أعلنت الولايات المتحدة، عبر قائد القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا "أفريكوم"، الجنرال مايكل لانجلي، أنها بصدد مراجعة شاملة لمستقبل وجودها العسكري في القارة الأفريقية، داعية القادة الأفارقة إلى التعبير بشكل واضح عن موقفهم إزاء استمرار هذا التواجد العسكري الأمريكي.

وفي مؤتمر صحفي عقده قبيل انطلاق "مؤتمر قادة الدفاع الأفارقة" في العاصمة الكينية نيروبي، أوضح لانجلي أنه ناقش هذه المسألة الحساسة مع عدد من وزراء الدفاع ورؤساء الدول، مشددًا على ضرورة أن يتواصل القادة الأفارقة مع الإدارة الأمريكية مباشرة عبر سفاراتهم، إذا ما أرادوا الإبقاء على "أفريكوم" كجزء من البنية الأمنية الإقليمية.

 


إشارات إلى تقليص الدور الأمريكي
تأتي هذه التصريحات وسط تقارير إعلامية أمريكية، أبرزها من وكالة "رويترز"، أشارت إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب كانت تدرس إمكانية دمج "أفريكوم" مع القيادة الأمريكية في أوروبا، في خطوة قد تؤدي إلى تقليص التواجد العسكري الأمريكي المباشر في إفريقيا. وتشير هذه الخطوة إلى تحول محتمل في الاستراتيجية الدفاعية الأمريكية العالمية، تماشيًا مع رؤية تبني "قوة أصغر وأكثر فتكًا".

 


رسالة واضحة: الاعتماد على الذات

 


وفي تصريحات سابقة لوكالة "أسوشيتد برس"، شدد الجنرال لانجلي على أن الشركاء الأفارقة "ينبغي أن يكونوا مستعدين للاعتماد على أنفسهم أكثر"، في إشارة إلى أن واشنطن تسعى نحو مقاربة جديدة تعتمد على "تقاسم الأعباء" مع الحلفاء بدلًا من الاعتماد على الدور الأمريكي الأحادي.

 


تداعيات محتملة: فراغ أمني ومجال مفتوح للمنافسين


ويُنظر إلى "أفريكوم" على أنها واحدة من أهم أدوات السياسة الأمنية الأمريكية في القارة الأفريقية، حيث تأسست عام 2008 بهدف مكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار الإقليمي، إضافة إلى مراقبة النفوذ المتزايد لقوى مثل الصين وروسيا.

ويرى مراقبون أن أي تقليص أو انسحاب أمريكي من إفريقيا قد يخلق فراغًا أمنيًا قد تسعى قوى أخرى لملئه، ما يهدد بإعادة تشكيل التوازنات الجيوسياسية في القارة.

 

واشنطن تُعيد رسم خرائط مصالحها
يبدو أن مراجعة مستقبل "أفريكوم" ليست مجرد إجراء إداري، بل جزء من تحول استراتيجي أوسع في طريقة تعامل الولايات المتحدة مع التحديات الأمنية الدولية، في وقت يتزايد فيه النفوذ الصيني والروسي بإفريقيا.

وعلى القادة الأفارقة الآن أن يحددوا ما إذا كانوا مستعدين لتحمل المسؤولية الأمنية بأنفسهم، أم أنهم سيضغطون باتجاه استمرار الحضور الأمريكي عبر "أفريكوم".

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: أمريكا القوات الأمريكية في افريقيا أفريقيا قائد القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا أفريكوم الفجر

إقرأ أيضاً:

غزة بلا إذاعات.. من يملأ فراغ الأثير بعد أن أسكتته الحرب؟

غزة- لا يُسعفك تدوير مؤشر المذياع لإيجاد أثير واحد منبعث من غزة، فصوتها الذي كان حيا صار فراغا صامتا، بعدما أطفأت إسرائيل منذ اليوم الأول للحرب موجات الإذاعات لتتوقف واحدة تلو الأخرى، إذ أدرجت "صوت غزة" ضمن بنك أهدافها فخنقت بثها تحت ركام الأبراج ودمرت مقراتها، وأوقفت أجهزة بثها، فأصبح الأثير فارغا، والمراسلون بلا صوت، والمستمعون بلا منبر.

