صراحة نيوز ـ بقلم: د. محمد عبد الستار جرادات

تأهل المنتخب الوطني الأردني إلى نهائيات كأس العالم، لأول مرة في تاريخه، ليس مجرد حدث رياضي عابر، بل محطة مفصلية في مسيرة الوطن، تحمل أبعاداً وطنية واقتصادية وإعلامية تستحق التوقف عندها بتمعّن. فالحدث، بما يحمله من رمزية وعمق، يتجاوز حدود الملعب إلى فضاءات أوسع تمس الهوية والانتماء، كما تمس فرص النمو والترويج والمكانة الدولية للأردن.

لم يكن هذا الإنجاز ليُكتب لولا الرعاية الهاشمية المستمرة للرياضة والشباب، فقد أولى جلالة الملك عبد الله الثاني منذ سنوات اهتمامًا خاصًا بتطوير البنية التحتية الرياضية، ودعم المنتخبات الوطنية، والتأكيد على دور الرياضة كأداة لتوحيد الأردنيين وبناء روح الفريق. كما شكّل الحضور المتكرر لسمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني لمباريات المنتخب، وتشجيعه العلني للفريق عبر مواقع التواصل ووسائل الإعلام، دفعة معنوية كبيرة ليس فقط للاعبين، بل لكل الشباب الأردني الذي يرى في ولي عهده قدوة قريبة وواقعية.

ولا يمكن فصل هذا الإنجاز عن الجهد المتواصل الذي قاده سمو الأمير علي بن الحسين، رئيس الاتحاد الأردني لكرة القدم، الذي أسس خلال العقدين الماضيين لنهج مؤسسي متوازن، يقوم على بناء القاعدة الرياضية، وتحديث البنية التنظيمية للاتحاد، والعمل على استقطاب الكفاءات الفنية، وخلق منظومة مستدامة من الدعم والرعاية.

لكن الإنجاز الرياضي، على أهميته الرمزية، يفتح كذلك نوافذ جديدة أمام الأردن اقتصاديًا واستثماريًا. فالمشاركة في كأس العالم تمثل أحد أكبر المنصات العالمية للظهور الإعلامي والتجاري. وتقديرات الفيفا تشير إلى أن أكثر من خمسة مليارات شخص تابعوا مباريات النسخة الأخيرة من كأس العالم. هذا يعني أن اسم “الأردن” سيُذكر، وسيرفرف علمه، وستُعرض لقطاته، وسيُسمع نشيده الوطني، في بيوت وملاعب وقنوات حول العالم.

وهنا تبرز أهمية استثمار هذا الإنجاز، لا كفرحة لحظية، بل كمنصة وطنية شاملة لإعادة الترويج للأردن كمقصد سياحي آمن، وكبيئة استثمارية واعدة، وكدولة شباب وطموح واستقرار. فكل دقيقة يظهر فيها اسم الأردن خلال كأس العالم، يمكن أن تُترجم إلى فرص حقيقية في السياحة، وتجارة المنتجات الوطنية، واستقطاب المستثمرين، والترويج للثقافة الأردنية المتنوعة.

لكن هذا الاستحقاق التاريخي لا يمكن فصله عن النقاش الأوسع حول مستقبل الرياضة الأردنية، والضرورة الملحة لإصلاح هيكلي عميق في مؤسساتها، بدءًا من الأندية التي ما زال معظمها يعاني من أزمات إدارية ومالية مزمنة. في هذا السياق، تأتي دعوة سمو ولي العهد الواضحة نحو خصخصة الأندية الرياضية، باعتبارها خطوة ضرورية لتحويل الأندية من كيانات تقليدية إلى شركات رياضية احترافية، تخضع لحوكمة مالية، وتستقطب رؤوس الأموال، وتوفر فرص عمل، وتحقق عائدًا اقتصاديًا حقيقيًا ضمن ما يسمى بـ”الاقتصاد الرياضي”.

وللتوضيح الخصخصة لا تعني بيع الأندية، بل تعني إدارتها بكفاءة، وفتحها أمام القطاع الخاص والشراكات الذكية، وربط أدائها بالمحاسبة والنتائج. وقد أثبتت التجارب العالمية أن الرياضة يمكن أن تتحول إلى صناعة قائمة بذاتها، تدرّ المليارات، إذا ما وُضعت في إطار تشريعي وتنظيمي متين.

وفي هذا السياق، من الضروري أيضًا أن تواكب الحكومة هذا الحدث بخطة وطنية واضحة، تبدأ بإطلاق فعاليات جماهيرية على مستوى المملكة، تشمل البث المباشر للمباريات في الساحات العامة، وتنظيم مهرجانات رياضية، وتحفيز المؤسسات التعليمية والثقافية على المشاركة، وصولاً إلى حملات إعلامية موجهة إقليميًا ودوليًا، تروي قصة الأردن من خلال منتخب وطنه.

