في خطوة تُعد الأولى من نوعها على مستوى العالم، أعلنت أورباكون القابضة، بالشراكة مع هيئة الأشغال العامة أشغال)، عن بدء مرحلة الطباعة في مشروع المدارس المطبوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد(، ليكون بذلك أكبر مشروع بناء في العالم يُنفذ باستخدام هذه التقنية.

 

يتضمن المشروع تشييد 14 مدرسة حكومية، من بينها مدرستان باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، تبلغ مساحة كل منهما 20,000 متر مربع، بمساحة إجمالية قدرها 40,000 متر مربع.

وهو ما يعادل 40 ضعفًا لأكبر مبنى تم بناؤه حتى الآن باستخدام هذه التقنية في العالم. وقد صُممت المدرستان كمباني من طابقين، على أرض تبلغ مساحتها 100 × 100 متر لكل مدرسة، ما يجعل هذا المشروع نموذجًا غير مسبوق للبنية التحتية التعليمية المستقبلية في قطر والمنطقة

 

لتنفيذ هذا المشروع الاستثنائي، كلّفت أورباكون القابضة شركة  COBOD الدنماركية، الرائدة عالميًا في تصنيع طابعات البناء ثلاثية الأبعاد، بتوريد طابعتين عملاقتين من طراز BODXL، يبلغ طول كل واحدة منها 50 مترًا، وعرضها 30 مترًا، وارتفاعها 15 مترًا — أي بحجم هنغار طائرة بوينغ 737 — مما يجعلها أكبر طابعات بناء على مستوى العالم من حيث الحجم.

 

وبعد أشهر من التحضير، والتي شملت تجهيز الموقع، تركيب المعدات، وإجراء اختبارات تشغيلية شاملة، بدأت عمليات الطباعة فعليًا على أرض المشروع. وقد قامت أورباكون القابضة بتشكيل فريق هندسي متخصص في تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد، يتكوّن من مهندسين معماريين ومدنيين، وخبراء مواد، وفنيي تشغيل طابعات. وعلى مدار الأشهر الثمانية الماضية، أجرى الفريق أكثر من 100 تجربة طباعة كاملة في موقع تجريبي داخل قطر باستخدام طابعة BOD2 ، لتطوير الخلطات الخرسانية، واختبار قوتها، وتكييفها مع المناخ المحلي، إلى جانب تطوير فوهة طباعة مخصصة لضمان دقة أعلى ونعومة في الطبقات المطبوعة.

 

وفي مايو 2025، أنهى الفريق برنامجًا تدريبيًا مكثفًا بالتعاون مع مهندسي COBOD، شمل تشغيل الطابعات العملاقة، تطوير استراتيجيات الطباعة، تسلسل الطباعة الإنشائي، والمراقبة اللحظية للجودة. ويمثل هذا التدريب نقلة نوعية في بناء القدرات الوطنية في مجال تقنيات البناء المتقدمة، ويعزز مكانة قطر كمركز إقليمي للابتكار الهندسي والتكنولوجي.

 

وتوفر هذه التقنية العديد من المزايا البيئية والاقتصادية والاجتماعية مقارنة بطرق البناء التقليدية. فبفضل الطباعة الدقيقة والطبقية، يتم تقليل الهدر في المواد الخام، وتقليل استهلاك الخرسانة، وبالتالي تقليص الانبعاثات الكربونية. كما تقل الحاجة إلى نقل المواد مسبقة الصنع، مما يقلل التكاليف والمخاطر اللوجستية، ويساهم في تنفيذ المشروع بسرعة أعلى وكفاءة أفضل. وتتم أعمال الطباعة خلال فترات الليل لتقليل التأثير الحراري، مما يحسن من جودة الخرسانة ويقلل من التلوث الضوضائي والغبار في الموقع.

 

أما على المستوى المعماري، فقد استُلهم تصميم المدرستين من التكوينات الطبيعية للصحراء القطرية، حيث استخدمت فرق التصميم في أورباكون حرية الأشكال التي تتيحها الطباعة ثلاثية الأبعاد لتشكيل جدران منحنية تحاكي الكثبان الرملية. وتُتيح التقنية تصميم أشكال معمارية عضوية وانسيابية يصعب تحقيقها بالطرق التقليدية، مما يجعل المشروع متفردًا من حيث الشكل ومتجذرًا في بيئته الثقافية.

 

من المتوقع الانتهاء من تنفيذ المشروع في نهاية عام 2025 ليُرسخ موقع قطر في طليعة الدول المتقدمة في تقنيات البناء الرقمي، ويقدم نموذجًا عالميًا للبنية التحتية التعليمية المستدامة.

