حرب الجواسيس في إيران.. اغتيالات واختراقات وإعدامات تكشف هشاشة النظام الأمني
تاريخ النشر: 18th, June 2025 GMT
تشهد إيران واحدة من أعقد وأخطر حروب الظل في تاريخها الحديث، بعد سلسلة من الضربات الأمنية والاغتيالات الدقيقة التي تُنسب إلى جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد)، ما يطرح أسئلة حادة حول عمق الاختراق الأمني الذي تعاني منه الجمهورية الإسلامية.
اعتقالات في العمق الإيراني
أعلنت وكالة فارس الإيرانية، اليوم الأربعاء، أن الأجهزة الأمنية ألقت القبض على خمسة أشخاص في مدن خرم آباد، بروجرد، ودورود، بتهمة التعاون مع الموساد والتخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية في مناطق مكتظة داخل العاصمة.
وفي موازاة ذلك، أكدت وكالة مهر وقوع اشتباك مسلح في مدينة ري جنوب طهران بين الأمن وعناصر مشتبه بانتمائهم لشبكة تجسس إسرائيلية.
إعدام جاسوس كبير
قبل أيام، نفذت طهران حكم الإعدام بحق إسماعيل فكري، الذي أُدين بالتجسس لصالح الموساد، ليكون ثالث شخص يُعدم خلال أسابيع على خلفية التخابر مع إسرائيل.
كما أعلنت السلطات اعتقال "جاسوس كبير" تابع للموساد أثناء محاولته الفرار من مدينة بانه الحدودية مع العراق.
شبكة متفجرات في الشمال
في إقليم البرز، ألقت الشرطة القبض على عضوين في خلية تابعة للموساد، عُثر بحوزتهما على متفجرات وأجهزة إلكترونية في مخبأ سري بمنطقة سافوجوبلا، وفق وكالة تسنيم شبه الرسمية.
تصفيات في قمة هرم السلطة
الأحداث لم تقف عند الحدود الأمنية، بل طالت القيادة العليا في البلاد:
* مقتل اللواء حسين سلامي، قائد الحرس الثوري الإيراني، في ضربة جوية إسرائيلية دقيقة استهدفت مقر القيادة بطهران في 13 يونيو 2025.
* اغتيال اللواء محمد باقري، رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، ثاني أعلى مسؤول عسكري بعد المرشد الأعلى، في ضربة إسرائيلية دقيقة استهدفت مركز القيادة في طهران.
اغتيال اللواء علي شادماني، رئيس هيئة أركان الحرب الجديد، بعد 4 أيام فقط من تعيينه، في عملية يُعتقد أنها من تدبير الموساد، نُفذت داخل العاصمة طهران.
مقتل اللواء غلام رشيد، الذي شغل المنصب نفسه قبله، خلال غارة استهدفت مقرًا قياديًا.
اغتيال العميد حسين محقّق، نائب رئيس استخبارات الحرس الثوري، في هجوم دقيق استهدف موقعًا سريًا وسط العاصمة.
مصرع عدد من كبار العلماء النوويين في عمليات متفرقة خلال أسبوع، في ظل صمت رسمي عن أسمائهم وأدوارهم.
حادثة غامضة أودت بحياة إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في قلب طهران، في عملية وُصفت بأنها "أجرأ اختراق استخباراتي في العقود الأخيرة".
اختراق أمني شامل
حذّر رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، من أن "العدو لم يعد يعتمد على السلاح فقط، بل تسلل إلى الداخل عبر خلايا نائمة وعناصر استخباراتية تنفذ أهدافه".
وتشير مصادر أمنية إلى أن الموساد يُفعّل منذ شهور خلايا مركبة داخل إيران، تضم عملاء محليين وأجانب، جرى تجنيدهم على مراحل عبر منصات وهمية، وشبكات مالية معقدة.
إسرائيل تقلب المعادلة
تشير تقارير استخباراتية دولية إلى أن العملية الشاملة التي تُعرف باسم "Operation Rising Lion" بدأت منذ سنوات، عبر اختراق منظومات الدفاع، زرع جواسيس، والتخطيط لاغتيالات دقيقة.
