منذ أكثر من خمسين عامًا، حيّرت خطوط غامضة تظهر على منحدرات المريخ العلماء. هل هي بقايا مياه مالحة تتسلل عبر التربة؟ أم مجرد ظاهرة جيولوجية جافة؟

السؤال بدأ منذ أن التقطت مركبة "فايكنغ" التابعة لناسا أولى الصور لتلك الخطوط في سبعينيات القرن الماضي مشهد بصري أربك الباحثين لعقود، وأثار فرضيات كثيرة حول وجود الماء والحياة على الكوكب الأحمر.


واليوم، وبعد نصف قرن من الحيرة، يبدو أن العلم اقترب من حل هذا اللغز بإجابة تخالف التوقعات.

 

اقرأ أيضاً.. هل خدعتنا الصورة الأولى للثقب الأسود في مجرتنا؟ اكتشافات جديدة تثير الشكوك



صور مذهلة.. وتفسير جديد


التقطت كاميرا CaSSIS على متن مركبة "إكسو مارس" الأوروبية صورًا عالية الدقة تُظهر هذه الخطوط، الفاتحة والداكنة، تغطي منحدرات منطقة "أوليمبوس مونس"، أكبر بركان في النظام الشمسي. وتمتد هذه العلامات على مساحات واسعة، ويبدو وكأن سطح المريخ كُنس بمكنسة عملاقة، في مشهد بصري بالغ الغرابة.

لكن ما زاد الغموض أن هذه الخطوط لا تبقى ثابتة، فهي تظهر وتختفي بشكل مفاجئ، تتبدل ألوانها مع الفصول، وقد تختفي في شهور أو تبقى لسنوات.


 


لعقود.. ظن العلماء أن الماء هو التفسير الأقرب

أخبار ذات صلة الذكاء الاصطناعي يقترب من مكتبك.. هل وظيفتك آمنة؟ رئيس سلطة المياه الفلسطينية لـ«الاتحاد»: 85 % من منشآت المياه خارج الخدمة


ظلت النظريات السابقة تشير إلى احتمال أن تكون هذه الخطوط ناتجة عن تدفقات من الماء المالح، وهو ما يعني احتمال وجود بيئات حيوية مؤقتة على سطح المريخ. كانت هذه الفرضية تمنح الأمل في أن الكوكب الأحمر ربما لا يزال يحتفظ ببعض المقومات اللازمة للحياة.


أقرأ أيضاً.. هل أسرت الأرض القمر؟ دراسة جديدة تكشف تفاصيل مذهلة

 

 

الذكاء الاصطناعي يقلب الموازين


في دراسة حديثة نُشرت في مجلة Nature Communications، استعان فريق من الباحثين من جامعتي بيرن السويسرية وبراون الأميركية بأدوات التعلم العميق لتحليل أكثر من 86 ألف صورة التقطها القمر الصناعي التابع لناسا Mars Reconnaissance Orbiter. وأسفر هذا التحليل عن إنشاء قاعدة بيانات ضخمة تضم أكثر من 500 ألف خط مريخي ، وهي الأضخم من نوعها حتى الآن، ما سمح للعلماء بإعادة تقييم أصل هذه الظاهرة الغامضة على أسس أكثر دقة وموضوعية.

وبتحليل هذا الكم الهائل من الصور، توصّل الباحثون إلى نتيجة مغايرة للتصورات السابقة: هذه الخطوط لم تنجم عن تدفق سوائل، بل تشكّلت بفعل انهيارات ترابية جافة. إذ يرجّح أنها ناتجة عن انزلاق غبار دقيق على المنحدرات بسبب تأثيرات الرياح، أو تساقط صخور صغيرة، وربما حتى موجات صدمية تسببها نيازك دقيقة ترتطم بسطح الكوكب.

