حرب ترامب المتقلبة على المبادئ الاقتصادية تجعل الأسواق متوترة
تاريخ النشر: 28th, May 2025 GMT
بينما يمشي دونالد ترامب خطواته في ولايته الثانية والتي يبدو أنها أكثر تطرفا اقتصاديا من الأولى، تواجه الولايات المتحدة مؤشرات مقلقة على تآكل الثقة في أسواقها المالية، ليس من الخصوم السياسيين أو الاقتصاديين، بل من اللاعب الوحيد القادر على كبح اندفاعه: سوق السندات الأميركي.
وفي تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز مؤخرا، حذّر الكاتب إدوارد لوس من أن الاضطرابات في سوق السندات وتذبذب الدولار بمثابة صفارة إنذار للسياسات غير التقليدية التي يتبعها ترامب، والتي وصفها التقرير بأنها "حرب متقطعة على العقل الاقتصادي".
وفي أبريل/نيسان، أدى انهيار السندات إلى تجميد ترامب لحربه الجمركية العالمية لمدة 90 يومًا. وفي الأسبوع الماضي، كرّر الأمر نفسه بعد أن أعلن رسومًا جديدة بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي وهدد شركة آبل برسوم إضافية قدرها 25% على هواتف آيفون المصنعة خارج أميركا.
لكن بعد "مكالمة لطيفة جدًا" مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، تراجع ترامب مجددًا عن تهديداته، وهو ما اعتبرته الأسواق علامة تهدئة مؤقتة فقط.
ورغم أن ترامب ليس المسؤول الوحيد عن تراكم الدين العام الأميركي، الذي بلغ 123% من الناتج المحلي الإجمالي، فإن دوره يبقى بارزًا بفضل سياساته في خفض الضرائب دون تمويل. وتقدّر الصحيفة أن مشروع القانون الذي مرره مجلس النواب الأسبوع الماضي سيُضيف أكثر من 3 تريليونات دولار إلى الدين خلال العقد المقبل.
وأوضحت فايننشال تايمز أن سبب التغير في مزاج السوق يعود إلى أمرين رئيسيين:
إعلان نهاية عصر التضخم المنخفض وسهولة الاقتراض بعد جائحة كورونا. سلوك ترامب في فترة ولايته الثانية الذي أصبح أكثر اندفاعًا من ذي قبل.وقارنت الصحيفة الوضع الحالي بما حدث في بريطانيا عام 2022 مع رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس، التي أدّت سياساتها الاقتصادية إلى انهيار سوق السندات وإسقاط حكومتها خلال أسابيع. وأصبحت عبارة "مفعول تراس" مرادفًا لانعدام المسؤولية في السياسات المالية.
ويبدو أن "الريبة التراسية" بدأت تتسرب إلى السندات الأميركية، حيث يطالب المستثمرون بعوائد أعلى تعويضًا عن المخاطر غير المتوقعة، وبات بعضهم يردد عبارة الكاتب إرنست همنغواي "الإفلاس في أميركا يحدث تدريجيًا ثم فجأة".
خيارات خطرة وهاجس فقدان الثقةويحذر التقرير من سيناريوهات متطرفة قد تعتبر "إفلاسًا اختياريًا" مثل فشل الكونغرس في رفع سقف الدين أو فرض ترامب رسوماً على حاملي السندات الأجانب. وتقول الصحيفة إن بعض مستشاري ترامب يرون في ذلك وسيلة لخفض قيمة الدولار ودعم الصادرات، لكنها خطوة قد تؤدي إلى انهيار السوق فورًا.
ويشير الكاتب بصحيفة فايننشال تايمز إلى أنه كلما تراجع ترامب مؤقتًا عن حافة الهاوية -كما حدث مع تجميد الرسوم أو عدم إقالة رئيس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول– تستجيب الأسواق بـ"رالي ارتياح" قصير الأجل.
ومع ذلك، يرى التقرير أن الحرب التي يشنها ترامب على القواعد الاقتصادية قد تتواصل، في ظل فراغ حزبي واضح: فالجمهوريون خاضعون، والديمقراطيون مفككون، وكبار التنفيذيين في الشركات مختبئون، بينما الشركاء الدوليون يتعاملون مع ترامب كأنه حقل ألغام سياسي.
ورغم أن التقرير لا يتنبأ بانهيار فوري للدولار كعملة احتياط عالمية، فإنه يُحذر من أن الظروف الاقتصادية العالمية الحالية تُهيئ الساحة لأزمة مالية محتملة، خاصة إذا استمرت الولايات المتحدة في سياسات الإنكار الاقتصادي وتحويل سوق السندات إلى رهينة لقرارات فردية.
إعلانواختتم المقال في فايننشال تايمز بأن ترامب، وعلى غرار الرئيس هربرت هوفر في ثلاثينيات القرن الماضي، يخوض معركة خاسرة مع الواقع الاقتصادي، وأن أخطر ما في الأمر أن السوق لم يعد يثق بأن أحدًا في واشنطن يقدر على كبحه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فایننشال تایمز سوق السندات
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي قد يجعل الأسواق المالية أكثر كفاءة... وأشد تقلبا
في تقرير حديث صادر عن معهد DeepMind التابع لشركة “ألفابت” الشركة الأم لجوجل، حذر الباحثون من أن استخدام الذكاء الاصطناعي في الأسواق المالية قد يؤدي إلى مفارقة مثيرة، حيث تحسين الكفاءة وفي الوقت ذاته زيادة تقلبات السوق.
تأثير الذكاء الاصطناعي على سلوك السوقبحسب التقرير، فإن الخوارزميات المدعومة بالذكاء الاصطناعي يمكنها تحليل البيانات والتنبؤ بتحركات السوق بشكل أسرع وأكثر دقة من المتداولين البشر، وهو ما يسهم في زيادة كفاءة السوق من حيث تسعير الأصول وتخصيص الموارد.
لكن في المقابل، يشير الباحثون إلى أن اعتماد عدد كبير من المشاركين في السوق على أنظمة ذكاء اصطناعي متقدمة قد يؤدي إلى أنماط سلوكية جماعية غير متوقعة.
ويضيف التقرير أن هذا التشابه في قرارات التداول – الناتج عن استخدام نماذج متشابهة قد يؤدي إلى نوبات مفاجئة من تقلب الأسعار، بل وربما انهيارات جماعية.
خلص التقرير إلى أن الإفراط في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي دون وجود ضوابط تنظيمية كافية، قد يخلق "نقاط ضعف منهجية" داخل النظام المالي العالمي، خاصة في ظل غياب الشفافية حول كيفية عمل بعض هذه النماذج.
دعوة للجهات التنظيميةدعا التقرير المؤسسات المالية والهيئات التنظيمية إلى التفكير بشكل استباقي في تأثيرات الذكاء الاصطناعي على الأسواق، ووضع أطر حوكمة واضحة لضمان استخدامه بطريقة آمنة ومستدامة.