11 إذاعة محلية كانت تبث يوميا قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 توقفت عن البث تماما، حسب ما كشف عنه المكتب الإعلامي الحكومي للجزيرة نت، كان من ضمنها إذاعة "زمن إف إم"، التي خفت صوتها في الساعات الأولى للحرب، بعد أن أصبحت في قلب منطقة الإخلاء التي هددها الاحتلال مباشرة وتحوّلت إلى هدف مباشر للغارات الجوية.

يقول مدير الإذاعة رامي الشرافي للجزيرة نت: "استُهدف البرج الذي نعمل فيه، ودُمّر جهاز البث والمولّد الكهربائي، مما جعل استمرار البث مستحيلا"، ورغم محاولات الفريق الاستمرار عبر المنصات الرقمية، فإنهم اصطدموا بعقبات جمّة، أبرزها الانقطاع المتكرر للإنترنت، وغياب الكهرباء، وارتفاع أسعار الوقود في السوق السوداء.

11 إذاعة محلية في عزة توقفت عن البث تماما (الأناضول) تحديات

وأوضح الشرافي "خلال هدنة يناير/كانون الثاني الماضي حاولنا استئناف البث، لكننا فشلنا بسبب عدم توفر الوقود، كما أننا كوننا إذاعة مستقلة لا نملك القدرة المالية الكافية، إذ توقفت الإعلانات، وحوّل الداعمون المحليون ميزانياتهم لدعم المساعدات الإنسانية".

ويعبّر عن قلقه من أن بعض الإذاعات ربما لا تعود للعمل أبدا، موضحا أن "معظمها تقع داخل أبراج سكنية وسط مدينة غزة، وقد دُمّرت بالكامل، كما أن الاحتلال يمنع منذ 20 عاما إدخال أجهزة البث إلى القطاع، وإن تعطل جهاز فلا بديل له".

في الأثناء، لم يكن أمام الغزيين سوى البحث عن بدائل تصلهم من خارج القطاع، سواء عبر إذاعات تبث من الضفة الغربية، أو محطات إخبارية عربية، أو حتى من الإذاعات الإسرائيلية الموجّهة.

إعلان

ففي كل صباح، وبين صفوف الخيام المتراصّة في مخيمات الإيواء غرب مدينة غزة، يتحلّق عدد من النازحين حول مذياع صغير، يتناوبون على تدوير قرصه، في محاولة لالتقاط أي تردد يحمل إليهم أخبار ليلٍ مزدحم بالاستهدافات.

يقول أبو مصباح للجزيرة نت: "في ظل انقطاع الكهرباء، وغياب التلفاز، وكلفة استخدام الإنترنت عبر البطاقات التي تحتاج تجديدا كل ساعتين، نلجأ إلى الإذاعة للحصول على الحد الأدنى من المعلومات". ويقاطعه أبو محمد قائلا: "لكن مشكلتنا مع هذا الراديو أنه يحتاج إلى بطاريات، وقد بدأت تختفي من الأسواق، وإن وُجدت فهي مرتفعة الثمن".

ينطلق من الجهاز الصغير صوت مذيع يقول "معنا الآن من غزة مراسلنا للحديث عن آخر التطورات الليلة الماضية.."، كان البث من إذاعة "علم" القادمة من مدينة الخليل بالضفة، والتي تحاول، مع عدد من إذاعات الضفة، سد الفراغ الذي تركته الإذاعات المحلية الغائبة قسرا.