ووصف خبراء أوروبيون العملية بأنها "حرب غير تقليدية"، استهدفت تدمير البنية التحتية العقلية للنظام، وليس فقط مواقعه العسكرية.
هل سقطت ورقة الأمن؟
الضربات المتكررة على مواقع استراتيجية، واغتيال القادة، تشير إلى انهيار أمني خطير داخل إيران، ورغم التصريحات المتكررة بالرد، إلا أن الأوساط الأمنية في طهران تعترف ضمنيًا أن توازن الردع تغير.
وبينما تنفذ إسرائيل عمليات دقيقة تستهدف العقول والمقار الحيوية، ردّت إيران هذا الأسبوع بسلسلة هجمات صاروخية وطائرات مسيّرة استهدفت مواقع داخل إسرائيل، في محاولة لاستعادة المبادرة وتثبيت معادلة ردع جديدة. لكن رغم هذا التصعيد، لا تزال طهران تواجه تحديًا داخليًا متفاقمًا يتمثل في اختراق أمني واسع، يهدد بتفكيك بنيتها الاستخباراتية من الداخل."
ما يحدث ليس مجرد اغتيالات، بل حرب جواسيس مفتوحة.. طرفها الأول يُراقب ويُخطط ويضرب، وطرفها الآخر يُطارد في الداخل، ويُحاكم في الميادين، ويحاول الرد ورأب صدوع نظام يتهاوى.
ويبقى السؤال الأخطر الذي يطرحه الإيرانيون الآن "هل يستمر تأثير حرب الجواسيس في الحرب الجارية ومن القادم على لائحة الاغتيالات؟".
إيرانأخبار السعوديةإيران وإسرائيلأهم الآخبارأخر أخبار السعوديةحرب الجواسيسجواسيس إسرائيل في إيرانقد يعجبك أيضاًNo stories found.المصدر: صحيفة عاجل
كلمات دلالية: إيران أخبار السعودية إيران وإسرائيل أهم الآخبار أخر أخبار السعودية حرب الجواسيس جواسيس إسرائيل في إيران
إقرأ أيضاً:
WSJ: أمريكا محبطة من عدوانية إسرائيل ضد النظام الجديد في سوريا
حللت صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير أعده دوف ليبر، ملامح التوتر بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن النظام السوري الحالي الذي تتعامل معه واشنطن كحليف جديد لها، وتريد من إسرائيل المضي معها في موقفها. وأشارت الصحيفة إلى أن الموقف الإسرائيلي العدواني تجاه الحكومة السورية الجديدة يتناقض مع موقف واشنطن.
ويريد الرئيس دونالد ترامب حلا سريعًا للتوترات المستمرة منذ عدة عقود بين سوريا وإسرائيل. وبعد انهيار نظام بشار الأسد وسعت إسرائيل من وجودها داخل الأراضي السورية على مدى 155 ميلا مربعًا ولا تزال تسيطر عليها، وقامت منذ ذلك الحين باعتقالات ومصادرة أسلحة وشنت غارات جوية على جنوب البلاد.
تعثر المحادثات
وفي الصيف شنت الطائرات الإسرائيلية غارات على العاصمة دمشق في محاولة قالت إنها للدفاع عن الأقلية الدرزية، ذات العلاقة القوية مع إسرائيل، وقام الرئيس ترامب بناءا على مطالب من السعودية وتركيا برفع العقوبات عن الرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، حيث أثنى على الجهادي السابق ووصفه بـ"الرجل الشاب والجذاب" و "يقوم بمهمة جيدة".
وتضيف الصحيفة أن الانقسام بين سوريا وإسرائيل ظل مصدر إحباط لواشنطن، التي دعمت إسرائيل في حروبها مع حماس وحزب الله وإيران، وتقول، إن الولايات المتحدة تتوسط في محادثات بشأن اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل، من شأنه أن يمهد الطريق لسلام طويل الأمد، إلا أن هذه المحادثات تبدو متعثرة.
الشرع يرفض..."نزع السلاح سيخلق فراغًا أمنيا"
وفي ظل وقف إطلاق النار في غزة وجهود جديدة لإنهاء القتال في أوكرانيا، يدعو ترامب إسرائيل إلى إبرام هذا الاتفاق. ويؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن مثل هذا الاتفاق لا يمكن تحقيقه إلا إذا قبلت سوريا بنزع سلاح الأراضي الممتدة من جنوب دمشق إلى الحدود الإسرائيلية، وهو مطلب يرفضه الشرع، الذي يرى أنه سيخلق فراغًا أمنيا في جنوب سوريا.
