الحوثي يحول صنعاء إلى غابة.. انفلات أمني وصراعات دموية
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
(عدن الغد) عكاظ
لم يمض أسبوع على إصدار زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي توجيها بمعاقبة المطالبين بمرتباتهم وحقوقهم المشروعة وتحسين الوضع المعيشي، لتتحول صنعاء إلى وكر لعصابات العنف والإرهاب التي أصبحت تنتهك حقوق المارة في الشوارع العامة من الناشطين والموظفين الحكوميين.
وشكل الاعتداء على الصحفي رئيس إذاعة صوت اليمن مجلي الصمدي نهاية الأسبوع الماضي أولى الجرائم التي اعترفت قيادات المليشيا بوقوف عناصرها وراءها، ليتوالى عقبها عدد من الجرائم بينها تصفية زعيم قبلي.
وأعلن البرلماني الموالي للمليشيا أحمد سيف حاشد تلقيه الليلة الماضية تهديداً بالتصفية، محملاً زعيم المليشيا المسؤولية الكاملة عما ستتعرض له حياته وسلامة جسده.
وقال حاشد في تدوينات على حسابه في «إكس» اليوم (السبت): «المليشيا في صنعاء تطلق ضباعها نحونا، وتحرض علينا، وتحاول أن تثأر لمناهضتنا للفساد، ومطالبتنا بمرتبات المعلمين والموظفين المقطوعة رواتبهم منذ سنوات طوال»، موضحاً أن رسالة التهديد التي تلقاها في رسالة نصية عبر الهاتف من أحد الأرقام قالت: «إذا مجلي الصمدي خسر واحد من أسنانه أنت ستخسر فمك ولسانك وهذا تحذير أخير وحازم».
وعلمت «عكاظ» من مصادر موثوقة أن المليشيا نشرت عصابات تتبع ما يسمى بـ«الأمن الوقائي» الاستخباراتي في صنعاء وعدد من المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، مبينة أن هناك جرائم أخرى انتشرت إلى جانب الاعتداءات والاغتيالات وهي سرقة المنازل والمحلات التجارية ولم يقتصر ذلك على المدن بل إن القرى في الأرياف تحولت إلى وكر للعصابات السائبة.
واعترف نائب وزير الخارجية في حكومة الانقلاب حسين العزي بوقوف مليشياته وراء الاعتداءات التي تشهدها صنعاء بينها جريمة الاعتداء على الصحفي الصمدي، فيما هاجم القيادي الحوثي رئيس قناة الهوية محمد العماد المطالبين بمرتباتهم، مؤيداً ما ترتكبه عصابات المليشيا من جرائم ضد الصحفيين والناشطين.
في غضون ذلك، اتهمت نقابة المؤسسة العامة للكهرباء في صنعاء مليشيا الحوثي بتجويع 1250 موظفاً يعولون أكثر من 6 آلاف نسمة، مؤكدة أن المليشيا تنكل بالموظفين وأسرهم رغم التزامهم بالدوام في المؤسسة.
المصدر: عدن الغد
إقرأ أيضاً:
د. عبدالله الغذامي يكتب: مثل شجرة سقطت في غابة
مثل شجرة سقطت وسط غابة ولم يسمع أحد بسقوطها فهل نقول إنها سقطت..!! وهذا تساؤل يشيع ثقافياً بصفته الافتراضية عن الصوت الذي يحدث حقيقة ولكنه لا يصل إلى سمع أحد، وبما أنه حدث عملياً، فهل عدم سماعه يخرجه عن معنى المتحقق أي لم يحدث، وقد حضرت المقولة عندي حين غردت بتغريدة حبرتها بعناية لكنها لم تحظَ بأي رد فعلٍ، لا اتفاقاً ولا اعتراضاً ولا تعليقاً ولا تدويراً ولا تفضيلاً، فوجدت نفسي دون تفكير أندفع لحذف التغريدة رغم قناعتي بمنطقها وسلامتها الأخلاقية والمعرفية، ولكنها أضحت عندي مثل شجرة سقطت في غابة ولم يسمع أحدٌ دويها فهي إذن لم تكن!!. وكل فعل أو قول لا يحدث أي تفاعل فهو بحكم العدم، فهل أعدمت تغريدتي لهذا السبب، وهل منصة (إكس) غابةٌ تستطيع كتم أي صوت وتعتقل رحلته حتى لا يمكننا سماعه أم أني صرت أطلب رضا الناس أو أصبحت هشاً أمام التجاهل، فانتقمت من كلمة كشفت لي هشاشتي، أم أن الوضع أرقى من ذلك وأنني شجاعٌ لدرجة الاعتراف بسخافة تصرفي ضد تغريدة لا ذنب لها غير أنها لم تستثر أي صوتٍ وكأنها لا تستحق ألفاظها بما أنها معنى لم يتصنع في أذهان الآخرين ولم يلفت نظر ولا سمع أحد.
ولا شك أن هناك أشياء للنسيان ولا ترقى للتذكر ولن يبكي عليها أحد، وكل ما يدخل للنسيان ولا يملك القابلية للخروج منه فهو إذن غير موجود، والنسيان الإيجابي لا يحدث إلا لموجود يتمرد على البقاء مكشوفاً فيتدثر بالنسيان بانتظار ذهن ما ليلتقطه ويخرجه من غيابة الجب أو مغارة السجن، وإذا خرج حينها ملك خزائن الأرض كما كانت قصة سيدنا يوسف عليه السلام الذي كان لابد أن يمر بتجربة النسيان ليخرج سيداً على من رموه في البئر.
وفي النهاية أعجب من نفسي إذ تذكرني بالقول عن شجرة الغابة التي حضرت لتشرح لي حقيقة سفك دم تغريدتي ولكن الذاكرة ذاتها تبخل عليَّ بمعرفة سر صنيعي الذي ليس من طبعي ولا من سلوكي، فهل تمارس الذاكرة محوها الخاص فتبقي لنا شيئاً وتطمس أشياء، ومن ثم تضعنا في حرج بين وبين، وهذه لعبة لا تتم برغبة منَّا وإنما فقط نقع فيها ونظل نخجل منها في حالات العلاقات العامة وفي حالة العلم والمعرفة.
هي إذن لعبة التذكر والنسيان وتبادل أدوارهما علينا ونحن دوماً مادة هذه اللعبة وفضاؤها المفتوح. تماماً كحال الشجرة التي ربما كانت تحاول لفت نظرنا إليها لكنها أخطأت نظرنا ومسامعنا معاً فخرجت من الوجود الفعلي والوجود الذهني كذلك، وكذا هي حال المحو حين يقتل الفكرة واللفظ معاً، وتبقى حسرة الروح التي لا تتجسد في جسم يسمح لها بأن تتحرك وتفعل.
أما تغريدتي تلك فستظل الموؤودة التي من غير ذنب قُتلت. وحالها كحال الشجرة الضائعة بين السقوط والعدم التي هي جملة ثقافية تغري الباحثين، ولكنها جملةٌ تائهة فهي منسوبة لجورج بيركلي ولكنها ليست موجودةً في أي كتاب من كتبه، وكأن الجملة مخترعٌ ثقافي انتسبت تعسفاً لشخص لم يقلها، وإن كانت تشبه أفكاره، ولذا فهي مثل تغريدة لم يسمع بها أحد فحذفها صاحبها بما إنها لم تدخل فضاء الإدراك.
كاتب ومفكر سعودي
أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض