على الرغم من الخدمات الحيوية التي تقدمها غابات المانغروف للإنسان والنظم البيئية، فقد فُقد أكثر من 50% منها بسبب الزراعة والتوسع العمراني والتنمية الساحلية والاستغلال المفرط. وهو ما يشكل تهديدا كبيرا للنظم البيئية العالمية.

تنتشر أشجار المانغروف في 128 دولة، وتغطي ما يقرب من 15% من سواحل العالم. ويوجد أكثر من 30% من أشجار المانغروف في جنوب شرقي آسيا.

وتُعدّ هذه المناطق من "الثلاث الكبار" للأنظمة البيئية الساحلية للكربون الأزرق، إلى جانب المستنقعات المالحة وأحواض الأعشاب البحرية.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4كيف يؤثر تغير المناخ على التنوع البيولوجي؟list 2 of 4القلب النابض للنظام المناخي.. ماذا يحدث في المحيطات؟list 3 of 4أكبر 5 غابات مطيرة.. ما هي وماذا بقي منها؟list 4 of 4ضعف التمويل وعدم الإيفاء بالالتزامات يعرقلان حماية المحيطاتend of list

كما تُشكّل هذه المناطق الغنية بالكربون أكثر من 50% من مخزون الكربون في رواسب المحيطات، وتُوفّر موطنا لآلاف الأنواع. كما تُخفّض أشجار المانغروف من سرعة وشدة الأمواج والعواصف.

رغم مظهرها ونموها بالمناطق الضحلة، فإن الخصائص البيئية لأشجار المانغروف لا تقدر بثمن (رويترز)

كنز بيئي
تشير الدراسات إلى أن أشجار المانغروف من أكثر الموارد الطبيعية كفاءة في التقاط الكربون وتخزينه، بفضل نموها السنوي السريع.

فخلال عملية التمثيل الضوئي، تمتص أشجار المانغروف كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون والماء من الغلاف الجوي لإنتاج الغلوكوز، الذي يُغذي نمو الأوراق والسيقان والجذور. ويُخزن معظم الكربون في تربة مغمورة بالمياه، تفتقر إلى الأكسجين.

تتحلل النباتات ببطء أكبر بدون الأكسجين، ما يسمح للكربون بالبقاء مخزنا في المواد النباتية لمئات أو حتى آلاف السنين.

إعلان

وتشير التقديرات إلى أن غابات المانغروف تُخزّن أكثر من 6.4 مليارات طن من الكربون، أي ما يعادل 4.5 أضعاف الكربون السنوي الذي ينبعث من الاقتصاد الأميركي بأكمله.

كما تُشكّل أشجار المانغروف حاجزا واقيا للسواحل من المخاطر الطبيعية، بما فيها العواصف وأمواج تسونامي والتعرية. تُخفّض جذورها الكثيفة سرعة الأمواج وارتفاعها، مما يُقلّل من الأضرار والآثار الناجمة عن الفيضانات الناجمة عن العواصف.

وأظهر تقريرٌ صدر عام 2023 عن منظمة الحفاظ على الطبيعة وجامعة كامبردج أن حتى غابات المانغروف الصغيرة والناشئة يمكن أن تُوفر فوائد دفاعية ساحلية جمة.

وخلصت الدراسة إلى أن 100 متر فقط من غابات المانغروف يمكن أن تُقلل ارتفاع الأمواج بنسبة تترواح بين 13% و66%، بينما يلزم مئات الأمتار منها لتقليل عمق فيضان تسونامي بنسبة من 5% إلى30%، وآلاف الأمتار للحد من آثار الفيضانات بفعالية.

تعتبر غابات المانغروف موطنا حيويا للنباتات والحيوانات، حيث يعتمد أكثر من 1500 نوع من النباتات والحيوانات على أشجارها موطنا وغذاء وحماية من الحيوانات المفترسة. وتشمل هذه الأنواع أكثر من 200 نوع مهدد بالانقراض.

كما أنها أشجار عاسلة تنتج عسلا ذا قيمة غذائية عالية، وتدخل في صناعة الصبغات والمستحضرات، كما تعتبر مناطق جذب بيئي وسياحي وعلمي.

ووجدت دراسة أُجريت عام 2020 أن أشجار المانغروف تُوفر أكثر من 65 مليار دولار سنويا فوائد للحماية من الفيضانات العالمية. كما وجدت الدراسة أن 15 مليون شخص إضافي سيتعرضون للفيضانات سنويا في جميع أنحاء العالم إذا فُقدت أشجار المانغروف تماما.