وتضيف الصحيفة إن هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر ،علمت إسرائيل ألا تقايض مصالحها الأمنية لإرضاء جيرانها أو الولايات المتحدة. وهي تتعلم اليوم من أخطاء انسحاب قواتها من غزة في عام 2005 ومن جنوب لبنان في عام 2000. ونقلت الصحيفة عن عن يعقوب أميدرور، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق قوله: "من السهل المخاطرة في واشنطن، لكن الأمر أكثر خطورة في مرتفعات الجولان، فالوضع قريب جدا".
ترامب يحذر من عوائق تعرقل مسيرة سوريا
ولم ينتقد ترامب إسرائيل علنا بسبب سياستها تجاه سوريا، لكنه أوضح ما يريده. وكتب في منشور على موقع "تروث سوشيال" مطلع هذا الشهر: "من المهم جدًا أن تحافظ إسرائيل على حوار قوي وحقيقي مع سوريا" و"يجب ألا يحدث أي شيء يعيق مسيرة سوريا نحو الازدهار"، وتظهر المواقف الإسرائيلية من سوريا، طريقة تعامل "تل أبيب" مع المخاطر الأمنية منذ هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وتلقي المؤسسة الأمنية الإسرائيلية باللوم على القيادة السياسية لعدم قدرتها على التنبؤ بالهجمات التي قادتها حماس، وذلك لفشلها في التصدي للتهديدات على طول حدودها، ومنذ التوصل إلى وقف إطلاق النار مع حزب الله في تشرين الثاني/نوفمبر 2024، أبقت إسرائيل على وجود عسكري داخل لبنان قرب حدودها، ونفذت غارات جوية شبه يومية تقول إنها تهدف إلى إحباط محاولات المليشيا اللبنانية لإعادة التسلح.
"إسرائيل" قوة تسعى للحرب الدائمة
لكن حتى في إسرائيل، يخشى بعض الجنرالات السابقين وخبراء الأمن من أن نتنياهو يبالغ في رد فعله تجاه سوريا المجاورة، ما يهدد علاقة إسرائيل مع حليفها الأهم، الولايات المتحدة، ويُرسخ صورة إسرائيل كقوة إقليمية تسعى للحرب الدائمة.
ونقلت الصحيفة عن أفنير غولوف، المدير السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي قوله إن "المخاطر في سوريا أقل من أي مكان آخر، وإذا كنتم تريدون من ترامب أن يكون إلى جانبكم في العديد من القضايا الأكثر أهمية وخطورة، فهذه هي الورقة التي يجب أن تدفعوا بها".
ويدعو غولوف إلى حل وسط سريع بشأن اتفاقية أمنية مع سوريا تسمح للقوات السورية بتسيير دوريات في المناطق القريبة من حدودها، مع حظر وجود الأسلحة الثقيلة أو القوات التركية. وأضاف أن إسرائيل بحاجة إلى الانتقال من "استعراض القوة العسكرية إلى بناء قوة دبلوماسية".
ويأمل ترامب في ضم سوريا إلى اتفاقيات "أبراهام"، وقال مسؤولون إسرائيليون وسوريون وأمريكيون بأن الوقت ما زال مبكرًا لذلك، وأن على الطرفين أولا الاتفاق على الأمن. ومن المرجح أن يكون هذا الاتفاق مشابهًا لاتفاقية عدم الاعتداء السابقة لعام 1974 التي أنشأت منطقة عازلة منزوعة السلاح.
"سوريا تستجيب و"إسرائيل" لا تبادر بالمثل"
توم باراك، مبعوث ترامب إلى سوريا وسفيره لدى تركيا، قال إن: "الحكومة السورية تستجيب لمطالب واشنطن المتعلقة بإسرائيل، لكن الإسرائيليين لا يبادلونها بالمثل"، وفي مقابلة مع صحيفة "ذا ناشيونال" الإماراتية نشرت يوم الجمعة، قال باراك عن سوريا: "إنهم يفعلون كل ما نطلبه منهم، وندفعهم نحو إسرائيل". وأضاف: "إسرائيل لا تثق بهم بعد، لذا فالأمر أبطأ قليلًا".
