11 يونيو، 2025

بغداد/المسلة: بينما كانت الأمم المتحدة تعلن في نيويورك أن القضاء على عمالة الأطفال سيستغرق “مئات السنين”، كانت مشاهد الطفولة الضائعة تتكرر في كل ريف ناءٍ، وكل حي فقير، وكل مصنع بعيد عن الأعين.

138 مليون طفل حول العالم، في عمر يتراوح بين 5 و17 عاماً، كانوا يعملون العام الماضي، بينهم 80 مليوناً لا يتجاوزون الحادية عشرة.

ووفقاً للتقرير الصادر عن اليونيسف ومنظمة العمل الدولية، فإن 40% من هؤلاء يعملون في ظروف توصف بـ”الخطرة جداً”، حيث يتهددهم المرض والإعاقة وربما الموت. وبينما تراجع العدد مقارنة بعام 2000، حين كان 246 مليون طفل يكابدون في الحقول والمناجم، إلا أن المنظمات الدولية تحذر من أن التقدم بطيء، ويكاد يكون غير ذي جدوى إذا استمر بنفس الوتيرة الحالية.

وتحذر كلوديا كابا، الخبيرة في اليونيسف، من أن “القضاء على عمالة الأطفال يحتاج إلى قرون، إلا إذا تضاعفت الجهود بشكل غير مسبوق”. وتضيف أن التعليم المجاني والإلزامي، والحماية الاجتماعية، من أبرز العوامل الكفيلة بكسر هذه الحلقة، لكن هذه الأدوات نفسها مهددة بتقليص التمويل.

وفيما تحتل الزراعة المرتبة الأولى في استغلال الأطفال (61%)، تليها الخدمات المنزلية والصناعات، تبقى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى المنطقة الأكثر تأزماً، بوجود 87 مليون طفل عامل، مقابل تحسن نسبي في آسيا، حيث انخفض الرقم من 49 إلى 28 مليوناً خلال عقدين.

العراق في مرآة التقرير

وفي العراق، لا تختلف الصورة كثيراً، بل تتخذ أوجهاً محلية ذات مرارة خاصة. فبعد عقود من الحروب والعقوبات والأزمات، ارتفعت نسبة عمالة الأطفال في البلاد إلى نحو 13% من إجمالي الأطفال، بحسب مسح أجرته وزارة التخطيط بالتعاون مع اليونيسف.

وتنتشر عمالة الأطفال في العراق أكثر في المناطق الزراعية والضواحي، لكن المشهد لا يختفي من الأسواق والمقاهي ومواقف السيارات في المدن الكبرى. ويعمل هؤلاء الصغار في بيع المياه والسجائر وتنظيف السيارات، وبعضهم في مهن خطرة مثل الحدادة والبناء.

ويقول الباحث الاجتماعي فاضل الطائي إن عمالة الأطفال في العراق ليست فقط نتيجة الفقر، بل أيضاً ناتجة عن ضعف تطبيق القوانين، وغياب الرقابة، وتردي التعليم. ويضيف أن “بعض العائلات تعتبر عمل الطفل دعماً للأسرة لا انتهاكاً للطفولة”.

وعلى منصات التواصل، كتب الناشط مصطفى الزيدي على منصة “إكس”: “أطفالنا يعملون في الشمس والغبار، بينما يجلس الكبار في المكاتب يخططون لعقود النفط. أي مستقبل نريده لهم؟”.

يوسف في النجف، ونرجس في الموصل، وآلاف مثلهم..

ووسط هذا المشهد، يقف يوسف ذو العشر سنوات في سوق النجف يبيع المناديل الورقية، بينما تنهمر على جبهته عرق الشمس القائظة. وتكنس نرجس ذات الأحد عشر ربيعاً أرضية مقهى شعبي في الموصل لتدفع إيجار غرفة متهالكة لعائلتها. وتبقى قصص كهذه، رغم قسوتها، غير مرئية في تقارير الدول، لكنها تسكن وجدان المدن.

فيما ينتظر الأطفال مقاعد الدراسة.. يوسف يكنس الطرقات ونرجس تبيع البنفسج .. والأمم تعدّ السنوات…

 

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: عمالة الأطفال

إقرأ أيضاً:

تسوركوف: تجربتي المأساوية في العراق لم تغير شعوري تجاه الشعب العراقي

13 أكتوبر، 2025

بغداد/المسلة: أكدت الباحثة الإسرائيلية – الروسية إليزابيث تسوركوف، الاثنين أنها ستكشف قريبًا تفاصيل اختطافها، مشددة على أن تجربتها القاسية لم تغيّر نظرتها الإيجابية تجاه الشعب العراقي، الذي وصفته بـ الشعب الحبّاب المعروف بكرمه وإحسانه.