يتخذ أكثر من 1500 نوع من النباتات والحيوانات أشجار المانغروف موطنا وغذاء وحماية (أسوشيتد برس) (AP)

تُعتبر أشجار المانغروف من أكثر الموائل المهددة بالانقراض في العالم. وقد ساهمت تربية الأحياء المائية، وإزالة الغابات، وتنمية السواحل، وحصاد الأخشاب في فقدان ما يقرب من 50% من أشجار المانغروف في العالم على مدار الـ50 عاما مضت.

إعلان

تُعدّ تربية الأحياء المائية، وبالأخص تربية الروبيان، العامل الرئيسي في فقدان أشجار المانغروف، حيث تُمثّل 26% من تناقص أشجار المانغروف عالميا بين عامي 2000 و2020.

تتطلب تربية الروبيان إزالة آلاف الهكتارات لإنشاء أحواض اصطناعية لتربية الروبيان. تعمل مزارع الروبيان عادةً مدة تتراوح بين عامين وخمسة أعوام فقط، وتوفر وظائف مؤقتة منخفضة الأجر للمجتمعات المحلية، وتخلّف وراءها بيئةً ملوثةً ومتدهورةً وغير خصبة، لا تصلح لأي نوع من الزراعة.

كما تزال أشجار المانغروف أيضًا لصالح محاصيل أكثر ربحية، بما فيها الأرز ونخيل الزيت. وتعد إندونيسيا، موطن أكثر من 20% من أشجار المانغروف في العالم، هي أيضًا الرائدة عالميًا في إزالة غابات المانغروف.

أُزيلت نحو 1739 كيلومترا مربعا من مساحة المانغروف بين عامي 1996 و2020 لإفساح المجال لمزارع زيت النخيل والتنمية الساحلية في إندونيسيا. كما أن إزالة أشجار المانغروف لزراعة الأرز منتشرة على نطاق واسع في جنوب شرق آسيا، وقد مثّلت 13% من إجمالي الخسائر عالميا بحلول عام 2024.

على الصعيد العالمي، يعتبر أكثر من 50% من مناطق أشجار المانغروف المتبقية مهددة بالتأثيرات البشرية وعرضة للتأثيرات المرتبطة بتغير المناخ، بما فيها العواصف الأكثر تكرارا وشدة وارتفاع مستوى سطح البحر.

مقابل المخاطر التي تتهدد غابات المانغروف تبرز جهود محلية ودولية للحفاظ عليها (أسوشيتد برس) (AP)

جهود الإنقاذ
لقد تزايد العمل العالمي للحفاظ على أشجار المانغروف واستعادتها في السنوات الأخيرة. يتضمن إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي، الذي اعتمدته 196 دولة عام 2022، تعهدًا بضمان استعادة 30% على الأقل من مناطق النظم البيئية الساحلية المتدهورة بفعالية بحلول عام 2030.

ويُدرج أحدث تقرير تقييمي للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) حماية واستعادة النظم البيئية للكربون الأزرق، بما فيها أشجار المانغروف، كإجراءات أساسية لتعزيز التخفيف من آثار تغير المناخ العالمي والتكيف معه.

إعلان

ودعا التحالف العالمي للمانغروف، الذي يضم منظمات بيئية رئيسية غير ربحية، إلى مضاعفة نسبة أشجار المانغروف المتبقية المحمية من 40% إلى 80% بحلول عام 2030 .

كما أطلق الصندوق العالمي للحياة البرية مبادرة "أشجار المانغروف من أجل المجتمع والمناخ" عام 2018 بهدف حماية نحو 9 ملايين كيلومتر مربع من أشجار المانغروف في المكسيك ومدغشقر وفيجي وكولومبيا، وترميمها، وتعزيز إدارتها.

ويهدف المشروع إلى تأمين ملياري طن من الكربون، وحماية 300 ألف شخص من العواصف وتآكل السواحل.

