كيف يتطهَّر رائد الفضاء ليتمكن من أداء الصلاة؟.. دار الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 7th, June 2025 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول صاحبه (كيف يتطهَّر رائد الفضاء وهو في الفضاء الخارجي، حتى يمكنه أداء الصلاة؟
وقالت دار الإفتاء في إجابتها على سؤال: كيف يتطهَّر رائد الفضاء ليتمكن من أداء الصلاة؟ إنه إنّ تطهُّر رائد الفضاء يختلف باختلاف حاله، فإن قدر على استعمال الماء بأن كان واجدًا له فائضًا عن حاجته قادرًا على وضع قطرات الماء على أعضاء الوضوء أو الاغتسال بحيث تغمرها؛ لزمه التطهُّر به بإمراره على الأعضاء.
وتابعت دار الإفتاء: وإن عجز عن استعمال الماء لاحتياجه إليه، أو كان فائضًا عن حاجته لكن تعذر غمر الأعضاء بقطرات الماء وجريانه عليها لزمه التيمم، بضرب باطن كفيه ضربتين على أي شيء وجد معه من جنس الأرض مما تيسر له؛ كالتراب الطاهر أو الحجر أو غيرهما، ويمسح بالضربة الأولى وجهه، وبالثانية: يديه إلى المرفقين، وإن تعذر عليه كل ذلك صلى بحسب حاله دون تطهر، وصلاته صحيحة، ولا تلزمه إعادتها.
كيفية طهارة رائد الفضاءوذكرت دار الإفتاء، أنه بخصوص كيفية طهارة رائد الفضاء من الحدثين الأصغر والأكبر حتى يؤدي الصلاة، وما يلقاه في عالم الفضاء من اختلال القوانين الفيزيائية والطبيعية، فإنه لا يخرج عن أحوال ثلاث:
الحالة الأولى: أن يكون واجدًا للماء، فائضًا عن حاجته، قادرًا على وضع قطرات الماء على أعضاء الوضوء بحيث تغمرها، وحينئذٍ تلزمه الطهارة بالماء، ولا يضره عدم جريان الماء بنفسه أو تقطيره وانفصاله عن الأعضاء، بسبب فقدان الجاذبية وانخفاض كثافة الهواء؛ إذ العبرة في صحة الطهارة إيصال الماء إلى الأعضاء وجريانه عليها وغمره لها ولو بفعل الإنسان نفسه، كما هو قول جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة وأبي يوسف من الحنفية، خلافًا للحنفية في ظاهر الرواية الذين ذهبوا إلى اشتراط التقطير والانفصال.
ولزوم الطهارة باستعمال الماء حينئذ؛ لأنها الأصل، ولا يُنتقل عن الأصل إلى البدل وهو التيمم إلا في حالة العجز عن استعمال الماء بفقده أو عدم القدرة على استعماله، فلما وجده وقدر على استعماله كان ذلك هو الأصل الذي عليه العمل به.
يدل على ذلك ما أخرجه الدَّارَقُطْنِي والبَيْهَقِي عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وُضُوءُ الْمُسْلِمِ وَلَوْ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ فَإِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ فَأَمْسِسْهُ جِلْدَكَ فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ».
الحالة الثانية: أن يكون الماء موجودًا لكنه ليس فائضًا عن حاجة رائد الفضاء، أو كان فائضًا عن حاجته لكن تعذر غمر الأعضاء به وجريانه عليها؛ لتناثر قطرات الماء وعدم ثباتها على الأعضاء، ولا يمكن إيصالها إلى الأعضاء إلا من خلال قطعة من القماش (فوطة) يمسح بها الرائد على الأعضاء، فحينئذ يلزمه التيمم؛ لعموم قوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [المائدة: 6]، ولأن إيصال البلل إلى الأعضاء بالقماش (الفوطة) يعدُّ من قبيل المسح لا الغسل، وشرط صحة الطهارة بالماء غسل ما يجب غسله من الأعضاء، فإذا تعذر الغسل وجب التيمم.
الحالة الثالثة: أن يعجز عن استعمال الماء والتيمم، وحكمه حينئذٍ حكم فاقد الطهورين [الماء، والصعيد الطاهر].
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: رائد الفضاء استعمال الماء ر رائد الفضاء دار الإفتاء
إقرأ أيضاً:
هل يعتبر موتى حوادث الطرق من الشهداء؟.. الإفتاء تجيب
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: هل يعتبر موتى حوادث الطرق من الشهداء؟
وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: الشخص الذي يموت في حوادث الطرق والسير وبسبب الإصابات الناجمة عنها معدودٌ من شهداء الآخرة، وذلك بشرط عدم التفريط في الاحتراز باتخاذ وسائل الوقاية والأمان المقررة، وعدم الزج بنفسه في الحادث بقصد التخلص من الحياة، وإلا فأمره مفوضٌ إلى مولاه عزَّ وجلَّ.