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: أخبار مقالات الكتاب فيديوهات الأكثر مشاهدة الطباعة ثلاثیة الأبعاد أورباکون القابضة

إقرأ أيضاً:

سكة القدس-يافا.. مشروع ربط بين الساحل الفلسطيني والمدينة المقدسة

خط سكة حديدية افتتح في القرن الـ19 ليربط بين مدينتي القدس ويافا الفلسطينيتين، بطول يبلغ نحو 87 كيلومترا. 

جاء المشروع الفريد في محيطه آنذاك تزامنا مع تصاعد المطامع الاستعمارية الأوروبية في أراضي الدولة العثمانية، التي كانت تعاني من ضعف اقتصادي وسياسي متزايد.

منحت الدولة العثمانية عام 1888 اليهودي يوسف نافون امتياز بناء المشروع، وباعه بدوره إلى مستثمر فرنسي تكفل بإنشاء السكة وإدارتها.

أوقفت السلطات الإسرائيلية لاحقا تشغيل خط القدس-يافا مع استحداث بدائل أخرى، وحولت مسار السكة التاريخية إلى متنزهات ومرافق ترفيهية.

رؤية المشروع

تصاعدت مطامع الدول الاستعمارية في فلسطين بالتزامن مع تراجع قوة الدولة العثمانية في منتصف القرن الـ19، ويعود ذلك إلى أهمية موقعها الإستراتيجي بالنسبة للقوى الأوروبية الكبرى مثل بريطانيا وفرنسا وروسيا، على الجانبين الاقتصادي والديني.

وقد شكلت الطريق الواصلة بين القدس وميناء يافا على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط عنصرا محوريا في الطموحات الاستعمارية تجاه الأراضي الفلسطينية، بسبب أهميتها في رحلات الحجاج المسيحيين إلى بيت المقدس، إلى جانب دورها في دعم طرق التجارة الممتدة نحو الخليج العربي والهند، أبرز المستعمرات الأوروبية آنذاك.

تكررت محاولات تنفيذ مشروع خط سكة حديدية على الأراضي الفلسطينية، إذ سعى المستثمرون مرارا للاستفادة من نظام الامتيازات الذي كانت تمنحه الدولة العثمانية للشركات والأفراد بهدف تشييد مشاريع نوعية داخل أراضيها.

أرسلت بريطانيا عام 1856 بعثة إلى الدولة العثمانية لمناقشة إمكانية إنشاء خط يربط الساحل الشرقي للبحر المتوسط بالخليج العربي، ورغم عدم الموافقة على المشروع حينها، فإنه أسهم في تأسيس وعي استثماري وإستراتيجي بأهمية السكة الحديدية في المنطقة.

قاطرات سكة القدس-يافا صنعت في الولايات المتحدة الأميركية (غيتي)من الفكرة إلى التنفيذ

لفتت البعثة البريطانية انتباه اليهودي الإنجليزي موشيه منتفيوري، الذي عرف بنشاطه في تمكين الاستيطان اليهودي في فلسطين. فبادر إلى طرح فكرة إنشاء خط سكة حديدي يربط بين يافا والقدس تحديدا، وقدمها إلى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك اللورد هنري جون تمبل، الذي شجع الفكرة.

إعلان

استعان منتفيوري بمهندس ذي خبرة في إنجاز السكة الحديدية الممتدة من القاهرة إلى الإسكندرية، فأشاد بالمشروع بعد إجرائه دراسة موسعة، رغم تخوفات أبداها بسبب وعورة تضاريس فلسطين التي قد تعقد التنفيذ.

ورغم تداول المشروع جديا داخل دوائر الحكومة العثمانية، فإنه لم يحظ بالموافقة النهائية، وذلك لأسباب عدة، أبرزها: تخوف الدولة من توسع النفوذ الأجنبي على أراضيها، وخاصة النفوذ اليهودي، إلى جانب تكلفة المشروع الباهظة، التي تطلبت التزامات مالية وتنفيذية واضحة لم تتوفر في ذلك الوقت.

لم يوقف رفض منتفيوري محاولات المستثمرين الحصول على امتياز إنشاء خط سكة حديدي في فلسطين، إذ برزت لاحقا مبادرات أميركية وأخرى ألمانية وفرنسية، غير أن مسألة التمويل ظلت دائما العائق الأساسي الذي حال دون نيل الموافقة العثمانية.

شكل عام 1888 نقطة تحول حاسمة في مسار المشروع، حين نجح رجل الأعمال اليهودي يوسف نافون في الحصول على الامتياز بعد جهود استمرت أكثر من 3 سنوات، روج في غضونها للمشروع لدى السلطات العثمانية.

