ناشط يهودي: هكذا قلبت 6 أشهر بالضفة الغربية كل المفاهيم الصهيونية
تاريخ النشر: 31st, May 2025 GMT
كتب الناشط اليهودي الأميركي سام شتاين أنه نشأ كغيره من أقرانه على النظر إلى إسرائيل باعتبارها دولة معصومة من الخطأ، لكن العيش بين الفلسطينيين علّمه حقائق جوهرية عن واقع الاحتلال.
ويروي هذا الناشط، في مقاله بموقع 972+، تجربته التي بدأت من التحاقه ببرنامج "ميخينا" (برنامج تحضيري عسكري إسرائيلي) في إحدى المستوطنات غير الشرعية في كتلة غوش عتصيون جنوب القدس، وانتهى به مقيما بين الفلسطينيين في مسافر يطا، وهي مجموعة قرى فلسطينية في تلال جنوب الخليل، عانى أهلها من عنف المستوطنين والجيش من أجل تهجيرهم من أراضيهم.
يقول سام شتاين "أول مرة سمعت كلمة "احتلال" كانت عندما تذمر حاخام من سكان مستوطنة ألون شفوت غير الشرعية من تقييد وصول الإسرائيليين إلى الحرم القدسي الشريف"، قائلا "إسرائيل محتلة من قبل العرب".
كان سماع شتاين لطالب فلسطيني يدرس معه في كلية هانتر بنيويورك، يشكو من كون الدراسة في نيويورك تتطلب منه الحصول على تصاريح إسرائيلية لعبور الأردن، مما جعله يدرك التناقض بين حياة اليهود وحياة الفلسطينيين بعد أن كان يظن بسذاجة أنهم يتعايشون كجيران.
وبعد سبع سنوات من عام "الميشنا"، عاد سام شتاين إلى إسرائيل وفلسطين، ولكن بفهم عملي لاحتلال الضفة الغربية وإدراك لواجب الانخراط في نشاط ملموس ضد الاحتلال، مما جعله ينضم إلى "كل ما تبقى"، وهي جماعة شعبية غير هرمية من يهود الشتات ملتزمة بالعمل المباشر ضد الاحتلال.
إعلانسافر شتاين بانتظام إلى الضفة الغربية، وانضم إلى المزارعين الفلسطينيين في حقولهم، ورافق الرعاة مع قطعانهم، وشارك في الاحتجاجات ضد عنف الدولة الإسرائيلية، ووثق مع ناشطين آخرين هجمات المستوطنين والتوغلات العسكرية "على أمل أن يردع وضعنا المتميز في نظر الدولة بعض العنف"، كما يقول.
وبعد انضمام شتاين إلى منظمة "حاخامات من أجل حقوق الإنسان" منسقا ميدانيا، قرر الانتقال للعمل بدوام كامل في مسافر يطا، وكما يقول "وضعت كل ما أملكه في سيارتي وانطلقت جنوبا نحو مسافر يطا، ولمدة ستة أشهر عشت بين أولئك الذين قيل لي إنهم سيقتلونني في أول فرصة".
ولخص شتاين تجربته هذه في خمس نصائح وجهها إلى أولئك الذين نشؤوا على المخاوف نفسها التي نشأ عليها، خاصة أن مسافر يطا تواجه حملة هدم تهدد بمحو سكانها من الأرض الوحيدة التي يعرفونها.
1- عليك تجاهل اللافتات الحمراءكان المدير في الميشنا يشير دائما إلى أن اللافتات الحمراء، التي تحدد مداخل المنطقة "أ"، الخاضعة رسميا للسيطرة الفلسطينية الكاملة، تعلن أن دخول المواطنين الإسرائيليين "غير قانوني" و"خطر على حياتهم"، وهو يدعي أن "هذا هو الفصل العنصري الحقيقي"، متحسرا على استبعاد الإسرائيليين المزعوم من هذه المناطق.
ولاحقا، يقول الناشط إنه أدرك أن الفلسطينيين لم يقصدوا استبعاده، وأنهم لم يكونوا يمتلكون سلطة فعلية على هذه المساحات، كما أدرك أن هذه القيود لا تهدف إلى حماية الإسرائيليين، بل إلى تعزيز نظام وثقافة الفصل العنصري من خلال الحواجز النفسية.
2- مستوطنو البؤر الاستيطانية لا يمثلونكويحذر شتاين من ينصحهم أولئك الذين يقضون عصر السبت في استخدام الهواتف لتنسيق الهجمات على الفلسطينيين، ويذكّرهم بأن الرجال الذين يديرون البؤر الاستيطانية ليسوا مثل الحاخامات الذين درّسوهم، ووصفهم بأنهم متطرفون أيديولوجيون "يستخدمون تقاليدنا كسلاح ويدوسون على الشريعة".
إعلان 3- الجيش يكذبومع أن معظم اليهود والإسرائيليين نشؤوا على أن الجيش الإسرائيلي معصوم من الخطأ، فإن شتاين يؤكد لهم أن الجيش يكذب ويختلق الواقع جملة وتفصيلا، كما يختلق خيالات لا أساس لها من الصحة، وهو شاهد ذلك بنفسه، كما يقول.