فضل الشهادة في الإسلام
امتنَّ الله تعالى على الأمة المحمدية بتعدُّد أسباب الشهادة وكثرة خصالها وعلو منازلها وتفاوت درجاتها رحمةً وتفضلًا على مَن اختصهم بها وجعلهم مِن أهلها؛ فعن الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ: يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دُفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ، وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَيَأْمَنُ مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ، وَيُحَلَّى حُلَّةَ الْإِيمَانِ، وَيُزَوَّجُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ إِنْسَانًا مِنْ أَقَارِبِهِ» أخرجه الإمام أحمد، وابن ماجه -واللفظ له-.
بيان أسباب الشهادة والمراد بشهيد الآخرة
قد وردت جملة كبيرة من الأحاديث والآثار في بيان أسباب الشهادة وذِكْرها، منها: ما جاء في حديث جابر بن عتيك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سأل من كان حاضرًا وقت وفاة عبد الله بن ثابت رضي الله عنه: «مَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ؟» قَالُوا: الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللهِ، قَالَ: «الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللهِ: الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ، وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ الْحَرِيقِ شَهِيدٌ، وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدَةٌ» أخرجه الإمام مالك في "الموطأ"، والإمام أحمد -واللفظ له-، وأبو داود والنسائي.
واتفقت كلمة العلماء وشراح السُّنَّة النبوية المطهرة على أن المراد بـ"الشهادة" الواردة في هذا الحديث الشريف وأمثاله من الأحاديث والآثار ما أطلق على صاحبها "شهيد الآخرة"، بمعنى أن الذي مات بأحد هذه الموتات المذكورات له مثل أجر الشهيد في الآخرة فقط، فهو كالشهيد حقيقةً عند الله تعالى في وُفور الأجر وعظيم الثواب دون أن تجري عليه أحكام الشهيد حقيقةً في الدنيا، ولهذا يُغسَّل ويُكفَّن كسائر الموتى.
قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (13/ 63، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال العلماء: المراد بشهادة هؤلاء كلهم غير المقتول في سبيل الله أنهم يكون لهم في الآخرة ثواب الشهداء، وأما في الدنيا فيُغَسَّلون ويُصلَّى عليهم] اهـ.
وقال الحافظ بدر الدين العَينِي في "شرح سنن أبي داود" (6/ 29، ط. مكتبة الرشد): [هؤلاء كالشهداء حقيقةً عند الله تعالى في وُفور الأجر، ولهذا يُغسَّلون ويُكفَّنون كسائر الموتى، بخلاف الشهيد الحقيقي، وهو الذي قُتل ظلمًا، ولم تجب بقتله دية، أو وُجد في المعركة قتيلًا] اهـ.
هل يعتبر من يموت بحوادث الطريق من الشهداء؟
تدور أسباب الشهادة الواردة في الأحاديث على تنوعها حول معنى واحد، وهو المرض مع شدة فيه أو كثرة ألم، مع ظهور تحرُّز الأشخاص المصابين بها قبل موتهم من خلال اتباع أساليب الأمان وعدم الإهمال في أسباب وأدوات الوقاية من خطر الإصابة قبل حدوثها، وخصوصًا في حالات الغرق أو الحرق أو الهدم، وإلا لحقهم إثم التقصير في التحرز.
قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (13/ 63، ط. دار إحياء التراث العربي): [وقد قال العلماء: وإنما كانت هذه الموتات شهادة بتفَضُّل الله تعالى بسبب شِدَّتها وكثرة ألَمِهَا] اهـ.
ويتحقق هذا المعنى في حالات وفيات حوادث الطرق والسير سواء كانت الوفاة على الفور من وقوع الحادث أو حال تطور الإصابة الناجمة عن الحادث؛ وذلك لأن المُشاهدة تقضي بأن المتوفَّين بسبب ذلك أن الحادث أصابهم بقضاء الله وقدره ولم يلقوا بأنفسهم فيه على سبيل القصد والتخلص من الحياة، ولم يُفَرطوا في التحرز باتخاذ وسائل الأمان، وهذا بحسب الغالب، ومن ثَمَّ فلا تخلو -في الجملة- حالة من حالاتها من وجود سبب من أسباب الشهادة الواردة في السُّنَّة النبوية المطهرة؛ بل قد تجتمع في بعض الأحوال، فيُزاد في الأجر والثواب على تعدد الأسباب وتنوع الخصال؛ فـ"كلُّ مَن كثر أسباب شهادته زِيدَ له في فتح أبواب سعادته" كما قال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (3/ 1132، ط. دار الفكر).
وهذا كله مشروط بكون هذا الشخص المتوفَّى قد أصابه الحادث بقضاء الله وقدره ولم يُلقِ بنفسه فيه على سبيل التخلص من الحياة، ولم يُفَرط في التحرز عنه باتخاذ وسائل الوقاية والأمان ومعايير السلامة المقررة في هذا الشأن.وأكدت بناءً على ذلك: ان الشخص الذي يموت في حوادث الطرق والسير وبسبب الإصابات الناجمة عنها معدودٌ من شهداء الآخرة، وذلك بشرط عدم التفريط في الاحتراز باتخاذ وسائل الوقاية والأمان المقررة، وعدم الزج بنفسه في الحادث بقصد التخلص من الحياة، وإلا فأمره مفوضٌ إلى مولاه عزَّ وجلَّ.