 


نهاية لغز وبداية أسئلة جديدة

دعمت صور إضافية التُقطت بواسطة كاميرات أخرى، مثل HiRISE التابعة لناسا، الفرضية الجديدة، إذ أظهرت أن هذه الظاهرة منتشرة في مختلف أنحاء المريخ وتتغير مع الفصول، ما يعزز فكرة أنها ناتجة عن عمليات جيولوجية جافة.

 

وفيما تواصل مركبة ExoMars التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية عمليات المسح بحثًا عن أدلة على الماء والحياة، تفرض هذه الاكتشافات إعادة نظر شاملة في تاريخ الكوكب الأحمر. فالسؤال لم يعد فقط: "هل كان هناك ماء؟" بل تحول إلى سؤال أعمق: "هل وُجدت على المريخ حياة؟"


إسلام العبادي(أبوظبي)

 

 

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: المريخ الذكاء الاصطناعي المياه هذه الخطوط

إقرأ أيضاً:

احتيال شركات الذكاء الاصطناعي يجب أن يتوقف

مع تقدم الذكاء الاصطناعي وتغلغله في حياتنا على نحو متزايد، يبدو من الواضح أنه من غير المحتمل أن يخلق المدينة التكنولوجية الفاضلة ومن غير المرجح أن يتسبب في محو البشرية. النتيجة الأكثر احتمالا هي مكان ما في المنتصف ــ مستقبل يتشكل من خلال الطوارئ، والحلول الوسط، وعلى جانب عظيم من الأهمية، القرارات التي نتخذها الآن حول كيفية تقييد وتوجيه تطور الذكاء الاصطناعي.

باعتبارها الرائدة عالميا في مجال الذكاء الاصطناعي، تضطلع الولايات المتحدة بدور مهم بشكل خاص في تشكيل هذا المستقبل. لكن خطة عمل الذكاء الاصطناعي التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرا بددت الآمال في تعزيز الإشراف الفيدرالي، فاحتضنت بدلا من ذلك نهجا داعما للنمو في تطوير التكنولوجيا. وهذا يجعل التركيز من جانب حكومات الولايات، والمستثمرين، والجمهور الأمريكي على أداة مُـساءلة أقل إخضاعا للمناقشة، ألا وهي حوكمة الشركات ضرورة أشد إلحاحا. وكما توثق الصحفية كارين هاو في كتابها «إمبراطورية الذكاء الاصطناعي»، فإن الشركات الرائدة في هذا المجال منخرطة بالفعل في المراقبة الجماعية، وهي تستغل عمالها، وتتسبب في تفاقم تغير المناخ. من عجيب المفارقات هنا أن كثيرا منها شركات منفعة عامة (PBCs)، وهي بنية حوكمة يُزعم أنها مصممة لتجنب مثل هذه الانتهاكات وحماية البشرية. ولكن من الواضح أنها لا تعمل على النحو المنشود.

كانت هيكلة شركات الذكاء الاصطناعي على أنها شركات منفعة عامة شكلا ناجحا للغاية من أشكال الغسيل الأخلاقي. فبإرسال إشارات الفضيلة إلى الهيئات التنظيمية وعامة الناس، تخلق هذه الشركات قشرة من المساءلة تسمح لها بتجنب المزيد من الرقابة الجهازية على ممارساتها اليومية، والتي تظل مبهمة وربما ضارة. على سبيل المثال، تُـعَـد xAI التي يملكها إيلون ماسك شركة منفعة عامة تتمثل مهمتها المعلنة في «فهم الكون». لكن تصرفات الشركة ــ من بناء كمبيوتر خارق مُـلَـوِّث في السر بالقرب من حي تقطنه أغلبية من السود في ممفيس بولاية تينيسي، إلى إنشاء روبوت محادثة يشيد بهتلر ــ تُظهر قدرا مزعجا بشدة من عدم الاكتراث بالشفافية، والرقابة الأخلاقية، والمجتمعات المتضررة.