وضرب الكاتب مثالا بتراجع إسرائيل مرارا وتكرارا عن رواياتها الرسمية، كما حدث في أعقاب اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة، وقال إن على العالم اليوم، في الوقت الذي ترتكب فيه إسرائيل إبادة جماعية في قطاع غزة خلف جدار من الرقابة، أن ينطلق من أن كل كلمة رسمية تصدر من الجيش كذبة.
علمتني التجارب في مسافر يطا أن أقوى ترياق للدعاية هو الوقوف مع المضطهدين والمهمشين، لا بناء على فكرة زائفة من التعايش، بل على التزام مشترك بالعدالة والتحرير
بواسطة سام شتاين
4- الاحتلال يعمل على مدار الساعةوصف أحد الناشطين الاستجابة للعنف في مسافر يطا بأنها "لعبة طريفة"، حيث كانت مكالمة الطوارئ الصباحية تطلق يوما جديدا من الركض السريع بين البؤر الساخنة وتوثيق الفظائع، مما استطاع الكاتب أن يتكيف معه -كما يقول- لمّا اتضح له أن مجرد وجوده كان يقلق الجنود الإسرائيليين بشدة.
5- التضامن الحقيقي هو الحلوينبه شتاين إلى أن اندماجه في المجتمع الفلسطيني أظهر له قبضة الاحتلال القاسية، و"علمتني التجارب هناك أن أقوى ترياق للدعاية هو الوقوف مع المضطهدين والمهمشين، لا بناء على فكرة زائفة عن "التعايش"، بل على التزام مشترك بالعدالة والتحرير".
وخلص سام شتاين إلى أن ساعة من الاستماع الصادق لزميل يتحدث في الجامعة كانت هي المحطة الأولى نحو إدراكه التجربة الفلسطينية، وهو الآن يقدم تجربته بعد 6 أشهر قضاها مع الفلسطينيين في مسافر يطا آملا أن يساعد آخرين نشؤوا مثله على كسر جدار الخداع.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات فی مسافر یطا شتاین إلى کما یقول
إقرأ أيضاً:
“معيار الحق بين وضوح المفاهيم وتضليل الطابور الخامس” .
بقلم : علي الحاج ..
أن التمييز بين الحق والباطل يمثل جوهر الرسالة الحسينية والأمان الفكري للأمة، فالحق لا يقاس بالأشخاص، بل يعرف من خلال الرجوع الى القيم والمبادئ التي رسخها القرآن الكريم وأهل البيت “عليهم السلام”، هكذا افتتح سماحة الشيخ قيس الخزعلي في محاضرة له بالمجلس الحسيني الذي اقامته الحركة، مذكرا يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب “عليه السلام”: “اعرف الحق تعرف أهله”، وهي قاعدة محورية تمنع الانزلاق خلف الشعارات الزائفة أو خلف أولئك الذين يسعون لتحقيق مصالحهم الضيقة على حساب القيم الثابتة.
وفي ظل ما يشهده العالم من صراعات فكرية وسياسية، تصبح هذه القاعدة أكثر أهمية، إذ يشير سماحته إلى أن الصراع بين الحق والباطل صراع ممتد عبر العصور، بدأ منذ أول مواجهة بين قابيل وهابيل، وسيستمر حتى قيام الساعة، وفي كل زمن هناك طغاة يقودون جبهة الباطل، وهناك رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه يذودون عن جبهة الحق بثبات وإخلاص.
غير أن المشكلة الكبرى تكمن في وجود “الطابور الخامس”، وهم أولئك الذين يسعون إلى خلط الأوراق وتشويه الحقائق، فيلبسون الحق بالباطل لتضليل الناس وإبعادهم عن أئمتهم وقادتهم الحقيقيين، هؤلاء المضللون لا يتوقفون عن نشر الأكاذيب وتحريف الوقائع، مستخدمين الإعلام والمنصات الرقمية أحيانا كسلاح خطير، فهم يشيعون أن كل أزمة سياسية او امنية او حتى اقتصادية تقف خلفها “الفصائل”، في محاولة لتحويل الرأي العام عن الفاعل الحقيقي.
وهنا تصبح البصيرة والوعي ضرورة لا غنى عنها، فالتمسك بمقياس الحق هو السلاح الامثل لمواجهة هذا التضليل، ويرى سماحة الشيخ أن الحق واضح ومتين، فهو يستند إلى القرآن الكريم وأحاديث أهل البيت عليهم السلام، بينما الباطل يفتقد لأي أساس راسخ، مهما تجمل بالشعارات أو تحصن بالمال والإعلام.
ويؤكد أن العودة إلى النصوص الدينية والمرجعيات الصادقة أمر لا غنى عنه لتحديد الموقف الصحيح في أي قضية، فالمواقف لا تبنى على المزاجات أو العلاقات، بل على ميزان شرعي قويم، يعصم من الانحراف، ويرشد إلى سبيل النجاة.
وفي ختام هذه الرؤية، يشدد الشيخ الخزعلي على أن النصر الحقيقي يتحقق بالوقوف في صف الحق، حتى لو كان الطريق محفوفا بالمصاعب، فالله سبحانه وتعالى وعد بنصرة من ينصره:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾
وهذه البوصلة هي الضمانة الأكيدة لحفظ الأمة من الانحراف، ولبناء وعي راسخ لا يتأثر بمحاولات التضليل مهما كانت قوية أو منظمة.