الشاعري: أسعار لحوم الأغنام غير منطقية ويجب حماية المستهلك من الاستغلال
تاريخ النشر: 16th, June 2025 GMT
ليبيا – “الصحة الحيوانية” تحذّر من ارتفاع أسعار لحوم الأغنام وتدعو إلى استراتيجية عادلة للتسعير
تحذير من استغلال السوق مع قرب عيد الأضحى
حذّر رئيس لجنة إدارة المركز الوطني للصحة الحيوانية بحكومة الاستقرار، الدكتور محمد الشاعري، من الارتفاع غير المبرر في أسعار لحوم الأغنام بالأسواق المحلية، مؤكدًا أن هذه الزيادات لم تعد منطقية وتشكل عبئًا إضافيًا لا يجب أن يتحمله المواطن، خصوصًا مع اقتراب عيد الأضحى المبارك.
تكلفة التربية لا تبرر الأسعار الحالية
وأوضح الشاعري، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء الليبية “وال”، أن متوسط تكلفة تربية رأس غنم واحد سنويًا لا يتجاوز 782 دينارًا، وفق الأرقام المتداولة، مشيرًا إلى إمكانية خفض هذه الكلفة إذا ما التُزم بالإجراءات الصحية والتغذية السليمة.
وأضاف: “تحميل المستهلك تكاليف ناتجة عن الإهمال في التربية، مثل نفوق الأغنام أو إصابتها بالأمراض، أمر غير عادل.”
غياب الرقابة والدراسات الاقتصادية
وانتقد الشاعري بشدة ما وصفه بـ”الاستغلال الواضح” في السوق وغياب الرقابة الفعلية، موضحًا أن المواطن يُحمّل أحيانًا حتى أرباح المربي المتوقعة دون وجود آليات لضبط الأسعار أو محاسبة المتجاوزين.
كما أشار إلى غياب دراسات اقتصادية دقيقة تحدد الكلفة الحقيقية لتربية الأغنام، داعيًا إلى وضع مرجعية علمية واضحة لتنظيم التسعير، يستفيد منها المواطن والمربي والجهات الرقابية على حد سواء.
دور المركز في دعم المربين
وبيّن الشاعري أن المركز الوطني للصحة الحيوانية يضطلع بدور محوري في دعم المربين من خلال:
توفير اللقاحات الأساسية مجانًا
إلغاء الرسوم المحجرية
إعفاء ضريبة تربية الأغنام
رفع الرسوم عن الأعلاف
وشدّد على أن هذه الامتيازات يجب أن تنعكس بشكل مباشر على المستهلك، لا أن تظل محصورة في دائرة المنتجين فقط.
دعوة لوضع تسعيرة متوازنة
وفي ختام تصريحه، دعا الدكتور الشاعري إلى وضع ضوابط اقتصادية صارمة لضبط الأسعار، ومنع تحميل المواطن أي مصاريف أو خسائر لا دخل له بها، مطالبًا بتعاون حقيقي بين وزارة الاقتصاد والمركز الوطني للصحة الحيوانية لوضع استراتيجية وطنية واضحة لتسعير اللحوم توازن بين حماية المستهلك ومصالح المنتج.
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
القبيلة اليمنية ودورها في حماية النسيج الاجتماعي والحفاظ على التماسك الوطني
يمانيون / تقرير/ خاص
في ظل الأزمات التي تعاقبت في اليمن، برزت القبيلة ككيان بديل للدولة، لا فقط في الأداء السياسي، بل في توفير الخدمات، حل النزاعات، والحفاظ على الهوية الوطنية. لقد مثّلت القبائل اليمنية ركيزة صلبة صمدت أمام تعثر الأنظمة الرسمية، ونجحت في الحفاظ على التماسك الاجتماعي والوطني في ظل ظروف سياسية وأمنية واقتصادية بالغة التعقيد.
في السياسة.. القبيلة كفاعل بديل للدولة
عندما غابت سلطة الدولة، وتصاعد النزاع المسلح بين فرقاء الأنظمة السياسية المتعاقبة لعبت القبائل أدوارًا سياسية مباشرة عبر دعم التحكيم، الضغط المجتمعي، وحماية المصالح المحلية.
وبحسب دراسة بحثية في العام (2022)، فإن القبائل “تمكنت من تشكيل شبكات محلية لإدارة النزاعات، وحماية مناطقها من الانزلاق إلى فوضى مفتوحة، خصوصًا في محافظات مثل مأرب والجوف”.
كما تحوّل شيوخ القبائل إلى وسطاء سياسيين في عدد من جولات الحوار الوطني، بحسب مبادرة مسارات اليمنية وشاركوا في دعم جهود الوساطة القبلية بين أطراف الصراع المسلح في الشمال والجنوب.
