نصير شمة: أبحث عن صوت اللون وسكون الضوء
تاريخ النشر: 1st, June 2025 GMT
فاطمة عطفة
أخبار ذات صلةعاشقاً للجمال والتعبير الفني، مبدعاً استثنائياً حين يمسك بعوده كأنما أصابعه مغطاة بالموسيقى، وحين تّلوح يده بفرشاة الرسام يصبح للون نغمة، وللظلال إيقاع، هكذا هو الفنان نصير شمة عبر رحلته بين الموسيقى والتشكيل، يقدم عبر تجاربه المتنوعة عطاءً فنياً فريداً منذ تخرجه في معهد الدراسات الموسيقية ببغداد عام 1987، مروراً بمحطات فارقة في مسيرته الإبداعية عربياً وعالمياً، وصولاً إلى مكانته الراهنة في صدارة المشهد الموسيقي والفني، وتأسيسه لبيوت العود في عدد من العواصم العربية (أبوظبي، القاهرة، بغداد، الخرطوم، الرياض).
في حديثه إلى (الاتحاد)، تعود بدايةً الفنان نصير شمة إلى سنوات النشأة وتفتح الهواية الموسيقية، وبالذات الشغف المبكر بآلة العود، قائلاً : «نشأت في بيئة عائلية تحتفي بالفن وتحترم الإبداع، في مدينة الكوت جنوب العراق، حيث كانت الطبيعة هي المعلم الأول: صوت النهر، حركة الأشجار، وغناء الطيور»، مبيناً أن آلة العود جذبته في سن مبكرة، وكأنها كانت تناديه من مكان بعيد، وكان وقتها في الثامنة من عمره حين بدأت علاقته بها، خاصة أن أحد أصدقاء أخيه كان يعزف على القانون ويدرس الموسيقى في معهد الفنون الجميلة ببغداد، وقد فتح له هذا الباب منصة الانطلاق، لكنه يؤكد أن الإلهام كان الدافع الأول وليس المعلم، حيث كان يشعر بأن العود ليس مجرد آلة، بل كيان حي يعبر عما يصعب قوله، ومنذ تلك اللحظة بدأ شغف الفنان شمة يتحول إلى مسار حياة.
وحول أهمية مرحلة التدريب والاستمرار في تعلم العزف، ومن هم أهم الأساتذة الذين تأثر بهم، يشير نصير شمة إلى أنه التحق بمعهد الدراسات الموسيقية في بغداد عام1982، وهناك بدأ التكوين الأكاديمي الحقيقي، رغم أن الشريف محيي الدين حيدر، رحل قبل ولادة نصير، إلا أن مدرسته كانت حاضرة في مناهج المعهد، وهو يتذكر أن اللقاء الحاسم جاء مع الأستاذ علي الإمام، ثم الأستاذ منير بشير، الذي يعتبره المعلم والملهم، فقد زرع في نفس الطالب نصير شمة الإيمان بأن على كل فنان أن يخلق صوته الخاص وأسلوبه المتفرد، كما بدأ وقتها تأثره كذلك بالموسيقى الكلاسيكية الغربية، ومن ثم بدأت رحلة البحث عن أسلوبه الخاص الذي يدمج بين الموروث والابتكار.
ومن الموسيقى إلى التشكيل، يبحث نصير شمة عن أشكال متعددة من التعبير الفني، ومنها التشكيل الذي يقول عنه: «منذ سنوات وأنا أرسم، لا بصفتي رساماً محترفاً، بل كعازف يبحث عن صوت اللون وسكون الضوء»، موضحاً أن المعرض التشكيلي في أبوظبي كان امتداداً موسيقياً بصرياً، حيث تحولت الأصوات إلى ألوان، والمقامات إلى خطوط وتكوينات، وقد استخدم خامات أعيد تدويرها، وكأنه يعيد تشكيل الذاكرة والزمان، معتبراً أن هذه التجربة كانت كشفاً عن جانب خفي من تجربته، وقد منحته يقيناً أن الموسيقى والتشكيل ينبثقان من نبع واحد، هو الرغبة في التعبير والبحث عن الجمال، ثم جاء الطلب الثاني من القاهرة، حيث أقام فيها معرضه التشكيلي الشخصي الثاني، بالإضافة إلى ثلاث مشاركات متتالية في «أبوظبي آرت»، معلناً أن لديه حالياً عدة دعوات لإقامة معارض في روما والبحرين والسعودية.
وينتقل الفنان نصير شمة بالحديث إلى «بيت العود» في أبوظبي، والتطور الذي مر به حتى أصبح أكاديمية متميزة، فيقول : (تأسس «بيت العود» في أبوظبي عام 2008، بدعم من دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، كمنارة تعليمية تعنى بالعود والموسيقى الشرقية، بدأ كمركز لتعليم العود، ثم تطوّر ليصبح أكاديمية متكاملة تخرج فنانين قادرين على الأداء، والإبداع، والتعليم، حيث يعتمد منهجاً يجمع بين الصرامة الأكاديمية والحرية الإبداعية)، لافتاً إلى أن بيت العود في أبوظبي يعد اليوم نموذجاً يحتذى به في العالم العربي، وواجهة مشرقة للفن العربي في الإمارات، كذلك البيت الذي سبقه في القاهرة وبغداد والخرطوم والرياض.