تُعد شركات المنفعة العامة أداة واعدة لتمكين الشركات من خدمة الصالح العام مع السعي إلى تحقيق الربح في الوقت ذاته. لكن هذا النموذج، في هيئته الحالية ــ خاصة في ظل قانون ولاية ديلاوير، الولاية التي تتخذها معظم الشركات العامة الأمريكية مقرا لها ــ مليء بالثغرات وأدوات الإنفاذ الضعيفة، وهو بالتالي عاجز عن توفير الحواجز اللازمة لحماية تطوير الذكاء الاصطناعي. لمنع النتائج الضارة، وتحسين الرقابة، وضمان حرص الشركات على دمج المصلحة العامة في مبادئها التشغيلية، يتعين على المشرعين على مستوى الولايات، والمستثمرين، وعامة الناس المطالبة بإعادة صياغة شركات المنفعة العامة وتعزيز قدراتها. من غير الممكن تقييم الشركات أو مساءلتها في غياب أهداف واضحة، ومحددة زمنيا، وقابلة للقياس الكمي. لنتأمل هنا كيف تعتمد شركات المنفعة العامة في قطاع الذكاء الاصطناعي على بيانات منافع شاملة وغير محددة يُزعَم أنها توجه العمليات. تعلن شركة OpenAI أن هدفها هو «ضمان أن يعود الذكاء الاصطناعي العام بالفضل على البشرية جمعاء»، بينما تهدف شركة Anthropic إلى «تحقيق أعظم قدر من النتائج الإيجابية لصالح البشرية في الأمد البعيد». المقصود من هذه الطموحات النبيلة الإلهام، لكن غموضها من الممكن أن يستخدم لتبرير أي مسار عمل تقريبا ــ بما في ذلك مسارات تعرض الصالح العام للخطر. لكن قانون ولاية ديلاوير لا يُـلزِم الشركات بتفعيل منفعتها العامة من خلال معايير قابلة للقياس أو تقييمات مستقلة. ورغم أنها تطالب بتقديم تقارير كل سنتين حول أداء المنفعة، فإنها لا تلزم الشركات بإعلان النتائج. بوسع الشركات أن تفي بالتزاماتها ــ أو تهملها ــ خلف الأبواب المغلقة، دون أن يدري عامة الناس شيئا. أما عن الإنفاذ، فبوسع المساهمين نظريا رفع دعوى قضائية إذا اعتقدوا أن مجلس الإدارة فشل في دعم مهمة الشركة في مجال المنفعة العامة. لكن هذا سبيل انتصاف أجوف، لأن الأضرار الناجمة عن الذكاء الاصطناعي تكون منتشرة، وطويلة الأجل، وخارجة عن إرادة المساهمين عادة. ولا يملك أصحاب المصلحة المتضررون ــ مثل المجتمعات المهمشة والمقاولين الذين يتقاضون أجورا زهيدة ــ أي سبل عملية للطعن في المحاكم. وللاضطلاع بدور حقيقي في حوكمة الذكاء الاصطناعي، يجب أن يكون نموذج «شركات المنفعة العامة» أكثر من مجرد درع للسمعة. وهذا يعني تغيير كيفية تعريف «المنفعة العامة»، وحوكمتها، وقياسها، وحمايتها بمرور الوقت. ونظرا لغياب الرقابة الفيدرالية، يجب أن يجري إصلاح هذا الهيكل على مستوى الولايات. يجب إجبار شركات المنفعة العامة على الالتزام بأهداف واضحة، وقابلة للقياس، ومحددة زمنيا، ومكتوبة في وثائقها الإدارية، ومدعومة بسياسات داخلية، ومربوطة بمراجعات الأداء والمكافآت والتقدم الوظيفي. بالنسبة لأي شركة عاملة في مجال الذكاء الاصطناعي، من الممكن أن تشمل هذه الأهداف ضمان سلامة نماذج المؤسسات، والحد من التحيز في مخرجات النماذج، وتقليل البصمة الكربونية الناجمة عن دورات التدريب والنشر، وتنفيذ ممارسات العمل العادلة، وتدريب المهندسين ومديري المنتجات على حقوق الإنسان والأخلاقيات والتصميم التشاركي. الأهداف المحددة بوضوح، وليس التطلعات الغامضة، هي التي ستساعد الشركات على بناء الأساس للمواءمة الداخلية الجديرة بالثقة والمساءلة الخارجية. يجب أيضا إعادة تصور مجالس الإدارة وعملية الإشراف. ينبغي لمجالس الإدارة أن تضم مديرين ذوي خبرة يمكن التحقق منها في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، والسلامة، والأثر الاجتماعي، والاستدامة. يجب أن يكون لكل شركة مسؤول أخلاقي رئيسي يتمتع بتفويض واضح، وسلطة مستقلة، والقدرة على الوصول المباشر إلى مجلس الإدارة. ينبغي لهؤلاء المسؤولين أن يشرفوا على عمليات المراجعة الأخلاقية وأن يُمنحوا سلطة وقف أو إعادة تشكيل خطط المنتجات عند الضرورة. وأخيرا، يجب أن تكون شركات الذكاء الاصطناعي المهيكلة كمؤسسات منفعة عامة مُلـزَمة بنشر تقارير سنوية مفصلة تتضمن بيانات كاملة ومصنفة تتعلق بالسلامة والأمن، والتحيز والإنصاف، والأثر الاجتماعي والبيئي، وحوكمة البيانات. وينبغي لعمليات تدقيق مستقلة ــ يديرها خبراء في الذكاء الاصطناعي، والأخلاقيات، والعلوم البيئية، وحقوق العمال ــ أن تعكف على تقييم صحة هذه البيانات، بالإضافة إلى ممارسات الحوكمة في الشركة وتواؤمها في عموم الأمر مع أهداف المنفعة العامة.

