعتبر كل ذلك من قبيل الدعاية المجانية التى جاءته على طبق من فضة لتسهل له طريق العودة مجددًا للبيت الأبيض. ترامب لم يخف لحظة واحدة رغبته فى حكم أمريكا من جديد، وهو ما لم يحدث من قبل، حيث لم يعد رئيس أمريكى للبيت الأبيض من جديد لو حدث أن غادره بعد الأربع سنوات الأولى من حكمه وفشله فى النجاح ليحكم أربع سنوات أخرى حيث لا يسمح الدستور الأمريكى للرئيس أن يحكم أكثر من فترتين متتاليتين.
يحسن ترامب الاستعراض. تبين ذلك خلال فترة حكمه التى اتسمت بكثير من الاستعراضات خاصة فى تعامله مع الإعلام ودخوله فى كثير من المعارك مع الصحفيين والشبكات الإخبارية. استغل ترامب هوس نسبة معتبرة من الأمريكيين بأسلوب إدارته للبيت الأبيض وتصريحاته وآرائه فى كثير من القضايا. لأول مرة ربما يرى الأمريكيون رئيسًا لهم يقول ما يدور بداخله مباشرة دون الاعتبار لأى أبعاد سياسية. حتى لقاءات الغرف المغلقة كان ترامب يكشفها للرأى العام أولًا بأول وهو ما كان يزيد من شعبيته بين الجماهير. وعندما خاض ترامب الانتخابات ضد بايدن كانت كل المؤشرات تشير إلى أن فرصته فى الفوز هى الأكبر خاصة مع كبر سن بايدن وعدم توفيقه فى كثير من التصريحات التى أطلقها من خلال حملته الانتخابية. وقتها ظن ترامب أن استمراره فى البيت الأبيض شبه مضمون وخاض المعركة على هذا الأساس؛ لذا لم يصدق ترامب أنه خسر المعركة أمام جو» النعسان» كما كان يصف دائمًا منافسه بايدن. ثم جاءت الطامة الكبرى عندما حرض ترامب ناخبيه بعدم الاعتراف بنتيجة الانتخابات، بل وكذلك دعاهم للهجوم على الكونجرس فى سابقة فريدة من نوعها وغريبة على المجتمع الأمريكى.
ومنذ تلك الواقعة ومع القرارات المتتالية التى صدرت ضد ترامب والتى جعلته يتراجع خطوة للوراء خشية أن يصدر قرار إدانة يمنعه من الترشح للرئاسة من جديد ومدى الحياة قرر ترامب أن يستغل الأحداث لصالحه. فلم يتهرب من أى استدعاء للتحقيق، وحرص دائما على أن يخرج بعدها للإعلام والصحافة ليقول لهم إن ما يحدث له غريب على الديمقراطية الأمريكية. نجح ترامب فى أن يحول الدفة لصالحه، وبدلا من أن يتحدث الناس عن مخالفاته التى ارتكبها فى حق المجتمع الأمريكى والتى يتصل بعضها إلى حد الجرائم، ظهر فى صورة الضحية التى تتعرض للتنكيل والانتقام السياسى من منافسيها.
آخر ما فعله ترامب منذ أيام عندما سلم نفسه للسلطات فى جورجيا حيث يواجه تهمة التآمر لإلغاء نتائج انتخابات الولاية لعام 2020، فى احتجاز يعتبر سابقة لرئيس أمريكى سابق. قبلها بساعات صرح بأنه يتوقع أن يتم اعتقاله، ربما كان يتمنى ذلك فى قرارة نفسه مدركًا أن قرار اعتقاله لو صدر يضمن له مزيدا من الناخبين فى صفه، ثم سلم نفسه لسجن فولتون بجورجيا ليتم تصوير الفيش والتشبيه له فى صورة جنائية لأول رئيس أمريكى، ويستغلها ترامب أحسن استغلال رغم صدور قرار إخلاء سبيله بكفالة 200 ألف دولار. ورغم أن اتهامات جورجيا بالذات هى أكبر خطر على مستقبل ترامب السياسى إلا أن الصحف العالمية أضافت تهديدا آخر ألا وهو لسان ترامب الفالت والذى يكيل الاتهامات للجميع بالتواطؤ ضده، والذى لو لم ينجح محاموه فى إقناعه بالسيطرة عليه ربما تكون العاقب على ترامب وخيمة، وأن تنتهى المسرحية التى يلعب بطولتها بنتيجة صادمة له وجماهيره العريضة.
وفى كل الأحوال ومهما حملت الأيام القادمة من سيناريوهات فمن الواضح أن العالم على موعد مع حلقات جديدة من البرنامج الجماهيرى الناجح ترامب شو!
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: طلة الرئيس الامريكى
إقرأ أيضاً:
مصر ترحب بإعلان الرئيس الأمريكى بوقف اطلاق الــنار بين إيــران وإسرائيل
ترحب جمهورية مصر العربية بإعلان الرئيس الامريكى دونالد ترامب عن التوصل لوقف إطلاق النار بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وإسرائيل يوم ٢٤ يونيو ٢٠٢٥، وتشدد على كونه تطورًا جوهريا نحو احتواء التصعيد الخطير الذي شهدته المنطقة خلال الأيام الأخيرة، ومن شأنه أن يشكل نقطة تحول هامة نحو إنهاء المواجهة العسكرية بين البلدين واستعادة الهدوء بالمنطقة.
وتؤكد مصر أن هذه الخطوة تمثل فرصة حقيقية لوقف دائرة التصعيد والهجمات المتبادلة، وتهيئة البيئة المواتية لاستئناف الجهود السياسية والدبلوماسية، وتدعو مصر الطرفين الاسرائيلى والايرانى بالالتزام الكامل بوقف إطلاق النار، وممارسة أقصى درجات ضبط النفس خلال هذه المرحلة الدقيقة، واتخاذ الإجراءات التى تسهم فى تحقيق التهدئة وخفض التصعيد، بما يحافظ على أمن واستقرار المنطقة وسلامة شعوبها.
واذ تثمن مصر هذه الخطوة الهامة نحو التهدئة، فإنها لطالما دعت إلى وقف اطلاق النار وخفض التصعيد خلال اتصالاتها المباشرة المكثفة مع جميع الأطراف المعنية الإقليمية والدولية بما في ذلك أطراف الصراع على مدار الأسابيع الماضية، وتؤكد على استمرارها في بذل جهودها الدبلوماسية، بالتنسيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لتثبيت وقف إطلاق النار ودعم مسار التهدئة، وصولًا إلى تسوية شاملة ومستدامة للأزمات التي تهدد استقرار المنطقة.
وتجدد مصر التأكيد على ان القضية الفلسطينية تظل لب الصراع فى المنطقة وأن تسويتها بشكل عادل وشامل يحقق التطلعات الشرعية للشعب الفلسطينى ويعد البديل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار المستدام فى المنطقة والعالم من خلال إقامة الدولة المستقلة على خطوط ٤ يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.