وسط أجواء إقليمية مشحونة ومفاوضات نووية متعثرة، وجّهت إيران تحذيراً صارماً إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية والدول الغربية من مغبة اتخاذ “إجراءات مسيّسة”، مؤكدة أن أي تحرك بهذا الاتجاه قد يُقوّض تعاونها مع الوكالة الدولية ويهدد المسار الدبلوماسي برمّته.

وقال مساعد وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي، عبر منصة “إكس”، إنه عقد سلسلة لقاءات مع سفراء 17 دولة من أعضاء مجلس محافظي الوكالة، بالإضافة إلى ممثلي روسيا والصين وألمانيا وبريطانيا وفرنسا، لشرح موقف إيران من تقرير الوكالة الأخير وجدول أعمال اجتماع مجلس المحافظين.

وشدد آبادي على أن “إيران عضو ملتزم بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وتنفذ اتفاقية الضمانات الشاملة”، ملوحاً في الوقت ذاته بأن استمرار التعاون مع الوكالة “لا يمكن أن يُفترض أنه مضمون” في ظل ما وصفه بالضغوط والتهديدات.

وأكد أن إيران لم توقف عمليات المراقبة ولا تنفيذ التزاماتها رغم اغتيال علمائها النوويين وتعرض منشآتها للتخريب والتهديدات الإسرائيلية، لكن “هذا الوضع لا يمكن أن يستمر إذا استمرت السياسات العدائية”، حسب تعبيره.

في موازاة ذلك، جدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي موقف بلاده الحازم بشأن “الحق في تخصيب اليورانيوم داخل الأراضي الإيرانية”، معتبراً أن هذا الأمر يمثل “خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه”، وذلك خلال مراسم توقيع كتابه الجديد “قوة التفاوض” في بيروت.

وقال عراقجي إن المقترح الأميركي بشأن الاتفاق النووي “يعاني من الغموض”، وإن طهران ستقدم ردها خلال أيام، بما ينسجم مع مصالحها الوطنية.

ترامب يتمسك برفض التخصيب

على الجهة المقابلة، أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أن أي اتفاق جديد لن يسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم “تحت أي شكل أو مستوى”، مضيفاً على منصته “تروث سوشال”: “كان يجب منع إيران من التخصيب منذ سنوات، والاتفاق المحتمل لن يسمح لها بذلك إطلاقاً”.

ويأتي هذا التصريح رداً على تقارير أميركية أفادت بأن المقترح المطروح قد يتيح لإيران تخصيب اليورانيوم بمستوى منخفض ولفترة غير محددة، وهو ما نفاه ترامب بشدة.

طهران تطرح فكرة “اتحاد إقليمي” للتخصيب داخل أراضيها

وفي تطور لافت، نقل موقع “أكسيوس” عن مسؤول إيراني كبير، أن طهران منفتحة على فكرة تشكيل “اتحاد إقليمي لتخصيب اليورانيوم”، شرط أن يكون مقره داخل إيران، محذّراً من أن أي محاولة لإقامة هذا الكيان خارج حدودها “محكوم عليها بالفشل”.

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، من جهته، أكد في مقابلة متلفزة أن بلاده لا تسعى لامتلاك أسلحة نووية التزاماً بفتوى المرشد الأعلى، لكنه شدد على أن تخصيب اليورانيوم لأغراض طبية وصناعية وزراعية “حق سيادي لا يمكن التخلي عنه”، مضيفاً:”لن نستسلم لأي مطلب بوقف التخصيب.. إنه فخر الجمهورية الإسلامية”.

زيارة رمزية وتأكيد على “حتمية الهزيمة الإسرائيلية”

في سياق مرتبط بالموقف الإقليمي، زار عباس عراقجي ضريح الأمين العام الأسبق لحزب الله، حسن نصر الله، الذي قُتل في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت في سبتمبر 2024، وأكد أن “دماء نصر الله تضمن انتصار محور المقاومة”.