وقالت تسوركوف في تغريدة على حسابها في منصة إكس: أود أن أوضح أن تجربتي المأساوية في قبضة الكتائب لم تغير شعوري تجاه الشعب العراقي، هذا الشعب الحبّاب التي عادته الإحسان وسجيته الكرم.. وحتى بينهم وجدت الرحمة والجود وحب الوطن، ولو كانوا قلة قليلة ضمن عصابة مكونة من الفجرة والجهلة.

انتظر أن تنشر صحيفة (نيويورك تايمز) تقريراً طويلاً حصرياً عن قصتي على أساس مصادرهم المتنوعة ومقابلة معي، وبعد ذلك بإذن الله أستطيع أن أنشر أكثر تفاصيل.

واختُطفت إليزابيث تسوركوف في بغداد خلال شهر آذار عام 2023 أثناء وجودها في العراق لإجراء أبحاث أكاديمية حول أوضاع المنطقة، قبل أن يُعلن عن احتجازها على يد الكتائب في العاصمة.

وبحسب تقارير إعلامية دولية، فقد بقيت تسوركوف قرابة 900 يوم في الأسر، خضعت خلالها لتحقيقات قاسية قبل أن يُعلن عن إطلاق سراحها في أيلول الماضي بعد تحركات دبلوماسية مكثفة قادتها أطراف أمريكية وأوروبية عبر قنوات غير مباشرة.

وأكّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حينها أن إطلاق سراح تسوركوف تمّ بعد مفاوضات معقدة، مشيرًا إلى أنها “نُقلت إلى السفارة الأمريكية في بغداد وهي بحالة صحية مستقرة”، فيما حمّل الكتائب مسؤولية اختطافها.

من جانبها، قالت مصادر أمنية عراقية إن الإفراج عن تسوركوف تمّ دون عملية عسكرية مباشرة، وإنما عبر تفاهمات قادتها وساطات دبلوماسية لضمان إنهاء الملف دون تصعيد أمني داخل البلاد، خصوصاً مع حساسية علاقتها بدول المنطقة.

وتُعد إليزابيث تسوركوف من الباحثات المتخصصات في شؤون الشرق الأوسط، وتحمل الجنسيتين الإسرائيلية والروسية، وسبق أن نشرت أبحاثًا تحليلية في مراكز فكر وصحف دولية حول الوضع في العراق وسوريا.

وقد تحوّلت قضيتها منذ اختطافها إلى ملف سياسي ودبلوماسي معقّد، تناولته الحكومات الغربية والمنظمات الحقوقية كقضية تمسّ حرية البحث والتنقل الأكاديمي في مناطق النزاع.

وبينما تستعد نيويورك تايمز لنشر تحقيق مطوّل حول ظروف احتجازها وملابسات الإفراج عنها، تُعدّ تغريدتها اليوم أول تصريح علني منها منذ أكثر من عامين، في إشارة إلى قرب كشف مزيد من التفاصيل حول فترة احتجازها داخل العراق.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • تسوركوف: تجربتي المأساوية في العراق لم تغير شعوري تجاه الشعب العراقي
  • اقتصاد على الحافة: هل تنجو الرواتب من تداعيات انهيار النفط؟
  • "اليونيسف": قتل الأطفال وإصابتهم في السودان انتهاك جسيم لحقوقهم
  • اليونيسف: الإبلاغ عن مقتل 17 طفلا بينهم رضيع في هجوم على مركز للنازحين في الفاشر
  • بارزاني: عدم تطبيق الدستور وراء الأزمات مع بغداد
  • تفاصيل المباحثات المائية بين العراق وتركيا
  • طقس العراق.. موجة غبار وانخفاض في درجات الحرارة
  • بيان اليونيسف يشعل الغضب من دور المؤسسات الدولية.. من يحمي الطفل الفلسطيني؟
  • أسعار الذهب تنخفض في العراق
  • «اليونيسف» تدعو إلى سرعة دخول المساعدات الغذائية إلى قطاع غزة