وقد ظلت الحدود بين إسرائيل وسوريا من أهدأ الجبهات خلال فترة حكم الأسد، الذي كان حليفًا مقربًا من إيران. وسمح الأسد لطهران ببناء قوة وكيلة على حدود إسرائيل وتهريب الأسلحة عبر سوريا إلى حزب الله، الذي بدوره ساعد نظام الأسد على قمع خصومه الداخليين.
محاولات إبقاء سوريا ضعيفة ومنقسمة
ويعارض الرئيس السوري الجديد وأتباعه طهران. لكن إسرائيل لا تزال تشك في الإدارة، التي كان العديد من أعضائها جزءًا من تنظيم القاعدة. كما تشك إسرائيل في قدرة الشرع على توحيد سوريا، بتنوعها العرقي والطائفي والديني، نظرا للانقسامات العميقة التي تحولت إلى عنف خلال العام الماضي بين الأغلبية السنية والأقليات، بما في ذلك العلويين والأكراد والدروز، وينظر في سوريا والولايات المتحدة والشرق الأوسط عامة إلى محاولات إسرائيل لإبقاء سوريا ضعيفة ومنقسمة على أسس عرقية، مما يقوض جهودهم لمساعدة الشرع على توحيد البلاد.
وبينما تطيل إسرائيل أمد المفاوضات الدبلوماسية مع سوريا، اندلعت جولات من القتال. وفي أواخر تشرين الثاني/نوفمبر، دخلت القوات الإسرائيلية بلدة بيت جن، التي تبعد أقل من 16 كيلومترا عن الحدود مع إسرائيل، لاعتقال اثنين من المشتبه بهم في الانتماء إلى جماعات مسلحة. وأسفرت الاشتباكات التي تلت ذلك عن مقتل 13 سوريا على الأقل، وإصابة ستة جنود إسرائيليين، وفقا للجيش الإسرائيلي والتلفزيون السوري الرسمي.
وفي تلك الليلة، تجمع سوريون في دمشق للاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لسقوط الأسد، حيث أحرق بعض الأشخاص أعلامًا إسرائيلية. وفي هذا الأسبوع، أعربت إسرائيل عن قلقها للولايات المتحدة بشأن مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر، على ما يبدو، جنودا سوريين يسيرون في شوارع دمشق، ضمن احتفالات الذكرى السنوية، وهم يهتفون تأييدًا لغزة، ويهددون إسرائيل بشكل واضح.
وقال مسؤول إسرائيلي إن إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة الطلب من سوريا إدانة تلك الهتافات. وقالت كارميت فالنسي، رئيسة برنامج سوريا في معهد دراسات الأمن القومي، وهو مركز أبحاث مقره تل أبيب:"من الواضح أن هناك تصعيدا في الموقف ونبرة أكثر تشددا تجاه إسرائيل في الأسابيع الأخيرة.
"إسرائيل تخوض حربا ضد أشباح"
وفي مشاركة بقطر نهاية الأسبوع الماضي، ندد الشرع بتوسيع إسرائيل لمنطقتها العازلة، واصفا إياه بالخطير واتهمها بمحاولة التهرب من مسؤوليتها عما وصفه بـ"المجازر المروعة" في غزة، وإثارة شبح هجوم آخر على غرار هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر عبر حدودها دون مبرر. وقال الشرع: "أصبحت إسرائيل دولة تخوض حربا ضد أشباح".
وقال ويليام ويكسلر، المدير الأول لبرامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلنطي بواشنطن، إنه التقى قبل فترة بمسؤولين حكوميين بارزين في دمشق، والذين أبدوا انفتاحًا للعمل مع إسرائيل للتركيز على مشاكل أخرى تواجهها، بما في ذلك العنف الطائفي. وأضاف ويكسلر أن فرصة هذه الشراكة تتضاءل، وأن الموقف الإسرائيلي العدائي يدفع سوريا نحو أحضان تركيا، الداعمة للشرع والعدوة لإسرائيل.