كما إن تأهل الأردن إلى كأس العالم ليس مجرد قصة نجاح رياضي، إنها قصة تروى للعالم، قصة بلد صغير في مساحته، كبير في طموحخ، يقةده ملك حكيم وشاب واعد، ويعانقه شعب لا يتوقف عن الحلم، وهي فرصة تاريخية لإعادة تقديم الأردن للعالم بلغة حديثة، وضمن سردية الإنجاز والانفتاح والاستقرار. ويجب استثمار هذا الحدث، بروح مؤسسية وعقلية اقتصادية، ليكون هذا التأهل محطة انطلاق نحو مستقبل جديد، تتقاطع فيه الرياضة مع الاقتصاد، والانتماء مع التنمية، والحلم مع الفعل.

ختامًا، لا يسعنا إلا أن نحيّي منتخبنا الوطني، لاعبين وجهازًا فنيًا وإداريًا، على ما قدّموه من أداء مشرّف وحضور يليق بالأردن. ونقول لهم: لقد كنتم على قدر الحلم، وكتبتم فصلًا جديدًا في قصة الوطن. فلتستمروا بالعطاء والعزيمة، فالمشوار لم ينتهِ، والعالم الآن يرى الأردن بعيون جديدة

المصدر: صراحة نيوز

كلمات دلالية: اخبار الاردن عرض المزيد الوفيات عرض المزيد أقلام عرض المزيد مال وأعمال عرض المزيد عربي ودولي عرض المزيد منوعات عرض المزيد الشباب والرياضة عرض المزيد تعليم و جامعات في الصميم ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي تعليم و جامعات منوعات الشباب والرياضة ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام أقلام کأس العالم

إقرأ أيضاً:

سلام أبو الهيجاء.. أول مرشحة أردنية لرحلة فضائية تاريخية

#سواليف

أعلنت #المهندسة_سلام_أبو_الهيجاء رسميًا عن اختيارها كأول #مرشحة #رائدة_فضاء أردنية، للانضمام إلى #برنامج_تدريبي_فضائي متقدّم بالتعاون مع Titans Space Industries في الولايات المتحدة الأميركية.

وفي منشور لها، عبرت أبو الهيجاء عن سعادتها بهذه الخطوة، مؤكدة أن الحلم الذي بدأ منذ أيام المدرسة بات اليوم أقرب إلى التحقق.

تدريبات مكثفة لمدة 3 سنوات
أوضحت أبو الهيجاء أن البرنامج التدريبي سيمتد على مدار ثلاث سنوات، ويتضمن مراحل متقدمة من التدريب في مجالات عدة، منها:

مقالات ذات صلة بدر حزيران يسطع في حدث سماوي نادر فوق سماء الأردن والعالم 2025/06/08

الملاحة الفضائية
الأنظمة الهندسية الفضائية
التكيف مع بيئة انعدام الجاذبية
العمليات المدارية

مهمة فضائية مرتقبة في عام 2029
تهدف أبو الهيجاء إلى تمثيل الأردن رسميًا في أول مهمة فضائية أردنية من نوعها، والمقرّر تنفيذها عام 2029، على متن مركبة Titans Genesis.

المهمة ستستمر خمس ساعات، تشمل ثلاث ساعات في بيئة منعدمة الجاذبية، وعلى ارتفاع يصل إلى 300 كيلومتر عن سطح الأرض.

واختتمت أبو الهيجاء رسالتها بالتأكيد على أن هذا الإنجاز ليس فقط لها، بل لكل من واجه كلمة “مستحيل” ولم يتوقف. وقالت: هذا الإنجاز مش إلي لحالي… هو لكل شخص آمن بحلمه. القصة لسه في بدايتها، وللإنجاز بقية.

كما عبّرت عن امتنانها لعائلتها، وفريقها في MENA، ولكل من وقف بجانبها ودعم حلمها حتى بات واقعًا.

مقالات مشابهة

  • لحظات لا تقدر بثمن.. كيف تصنعين ذكريات رائعة مع طفلك؟
  • بونو: متحمس للمونديال وهدفنا تحقيق إنجاز
  • بعد إنجاز الحُلم.. كيف يحصل الأردنيون على تأشيرة لحضور كأس العالم 2026؟
  • سلام أبو الهيجاء.. أول مرشحة أردنية لرحلة فضائية تاريخية
  • لميس الحديدي تحذّر: تصعيد الخلاف بين الأهلاوية والزملكاوية يهدّد الرياضة المصرية
  • وزارة الشباب تُطلق فعاليات وطنية وعرض جماهيري لمباراة الأردن والعراق في تصفيات المونديال
  • إمام عاشور: متحمس جدًا لمواجهة ميسي.. وأثق في قدرتنا على تحقيق إنجاز يليق باسم الأهلي
  • همسة وطنية للحكومة الأردنية
  • اسم الأردن يسيطر على الفضاء الرقمي بعد تأهله إلى نهائيات كأس العالم