وتأتي هذه الزيارة وسط استمرار الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان، رغم اتفاق وقف إطلاق النار، ما يعكس هشاشة الاستقرار ويزيد من المخاوف حول انفجار واسع في المنطقة.

إلى ذلك، أكد المرشد الإيراني علي خامنئي، اليوم الأربعاء، أن المقترح الأمريكي في المحادثات الأخيرة بشأن الاتفاق النووي يتعارض بشكل كامل مع مبدأ السيادة الإيرانية، مشددًا على أن إيران لن تتخلى عن حقها في تخصيب اليورانيوم.

وأضاف خامنئي أن إيران وصلت بجهود أبنائها إلى مرحلة إنتاج الوقود النووي، وأن البرنامج النووي لا يقتصر على إنتاج الطاقة فقط بل يشمل استخدامات تقنية متعددة.

مفاوضات متعثرة وآمال هشة

يشار إلى أن المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة بدأت في أبريل الماضي في مسقط، وشهدت خمس جولات بين سلطنة عمان وروما، دون تحقيق اختراق يُذكر، وسط تباعد في المواقف بشأن قضايا التخصيب ورفع العقوبات.

وتبقى الآمال معلقة على جلسة مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المرتقبة، حيث من المتوقع أن تشهد نقاشاً محتدماً حول المسار النووي الإيراني، بين دعوات إلى ضبط النفس، ومطالب بقرارات أكثر صرامة.

فالمشهد النووي بين طهران وواشنطن دخل مرحلة دقيقة، حيث تتقاطع الحسابات النووية مع التوترات الإقليمية، وسط تحدٍ مفتوح على أكثر من جبهة: دبلوماسية، وأمنية، وحتى رمزية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: أمريكا إيران إيران وأمريكا إيران وإسرائيل المفاوضات النووية دونالد ترامب تخصیب الیورانیوم لا یمکن

إقرأ أيضاً:

خلال جولة في لبنان.. وزير الخارجية الإيراني: تخصيب اليورانيوم خط أحمر

أعلن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، خلال زيارته إلى لبنان، أن المقترح الأميركي الجديد بشأن البرنامج النووي الإيراني، الذي سُلِّم عبر الوسيط العُماني، يتضمن نقاطاً "ملتبسة وغير واضحة". اعلان

أعلن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، خلال زيارته إلى لبنان، أن بلاده تسلّمت عبر الوسيط العُماني اقتراحاً أميركياً جديداً بشأن البرنامج النووي الإيراني، إلا أنه شدد على أن الوثيقة تتضمن "نقاطاً ملتبسة" وتفتقر إلى الوضوح في العديد من بنودها.

وقال عراقجي: "الاقتراح المكتوب الذي وصلنا من الولايات المتحدة يحتوي على العديد من الأسئلة والعناصر غير الواضحة، وسندرسه بدقة قبل الرد عليه انطلاقاً من مواقفنا المبدئية ومصالح الشعب الإيراني".

وأكد عراقجي أن حق طهران في تخصيب اليورانيوم داخل أراضيها "غير قابل للنقاش"، مشيراً إلى أن هذا الملف يُعد "خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه".

وفي الشأن اللبناني، أوضح عراقجي أنه أجرى لقاءات وصفها بـ"المثمرة للغاية" مع كبار المسؤولين اللبنانيين، بينهم رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس النواب، ووزير الخارجية، مشدداً على متانة العلاقات بين إيران ولبنان. وقال: "نحن مصممون على مواصلة هذه العلاقات الطيبة في ظل المتغيرات الراهنة".

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يحظى بالترحيب قبل لقائه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في بيروت، لبنان، الثلاثاء 3 يونيو/حزيران 2025. AP Photo

كما جدد دعم إيران الكامل لاستقلال لبنان وسيادته ووحدة أراضيه، قائلاً: "نتطلع إلى علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، ونرفض أي تدخل في الشؤون الداخلية لأي من الطرفين".