وتتسابق مبادرات الحفاظ على المانغروف وحمايتها لتعزير قدرة المناطق الساحلية على التكيف مع تغير المناخ واحتجاز الكربون عالميًا، مع النزعات الاستهلاكية والتوسع العمراني والمشاريع الساحلية العملاقة التي لا تلتزم بضرورات التنمية المستدامة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحج حريات طبيعة وتنوع غابات المانغروف المانغروف ت بما فیها أکثر من

إقرأ أيضاً:

مشروع لإنتاج الغاز الحيوي وغاز ثاني أكسيد الكربون الحيوي في سلطنة عُمان

العُمانية: وقّعت الشركة العُمانية القابضة لخدمات البيئة "بيئة" وشركة أوكيو للمتاجرة اتفاقية تعاون تهدف إلى تطوير مشروع وطني يُركّز على إنتاج الغاز الحيوي (الميثان الحيوي) وغاز ثاني أكسيد الكربون الحيوي، وذلك من خلال معالجة النفايات العضوية في المرادم والمرافق الحيوية المستقبلية التي تُشرف "بيئة" على إدارتها.

ويهدف هذا التعاون إلى تحويل التحديات البيئية إلى فرص اقتصادية واعدة، من خلال استغلال ما يقارب 20 مليون متر مكعب من الغاز الحيوي، الذي يُستخلص من هذه المواقع، ويتكوّن بشكل تقريبي من 40 بالمائة من البيوميثان القابل للاستخدام كوقود متجدد، و60 بالمائة من غاز ثاني أكسيد الكربون الحيوي القابل للتطبيق في عدد من الاستخدامات الصناعية المستدامة.

وتضع الاتفاقية خارطة طريق لإجراء دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية، وتقييم البنية الأساسية المطلوبة، بالإضافة إلى دراسة فرص التسويق التجاري للمنتجات المستخلصة من المشروع، بما يسهم في توفير فرص استثمارية محلية واعدة تدعم أهداف رؤية "عُمان 2040".

وأكدت الشركتان على أن هذا التعاون يجسد نموذجًا متكاملًا للشراكة بين المؤسسات الوطنية في مجالي الطاقة والبيئة، حيث يجمع بين خبرات "بيئة" في إدارة النفايات والموارد، وقدرات "أوكيو للمتاجرة" في مجالات الطاقة العالمية، مما يعزز مكانة سلطنة عُمان كمركز إقليمي للطاقة النظيفة.

وأوضح المهندس طارق بن علي العامري، الرئيس التنفيذي لشركة "بيئة" أن المشروع يمثل محطة جديدة في مسار الشركة نحو استرداد الطاقة من النفايات العضوية بطرق مستدامة، حيث تعمل على تحويل التحديات البيئية إلى فرص تنموية واقتصادية.

وأضاف أن إنتاج واستخدام الغاز الحيوي وغاز ثاني أكسيد الكربون الحيوي من مرافق شركة "بيئة" سيسهم في تقليل الانبعاثات، ويدعم أهداف سلطنة عُمان لتحقيق الحياد الصفري، كما يعزز من كفاءة إدارة النفايات ويُسهم في توفير مصادر بديلة للطاقة.

من جانبه قال سعيد بن طالب المعولي، المدير التنفيذي للشرق الأوسط في شركة أوكيو للمتاجرة إن المشروع يُعد فرصة جذابة لتنويع مصادر الطاقة في سلطنة عُمان، بما يتماشى مع تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، ومع التوجهات العالمية نحو حلول طاقة مستدامة ومنخفضة الكربون، معتبرًا أن هذه المبادرة هي نواة استراتيجية تُحفز على المزيد من الاستثمارات في تحويل النفايات إلى طاقة، وتُسهم في تعزيز سلسلة القيمة للطاقة النظيفة بشكل عام.

مقالات مشابهة

  • شيخة الظاهري: أبوظبي في طليعة الجهود العالمية للحد من التغير المناخي
  • ابتكار محفز نانوي يحول ثاني أكسيد الكربون إلى كحول
  • الولايات المتحدة.. مخلوق غريب يثير الذعر في غابات كولورادو.. رصد الكائن الأسطوري “بيغ فوت”(فيديو)
  • التحطيب بديلاً.. غابات لبنان تسقط ضحية أزمة الطاقة
  • مشروع لإنتاج "الميثان الحيوي" وغاز ثاني أكسيد الكربون الحيوي
  • حريق بواحة "أفرا" يأتي على أكثر من 3 هكتارات من أشجار النخيل في إقليم طاطا
  • مشروع لإنتاج الغاز الحيوي وغاز ثاني أكسيد الكربون الحيوي في سلطنة عُمان
  • وزير البيئة والتغير المناخي: دولة قطر تعزز دورها العالمي في مواجهة التحديات البيئية ودعم التنمية المستدامة
  • عضو الاتحاد السكندري: محمد مصيلحي لا غبار عليه.. ويتعرض للهجوم لهذا السبب