نازح فلسطيني يستخدم الراديو للاستماع إلى الأخبار بخيمته في رفح جنوب قطاع غزة (رويترز) شعور بالمسؤولية

وقال مدير البرامج في هذه الإذاعة صلاح أبو الحسن -للجزيرة نت- إنها أوقفت برامجها الاعتيادية واتخذت سلسلة إجراءات للحفاظ على وتيرة تغطية مكثفة ومتواصلة لما يجري في قطاع غزة. وأضاف "شعورنا بالمسؤولية لم يكن يوما مرتبطا بالحدود الجغرافية، فمهمتنا الإعلامية تشمل الوطن كله، لكن خصوصية غزة ومعاناتها المتفاقمة دفعتنا لمضاعفة الجهد، خاصة بعد انقطاع الإنترنت والكهرباء وغياب البديل المحلي".

وطورت الإذاعة جهاز الإرسال وزادت من قوة البث لتغطية أوسع شريحة ممكنة، كما تعاقدت مع مراسل ميداني داخل القطاع لإنتاج تقارير ميدانية متواصلة على مدار الساعة. ويؤكد أبو الحسن أنهم تلقوا رسائل واتصالات مباشرة من مستمعين وناشطين داخل غزة، عبّروا فيها عن امتنانهم لوصول صوتهم إلى الفضاء الإذاعي رغم الحرب والعزلة.

أما على المستوى الفني، فيوضح أن هناك تحديات تقنية مستمرة من أبرزها ضعف ثبات الإشارة وجودتها في بعض المناطق، فضلا عن أن انقطاع الكهرباء والإنترنت داخل القطاع يحدّ من قدرة الجمهور على الاستماع أو التفاعل. ويؤكد "نحن أمام التزام يومي بتوثيق المعاناة ومساندة الناس في أقسى لحظاتهم، مع الحفاظ على نبرة الأمل، والإصرار على ألا تتحوّل الإبادة إلى خبر عادي".

إذاعات عربية تتحد دعمًا لغزة

مع استمرار العدوان لاكثر من 120 يومًا على قطاع غزة وفي مبادرة إعلامية إذعية، اتحدت مجموعة من الإذاعات الفلسطينية والعربية فيبث إذاعي مشترك يوم الأثنين 5 شباط\فبراير الجاري بدءًا من الساعة السابعة مساءً بتوقيت القدس المحتلة..
هذه الخطوة التي تأتي… pic.twitter.com/IUEu9KMx2v

— تيسير البلبيسي (@Taysirbalbisi) February 4, 2024

وهناك إذاعات أخرى من الضفة الغربية، مثل أجيال، وعروبة، والحرية، وصوت فلسطين، تُبقي موجاتها مفتوحة على غزة، في محاولة جماعية للتواصل مع الناس ونقل أصواتهم المنقطعة.

بالتوازي مع ذلك، حاولت قنوات عربية أن تسدّ هذا الفراغ عبر الإذاعة، إذ استأجرت قناة الجزيرة ترددا إذاعيا من مدينة الخليل، لبث تغطيتها الصوتية للقطاع نظرا لقرب المنطقة جغرافيا من غزة. وكان الغزيون يتابعون البث بانتظام إلى أن أُجبرت المحطة على تعليق البث بعد قرار السلطة الفلسطينية إغلاق مكتبها في رام الله، ليُحرم القطاع مرة أخرى من نافذته الإعلامية.

إعلان

وبعد ذلك، سعت القناة لإيجاد تردد بديل يُبث من داخل غزة، لكن غياب المعدات التقنية، وانعدام البنية اللوجستية حال دون ذلك.

المؤسسة القطرية للإعلام: شارك تلفزيون قطر في بث تلفزيون #فلسطين وبمشاركة 45 دولة تضامناً مع دعوة اتحاد إذاعات وتلفزيونات دول منظمة التعاون الإسلامي وذلك مناصرة للأخوة الفلسطينيين وتضامناً مع الأحداث الجارية في #غزة.
كما دعا اتحاد إذاعات وتلفزيونات دول منظمة التعاون الإسلامي… pic.twitter.com/ogIwCgk2rL

— الراية القطرية (@alraya_n) October 21, 2023

أداة حرب

وفي الوقت الذي تكافح فيه هذه المحطات لإيصال الصوت الفلسطيني دون تشويش، يظهر البث الإسرائيلي بشكل ثابت وواضح وهو محمول على لغة هادئة، محايدة ظاهريا، لكنه مشحون برسائل موجهة بدقة ضمن إستراتيجية مراوغة إعلامية متقنة.