Relatedعراقجي يرد على تصريحات نتنياهو: أي هجوم إسرائيلي على القدرات النووية الإيرانية سيُقابل برد مماثل"لا يحقق مصالح طهران".. إيران تتّجه لرفض المقترح الأميركي بشأن برنامجها النووي"حاميها حراميها".. كيف تجنّد إيران جواسيس إسرائيليين من داخل الدولة العبرية؟

وقال عراقجي: "نرفض احتلال أجزاء من الأراضي اللبنانية من قبل الكيان الصهيوني، وندعم كل الجهود الدبلوماسية والسياسية التي تبذلها الحكومة والشعب اللبناني لإنهاء هذا الاحتلال". وأضاف أن إيران مستعدة لدعم لبنان في ملف إعادة الإعمار والإصلاح الاقتصادي، موضحاً أن الشركات الإيرانية جاهزة للمشاركة، إذا ما رغبت الحكومة اللبنانية في ذلك.

كما أكد دعم طهران للحوار الوطني اللبناني قائلاً: "نؤيد الوفاق الوطني والحوار بين مختلف الأطياف اللبنانية، ولا يحق لأي دولة التدخل في هذا المسار الذي يخص اللبنانيين وحدهم".

وفي تصريح لافت أدلى به من أمام ضريح الأمين العام الراحل لحزب الله، حسن نصرالله، وصف عراقجي نصرالله بـ"البطل المبارك الذي ناضل ضد الاحتلال الصهيوني وحقق إنجازات كبرى للبنان". وأضاف: "استشهاد السيد نصرالله سيزيد من قوة المقاومة، فالمقاومة حيّة، والشهيد حيّ، ودماؤه ستعزز عزيمتها أكثر من أي وقت مضى".

على المقلب الآخر، جدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفضه المطلق لأي صيغة اتفاق نووي تسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم. وقال عبر منصته الخاصة "تروث سوشل": "لن نسمح بأي مستوى من تخصيب اليورانيوم بموجب الاتفاق الجديد، إذا تم التوصل إليه".

وكان موقع "أكسيوس" قد كشف أن المقترح الأميركي الأخير المقدم لطهران يفتح الباب أمام تخصيب محدود لليورانيوم، وهو ما يتعارض مع الموقف التقليدي لإدارة ترامب الرافض لهذا الخيار بشكل قاطع.

يُذكر أن الجولة الخامسة من المحادثات بين طهران وواشنطن اختتمت في 23 أيار/مايو في العاصمة الإيطالية روما، وسط أجواء من التوتر وعدم اليقين. ورغم إعلان مسؤول أميركي عن نية عقد جولة مقبلة، أفادت مصادر مطلعة أن هذا الأمر "غير مؤكد وقد لا يتحقق إطلاقاً".

وتستمر الدول الغربية وإسرائيل في التشكيك في أهداف البرنامج النووي الإيراني، متهمة طهران بالسعي إلى تطوير سلاح نووي، وهو ما تنفيه الأخيرة بشكل قاطع، مؤكدة أن أنشطتها النووية محصورة في الأغراض المدنية. وتُعد إيران، بحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الدولة غير النووية الوحيدة التي تخصّب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • إيران ترفض التخلي عن أنشطة تخصيب اليورانيوم
  • أكد مواصلة التخصيب.. خامنئي يرفض المقترح النووي الأمريكي
  • السيد الخامنئي: تخصيب اليورانيوم جزء أساسي من برنامجنا النووي ولن نتخلى عنه
  • إيران: لا اتفاق ومفاوضات دون تخصيب اليورانيوم
  • المرشد الإيراني: طهران لن تتخلى عن تخصيب اليورانيوم
  • خامنئي: المقترح الأميركي بشأن النووي الإيراني يتعارض مع مصالحنا الوطنية
  • عاجل. خامنئي: لا قيمة للبرنامج النووي دون عملية التخصيب ونحن لن نتخلى عن تخصيب اليورانيوم
  • الوكالة الدولية تحذر: لا يوجد ضمانات على سلمية البرنامج النووي الإيراني
  • خلال جولة في لبنان.. وزير الخارجية الإيراني: تخصيب اليورانيوم خط أحمر