وقد نص الامتياز على إنشاء خط سكة حديدي يربط بين يافا والقدس، مع منح الحق بالتفرع نحو مدينتي نابلس وغزة.

فشل نافون بتمويل المشروع، فباع الامتياز إلى رجل الأعمال الفرنسي برنارد كولاه، بعد أن أظهرت الدراسات الفرنسية أن المشروع مربح اقتصاديا، ومنحت الحكومة الفرنسية نافون وسام الشرف تقديرا لجهوده في تعزيز نفوذها في المنطقة.

مثّل هذا المشروع الرأسمالي تعاونا نادرا بين مصالح اليهود والأوروبيين المسيحيين، في ظل تصاعد المطامع الاستعمارية الأوروبية في فلسطين، إلى جانب تكثيف الهجرة اليهودية إليها في أواخر القرن الـ19.

تدشين السكة

افتتح خط القدس-يافا على مراحل عدة، بدأت في مارس/آذار 1890 عندما دشن محافظ بيت المقدس آنذاك إبراهيم حقي باشا أول محطة للسكة في قرية يازور الفلسطينية، ثم وصل أول قطار إلى محطة القدس في أغسطس/آب 1891، وأقيمت بعد ذلك مراسم رسمية لافتتاح الخط بحلته شبه الكاملة في سبتمبر/أيلول 1892، وسط احتفال مهيب حضره قناصل أجانب ومسؤولون عثمانيون.

المواصفات الفنية

اعتمدت الشركة الفرنسية للأشغال العامة في تنفيذها للمشروع على المواصفات الفرنسية للخطوط الحديدية، إذ بلغ طول الخط نحو 87 كيلومترا، وتكوّن من 176 جسرا، جهز بعضها مصمّمو برج إيفل الفرنسي.

أما القاطرات فصنعت في الولايات المتحدة الأميركية، واتُّبع في تسميتها الأسلوب الأوروبي التقليدي، إذ حملت الأولى اسم يافا والثانية القدس والثالثة اللد، وهكذا على التوالي.

امتاز قياس سكة الحديد في فلسطين بالضيق مقارنة بالمعايير المتبعة في معظم دول العالم، إذ أنشئت بعرض متر واحد فقط بهدف توفير التكاليف. كما شُكلت بمنحنيات ضيقة في بعض المناطق لتتلاءم مع طبيعة التضاريس الفلسطينية المليئة بالمنحدرات والتعرجات.

واعتمد تشغيل القاطرات في البداية على الفحم الحجري المستورد من بريطانيا، لكن اندلاع الحرب العالمية الأولى دفع الدولة العثمانية للاكتفاء بأخشاب الأشجار بدلا عن الفحم المستورد من بريطانيا التي كانت تعاديها آنذاك.

إعلان

لم تقتصر وظيفة السكة الحديدية على نقل الركاب بين يافا والقدس فحسب، بل شملت أيضا نقل البضائع ومواد البناء والمياه، مما أسهم إيجابا في تنشيط الحركة الاقتصادية وتعزيز التطور الحضري في المناطق التي وصل القطار إليها.

ومن جهة أخرى، رافقت إنشاء السكة آثار سلبية عدة على الفلسطينيين، كان أبرزها مصادرة أراضيهم ومساكنهم لإقامة الخط عليها، وحرمان أصحاب الجِمال من مصدر رزقهم في نقل المسافرين بين المدن، إلى جانب معاناة العاملين في شق السكة من ظروف العمل القاسية وتدني الأجور، رغم فقد العديد منهم حياته أثناء تنفيذ الأعمال في المناطق الوعرة.

جزء من مسار سكة الحديد القدس-يافا في قرية بتير (الجزيرة)مسار سكة القدس-يافا

يبدأ القطار مساره بين القدس ويافا برحلة يومية واحدة في كل اتجاه، متوقفا في 8 محطات لصعود الركاب ونزولهم، وهي: يافا واللد والرملة وسجد ودير آبان وبتير والولجة والقدس، إلا أن محطة الولجة بقيت غير مكتملة الإنشاء.

كانت الرحلة تستغرق نحو 3 ساعات من نقطة الانطلاق إلى النهاية، وقد تطول أحيانا في بعض أيام الشتاء، بسبب الأضرار التي كانت تلحق بالسكة جراء الفيضانات وانهيارات الأتربة والحجارة.