وحول الفنون المتنوعة التي أُدخلت على تجربة بيت العود من غناء وآلات الموسيقية، وهل كان هذا لصالح الفنون السمعية؟، يؤكد نصير شمة، بلا شك أن تنوع الآلات مثل القانون والناي، الكمان، التشيللو، وإدخال الغناء العربي التقليدي، مكن الطلبة من فهم البيئة الصوتية والمقامية، وهذا التنوع أسهم في خلق فنانين أكثر وعياً وإدراكاً، وهو ما يخدم الفنون السمعية بشكل مباشر، ويعيد للموسيقى العربية تكاملها الذي افتقدناه في بعض المراحل»، كاشفا أنهم لا يخرجون عازفين فقط، بل يخرجون فنانين قادرين على التفكير والإبداع، وآخر فرع تم إطلاقه هو تعليم البيانو.
ويضيف : «نعمل على ربط بيوت العود (في أبوظبي، القاهرة، بغداد، الخرطوم، الرياض) بمنصة رقمية تعليمية واحدة تشمل مناهج موحدة، ومحتوى مرئياً، وتواصلاً مباشراً بين الطلبة والأساتذة، كما نستعد لإطلاق مهرجان «ترددات»، وهو مهرجان دولي مخصص لآلات العود، يشمل حوارات فكرية، مسابقات، وحفلات موسيقية»، كاشفاً أن لديهم أيضاً خطة لإدماج ذوي الهمم عبر مناهج مصممة خصيصاً لهم، بالإضافة إلى ورش بحثية لصناعة الآلات الموسيقية التقليدية.
ويختتم نصير شمة حديثه، بالتأكيد على دور الإعلام في متابعة البرامج الثقافية والفنية، حيث يرى أن الإعلام هو الحامل الأول للرسالة الثقافية، مضيفاً أن الإمارات تتمتع بمشهد إعلامي ناضج ومهني، يواكب الحركة الثقافية بجدية واحتراف، وخص جريدة «الاتحاد» بالثناء لأنها لعبت دوراً بارزاً في تسليط الضوء على الفن والموسيقى بوصفهما جزءاً من بناء الهوية الوطنية، مبيناً أن الإعلام مسؤول عن خلق وعي جماهيري وتقدير للفن، ومتى كان شريكاً في التنمية الثقافية، تصبح النتائج أعمق وأكثر استدامة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: التشكيل الموسيقى نصير شمة الثقافة الفن التشكيلي فی أبوظبی بیت العود نصیر شمة
إقرأ أيضاً:
في غياب مصطفى كامل.. بدء انتخابات التجديد النصفي لنقابة المهن الموسيقية
انطلقت صباح الثلاثاء، بنادي جامعة القاهرة انتخابات التجديد النصفي لنقابة المهن الموسيقية لعام 2025 بحضور أعضاء النقابة.
وحرص عدد كبير من النجوم على الإدلاء بأصواتهم في انتخابات التجديد النصفي لأعضاء نقابة المهن الموسيقية، أبرزهم، الفنان سعد الصغير، والفنان حسن شنبو، بالإضافة إلى، الأعضاء المنتخبين، من ضمنهم، نادية مصطفى وحلمي عبد الباقي وأحمد العيسوي ومنصور هندي والدكتور علاء سلامة وعادل مصطفى ومحمد صبحي وداوود محمد سمير، مع غياب نقيب الموسيقيين الفنان مصطفى كامل.
ويتنافس في انتخابات التجديد النصفي لنقابة المهن الموسيقية 6 أعضاء، وهم: الفنان حلمي عبد الباقي ومنصور هندى ونادية مصطفى ومحمد صبحي وعلاء سلامة وأحمد العيسوي، بالإضافة إلى كل من أحمد محمد عرفات وداوود محمد سمير عبد المحسن وعادل محمد مصطفى نعيم.
وتعد قرعة التجديد النصفي استحقاقًا قانونيًا، ضمن الإجراءات القانونية المنظمة لعمل النقابات المهنية في مصر، لضخ دماء جديدة ومنح الفرصة للراغبين في خدمة المهنة وأعضائها.
وفي وقت سابق، أكد النقيب مصطفى كامل التزامه بالعهد والقانون، قائلا: سأظل محافظاً على العهد والوعد حتى نهاية فترة ولايتي بإذن الله، ولن أخالف القانون، فالعدل أساس المُلك".
اقرأ أيضا:
على خلفية أزمة راغب علامة.. «الأعلى للإعلام» يحفظ شكوى المهن الموسيقية ضد عدد من الإعلاميين
أول تعليق لـ طارق الشناوي بعد قرار المهن الموسيقية ضده
ماذا فعلت نقابة المهن الموسيقية في واقعة ضبط حمو بيكا؟