فحسب الخبير في الشؤون الإسرائيلية مؤمن مقداد، فإن إذاعة "مكان" ليست مجرد وسيلة إخبارية، بل أداة في حرب نفسية متعددة المستويات، تديرها هيئة البث الإسرائيلية تحت إشراف مباشر من الرقابة العسكرية. وضمن خطة مُحكمة، تعمّدت تل أبيب تعزيز تغطية الإذاعة نحو غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 لملء الفراغ الإعلامي الناتج عن تدمير البنية الإذاعية الفلسطينية.

ويقول مقداد إن "الإذاعة تبث مقابلات مع شخصيات فلسطينية تُظهر مواقف معارضة للمقاومة أو تتحدث بلهجة يائسة، مما يترك أثرا نفسيا يوحي بانقسام داخلي وفقدان الأمل، كما أنها تتعمد ترسيخ صورة ثابتة بأن غزة تنهار، وأن الاحتلال في طريقه للنصر الكامل، في محاولة لهزيمة الروح المعنوية لدى المدنيين وإرباكهم".

ويشير إلى أن أحد أكثر أسلحة الإذاعة فعالية هو المصداقية الجزئية، حيث تمرر أحيانا معلومات صحيحة حول مواقع القصف أو التحركات العسكرية، لكسب ثقة المستمع، ثم تُدخل رسائل مضللة مغلفة بلغة حيادية توحي بالموضوعية.

وفي ظل غياب معظم الإذاعات المحلية، وندرة الإنترنت، وانقطاع الكهرباء، بات سكان غزة -خاصة من يعتمدون على الراديو مصدرا رئيسيا- يتلقّون هذا الخطاب دون خيارات بديلة. وما يزيد التأثير عمقا هو أن الحرب قاربت العامين، بينما ظل الإعلام الوطني والمقاوم في حالة تراجع إعلامي، جعل الرواية الفلسطينية أضعف مما كانت عليه في جولات سابقة.

ومع ذلك، يرى مقداد أن الوعي الشعبي ليس غائبا تماما، بل إنه آخذ في التشكل، خاصة بين فئة الشباب التي تلجأ إلى شبكات التواصل للتحقق من الأخبار ومحاولة مقاومة التضليل.

مقالات مشابهة

  • «آي صاغة»: الذهب يتراجع 0.4 % عالميًا ومحليًا مع تحسن البيانات الأمريكية وتقدم المفاوضات التجارية
  • تقرير: تراجع أسعار الذهب عالميا بسبب انحسار المخاطر الجيوسياسية وتحسن بيانات الاقتصاد الأمريكي
  • غزة بلا إذاعات.. من يملأ فراغ الأثير بعد أن أسكتته الحرب؟
  • بعد 6 أشهر من التعثّر.. واشنطن تراجع استراتيجيتها في غزة
  • واشنطن تراجع سياستها: روبيو يلمح لاتفاق شامل لإنهاء حرب غزة
  • واشنطن تراجع خطتها بشأن غزة وعائلات الأسرى تطالب بصفقة تبادل
  • «آي صاغة»: الذهب يتعثر أمام الدولار.. تراجع جديد قبل اجتماع الفيدرالي الأمريكي
  • تقليص الرسوم الجمركية وفتح الأسواق أمام السلع الأمريكية| تفاصيل
  • واشنطن تؤكد مقتل الحرداني في الغارة الأمريكية على حلب
  • استشاري نساء وتوليد يحذر: تراجع المواليد خطر صامت يهدد مستقبل سوق العمل .. فيديو