في الاقتصاد.. القبيلة كمصدر تكافل وتنمية
أدّت القبيلة دورًا اقتصاديًا محوريًا في ظل شلل المؤسسات الرسمية. فعبر آليات التكافل داخل الأسر والقبائل، تم توفير الحماية الاقتصادية لكثير من الأسر التي فقدت مصادر رزقها.
وهو ما أكدته دراسة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP, 2021) أن “الاقتصاد غير الرسمي المدعوم بالشبكات القبلية ساعد على التخفيف من آثار الفقر والنزوح في المناطق غير الخاضعة لسيطرة الدولة المركزية”.
كما ساهمت القبائل في تأمين خطوط الإمداد للغذاء والمحروقات، وتنظيم الوصول إلى المياه والمراعي، لا سيما في مناطق مثل البيضاء، شبوة، ومأرب.
في العدالة والأمن.. القبيلة كحامية للاستقرار
شكل نظام التحكيم القبلي أحد أعمدة العدالة في اليمن، حيث يلجأ إليه الناس لحل النزاعات العقارية، الجنائية، وحتى قضايا القتل والثأر، خصوصًا في المناطق التي لا تصل إليها سلطات القضاء.
وبحسب تقرير المعهد الدولي للسلام، فإن “ما لا يقل عن 70% من القضايا المجتمعية تُحل عبر التحكيم العرفي، ما يحدّ من الاحتقان الاجتماعي ويمنع تصاعد النزاعات”.
إلى جانب ذلك، قامت القبائل بحماية أمن مجتمعاتها من خلال تشكيل لجان شعبية محلية، لمراقبة أي تحركات مهددة للأمن، خاصة في المناطق الريفية، في ظل غياب الأجهزة الأمنية الرسمية.
الحفاظ على النسيج الاجتماعي.. القبيلة كضامن للتماسك الوطني
من أبرز أدوار القبيلة اليمنية حماية النسيج الاجتماعي والهوية الوطنية الجامعة. فعلى الرغم من الانقسامات السياسية والمناطقية التي شهدها اليمن، ظلت القبيلة عاملًا من عوامل التماسك الاجتماعي بفضل شبكة الروابط العائلية والمصاهرة، وقيم التضامن والعرف المشترك.
ذكرت منظمة أوكسفام في أحد تقاريرها أن “التماسك القبلي ساعد على الحد من الانقسامات المذهبية والجهوية، وأبقى الروابط المجتمعية قائمة رغم ضراوة الحرب”.
كما أشار تقرير آخر إلى أن “القبائل لعبت دورًا مهمًا في منع الانهيار الكامل للهوية اليمنية الموحدة، لا سيما في المناطق التي تجاور خطوط التماس بين الأطراف المتحاربة”.
حتى في فترات النزاع ، كان للقبيلة دور في إطفاء الفتن، عبر عقد صلح عام أو تدخل شيوخ القبائل لفرض الهدنة ومنع التهجير الطائفي أو العرقي.
القبيلة كضمانة للحفاظ على المبادئ الجامعة
لا تزال القبيلة اليمنية تشكل ما يمكن وصفه بـ”الضمير الجمعي” للمجتمع، بما تفرضه من قيم الشرف، والمروءة، والعرف، التي تعزز الانتماء للوطن والدين. وتلعب في الوقت ذاته دور الرقيب الاجتماعي على سلوك الأفراد، بما يمنع الانحرافات الفكرية والسلوكية، ويعيد توجيه الطاقات نحو ما يخدم الصالح العام.
وتعد مؤسسات الصلح القبلية، مثل “المرجعية القبلية العليا” و”مجالس المشايخ”، أدوات فاعلة في تعميم مفاهيم المصالحة الوطنية، وتثبيت قواعد العدل، وردع كل من تسوّل له نفسه المساس بالثوابت العامة.
خاتمة
ما أثبتته التجربة اليمنية خلال العقود الماضية هو أن القبيلة ليست خصمًا للدولة، بل شريك فعّال في حفظ كيانها، حين تفشل مؤسساتها. ومن هنا، فإن تجاوز الأزمات المستقبلية يتطلب دمج البنية القبلية في مشروع الدولة الحديثة، لا من خلال الإقصاء أو التهميش، بل عبر تعزيز المشاركة، وتحويل القبيلة إلى عنصر داعم للقانون.
إن الحديث عن يمن التاريخ والحضارة والحفاظ على الثوابت مرتبط بالاعتراف بدور القبيلة البنيوي الذي لعبته خاصة في الحفاظ على النسيج الاجتماعي والدفع بالبلاد نحو السلم الأهلي والاستقرار السياسي.