أكدت خطة عمل ترامب للذكاء الاصطناعي على عدم رغبة إدارته في تنظيم هذا القطاع السريع الحركة. ولكن حتى في غياب الإشراف الفيدرالي، بوسع المشرعين على مستوى الولايات، والمستثمرين، وعامة الناس تعزيز حوكمة إدارة الشركات للذكاء الاصطناعي بممارسة الضغوط من أجل إصلاح نموذج شركات المنفعة العامة. يبدو أن عددا متزايدا من قادة التكنولوجيا يعتقدون أن الأخلاقيات أمر اختياري. ويجب على الأمريكيين أن يثبتوا أنهم على خطأ، وإلا فإنهم يتركون التضليل، والتفاوت بين الناس، وإساءة استخدام العمالة، وقوة الشركات غير الخاضعة للرقابة تشكل مستقبل الذكاء الاصطناعي.

كريستوفر ماركيز أستاذ إدارة الأعمال في جامعة كامبريدج ومؤلف كتاب «المستغلون: كيف تقوم الشركات بخصخصة الأرباح وتأميم التكاليف»

خدمة «بروجيكت سنديكيت»

مقالات مشابهة

  • بعد أكثر من عقد من التوقف.. استئناف رحلات الخطوط الجوية التركية والأردنية إلى سوريا
  • أول طائرة للخطوط التركية تهبط بمطار حلب بعد 13 عاما
  • «تراجع وقام بحذفه».. محمد رمضان يثير الجدل عن محاولة اغتياله في حفل الساحل
  • علاء مبارك يحسم الجدل بخصوص سيدة تدعي أنها شقيقته
  • احتيال شركات الذكاء الاصطناعي يجب أن يتوقف
  • هل سيحدث تخفيف لأحمال الكهرباء بسبب الموجة الحارة؟.. رئيس الوزراء يحسم الجدل
  • شاب أردني لم يشرب الماء منذ 18 عاماً وذلك لسبب صادم .. تفاصيل
  • مدرب نيوكاسل يحسم الجدل حول انتقال إيزاك إلى ليفربول
  • السباق الاستخباراتي على الذكاء الاصطناعي
  • معضلة الذكاء الاصطناعي والمؤلف العلمي