وبلغت تكلفة تذكرة الدرجة الأولى 4 دولارات، والثانية 33 سنتا، وكانت تختلف عن الأولى بخلو قاطراتها من المقاعد. ثم في عام 1896 أضيفت درجة ثالثة بأسعار مناسبة لاستقطاب السكان المحليين.

كما تفرع عن خط القدس-يافا خطان آخران، أحدهما يربط حيفا بمدينة نابلس، والآخر يمتد من محطة اللد إلى بئر السبع قرب الحدود المصرية.

ما بعد الحرب العالمية الأولى

دخلت الدولة العثمانية الحرب العالمية الأولى إلى جانب حلفائها ضد فرنسا وبريطانيا، مما دفعها إلى مصادرة خط السكة الحديدي -الذي كانت ترأسه شركة فرنسية- واعتقال مديرها، كما استخدمت القاطرات لأغراض عسكرية، مثل نقل الجنود والأسلحة.

وبعد هزيمة العثمانيين في نهاية الحرب وسيطرة الانتداب البريطاني على الأراضي الفلسطينية، اشترى الإنجليز عام 1922 الخط من الشركة الفرنسية، وأنشأوا "شركة خطوط السكك الحديدية الفلسطينية".

وظف الانتداب السكة لتحقيق أهدافه الرامية إلى تكثيف الاستيطان اليهودي في فلسطين، إذ نقل على متنها عددا كبيرا من العائلات اليهودية المهاجرة نحو القدس من مختلف دول العالم، ومن أوروبا بشكل خاص.

جانب من المتنزه الذي أقيم مكان سكة القدس يافا غربي القدس (الجزيرة)

ومع اندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 ضد سياسات الانتداب البريطاني الداعمة لاستيلاء المنظمات الصهيونية على الأراضي الفلسطينية، استهدف المقاومون الفلسطينيون خطوط السكة بسلسلة من العمليات التفجيرية، نظرا لاستخدامها في نقل الذخائر العسكرية والجنود البريطانيين، مما دفع سلطات الانتداب إلى تشييد حصون قرب بعض المحطات، وتعزيز الدوريات العسكرية.

وفي يوم 11 يناير/كانون الثاني 1945 فجرت منظمة الإرغون الصهيونية المسلحة مجموعة من محطات السكة الحديدية، وألحقت أضرارا بالغة بها، في عملية عرفت لاحقا باسم "ليلة الجسور".

أعاد الاحتلال الإسرائيلي صيانة سكة القدس- يافا بعد نكبة 1948، لكنه أخضعها لمجموعة من التغييرات، كان أبرزها طمس النقش العثماني "قدس شريف" الكائن على جدار مبنى محطة القدس، والإبقاء على لافتة "أورشليم" التي نصبت في فترة الانتداب البريطاني.

تضاءل نشاط السكة الحديدية تدريجيا بعد افتتاح الطريق الرئيس الذي يربط القدس والساحل الفلسطيني، إلى أن أُلغي عملها يوم 14 أغسطس/آب 1998.

ثم أعادت الحكومة الإسرائيلية تشغيل جزء منها عام 2005، لكن استحداث الخط الكهربائي السريع بين القدس وتل أبيب إلى جانب تطوير شبكة قطارات حديثة، أدى إلى إيقاف العمل بسكة الحديد التاريخية نهائيا.

إعلان

حولت الحكومة في أعقاب ذلك مواقع المحطات التاريخية إلى مقاهٍ ومطاعم ومناطق ترفيهية، كما خصصت بعضها للمشي والركض وركوب الدراجات الهوائية.

مقالات مشابهة

  • بـ17.9 مليون ريال.. تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع شبكات المياه بجنوب الباطنة
  • محافظ الأحساء يدشّن مشروع "أثر" للمسؤولية الاجتماعية للشركات
  • محافظ الأحساء يدشّن مشروع «أثر» للمسؤولية الاجتماعية للشركات
  • انطلاق مشروع "أوبن ميد" لتطوير قطاعي الجلود والنسيج ودعم رواد الأعمال في مصر
  • سكة القدس-يافا.. مشروع ربط بين الساحل الفلسطيني والمدينة المقدسة
  • شروط القبول في نوعيات التعليم الفني والتقني الثانوي التكنولوجي بالقانون
  • رئيس الوزراء يتابع مشروع إنشاء مبنى 4 بمطار القاهرة الدولي
  • وعود فشلت كبرى الشركات التقنية في تنفيذها
  • انطلاق مشروع "برجولا" بحديقة الطفل في العجوزة ضمن فعاليات مهرجان دي كاف
  • اجتماعات لمتابعة تقدم أشغال مشروعي الخطين المنجميين الشرقي والغربي